أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال البازي - حالة الطبيعة كتأصيل للدولة عند اسبينوزا















المزيد.....

حالة الطبيعة كتأصيل للدولة عند اسبينوزا


بلال البازي

الحوار المتمدن-العدد: 5204 - 2016 / 6 / 25 - 11:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن فلسفة باروخ اسبينوزا السياسية مثلها مثل الفلسفة السياسية لتوماس هوبز فكليهما تقوم على طرح أساسي ألا وهو أن الأنظمة السياسية هي أنظمة وضعها الإنسان من أجل تحقيق أهدافه وغاياته وهذه الأهداف والغايات تستنبط من الطبيعة الإنسانية بدرجة أولى 6، وهنا يمكننا القول إن صح ذلك بأن فلسفة اسبينوزا السياسية تتحدد من خلال تصوره للطبيعة الإنسانية.
حسب اسبينوزا فإن الإنسان قبل دخوله الى حالة الدولة التي هو عليها الآن ، كان يعيش في حالة أولى يصطلح عليها بحالة الطبيعة ، وهي حالة خالية من كل مظاهر التمدن ، حالة تسودها الشهوة واللاعقل، حالة تسيطر فيها الغرائز على تصرفات الكائنات ، ولما كانت الشهوة هي التي تسيطر على تصرفات الأفراد كان الناس كل واحد منهم يتصرف وفق ما تمليه عليه رغبته وغرائزه . ولما كان كل واحد يتصرف وفقا لغرائزه ورغباته الفطرية فإنه لا مفر إذن من انتشار الفوضى والصراع والخوف والقلق بين الناس في غياب تام للخطيئة أو الجريمة "...وتلك هي عقيدة بولس نفسها ، التي لا تعترف بوجود الخطيئة قبل الشريعة ؛ أي ما دام الناس يعيشون تحت سيطرة الطبيعة "7 ، و الفكرة ذاتها نجدها عند توماس هوبس عندما يقول " إن رغبات الإنسان وأهواءه الأخرى ليست في حد ذاتها خطايا "8، وإذن فهي حالة لا وجود فيها للواجب أو الإكراه ولا لأي حكم من أحكام القيمة؛ إذ أن هذه الأحكام والقيم تنبع من القانون الوضعي أو من المرجع الديني ،باعتباره يشكل نموذجاً للقانون الأخلاقي ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ6 : سلسلة عظماء صنعوا التاريخ؛ سبينوزا ، إعداد: إبراهيم الزيني، مراجعة: عبد العزيز السباعي، كنوز للنشر والتوزيع، ص : 91. : اسبينوزا : رسالة في اللاهوت والسياسة ، ترجمة حسن حنفي، مراجعة فؤاد زكريا، مكتبة الأنجلو المصرية، ص : 378.
8 : توماس هوبز، كتاب الليفاتان ، ترجمة:ديانا حرب و بشرى صعب،مراجعة وتقديم رضوان السيد،ط 1، هيئة أبوطبي للثقافة والتراث ، كلمة، 2011.ص : 135.
وهذه الجوانب لا نجد لها أي حضور في حالة الطبيعة ، فهذه الحالة لا تعترف إلا بالقوة فمن له القوة له الحق وله الهيمنة على كل ما يقع تحت قدرته ، لا فرق فيها بين الكائنات ولا فرق بين من هو عاقل ومن هو غير ذلك مادامت كل الموجودات تخضع لقوانين طبيعية محضة تسري على الكل كما تسري على الجزء تسري على الإنسان كما تسري على جميع الموجودات دون استثناء أو تحيز ، لذلك فالحق مطلق في هذه الحالة ولا تحده إلا القدرة فهو ممتد بقدر امتداد قدرة الكائن على فعل الشيء أو تركه.وبناء على هذا يمكننا القول بأنه في هذه الحالة كل الكائنات متساوية مادامت القدرة هي المحدد الوحيد للحق ، وهنا نجد بأنه لا فرق بين الإنسان العاقل والإنسان الأحمق ولا فرق بين الموجودات مادام الكل خاضع لقانون طبيعي كلي و على حد تعبير اسبينوزا " وفي هذا الصدد لا نجد فارقا بين الناس والموجودات الطبيعية الأخرى ، أو بين ذوي العقول السليمة ومن هم خلو منها ، أو بين أصحاء النفوس والأغبياء وضعاف العقول. والواقع أن كل من يفعل شيئاً طبقاً لقوانين الطبيعة إنما يمارس حقاً مطلقاً ، لأنه يسلك طبقاً لما تمليه عليه طبيعته ولا يمكنه أن يفعل سوى ذلك ، فبقدر ما ننظر إلى الناس على أنهم يعيشون تحت حكم الطبيعة وحدها ، تجد أن لهم جميعاً وضعاً واحداً ؛ فمن لم يعرف العقل بعد، أو من لم يحصل بعد على حياة فاضلة ، يعيش طبقاً لحق مطلق ، خاضع لقوانين الشهوة وحدها "9. وعلى ذلك فالأفراد يخضعون للشهوة والتي تصرف وفق قدرة الكائن، والمبدأ المتحكم في الكائنات هو مبدأ الكاناتوس canatus principal، إذ إنه " ولما كان القانون الأعظم للطبيعة هو أن كل شيء يحاول بقدر استطاعته أن يبقى على وضعه، وبالنظر إلى نفسه فقط ، دون اعتبار لأي شيء آخر ، فينبني على ذلك أن يكون لكل موجود حق مطلق في البقاء على وضعه " 10؛ ومنه فإن الكائن البشري هو كائن أناني بطبعه وبامتياز،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9-10 : اسبينوزا : رسالة في اللاهوت والسياسة ترجمة حسن حنفي ، ص : 378.
يسعى لضمان حقه الطبيعي والحفاظ على بقائه حسب قدرته دون مراعاة الآخر أو حقه في البقاء أي إما أن تَقتل أو تُقتل ، خاصة وأنه في حالة الطبيعة كما سلف الذكر لا وجود للخطيئة أو الجريمة أو العقاب أو لأي نوع من أنواع الإدانة ، بل هي حالة الأفراد فيها خاضعون لمبدأ الشهوة و غريزة البقاء التي تولد الأنانية المفرطة فتصبح الغاية تبرر الوسيلة إذ أنه " وعلى ذلك فإن كل ما يراه الفرد الخاضع لمملكة الطبيعة وحدها نافعا له ؛ سواء أكان في ذلك مدفوعاً بالعقل السليم ، أم بقوة انفعالاته ،يحق له أن يشتهيه طبقا لحق طبيعي مطلق ، وأن يستولي عليه بأي وسيلة ، سواء بالقوة أم بالمخادعة ، أم بالصلوات ، أم بأية وسيلة أخرى أيسر من غيرها ؛ وبالتالي يحق له إذن أن يعد من يمنعه من تحقيق غرضه عدواً له "11. إن كل هذا يجعل من حالة الطبيعة حالة تعيش على إيقاعات الصراع والحرب والفوضى المزرية الشيء الذي يدفع بالكائن الإنساني إلى النزوع نحو الخوف والقلق ويعيش في شقاء مستمر ، والأنانية والسعي الدائم للحفاظ على الذات بمنأى عن الآخر الذي يهدد وجودها بحيث أن "...كل إنسان يود العيش في أمان من كل خوف بقدر الإمكان ، ولكن ذلك مستحيل مادام كل فرد يستطيع أن يفعل ما يشاء ، ومادام العقل لا يعطي حقوقا تعلو على حقوق الكراهية والغضب ، والواقع أنه لا يوجد إنسان واحد يعيش دون قلق وسط العداء والكراهية والغضب والمخادعة...ولنلحظ أيضاً أن الناس يعيشون في شقاء عظيم إذا لم يتعاونوا ويظلون عبيداُ لضرورات الحياة إن لم ينمو عقولهم "12 .
إن ما جاء به باروخ اسبينوزا لا يختلف عما جاء به توماس هوبس على مستوى البنية المفاهيمية التي تداولها في فلسفته السياسية من قبيل حالة الطبيعة ، الحق الطبيعي و القانون الطبيعي و الحرية و الحق المدني و التعاقد الاجتماعي...غير أن ما ميز فلسفة اسبينوزا هو النسقية إذ نجده ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 11: اسبينوزا : رسالة في اللاهوت والسياسة ، ص 379. / 12 : نفسه ، ص : 380
هو أوّل من بنى فلسفة نسقية متكاملة المعالم في تاريخ الفلسفة ، وسيعمل على تأصيل هذه المفاهيم تأصيلا أنطولوجيا وسيعمقها كما أنه سيربطها بخلفية ميثافيزيقية ولن تظل مفاهيم أنثربولوجية. وإذا كان "هوبس" يرى بأن حالة الطبيعة لا تخضع لأي قانون حالة يخضع فيها الأفراد للغريزة والشر إذ أن " الإنسان عدو لأخيه الإنسان ، والكل في حرب ضد الكل والواحد في حرب ضد المجموع " ويرى بأن هنالك ثلاثة أسباب للصراع إذ يقول " وهكذا فإننا نجد في طبيعة الإنسان ثلاثة أسباب أساسية للصدام. الأول هو المنافسة ، والثاني عدم الثقة ، والثالث المجد " 13،في حين نجد "جون لوك" يرى بأن حالة الطبيعة هي حالة من المساواة والحرية المطلقة والناس يعيشون في سلم ووئام دون أي صراع او أي شقاء يذكر، وفي هذه الحالة يكون المرء حكما في قضيته، وهذه الحالة هي خاضعة لسنة الطبيعة إذ أنه يقول " فللطور الطبيعي سنة يخضع لها الجميع. والعقل - هو تلك السنة- يعلم البشر جميعاً ، لو استشاروه ، إنهم جميعاً متساوون وأحراراً ، فينبغي ألا يوقع أحد منهم ضرراً بحياة صاحبه أو صحته أو حريته أو ممتلكاته "14 غير وأننا نجد اسبينوزا يرى بأن حالة الطبيعة والحق الطبيعي يقومان على قانون أساسي يُخضع كل الكائنات لهيمنته وهو مبدأ الكاناتوس أو مبدأ الحفاظ على الذات الذي يخول للكائنات الدفاع عن حقها الطبيعي وفق قانون طبيعي محض. وهنا نود حقاً أن نتساءل حول دلالة مفهوم الحق الطبيعي في فلسفة باروخ اسبينوزا ؟
في حين نجد جون جاك روسو يفتتح كتابه العقد الاجتماعي بعبارته الشهيرة "يولد الانسان حرا ويوجد مقيدا في كل مكان ". فالإنسان حسب في حالة الطبيعة كان يعيش نوع من السعادة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13: توماس هوبز، كتاب الليفاتان ، ترجمة:ديانا حرب و بشرى صعب،مراجعة وتقديم رضوان السيد،ط 1، هيئة أبوطبي للثقافة والتراث ، كلمة، ص 134.
14 : جون لوك : في الحكم المدني ترجمه من الانجليزية الى العربية ماجد فخري اللجنة الدولية لترجمة الروائع بيروت 1959،الكتاب الثاني ،الفصل الثاني : الطور الطبيعي، ص : ص 140
والمساواة وفي هذه الحالة كان الانسان حرا ولكن رغبته في مزيد من السعادة ستؤدي به الى حالة المجتمع والتي هي حالة اللامساواة و إذا كان السابقين عنه قد حسموا في وجود حالة الطبيعة فان روسو يرى بانها افتراض. واذا كان قول هوبز الانسان ذئب لأخيه الانسان تصدق في حالة الطبيعة فإنها مع روسو تصدق في حالة المجتمع.



#بلال_البازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال البازي - حالة الطبيعة كتأصيل للدولة عند اسبينوزا