أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بكر الزغير - بين الدين والتدين















المزيد.....

بين الدين والتدين


بكر الزغير

الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 09:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بين الدين والتدين.
المقدمة :
وجه التشريع الإلهي مستلزم بحقيقة الالتزام بين الإفراط والتفريط وهو نظرية "التوسط والاعتدال " وهي بمنطقها العقلي ما يتناسق وينسجم في حقيقته مع ممارسات الإنسان ، حتى لا يكون التناقض والتضاد قانونية الدين ومنظومة الممارسة فوددت بداية أن أعرض المشكلة التي أود تشخيصها ومن ثم أشرع في أسباب التدين الشكلي ومن ثم محاولة إيجاد الحلول .
المشكلة :
لا يخفى على القارئ أن الدين بجملته هو مجموعة التكاليف التي أناطها الله بالمكلفين من عقائد وأفعال وأقوال ، وهو إذا ما أردنا أن نحرر وجوده قلنا بأنه الثوابت الأصيلة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان ، ولما كان الدين عبارة عن خطاب لزم من وجود الخطاب وجود المخاطب عقلا ، والتدين هو ما يتمثل بوجوده صدق المشاعر بقصد الامتثال ولا يلزم من وجوده الامتثال الحقيقي للثوابت التي أصل لها الشارع ، وإذا ما صغت الدين بفلسفتك ستجد أنه المنظومة الثابتة المتناسقة التي تكون معيارا رئيسا لضبط منظومة الممارسات الإنسانية ، فبين معيارة الدين والتدين الثابت في المنظومة الدينية والمتغير والمتغالي في حقيقة الممارسة التدينية ، والممارسة في حقيقتها وتبيانها ليست مسوغا لانتقاص الدين الأصيل فالمنافقون أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر ولم ينفعهم إسلامهم ، وهذا لا يعود في حقيقته إلى أن الدين بمنظومته لابد أن يتوافق مع الأهواء والأذواق الممختلفة اللامتناسقة في معظمها والتباين الذي نجده بين الدين والممارسة التدينية الشكلية لا يعني بالضرورة شروخية الدين بل هي إفراز لانحطاط يصوغه صاحبه بجعل الدين متمثلا بممارسته وينتج عنه اتهامية للدين ، وقد يتطرق البعض إلا أن الله أفضى نصوصه لعقول عباده فمعرفة الغاية الإلهية مرتبطة بعقول البشر نعم ولذا نجد أن الله قال : ‏{‏وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ‏}‏ ‏[‏سورة آل عمران‏:‏ آية 7‏] . وهي بمعناها أنه أفضى النصوص بحيث تفهم فهما صحيحا إلى الراسخ المتمرس المختص ، وراعت الآية أهمية التخصص حتى لا يكون التدين من حيث فهم الثابت سطحيا ، سيما وأن النظرة السطحية للنصوص هي من حيث الاعتبار نظرة مجتزأة لا تعدو كونها خبط عشواء ومحاولات للفهم ليس إلا ، ليفقد الدين هيبته بين قيل وقال وبين تشعُّبات مملة مفقدة روح العمق في نسيج النص وبعيدة عن المنطق الإنساني ، وهناك ما لابد توضيحه وهو أنا كثيرا ما نسمع أنه " لا اجتهاد في مورد النص " وهي صحيحة إذا ما كانت الصراحة قطعية إذ الاستدراك على الواضح مشكلة وتوضيح الواضحات من المشكلات كما لا يخفى على عاقل ، ولا يتأتى لإنسان أن يجتهد في مقابل الصريح الواضح ، وأما إن كان النص في دلالته محتملا فإن الشارع أوكل للمختص فهمه لم يوكل الفهم للمتطرف تمييعا ولا للمتطرف تنطعا فكلا الطرفين يحاولون تطويع النصوص وليّ عنق النص لإخراجه من سياقه بداية وحتى يوافق استخفافهم ثانيا ، ولي بعد هذا أن أقف عند حديث للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال فيه : ((هلك المتنطعون . هلك المتنطعون . هلك المتنطعون )) والتنطع هو التكلف والتعسف ، وتحميل الأمر ما لا يحتمله عقلا وممارسة ، كمن يفتي بأن المباح حرام فهو وجه التضييق على النفس والناس بذريعة "الأخذ بالأحوط " ، وفي نظري تلك نظرية لا تعدو كونها مطبقة إلا على الذات ولا يجوز بمكان تصديرها للناس وتدعيمها ببعض النصوص التي تخالف منطق الواقع أحيانا كثيرة وقد تكون عبارة من اجتزاء كقوله "جئتكم بالذبح ". وهي عبارة ترهيبية مقتطعة من حادثة معينة خاصة من حيث دلالاتها ولم نسمع أنه قتل أحدا بذريعة هذا النص ليكون مسوغا لفعله وهو يتعارض في جملته مع آيات الرحمة ، وفي حديث آخر قال : )) لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم )). ودلالة الإشارة هنا على محذوف وهو" الدين " والمعنى أنه لا تتشددوا في ممارساتكم ظنا منكم أن الدين هو كامن في تصرفاتكم وممارساتكم ، والنفس لفظ متعد ٍ للغير بالضرورة العقلية ومن باب أولى وموضوع التعبد هو ضمن المقدرة على أداء العبادة فلو عجز الإنسان عن أداء العبادة على وجهها المشروع فقد شرعت له الرخصة بأدائها بصورة أخرى تساعده على الأداء كالجمع بين الصلوات إزاء المرض وهو ضمن وجه هو أنه لا يجوز التكليف فيما لا طاقة للإنسان على إتيانه ، ولا يُتصور في ذات الوقت النفي مطلقا بحيث يكون الإنسان بلا تكاليف أو أن الضرورة تحتم عليه ترك ما افترض عليه فهذا تأل وافتراء ؛ لأنه من المستحيل عقلا أن نحكم بشيء وضده في آن واحد أو بصورة النفي والإثبات في قالب واحد كأن يقول "افعل ولا تفعل" ، وصورة الأول التشدق والإفراط وصورة الآخر في التفريط .



الأسباب :
ولي أن أقسمها إلى بنود :-
• قلة الوعي والفهم . وهي النقطة الأساسية للتدين السطحي أو الشكلي بحيث أن منطلقات المتدين القليل الفهم مع الوعي هي منطلقات عاطفية عادة وتتحرك وفق "التجييش العاطفي" .
• فقد الفرص في الحياة الاجتماعية . وهذه لا تقل عن الأولى من حيث الاعتبار فحينما يفقد الإنسان فرصته في الحياة الاجتماعية و يعتبر الدين منفسا ومرتعا لأرائه .
• تصلب الآراء لدى المتدينين . وهي معضلة فوق معضلة فناهييك عن تدينه المشوه إلا أنه في ذات المقام يتشدق برأيه ليجبر عليه غيره ليتحمل إثم نفسه وإثم غيره .
• عدم المعرفة بأدبيات الحوار والموضوعية . فدائما ما يتوجه إلى حسم النقاش بالإجماع على ما اختلف العلماء في دلالاته أو حسم النقاش بوجود اختلاف على ما اتفقوا عليه .
• التربية الخاطئة أسريا وفي المؤسسات التربوية التعليمية . وهي لا تقل أهمية عن سابقاتها إذ دور الأهل في التربية الدينية مهم للغاية لأنه يتمثل بوجود التربية الدينية الصحيحة وجود ونشأة إنسان سوي يتعاطى مع الملمات بعقلانية التوسط والاعتدال لا العنجهية والتشدد ، وكذا دور المؤسسات التعليمية .
• وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي . وهي تلعب دورا كبيرا في تنشئة المتدين الشكلي الذي لا يستوعب إلا حكما مقاسيًّا في الغالب .
الحلول :
نشر الثقافة الدينية وفق ما يتناسق وينسجم مع النص روحا ومحتوى وذلك عن طريق وسائل الإعلام بداية بحكم أن وسائل الإعلام لها التأثير الأكبر على الجمهور وكذا وسائل التواصل الاجتماعي بتقديم أناسا على درجة عالية من الفهم والاستيعاب ، ربط المناهج التعليمية الدينية بالواقعية بعيدا عن السفسطة ، وأخيرا ربط المتدين السطحي مع المتدين العميق ليكون هناك سوية ثقافية .






#بكر_الزغير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بكر الزغير - بين الدين والتدين