أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منّوبيّة الغضباني - تهويمة في قصيدة الشّاعرة سيدة عشتار بن علي














المزيد.....

تهويمة في قصيدة الشّاعرة سيدة عشتار بن علي


منّوبيّة الغضباني

الحوار المتمدن-العدد: 5165 - 2016 / 5 / 17 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


هاتها يا سليمان ..هاتها
أترع الكأس وهاتها .
جئتك محمّلة بغبار الطريق ..
جئتك مثقلة بالذهب والبريق ...
هاأنا ذي بكلّ عنفواني ..
صفصافة من كبرياء ...
فارسة محاربة ..
قدّيسة عاشقة....
مطعونة في أعماقي أسائلكم ...
كيف صادرتم أسطورتي ..
كيف زوّرتم تاريخي ....
لم اركع وانحن ...
اسأل الرياح عن شالي ...
اسأل النقوش والجداريات ...
سوف تخبرك باني لم أركع وأنحن ...
ضجّت شمسي ووشوشت لي
خبّرتني أنك خائف ...
خان الهدهد وهمس لي ...
دثريه وزمّليه يا بلقيس ...
كذبوا وزوّروا .....
لم أركع وأنحن ....
كنت أعرف المرمر يا سليمان ...
كنت أعرف الماء ...
وحين رفعت الثوب عن ساقي ...
سمعت دقّة قلبك ...
حين رنّ خلخالي ...
لمجت الشغف في عينيك ...
فدعك من الخرافات يا حبيبي ...
لست سليلة الشياطين ...
ولم أركع وأنحن ...
كفاك سكرا وهاتها ..
ظمآنة أنا من تعب الطّريق
القصيدة نبش في موروثنا القصصي الدّينيّ ...تستعيد الوقائع وتنحرف عنها وكأنّي بشاعرتنا تصرّ على التّحدي لخذلان وضعف واستكانة في علاقة بالرّجل خارج الموروث الغابر الذي يبلور صورة خاطئة للمرأة متأصلة عبر الأزمان منشأ وثقافة ...
وما يبهرّ منذ بداية نصّها الشّعريّ اتكاؤها على قصّة الملكة بلقيس وقد طلب النبيّ طلب سليمان من أحد حاشيته أن يأتيه بعرشها قبل قدومها ولم يذكر القرآن الهيئة التي أتت عليها وكيف قررت ذلك وما إذا علمت برفض سليمان للهدية أم لا ودخلت على سليمان وقامت بجمع ثيابها حتى ظهرت ساقها لظنها أن بلاط سليمان أو الصرح كان ماء فأخبرها سليمان أنه صرح من زجاج يجري من تحته الماء، رهبت و اندهشت بلقيس من ملك سليمان وحكمته فاسلمت برب العالميين ...
فمرمى هذا الإستحضار لم يكن الاّ خدمة للقصيدة في احتمالاتها وحواملها وتداعياتها
فمن خلال هذه القصّة المعتمد عليها تنفتح مغالق وأسرار القصيدة ..
وقد استهلتها الشّاعرة بالقول على لسان بلقيس ب
هاتها يا سليمان
أترع الكأس وهاتها
فصيغة الفعلين في الأمر تبدو مهيمنة وكأنّها المفتاح الذي سينبني عليه لاحق الكلام أو النواة لتوليد المعاني وظلالها...وهاتها ياسليمان
وتنبثق شخصيّة بلقيس كما أرادتها الشّاعرة وكما ورد ذكرها
محمّلة بغبار الطريق
مثقّلة بالذّهب والبريق
والصفتان بصيغتهما الصّرفية الدّقيقة تتنامى من خلالهما شخصيّة الملكة بلقيس وكأني بالشاعرة تهيئ لخلخلة السّائد عن المرأة في ضعفها وتبعيتها للرّجل خاصّة في ممتلكاتها
وقد طوّعت معجما لغويّا قويّا حقّق هدفه ودلالاته في مفردات تخلّف صداها ووقعها في متلقيها
كقولها
جئتك بكل ّ عنفواني والعنفوان هو الأوج والرّيعان وربّما الزّهو والغطرسة أحيانا
صفصافة من كبرياء
واسناد الكبرياء للصّفصاف تنطوي على امتلاك لناصية اللّغة وإعطاء الصّورة بعدا غير متوقّع
وهي تقنية لغويّة قويّة تعتمد في البلاغة على اسناد الشبه للمشبّه به كأن نشبّه حمرة الورد
بخدّ جميلة
ويجيء تخيّر الشّاعرة لصفات بلقيس رجعا وتجذّرا يعيدنا لماضينا متنزّلا في أفق القصيدة كأحسن ما يكون التّنزيل في اشارة لقدرة المرأة على التّحدي والإنتصار
فارسة محاربة
قديسة عاشقة
وتفلت الصورة من أبهة وعلوّ الى نقيض لذيذ
فهذه القديسة وهذه الفارسة المحاربة
تجيء مطعونة في أعماقها
تسائل في رمزيّة فائقة تاريخا محتجّة مقاومة مدينة من زوّر ومن حرّف ومن سطا على أسطورتها..
وما يشدّ هنا في هذا المقطع ترنّح الشّخصية بين أصداء ماض وقصص مأثور وذاكرة ونزوعها الى حاضر قائم غالبا على نظرة ذكوريّة مستبدّة تحبس المرأة في دائرة ومربّع الإنحناء للرّجل والإستكانة له ...فبلقيس غير مقصودة لذاتها فهي مفتاح لدلالات وتأويلات ورفض جريء بغية استعادة توازن واعتبار ما ..
لم أركع
لم أنحن
فاستعمال أداة جزم ونفي تشفّ عن تحرّر
ومساءلة الجداريات والنّقوش بها رمزيّة لتاريخ لشهيرات من النساء
وتتواتر الصّور الشّعريّة الفائقة الى نهاية القصيدة فاضحة بتفاصيل مدهشة تحضر فيه رقّة الأنثى ورهافة أحاسيسها (رفعت الثّوب عن ساقي...سمعت دقّة قلبك..رنّ خلخالي ...لمحت الشّغف في عينيك)فقد أغرقتنا الشاعرة في تلذذ وعمق جماليّ لا مثيل له ...لتهرب بنا الى ما هو أشدّ وقعا محدثة في نفوسنا خلخلة ورجّة محقّقة التّرابط بين المضامين في القصيدة
فدعك من الخرافات يا حبيبي
لست سليلة الشياطين
انا لم أركع وأنحن
كفاك سكرا وهاتها
فجليّ أن الشاعرة سيدة عشتار بن علي قصيدتها على القصص القرآني لتقتفي مقاصد أخرى تنزّل المرأة منزلة الكبرياء والتّحدي لا الضّعف والإستكانة والانحناء ..
قد قيل أنّ النّص يقول الأسطورة والأدب يراهن على عمقها
صديقتي الرّائعة
مازلت في ذهول منك مذ التقينا في سيدي بوزيد...فاقبلي بذهولي وتداعياته ..واستمرّي في تمرّدك اللّذيذ عسى نلتقي ثانية
منوبية الغضباني






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- المقاطعة، من ردّة الفعل إلى ثقافة التعوّد، سلاحنا الشعبي في ...
- لوحة فنية قابلة للأكل...زائر يتناول -الموزة المليونية- للفنا ...
- إيشيتا تشاكرابورتي: من قيود الطفولة في الهند إلى الريادة الف ...
- فرقة موسيقية بريطانية تؤسس شبكة تضامن للفنانين الداعمين لغزة ...
- رحيل المفكر السوداني جعفر شيخ إدريس الذي بنى جسرًا بين الأصا ...
- -ميتا- تعتذر عن ترجمة آلية خاطئة أعلنت وفاة مسؤول هندي
- في قرار مفاجئ.. وزارة الزراعة الأمريكية تفصل 70 باحثًا أجنبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منّوبيّة الغضباني - تهويمة في قصيدة الشّاعرة سيدة عشتار بن علي