أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - سرمدية الحروف المضيئة على صفحات التاريخ العراقي قراءة في رواية - وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر- الجزء الثاني















المزيد.....



سرمدية الحروف المضيئة على صفحات التاريخ العراقي قراءة في رواية - وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر- الجزء الثاني


خيرالله سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 380 - 2003 / 1 / 28 - 05:18
المحور: الادب والفن
    



سرمدية الحروف المضيئة على صفحات التاريخ العراقي
قراءة في رواية " وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر
                            الجزء الثاني

                                                د. خير الله سعيد / موسكو .

* في الفقرة ـ 8 ـ من الفصل الأول في استهلال رأسي، يذكر حيدر  حيدر إسم "فلة بوعناب" وهو اسم جزائري، اشتقه الكاتب كشخصية رمزية وواقعية، بنفس الوقت، متخذا من هذا "الرمز" دال يدين به انكفاء الثورة الجزائرية، من خلال شطح القيادات، واستهتارها بقدرات الكوادر المناضلة، بعدما كانوا ألعن من إبليس على الفرنسي المحتل. هذه الشخصية فريدة، ونادرة المثال، وشاهد حي على فسق "القيادات المناضلة" يصفها مهيار الباهلي ـ والذي يسكن عندها ـ بالقول التالي: "امرأة غريبة، مزيج مستهترة مع مناضلة خائبة، امرأة حرة./… إنسانة مبهمة، عاشـت حياة مثيرة وغنية خلال "حرب التحرير الجزائرية" قضت فترة مع قيادة الجبل إلى جانب الزبيري… بيتها في شارع عبان رمضان، إمرأة نحيلة، في وجهها قسوة وشحوب" (ص30).
عند قدوم / مهيار ومهدي جواد ـ الى بيتها، تستقبلهم ببشاشة وحبور، دون أي تكلف أجوف، يشاهد ـ مهدي ـ على الجدار "صورة داخل إطار لمقاتلين بينهم إمرأة بثياب القتال،
ـ هذا أنت؟ يسأل مهدي.
تبتسم بمرارة: أيام العز". (ص31).
ـ إذن هذه واحدة من /مناضلات جبهة التحرير الجزائرية /شخصية واقعية وربما كانت حية وقت كتابة الرواية ـ 1974 ـ ولم تحصد من نضالها سوى بيت تجلس فيه، تؤجر بعض غرفه كي تعتاش منها، وذكريات عن النضال ودنس علق بها، بعدما وهبت جسدها "لرفاق الدرب" ولم يتزوجها أحد،2 كانت واحدة من اشهر منفذات عمليات التفجير مع جميلة بوحيرد ضد الفرنسيين، تقول (ص51) "الفرنسيون قتلوا اسرتها في مدينة قسنطينة في مجزرة الـ 45 ـ فتربت في بيت عمتها، بعد أن كبرت تزوجت في سن العشرين وأنجبت ولدا، الزوج كان سكيرا فاسقا يهوى المومسات فطلقته، ثم عملت ساقية في أحد البارات في العاصمة كان يرتاده الضباط الفرنسيون، أحبت أحدهم برتبـة كابتن، كان يصحبها معه الى بيته، وذات مساء فوجئت بأربعة ضباط فرنسيين يدخلون البيت وهم سكارى ويرغمونها أن تنام معهم جميعا، وبشكل جماعي، كم كان الامر كريها ومقززا ـ "بعد اندلاع الثورة وجدت نفسي في خلية سرية من خلايا جيش التحرير، كان الرأس يدوي بأصداء الثأر من أولئك الخنازير الذين ولغوا فيها، عن طريق ذلك الإبن الزانية الذي أحبته فقذفها الى الوحل … وتضيف/ أنا وجميلة بوعزة، كنا معا في خلية واحدة، وضعنا حقيبة القنابل في بار الضباط الذي أعمل فيه في شارع العربي بن مهدي، بعد ذلك هربوني الى الجبل ووضعوني تحت أمرة الكومندان طاهر" (ص 52).
هذا النص يشكف عن مرأة حقيقية، مناضلة، باسلة، أعطت كل شيء للجزائر، أهلها، نفسها، شرفها، وخانتها يد الأقدار، ترى أهي وحدها في هذا "السلك" أم هناك أخريات مثلها؟! أعتقد أن الروائي كان يدرك جيدا أن هناك شريحة واسعة من هذه المناضلات وقعن بنفس المطب، إن كان في الجزائر، أو في العراق، أو بقية الدول العربية، وقد كشفت لنا المنافي الكثير من ذلك., فمن المسؤول يا ترى عن هذا الإنحطاط؟! ومن هذا الكشف المعري عن حقيقة "الثوريين" وابناء التجربة المريرة، يدخل حيدر حيدر في ثنايا الروايةن ليدين شريحة أخرى من الناس، تتخذ من الدين عباءة لها تتستر بها، تنطلق من المحرم الديني ـ الأخلاقي فقط، ضمن رؤية ضيقة جدا إسمها "الحشمة" والحياء المزيف، متمثلة هذه الفئة بشخصية "الحاج محمد" زائر مهدالرسول وعاشق كعبتـه، والذي لا يفهم من الدين سوى وجود "الشيطان" بين كل رجل وامرأة، لا سيما بعد أن حاول الدخوال بعنف على "مهدي واسيا" وحاول إثارة الفضيحة الأخلاقية دون ان يعي ما سبب التواجد؟! متناسيا قولة الرسول الكريم ادرؤوا  الحدود بالشبهات" راجع ص 27 ـ 30).
* طبيعة العلاقة بين مدرس شاب وفتاة يافعة تؤدي ـ بشكل أو بآخر ـ الى نوع من المودة، يكبر مع الزمن ويتحول الـى حب وزواج، وهذه المسألة يعرفها  المنفيون ويحسون بها أكثر من غيرهم، لا سيما أبناء شرق المتوسط. لذلك كانت أحد المفاصل الرئيسية في مجريات أحداث الرواية، وتوظيفها يخضع لاكثر من اعتبار يهدف إليه الكاتب، منها، تعرية الواقع المزيف والدجل الأخلاقي، ثم الكشف عن عيوب هؤلاء "العرب والأعراب" للمسلكيات الخاطئة لتلافيف العقل المعصوب عن تجلي ظواهر الحياة. وأخذه بمفهوم واحد إسمه الاخلاق. إن كان على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، دون النظر الى التطور التقني الذي يسود في الغرب، بعدما تجاوز أبناءه حقبة العصور المظلمة، ووضعوا اسلحة التدمير ضد شرقنا العربي في رحاب الفضاء، فليس اعتباطا أن تقول اسيا الخضر "أن في دمنا بلازما فاسدة، إنها مستمرة على ما يبدو، وهذا هو المحزن" (ص36).
كما ليس عبثا أن تركز حواراتها مع استاذها ـ مهدي ـ حول الامور الثقافية، الذي يشعر به الجيل الناشئ بعد الثورة وبعد الإستقلال، بغية معرفة كل شي، وهو الواجب الأخلاقي الذي يلقيه الكاتب ـ كمسؤولية معرفيـة وحضارية ـ على مربي الأجيال ـ في مختلف المراحل الدراسية ـ وعلـى القيادات والكوادر السياسية، كي تنشئ جيلا معرفيا معافى ، وليس تستر عنه حقائق الوجود، وأخطاء التجارب، حتى لا تضلله، كما ضلت هي، ومن هنا نرى هذا العري الفاضح في ثنايا الرواية، على كافة المستويات، فمسؤولية بناء الاجيال تقع على كاهل الجميع، وعلى الثوريين تقع المهمة الأصعب لأن هؤلاء يدعون الطهارة والقدسية وبناء الشخصية الكاملـة ـ النموذج ـ بكافة جوانبها، باعتبار أن مسألة حرية الوطن من حرية المواطن، وبنفس الوقت يدين حيدر حيدر، السلطات العربية المختلفة، لقمعها المتواصل حرية الفكر، عاكسا صورة أوربا بشكل آخر، ومقولا اشخاصه ما يريد هو قوله، "لقد قالت آسيا شيئا قابضا حول عبارة مالك حداد عن منفى اللغة، كانت تتحدث عن الإستعمار الثقافي الأقسى والاضرى من السياسي والإقتصادي: "غرسوا في ذاكرتنا إن المسلمين والعرب كانوا غزاة وفاتحين، إستعمروا اسبانيا وصقلية ووصلوا الى  بواتيه. كانوا يؤكدون لنا أن القرآن مأخوذ عن الأنجيل والتوراة، واللغة العربية لغة دين وشعر لا لغة علم، وهذا سبب تخلف العرب في العلوم والحضارة الحديثة" ويجيب مهدي: ـ هذا طبيعي، إنهم منطقيون ومنسجمون مع غاياتهم. الإستعمار في النهاية ليس العنف فقط إنما التزوير والإستلاب والقطيعة مع الأنا الجماعي" (ص37).
المباشرة هنا واضحة، لكنها تخدم موضوعة النص، فالخطاب الغربي موجه ضد عقول الناس، ولغايات محددة، ونحن ما زلنا نشتر "عنتريات الماضي"، والعرب في اتهام مستمر ضد البعض، وهو ما ينعكس في لغة الناس العاديين ـ لالا فضيله ـ مثلا، وهي أم آسيا، تعكس معاناتها لهذا الواقع، "البشر فسدوا وانقسموا، حتى صار الواحد عدو الآخر وعدو نفسه، ما عادوا كما كانوا أيام حرب التحرير. ما كادت الحرب تتوقف ويأتي الفرج حتى ظهرت كل الشياطين والعفاريت المخبأة فـي الرؤوس والصدور، كم هو محزن أن يصلوا الى هذا الوضع! الأعداء يشمتون بنـا الآن، ويقولون: شوفو الجزائريين بعدنا كيـف فسدوا.الحق أقول يا ولدي: أنا لا افهم ماذا حدث ولماذا؟ كيف كانت الحرب تؤاخيهم في الحياة والممات ضد أعدائهم، والآن يتحولون وحوشا يمزقون لحوم بعضهم بعضا. قل لي: هل ينبغي أن يكون هناك دائما عدو حتى نتحد؟" (ص 38).
ـ أليس هذا السؤال كبيرا ولماذا يوحدنا العدو"؟ هل بالضرورة أن يكون العامل الخارجي هو العامل الأرأس في التوحيد؟! اليس "اسرائيل والولايات المتحدة" عدو دائم فلمادا لا تتوحد؟! أين العلة؟! لماذا ينشأ الإرهاب؟! وأسئلة كثيرة يثيرها النص المفتوح على أكثر من مدى.
وكمفارقة بين وعي الأجيال واختلاف نظرتهم للحياة ومئآسيها  ينتقل حيدر حيدر من تفكير الأم الى تفكير البنت آسيا وهي تتحدث عن علاقاتها بالاشرعة والزوارق والبحر والسماء "البحر كان مدينتنا، بين السماء الزرقاء والماء الأزرق يشعر الإنسان بالنقاء، ساعات طويلة ونحن مفصولون عن العالم كاطفال نلعب في عالم غريب مضاء. آه، في البحر يكتشف الإنسان الحلم، كم كنا نبدو بعيدين عن جرائم المدينة والبشر" (ص39 ـ 40).
وهذه النقلة بالتفكير والتخيل هي إحدى اساسيات صراع المجتمع وفهم طبيعة هذا الصراع على أساس من الوعي وضمن شروطه الموضوعية. ولكن ضمن المنعكس الجمالي لوظيفة الأدب، فإن رؤية الأديب، لهذا  الواقع تكون ذات لغة جمالية عالية لتوصيف الحالة، لذلك نشاهد صورة البحر وانعكاسات ظلالة في الرؤيا تؤشر الى عالم آخر، يغري بالتماهي معه، والنزوع نحو الصفاء الذي تنشده الروح، وهي خارجة مـن معمعان المدينة ذات الضجيج والفوضى والفتن.
كما إن هذا الإنعكاس للبحر ـ بكل صفحة تقريبا ـ هو العالم المفضل لحيدر حيدر، حيث أنه نزيل البحر الدائم، فهو ولد على ضفافه وعاش في كنفه في قريته "حصين البحر" التابعة لمحافظة طرطوس السورية، ومازال هناك متسرمدا مع البحر وزرقته. لذلك تكون المقارنة بين البحر والمدينة مسالة غير واردة في عرفه..
ـ ومن حالة الإسترخاء على شاطئ البحر الجزائري في /بونه/ تداهم مهدي جواد ـ أشباح المطاردات /، وصدمة الإسلاك الكهربائية، وتحلل الأجساد المعذبة في أوكسيد الكبريت، وبداية انفجارات الدم التي تغطي أغشية المخ "كانوا يهذون وينوحون، ويعترفون ويتساقطون كالنيازك داخل الاقبية. وفي الشوارع المظلمة وعلى ضفاف الأنهار، وفي عمق مستنقعات البردي، قال مهدي جواد للاشباح: ابتعدي، اريد أن أنجو ـ ونجا" (ص40).
أي رعب هذا الذي زرعته السلطات العراقية في تلافيف مخ هذا الرجل، وأي رفاق استحضرتهم الذاكرة المتعبة؟! اي خصوصية موغلة بانواع التعذيب امتلكتها سلطات العراق، حتى صار وشمها ثابتا في أدمغة الناس، وهي تذكرهم في كل سكنة وهدأة روح، هكذا ترسم الرواية شخصية مهدي جواد ـ المناضل الشيوعي ـ العراقي، فإلى أي مدى استطاع الكاتب أن يدخل الى أعماق شخصياته ليكشف ما يعتلج في داخلهم من هموم ومعاناة.
وتواشجا مع هذه الحالة العراقية يتوقف حيدر حيدر مع ثوري الجزائر ـ اعضاء حزب التقدم والإشتراكية الجزائري، ومعاناتهم وعذاباتهم في السجون الجزائرية، وكأن الأمر سيان بين سلطة قمعية في العراق، وسلطة وطنية في الجزائر، يقول: "في زنزانة" الابيار" يقول بشير حاج علي عن جلاده: "عند وصولي يستقبلني في الظاهر ببشاشة وهدوء، ويحدثني باللغة القبائلية، وفجأة يبدو أنـه مهتم بنزل بوعلام خلفه: أين هو ؟! فأجيبه" لا أعرف، على كل حال لن أدلك عليه، هل سمعت بالشهامة القبائلية؟ وكان يشعر بغيظ حاقد علي من اجل هذه القضية. وهو مهتم بصحة الصادق حجرس وعبد الحميد بن زيد وبشروط حياتهم، وكان يقول لي: النضال السري شكل من أشكار التسول حيث ينتقل الإنسان من باب الى باب. أعطني كلمة إليهم واعطني عناوينهم، وسأذهب إليهم لأطمئنهم ولن يحدث لهم شيء . ولم أجبه" (ص 40).
ومن هذا الإسقاط والمقارنة بين الحالتين، تتوضح رؤى الكاتب التي تدين حالة القمع العربي التاريخية من اقصاه الى اقصاه، ومن ثم تنكشف حالة الزيف الآيديولوجي المروج للقومية وحرية الإنسان وحقوق المواطنة. فإذا كانت الحقوق مهدورة في عراق القومية والجزائر الثورية، فاقرأ على البقية السلام، فالسلطة هي السلطة.
* في الفقرة ـ 10 ـ من الفصل الاول تتضح عدوى قلق أبطال الرواية على المؤلف نفسه ويعود الهاجس السياسي هو الأوضح والاكثر سطوعا على هذه الفقرة  حيث ترتسم ملامح الإنقسام في ح. ش. ع عام 1967م وظهور كتلتين واضحتي المعالم "خط الكفاح المسلح ـ بقيادة ظافر ـ وخط تحريفي هو خط آب التصفوي /ص43/ والأنشقاق هنا بات عموديا، وأغلب كوادر الحزب كانت تواقه الى الخط الثوري المسلح، إلا أن "تواطئ القيادة وذيليتها للبرجوازية هي التي وضعت الحزب ـ كما يقول مهدي جواد ـ هي التي وضعتنا في هذا المضيق، وإذا ما هزمنا فإن دماء الحزب ستكون في عنق تلك القيادة التحريفية ـ يستطرد مهدي جواد حديثه الى خليته في حي الكاظمية ببغداد ـ والآن في هذا المعركة الشرسة واللا متكافئة يقف الحزب على مفترق الفناء أو الوجود، الإنقلاب العسكري الذي نفذته الطغمة الفاشية يستهدف رأس الحزب" (ص 44).
ومن هذا التنظير وصب جام عضب "الكادر المتقدم" على قيادة الحزب الإنتهازية والذيلية تبرز الخصوصية العراقية ذات النكهة المتطرفة على لسان مهدي جواد ـ ممثلا لهذا التيار "إن قيادة حزب شيوعي تتخلى عن تعاليم لينين في استلام السلطة بالعنف وتنتهج النضال السلمي الديمقراطي ليست أكثر من قيادة بيروقراطية تحريفية جبانة، تقدم حزبها بطواعية لسكين الرجعية وتحت اي شعار؟ "عدم نضج الظروف الموضوعية والمراهنة على أنظمة البرجوازية الصغيرة الديمقراطية، هذا هو الشعار الذي اودى بنا الى المذبحة اخيرا" (ص45).
* إن عملية التركيز على إنكسار هذه الحركة الثورية في العراق، هاجس يقلق بال المؤلف حيدر حيدر وتقض مضجعه، بسبب كون هذا الحزب، ذو الخبرة الطويلة، وفي بلد كالعراق لا يفهم حركـة التاريخ، ولا يعي الظروف والمستجدات، ولا يعير أهتمام لآراء قاعدته بالتأكيد سيكون مصيره الفشل، وهذا ما اثبتته الايام والأحداث المتلاحقة التي مر بها العراق، والذي يسبح بدمه حتى هذه اللحظة، ونظرا لعدم دراسة هذه الاخطاء بجدية من قبل الحزب ذاته، فإن الروائي حيدر حيدر، حاول هنا ـ في هذه الرواية، أن ينقل أحاسيس الناس والمناضلين، ضحية هذه التجربة المخفقة وبشكل تاريخي مستمر، من جهة ومن جهة ثانية يكشف خواء العقلية السياسية التي سيطرت على هذا الحزب العريق وحرفته عن إدراك اللحظة التاريخية، الامر الذي يكشف تراكم الأخطاء في عقل ورؤية مثل هذه القيادة والامر بمنظوره الابعد ـ رغم الخصوصية ـ فإنه يشمل تجارب بقية الأحزاب الثورية على الساحة العربية، ومن جهة ثالثة يريد الروائـي أن يرفع عن أعين الناس ذاك الضباب الحاجب لرؤيا العقل على مدى التاريخ الطويل للامة العربية..
* من حالة الحماس العراقية، وداخل اجتماعات الخلايا السرية وتفسيرات أعضاء الحزب لحالة الأنهيار والتمزق، الى حالة الواقع الجزائري بعد الإستقلال ـ الفقرة 11 ـ والذي ترسمه "فله بوعناب" بعد أن غدت مخمورة، وهي ترى الوحل الذي يغوص فيه، والوحل الطائف في الشوارع والمؤسسات والنفوس الخامجة، ورغم اعتراضات ـ مهيار الباهلي، بأنها تبالغ ترد بعناد: "انت لا تعرف هؤلاء الناس، البشر هنا أشرار ووسخون أكثر مما تتصور" (ص48)، ثم تضيف: "ـ كلهم سرقوا الثورة واغتالوها، القوادون الذين لم يحاربوا. لماذا؟"(ص49). إذن هناك حالة تلازم لفقدان البوصلة لحركات التحرر العربية، وإلا كيف تخفق حركة منتصرة بالجزائر ـ بعد تقديم مليون شهيد، إذن أين عقلها الستراتيجي لما بعد الإنتصار؟ وأين رؤية الحركة الثورية العراقية، وهي طليعة الأحزاب الثورية العربية؟! لماذا هذا الجدل وتلك الثرثرات الجوفاءن كل هذه التساؤلات يسمح بها نص الحوار بين فلة بوعناب ومهيار الباهلي (ص49). وبقراءة أخرى يمكن القول إن فشل ح. ش. ع بعدم استلامه السلطة بعد ثورة تموز 1958م هو الوجه الثاني لكبوة الثورة الجزائرية، حيث الظروف كلها كانت مهيأة.والعمل يحتاج فقط الـى ازاحة عبد الكريم قاسم، دون إراقة قطر دم، والمتابعون لأحداث العراق المعاصرة يدركون ذلك جيدا، ولكن عقم العقل الذي يقود ح. ش. ع. حال دون ذلك، وها هي الجزائر تقع في نفس المطب. ثم دلالة هامة يضمرها النص في ثناياه، هي ـ ادراك الناس للأمور بحسها الفطري، فتستشعر الخطر قبل حدوثه، والمصيبة أن القيادات بعيدة جدا عن أحاسيس هؤلاء الناس، ومن هنا تأتي تأكيدات حيدر حيدر من خلال أبطال روايته، فله بوعناب، لالا فضيله، آسيا، /الجزائر/ وآراء الخلية الحزبية ـ في الكاظمية /العراق ـ حيث كانت تناقش جل الأمور في ابسط وعي عمالي ـ راجع ص 43 ـ 47.
وثمة مسالة أخرى، تندرج في هذا السياق ـ اقصد وعي الناس في القاعدة الحزبية، هو ميلهم نحو العمل الثوري، وهي مسالة ملفتة للأنتباه ـ لا سيما على الساحة العراقية ، حيث ان خبرة الأحداث وتراكم التجارب في وعيهم جعلتهم يتعشقون روح النضال الثوري لأسقاط الدكتاتوريات المتعاقبة على عرش العراق، حتى أن البعض من هؤلاء الناس، ترك انتماءه السياسي وعقيدته القومية والدينية بمجرد تنامي الأخبار الى مسامعهم باندلاع "الكفاح المسلح" في الأهوار، وهذه المسألة أهملتها قيادة ح. ش. ع، وهي النقطة الهامة التي يتوقف عندها حيدر حيدر في ـ الفقرة 11 ـ من الفصل الأول ـ مشيرا الى تبرعمها في الجزائر أثناء "حرب التحرير" وعلى لسان "فلـه بوعناب" كوعي للمرأة وعامة الناس بنفس الوقت ـ تقول فلة: كنت وما أزال أحب الرجال الأشداء. الكومندان طاهر كان صلبا كصخرة، وحنونا كالحمل، وهو يتحدث يلفحك دفق ناري قادم من فوهة بركان رجل كالإعصار عندما يغضب وكالبحر الهادئ إذ يصفو. فلاح عنيد، لكنه طوباي يحلم باشتراكية الأرض. الفلاحون شجرة الثورة ووقودها، هم الذين أبقوا الجذوة متقدة حتى النصر" (ص49) ـ وعلى الضفة الأخرى ـ العراقية ـ يرسم حيدر حيدر شخصية مهيار الباهلي، وهو يتحول في خضم الأحداث التي سقلته وحولته من رؤية الى أخرى ـ من التيار القومي الى الخط الماركسي الثوري، يقول/ "وقبل أن يلتحق الباهلي بحرب الأهوار، كان يتحول في الجامعة بعد هزيمة حزيران "1967" نحو الماركسية، لقد سقط الرهان على الخط القومي ـ البرجوازي بهزيمة عبد الناصر. وفي كلية الفلسفة وباحة جامعة بغداد كانوا يستفزون تحوله الجديد: "شيخ نجفي بعمامة ماركسية، ويضيفون: من الحسين الـى عبد الناصر الى ماركس. ها عيني! اين تتوطد الثورة؟ وباستفزاز يلمحون الى اصوله الشيعية وأسرته المتدينة التي تنتمي الى الأسياد الحسينيين"(ص50). هذا التحول الأيديولوجي لطالب جامعي، ليس صدفة، ولا حالة فردية في العراق، أنا أعرف رجال دين، يعملون "خدم ضريح الإمام علـي في النجف وهم "رفاق في الحزب الشيوعي ـ "القيادة المركزية" كيف نفسر مثل هذه الإزدواجية عند أهل العراق؟! هناك تفسير واحد هو: الشوق للتحرر من هيمنة الدكتاتورية الفاشية في العراق، أما ما يخص إنتماءهم الديني فكانوا يقولون"إن الله أرحم الراحمين"؟! من يصدق هذه الظاهرة!!؟3
ـ وثمة أمر آخر يسلط /حيدر حيدر/ الضوء عليه هو :فهم "المادية التاريخية" على اساس الواقع وتجربة الماضي، لا اجترار النصوص الماركسية بشكل ببغاوي دون معرفة وتحليل ـ ص50 ـ 51 ـ كاشفا هشاشة أدعياء الماركسية، على الصعيدين ، العملي والنظري.
* سرمدية العنف التاريخي المتناسل من الأجداد للأحفاد في كيان السلطات العربية لم تحرك الشارع العربي على المجازر التي انتهكت فيها حقوق الانسان العربي، وأريقت الدماء في العراق 1963 والجزائر كذلك، ولم يتحرك ضمير أو جفن عربي، مسلم أو مسيحي، قومي أو اشتراكي، تقدمي أو رجعي، بحجة "عدم التدخل بالشؤون الداخلية" هذه الأحداث وجدت صداها في العالم الغربي، خارج عالمنا العربي، وبفرنسا تحديدا، لا سيما بعد أن اقدم شاب جزائري إسمه "علي بومنجل" علـى إلقاء نفسه "من شرفة عالية في الجزائر وسقط ميتا حتى ينجو من التعذيب" فعلى ضوء ذلك احتج الكتاب والمفكرون  الفرنسيون على الأعمال البربرية التي مارسها الإستعمار (ص59) حتى ان "استاذ القانون في جامعة السوربون، قدم استقالته احتجاجا على التعذيب، كون ـ علي بومنجل ـ أحد تلاميذه ، وقال في سبب استقالته: "كان علي بومنجل أحد تلاميذي في كلية الحقوق في الجزائر ففجعني خبر موته، وما دامت حكومة بلادي تمارس هذه الوسلائل الإرهابية، التي لم تمارس ضد اسرى الحرب الألمان، فإنني لا أستطيع الإستمرار في إلقاء دروسي في كلية الحقوق الفرنسية" (ص59).
من من العرب فعل ذلك؟! إن بعض الدول العربية المعاصرة ـ لا تمنحنا إشارة دخول الى بلادها لمجرد إننا عراقيون؟! ولا يميزون بيننا ـ نحن الذين شردنا النظام العراقي، وبين أتباع النظام العراقي؟! وحادثة "سي العربي" التي يوظفها حيدر حيدر في الرواية (ص60) عندما عذب ولم يبح للفرنسيين باي شيء وعندما قابلوه "بالمخبر العربي" الذي وشى  به، بصق بوجهة قائلا: "بيوع قواد، ولد القحبة تبيع وطنك لعدوك يا إبن الزانية!" وعندما اصر بعدم الأعتراف قتل، هذه الحالة، في العراق ظاهرة، وفاشيو البعث في عام 1963م مارسوا أبشع منها، ومن يقرأ كتاب "المنبوذون" يقف علـى حقيقة ذلك. وحيدر حيدر هنا، في نهاية الفصل الأول من الرواية، أراد أن يدين هذا الصمت العربي على تلك الجرائم التي تمارس ضد المواطن العربي في هذا البلد أو ذاك، ومحفزا الذاكرة العربية لعدم نسيان تلك الأحداث وأخذ العبرة منها، لا مجرد توظيف في بناء روائـي بل هو موقف أخلاقي وشهادة على العصر الذي هو فيه، وكونه كاتبا تلزمه الإمانة العلمية والموقف الحضاري أن يدين هذه الاعمال الوحشية بأعماله الأدبية، وأعتقد أنـه شارك عذابات ابطاله المأساة، ودفع ضريبة هذا الموقف، والموقف الذي عرى فيه وكشف مقدمات السقوط العربي للأيديولوجيات، مدينا خيانات"أبناء البلد، ومؤشرا على أمية رجال السياسية والفكر، كاشفا غلبـة العاطفة على العقل عند "ثوريي" البلدان العربية ومشيرا بنفس الوقت، الى أهمية رفع الحجاب الديني عن العقل المبدع.

* الشتاء ـ دياجير الظلام وكوابيس، الطغاة.
في الفصل الثاني من الرواية "وليمة لأعشاب البحر" يستخدم حيدر حيدر عنوان "الشتاء" إسما لهذا الفصل ـ وكما ألمحنا في بداية هذه الدراسة، أن الروائي، اتخذ اسماء الفصول وفق تقسيمات الطبيعة من منظور فلسفي، يخضع الى منطق ابستمولوجي "معرفي" تتشابك فيه الرؤية الحاملة للمبدع مع قانون الوجود، في فضاء زمني محدد، وإطار جامع من العمل الأدبي أسمه "الرواية".
ـ في مستهل هذا الفصل، يرسم /حيدر حيدر/ شخصية "يزيد ولد الحاج" الزوج الثاني للسيدة ـ لالا فضيلة ـ إمرآة الشهيد الجزائري ـ سي العربي ـ شخصية متسلطة تكره نظام ـ بومدين ـ وتأمر وتنهي في كل مقدرات البيت، بما فيها الإعتراض على الدروس الخصوصية للغة العربية لآسيا الخضر، ومن ثم الاعتراض ـ بشكل أو بآخر ـ على مجيئ ـ مهدي جواد ـ الى البيت ـ باعتباره "مدرس آسيا" (ص62 ـ 64. وثمة إحساس بالغربة قاتل يعانيه هذا لمدرس /مهدي/ وهو يسمع لعلعة صوت "يزيد ولد الحاج". تفاعلات الوعي باللحظة الآنية تقوده الى فضاءات أخرى، وهو لا يقوى على فعل شيء، وهو يقرأ وجه تلميذته الحزين نتيجة سيطرة زوج الأم على البيت بكاملة. فجأة رجل طويل جهم اسمر، بعينين حادتين, ووجه كجرف هاوية يلج الصالون. يلقي تحية مقتضبة، ثم يسلم وهو واقف. لالا فضيلة تعرف زوجها مهدي: ـ مهدي ـ أستاذ آسيا ـ تشير الى الرجل الجهم ـ يزيد ولد الحاج. زوجي. بعد سلامه المتعالي سأل اسئلة سريعة عن الصحة وعن دروس آسيا، كان يسأل بصلف ولا مبالاة وعلى وجهه ارتسمت علامات مقت لم يستطع اخفاءها" (ص 64).
هذا النفور ـ في مستهل هذا الفصل، هو إشعار بين رؤيتين مختلفتين من حيث الوعي والتوجه، فيزيد ـ كما تقول آسيا "جمـع تجارته من السوق السوداء ابان الحرب، ولم يكن يدفع دينارا واحدا للثوار ـ كان يقول ـ هذه الإشتراكية كفر وكولون جديد، إنها تسرق أموالنا واراضينا. وقفنا ضد بن بيلا لأنه أراد أن يعمل من الجزائر شيوعية" (ص65). وهو بنفس الوقت لديه زوجة ثانية وعائلة أخرى. وهنا تبدو المفارقة بين الرجلين، وبعد المسافة بينهما فيزيد مرابي ـ يمثل البرجوازية الصاعدة، ومهدي ـ بروليتاري النزعة، لا يملك سوى أفكاره وطموحاته، وأمل، ضئيل في التأثير على هذا البيت، من خلال حبه المضمر والمكبوت لآسيا ـ فتاة الجيل الواعي ـ والمفارقة الأخرى تتمثل فـي سيطرة الأول على مقدرات البيت الكلية، فيما الثاني، ـ مجرد مدرس خصوصي، وغريب ـ وهذا يعني إيذانا بالمواجهات القادمة، ومن جهة أخرى يريد الروائي الإيحاء لحالة الصراع العنيفة، والتي ستجليها بقية الأحداث القادمة، وما هذا اللقاء بين الرجلين سوى تباشير أولية لعنف مرتقب.
مفارقات المشهد في /بيت لالا فضيلة/ علامة دالة على أكثر من حالة، إن كانت في الجزائر ـ وهي الاكثر سطوعاـ أو في بقية البلدان العربية ـ هذه المفارقة تكمن في كون ـ الزوج الأول كان إنسانا بسيطا ومحياه ينشر البساطة لكنه ممتلئ بحيوية الرجل العامل بين القرى والمدينة، يعمل ليلا ونهارا ليقدم للأسرة الخبز والفرح" تقول آسيا عن ابيها: "ذات ضحى، عندما انطلقت شرارة الثورة أرسل إليه ـ ريزي عمرـ قائد الولاية ليلتحق بالثورة فلم يتلكأ: الوطن بحاجة إليك ياسي الخضر، ما رأيك؟ كما اندفعت الآلاف ثم الملايين التي سلبت العمل والارض والكرامة، اندفع الأخضر حتى لا يظل عبدا أو أجيرا في مؤسسات الغزاة، واضعا نفسه واسرته وشاحنته الصغيرة تحت تصرف الثوار، وذات مساء خريفي قدم دمه وجسده كما يليق بثائر عامل يفتدي وطن الحريـة والخبز القادم" (66)، تلك هي الصورة التي ما زالت عالقة في ذهن آسيا، والتي ترى بعض ملامحها في شخصية استاذها مهدي، ـ النص يكشف تناقض الحالة الجزائرية، قبل وبعد الثورة ، ويدين القيادات التي لم تلتزم عوائل الشهداء ـ الإلتزام الكامل ـ وحرمت الطفولة من أحلامها ـ ومن تداعيات هذه الحالة الجزائرية ينتقل الحدث بإسقاطاته السياسية والإجتماعية الى ذاكرة ـ مهدي جواد ـ حيث ينكب سيل الذكريات المؤلمة عن أحداث العراق عام 1963م، يوم قام الفاشيون بغدر ثورة تموز، وسقط رهان قيادة ح. ش. ع على "الحصان العسكري، وما كان لدى الحزب اسلحـة، المقاومة الشعبية التي درب الحزب فصائلها للدفاع عن الجمهورية، اوقف "الزعيم الأوحد" قبل أعدامه تدريبها توجسا من سيطرة الحزب، أغلق المكاتب ووضع السلاح تحت تصرف الشرطة وجهاز الإستخبارات، سقط الزعيم وجاء جنرال آخر ـ عارف ـ فوقع الحزب تحت السكين (ص 67).
ـ هذا النص ـ ليس روائيا ـ هو حدث حقيقي موثق، وتضميناته جاء ليخدم المسار الروائي، من جهة، ومن جهة ثانية جاء دليلا على غياب الرؤية الستراتيجية لدى الحزب الشيوعي العراقي، حيث أن حدث ـ نزع سلاح فصائل المقاومة الشعبية التابعة للحزب هي الخطوة الأولى لتصفيته، ولم يحرك ساكنا، وظل على قناعاته في الرهان على "عبد الكريم قاسم" لذلك عندما وقعت احداث 1963م لم يعرف الحزب ماذا يصنع ـ خصوصا بعد استشهاد السكرتير العام ـ سلام عادل. هذه الماساة، وتداعياتها اللاحقة، حتى هذه اللحظة يتحمل نتائجها الحزب. وتكشف الصفحات اللاحقة (ص68 ـ 70) عمق المأساة والحيرة المربكة للتنظيم ـ داخل بغاد وخارجها ـ وانجرار نتائج هذا الفعل السياسي على الحالة الإجتماعية، حيث الفصل من العمل، وتشريد العوائل والملاحقات اليومية، المراقبة المستمرة وهنا يدين الروائي حيدر حيدر، هذا الغباء السياسي لهذا الحزب، بعبارة يطلقها على لسان بطله ـ مهدي جواد، تقول: "لا بد أن خطأ قائلا قد ارتكب فيما مضى!" ثم يضيف: "على من يظلون أحياء أن يبحثوا عن جوهر الخطأ" (70) وهذا السؤال الخطير لم يجب عنه ح. ش. ع. حتى هذه اللحظة ـ بين الحدث والنقلة الأخرى لصورة ذات الحدث بين الجزائر والعراق، يحاول حيدر حيدر في لوحات المشاهد، تخفيف وقع المعاناة الحزينة على المتلقي حيث أن رواية "وليمة لأعشاب البحر" تراجيديا سوداء، طغى فيها النفس الكربلائي الحزين، لذلك نراه، بين فقرة وأخرى يلطف سبك العبارات بلغة شاعرية، تدغدغ مخيلة القارئ ـ كصورة مبدعة، وتوقد ذهنه لتحليل الأحداث، وهو بهذا يدرك بحس معرفي وظيفة الادب، وهي النقطة التي لم يدركها بعض "المصريين" الذين هاجموا الرواية4.

 

2 شكلت هذه الشخصية مصدر القلق والإزعاج والريبة عند بعض المصريين المتزمتين، مثيرين بذلك زوبعة هوجاء حول الرواية، الأمر الذي قسم الشارع الثقافي المصري الى قسمين واضحين، والغريب أن الرواية طبعت عدة طبعات سابقة، وقبل حوالي 16 سنة فماذا يعني هذا؟!
3 ثمة حادثة تاريخية في هذا الصدد، عندما أوفد د. حسين مروة الى النجف في العراق لدراسة أصول الفكر الشيعي، باعتباره رجل دين، موفد من شيعة لبنان، تم كسبه الى الحزب الشيوعي العراقي، ورحل الى لبنان بدرجة كادر وسطي، "عضو محلية" على ما نقل لي. كما أن التراثي الراحل الأستاذ ـ هادي  العلوي ـ هو الآخر كانت بداياته مع الدين، ثم مر بنفس المنحى، ويعد واحدا من اشهر مثقفي الحزب الشيوعي العراقي، وهو من الأوائل الذين التزموا بخط "الكفاح المسلح" ونظر له ، وكتب العديد من الدارسات حول، ثورة القرمطة والخوارج. وللسبب نفسه انعكست الآية الآن، حيث تحول الماركسيون والقوميون وغيرهم وانخرطوا في "التيار الديني" بغية إسقاط الفاشية في العراق. الأمر الذي يثبت خلو الساحة العراقية من العمل الثوري، وانحسار العمل الشيوعي في العراق في الآن الراهن. 
4  أثيرت ضجة مفتعلة في مصر وبعض البلدان العربية، حول ـ الجنس والدين والكفر. في هذه الرواية، طالبوا بسحبها من الأسواق لهذا السبب.

 




#خيرالله_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي : -قراءة في ...
- العراق في منظور السياسة الروسية ،في الأزمة الحالية


المزيد.....




- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...
- الغاوون,قصيدة عارفة للشاعر:علاء شعبان الخطيب تغنيها الفنانة( ...
- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - سرمدية الحروف المضيئة على صفحات التاريخ العراقي قراءة في رواية - وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر- الجزء الثاني