أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي : -قراءة في رواية -وليمة لأعشاب البحر- - الجزء الأول : 1 من 6















المزيد.....



سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي : -قراءة في رواية -وليمة لأعشاب البحر- - الجزء الأول : 1 من 6


خيرالله سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 379 - 2003 / 1 / 27 - 04:18
المحور: الادب والفن
    



سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي :
      "قراءة في رواية "وليمة لأعشاب البحر"

             " الجزء الأول : 1 من 6"

         بقلم د. خير الله سعيد / موسكو
                  


* تقوم رواية الروائي السوري حيدر حيدر ـ وليمة لأعشاب البحرـ أو نشيد الموت 1 
على مجموعة من الفصول، تتصدر الفصول الأربعة للطبيعة أسماؤها وتخترق هذه الفصول فصول متقاطعة ـ كنصل حاد ـ يقسم تجليات الفصول، حسب الحالة والحدث: الفصل الأول حمل اسم الخريف، والثاني الشتاء، والثالث ـ الربيع، وبين الفصل الثالث والرابع تقاطعت فصول أطلق عليها اسم: "الأهوار ـ الحب ـ نشيد الموت ـ ظهور اللويثان ـ ثم الفصل الرابع والأخير وهو الصيف" وقد جاءت تقسيمات هذه الرواية على هذا النحو لتكون وعاء زمنيا يمتد بين مطلع الخمسينات ونهاية الستينات من القرن المنصرم، وهذه الفترة من أخصب حالات المد الثوري في العالم العربي. وهو بهذا التقسيم يعالج أفكارا فلسفية، وإيديولوجيات ثورية، من خلال تجربتين هامتين، في بلدين عربيين هما الجزائر والعراق، قامت بهما حركتان ثوريتان هما جبهة التحرير الجزائرية والحزب الشيوعي العراقي ـ وجناحه الثوري "القيادة المركزية" وبغية فهم "حركة التاريخ" من قبل الكاتب، وعكسها ـ كتجربة ـ للمتلقي، أغرى حيدر حيدر قارئه ـ بهذه الرواية ـ لأن يتمعن بالاحداث الجارية وفق فصول الطبيعة الأربعة ، مستفزا عقله للتوقف مع قوانين الطبيعة ـ طبيعة الأرض وطبيعـة الإنسان ـ والتأثير المتبادل بينهما بالخلق والإبداع، جاعلا من "صورة المكان للطبيعة ـ مفصلا للفعل الإنساني، بين مكان وأخر، على اعتبار أن الرؤيا البصرية، تستدعي حالة الحضور الواعية، لخلق رؤية معرفية، ذات بعد جدلي بين الزمان والمكان، ما دام الفاعل هو الأنسان ذاته. كمتحول والطبيعة ـ كثابت. ومن هذه الزاوية سندخل لقراءة الرواية.
1 ـ التسمية أو عنوان الرواية: "وليمة لأعشاب البحر" ـ نشيد الموت.
الإسقاط المعرفي الأول للعنوان، هو تحفيز وعي المتلقي لأبداء التأويلات وإيجاد ـ معادل موضوعي ـ بين وليمة الطعام العادي ، وبين مقصلة الموت في فضاءات البحر، مادتها الاساسية، بشر مثلنا، تطبخهم نيران المدافع والرشاشات، وسط مستنقعات مائية، يكونوا لقمة سائغة لضواري البحر وأسماكه، إلا ان العنوان الثاني الصغير "نشيد الموت" يتعالى بهذا الإدراك، ليجعل من هذه "الوليمة" فعلا تاريخيا جسده الإنسان، في بقعة من الأرض تسمى "اهوار العراق" جاعلا من هذا الموت التراجيدي إنشودة محفورة أبد الدهر في وعي الأجيال الفطنة.
والتسمية ودلالتها ، تلتزم مفردة "البحر" كنقطة ارتكاز مفصلية ، عليها تدور الأحداث، ومنها تنطلق وإليها تعود، وقراءة هادئة لكل صفحة من صفحات الرواية البالغة 387 صفحة، تكاد لا تخلو من ذكر "البحر" أو ما يشير إليه أو يدل عليه، رغم اختلاف مكاني الحدث الروائي /العراق ـ الجزائر/ وبذا يشكل "البحر" آصرة تنظيميـة مترابطة للشخصيات والمكان وتجليات الحدث.
* كما أن التصدير الشعري لـ "هرمان ملفيف" الذي يتصدر الرواية، يومئ للقارئ بالبعد والترحال ، وطلب المحال، وتجاوز القارات، وإدراك الليل وظلمات الموت، كي يمسك القارئ منذ "الحرف الأول" لأكمال مشوار الرواية.
*  *  *
2 ـ الفصل الأول: الخريف:  دلالة مقصودة، للأفول المبكر للحركات الثورية العربية المطعونة بوعيها ، وتشابك الرؤية عليها، مع أنه يفتتح الفصل بعبارات مشرقة "وكان صباحا مضيئا.. في سماء صافية، النوارس وهي تخفق بدت كأنما تعلن عن غبطتها بذلك الطيران الأبيض، وفوق الأعشاب وأوراق الدغل كان الندى يتلألأ تحت شمس خريفية" (ص9)، إلا أن المؤلف يكسر هذا الإشراق الإستهلالي بوجيس "مهدي جواد"   بكونه مطاردا  وأن شخصا ما يتعقبه، وهو الهارب مـن بلاده ـ العراق ـ وواضعا أقدامه في "الجزائر" "كان ينتظر المفاجأة في المنعطف القادم، وكانت هناك منعطفات كثيرة في هذه المدينة المتوحشة التي فقدت أمانها" "كان الخوف يسري هناك (ص10). بهذه الإشارات ابقى الروائي على حالة التوجس قائمة في ذهن القارئ، كي يستمر معه في رسم الأحداث وتعقب حالة اللاأمان في المدن العربية. "كانت مدينة جميلة، مطوقة بالبحر والغابات، لكنها كأي مدينة عربية، كانت متوحشة، محكومة بالإرهاب والجوع والسمسرة، والدين والحقد والجهل، والقسوة والقتل. مدينة تكره الغرباء… تلك هـي بونه، المضيئة، مدينة الحزن والخوف والحب والذاكرة" (ص11)  اجلى النص سمات المدن العربية من خاص محدد إسمه "بونه" وهو الاسم القديم لمدينة  "عنابة" الحزائرية، وبهذا الاستخدام للاسم القديم أراد الكاتب التأثير الدلالي المسبق لحالة المراوحة، الغير مجدية في التقدم المدني والحضاري لهذه المدينة ـ الدال ـ والذي يعمم المدلول على الجزائر وغيرها من بلاد العرب، وعبارة "مدينة تكره الغرباء" ذات دلالات اجتماعية واضحـة، تجلت انعكاساتها بين سطور الفقرات 1  و2  و3 من الفصل الأول، فيما أشرت بعض الفقرات الى الخروج الأول من الوطن ـ العراق حيث "للمرة الأولى ينفصل مهدي جواد عـن بيت القبيلة" (ص15)، وبغية ربط الأحداث فيما بينها ـ مكانيا ونفسيا، يلجأ الكاتب لتوظـيف الفولكلور الديني ـ كمقدس ـ تؤمن به العشيرة، التي انفلت منها هذا الجنين المشاكس" أخته ـ ترفع القرآن بيد وباليد الاخرى صحنا من الطحين، على الكتاب المطهر يضع راحة كفه ثم يعبر بخشية وجلال، منحنيا بقامته ورأسه تحت قوس الطحين، تمتمات وأدعية تنطلق من أعماق السلالة التي تودع طفلها. أقسم بهذا المقدس وبهذه النعمة أن أكون وفيا، وألا أنسى في الغربة البعيدة رائحة البيت والأرض والخبز وصلوات الأجداد. والحليب والدم وصرخة الحسين وهو يذبح بسيف الشمر" (ص16).
تعويذات إيمانية فطر عليها الناس، شكلت ثوابت عقائدية في معتقداتهم الدينية، وهذه التميمة الفولكلورية "لا يفهم كنهها ومدلولها إلا من عاش في وسط تلك الأرياف الجنوبية من العراق، فهذه التميمة"  هي أقوى قَسَمٍ يجترح عليه الماديون والمثاليون من أهل العراق، كي لا ينسوا تربـة هذا الوطن الذي سلبت منهم بالقوة والتواطئ  والمكر. وهناك ثمة دلالة جاءت في ختام هذه التميمة هي: "عدم نسيان صرخة الحسين بن علي بن أبى طالب وهو يذبح بسيف الشمر" حيث أن هذا الإسقاط الديني الثوري ذو الجذور الشيعية، أراد الإبقاء على حالة المقاومة المستمرة ضد سيف الإرهاب السلطوي، وإن وصل الأمر إلى حالة الاستشهاد كما فعل الحسين ابن علي..
* حالة "التوطن المؤقت " في مدينة "بونة" الجزائرية، شكلت متنفسا "لمهدي جواد" الثوري الهارب مـن العراق، وهو يحمل جراحات السنين، ويبحث عن متسع روحي يبقي حالة التوازن الإنساني في داخله، لذا كانت صدفة اللقاء من الفتاة الجزائرية  "آسيا" هي تلك اللحظة الشاردة التي عثر عليها، لإيجاد حالة التوازن تلك. لكن ـ هذه الصدفة ـ تخضع لمؤثراتها الداخلية، وقوانين حالتها الاجتماعية المختلفة، رغم أن حالة "آسيا" ذو طبيعة خاصة ذات أصالة ثورية،  لذلك جاءت هواجسه /مهدي جواد/ بين الوهم الذي ينسجه الخيال المتشوق لطيف امرأة في مكان ما من العالم "امرأة الحلم والصدمـة التي تباغتك كجنية بحر ذات غسق، تبحر بك في لجة الليل والقمر والعواصف والموت" (ص18)، وبين الخوف المسيطر على أجواء المدينة، ونظرة أهلها الـى الغرباء بوجل وخوف وحقد "كانوا في المدرسة والمدينة يحكون أمورا غريبة، وفزعة، وكئيبة عن المدينة والبشر، أساتذة الشرق الذين سبقوه وعرفوا المدينة أكثر ـ قالوا ـ كن حذرا، المدينة شرسة وفظة، لا تتأخر ليلا. البونيون لا يحبون الغرباء، ولأتفه سبب يسرقونك أو يذبحونك، أوهام الثورة انتهت. وهؤلاء الافارقـة متوحشون، مغلقون كالحجارة. بلد زمّيت، يحكمه الدين والشرطة، وعصابات آخر الليل التي تغتصب وتقتل من أجل دينار" (ص18). إذن ـ حالة اللاأمان ـ هي الصدمة الأعنف بوجه هذا الشريد العراقي الذي ينشد الأمان، لذلك كان توصيف /حيدر حيدر/ له، دقيق وفي مكانه "في الأيام الأولى كان خائفا وغريبا ومذهولا، داخل المدينة الخارجة حديثا من ليل الاستعمار الطويل، المدينة التي تحولت الى مصيدة وسوق لأنبياء الشرق والتعريب القادمين من مطلع الشمس المحمدية" (ص18).
ـ في الغربة، يكون اللقاء مع أحد أبناء بلدك ذو نكهة خاصة، رغم أن المنافي تلوث الناس, وتكسبهم أخلاقا جديدة، لذلك كان ـ مهدي جواد ـ فرحا بلقاء ـ أحد قادة إنتفاضة الأهوارالعراقية ـ مهيار الباهلي ـ وهو اسم ذا دلالة تاريخية أراد منه الراوي، ربط الاسم بدلالة المسمى ـ قتيبة بن مسلم الباهلي ـ مع مهيار الباهلي، للإيحاء بالنسب والسلوك، فالأول ـ فاتح عظيم ـ والثاني ثوري مغامر طموح ـ نجا وحده من  مذبحة الأهوار الرهيبة في نهاية الستينات ـ سيجري الحديث عنها لاحقا.، مع الإشارة الى أن شخصية مهيار الباهلي واقعية ومازال صاحبها الأستاذ عبد الأمير الركابي الذي شارك شخصيا في معركة هور الغموكة بين الثوار  اليساريين والقوات الحكومية وقد قتل فيها عدد من رفاقه ومنهم الشهيد خالد أحمد زكي وأصيب هو – الركابي – بجروح بليغة وأسر ثم أودع السجن وفي فترة وجوده في الجزائر التقى الركابي بمؤلف الرواية و أطلعه على تفاصيل المأساة البطولية التي خاضها هو ورفاقه وفيما بعد اعتمد المؤلف على عشرات أشرطة التسجيل التي سجلها لأحاديث الركابي وأصدقاء آخرين في كتابة الرواية ولكنه - وأعني المؤلف حيدر حيدر - لم يشر الى هذه الحيثية والى فضل أبطال روايته عليه ولم يوجه لهم حتى إشارة أو تحية صغيرة بل جعل من نفسه العارف الواسع الاطلاع وصاحب الفضل الوحيد في تقديم تلك التفاصيل المغمسة بدماء الثوريين العراقيين  الى الجمهور القارئ  ولا أحد سواه ، وهذا  فعل أقل ما يقال عنه  أنه مؤسف ولا علاقة له بالوفاء وحب الحقيقة .
في هذا اللقاء ـ بين مهدي والباهلي ـ تبدأ شجون النضال، وذكر المآثر البطولية، ويبدأ الحلم الثوري" بالتلألؤ والإشراق "ها قد التقينا أخيرا، لنطعم المغرب بلوثة الماركسية. أنتم في الأديولوجيا والفلسفة ونحن في اللغة" (ص19) وبغية تشويق ـ مهدي جواد ـ لبذل أقصى طاقة ثورية في مجال التدريس، يومئ مهيار الباهلي الى قدسية هذه الأرض "الأرض التي فاجأ العرب أنفسهم فيها بالثورة. ثورة المليون شهيد" يقول الباهلي: "عندما هبطت من الطائرة ركعت فوق أرض المطار ولثمت التراب. ويضحك مهدي: باهي. مازلت على حماستك القديمة، ولكن قل لي: وأنت تقبل التراب هل تأكدت من أن رائحة الدم لم تكن عطنة"
ـ هناك تشكيك وإدانة مضمرة بهذا النص، على اعتبار أن الثورة الجزائرية انقلبت على أبطالها، وأبعدتهم عن سوح النضال، لذلك حالة الحوار تجلى شيئا من هذه الحقيقة: يقول مهيار: "ـ دعك مـن هذا اللمز. دعك ـ سنزور يوما أضرحة الثوار، ومواقع المعارك. أقول لك: جزائر الثورة منارة مشعة فـي ليل هذا الذل العربي، ثم يضيف: أنا فرح كطفل افتقد أمه ثم لقيها بعد غياب، تصور إنني في قلب أصداء الثورة، أولا عينوني في معهد ابناء الشهداء، ثانيا وجدت بيتا لدى أرملة عاشت فـي الجبال مع الثوار، كانت مع  طاهر الزبيري بالذات، أردف ـ مهدي جواد ساخرا ـ :ثالثا. لاكتمال طهارتك الثورية أرى أن تتزوج من هذه الأرملة، هكذا تحقق الحلم الثوري" (ص19).
* هذه الصورة الناصعة لتفكير "الثوري" النظيف عن ثورة الجزائر، وعن الشخصيات الحقيقية لأبطال هذه الثورة، اراد الكاتب أن يظهر من خلالها تفكير المشارقة واعجابهم. لهذه الثورة ـ النموذج ـ لهدف أبعد يرمي الوصول إليه، ضمن رؤية تاريخية تدين الواقع العربي المزيف المبهور بالشكل والهيلمة الإعلامية، وتنقيط هذه الرؤية المشرقية بحبر برّاق كي يدع من زاوية أخرى رؤية المتلقي تتابع الحدث بكل تجلياته التفصيلية، وليثبت ـ ثانيا ـ ان الوعي العربي، هو "سماعي" لا متأمل ومنفعل،ý. وهذه الإشارة الدلالية في النص واضحة جدا للقارئ الهادئ الأعصاب، حيث مجريات الرواية ستكشف أشياء كثيرة ý، إذ أن بقية الحوار ـ بنفس الصفحة ـ يصفع القارئ بلطمة عنيفـة  "يندفع مهيار بالأسئلة، وضع العراقيين. البعثات العربية، المجتمع الجزائري. الثقافة، لا يترك فسحة طويلة للأجوبة ، أحيانا يجيب نفسه، إنه يشرح الخلاف داخل الثورة وصراع السلطة الذي أطاح  ببن بيلا، يلوح معجبا بهذا الثوري المطاح به غدرا: بن بيلا أبو الاشتراكية. انا أرى فيه كاسترو العرب، أعني كنت أتوسم تحوله نحو الماركسية. بومدين هذا لا يوثق به، عسكري. إقليمي، رأس إسلامي وجناح إفريقي، أما قلبه فجزائري، وفي المناسبات يلبس بزة عربية" (ص19). هذا التوصيف أو التقييم، نقطة هامة في مسار الرواية، حدث يكشف منذ البدايات أن هناك أمورا خافية، وأحداثا جساما ستظهر، وبنفس الوقت يعطي هشاشة التقييم لثوري المشرق ورؤيتهم للأمور بشكل عاطفي لأن "اهل مكة أدرى بشعابها"، والصفحات التالية تكشف عن اختلاف هذا التقييم، حيث حزب الطليعة يعمل سرا، والناس "وجفون لا يثقون بأحد بعد شتاتهم، والثورة دخلت عصر الحيض، والثوريون نقلوا "ثورتهم الى باريس وأقاموا "رابطة العادلين أو المنفيين" إسوة بشيوعيي القرن التاسع عشر بعد فشل الثورة الالمانية وقدوم بسمارك (ص20).
* الفقرة رقم 5 ـ من الفصل الأول ـ يستعرض حيدر حيدر ـ رؤى الباهلي باعتباره مثقفا مسحورا  ببلانكي ومجد الكومونة، معرجا على تاريخ ثوري القرامطة، وثورة الحسين بن علي التي سارت الى حتفها وصولا الى   "خالد أحمد زكي"  ومجموعة الأهوار، وحرب العصابات الخاسرة عام 1967 وما تلاها ý، مواصلا ميراث الخسارات الدامية والامثولات التي تتراكم ـ في وعي الباهلي ـ لتشكل ذات صباح أو مساء الصرخة التي تختزنها القرون القديمة لتدوي في القرن العشرين أو الثلاثين أو الخمسين، هادمة جدران الاستبداد والجوع والابادة الجماعية لشعوب قهرت واستذلت، ثـم ما لبثت أن دفنت تحت السطوة الوحشية للخلفاء والأمراء والخلعاء والجنرالات الدمى والأحزاب المستذلة والراكعة (ص21). مناقشة هذي الرؤى تستوضح مدى الإيغال الثوري "واحلامه النرجسية الشفيفة وطهارة الروح لحلم مشرقي يكون فيه الباهلي ـ بطلا موهوما، يفقد فيه أبسط مقومات الموضوعية، لاسيما وان تكالب القوى الشرسة ، الحاكمة ، تعرف كيف تروض شعوبا وليس أفرادا ولكن غوص الروائي في تلافيف هذه العقلية ، هـو لكشف بطلان الرؤيا وانهدام جدران المخيلة الهشة، ذات الاساس الرملي ، "(تلك الرؤى التي تشبه رؤى القديسين أو المجانين في العصر الذي لم يكن عصره) (ص21).
*  تركيبة البنى الروائية، عند حيدر حيدر، في هذه الرواية تحديدا، تخضع الى مقاربة تاريخية، ومقارنات متماثلة بين وضعيتيـن, ونقلات محكمة لحدث ذو طبيعتين وبتسلسل جمالي أخاذ بين الموقف والموقف، /واللقطة ومثيلاتها، مما يخلق حالة متماسكة من الحبكة القصصية في افقها الروائي، لذلك يرى القارئ السلاسـة في الإنتقال دون تضيع الحدث الأرأس.
فمن أحلام الباهلي الثورية الى فضاءات مهدي جواد وبداية تدريسه "لآسيا" اللغة العربية، حيث تنزرع بذرات الحب الأولى لتلك الصبية، ورغم واقعية الحدث، إلا أن التأويل في القراءة يمكن أن يؤدي الى مساحات أبعد في الرؤية، من حيث الاسم /آسيا/ ومن حيث التشابك الإجتماعي لتدريس اللغة العربية. وهذه المسألة تبقى مفتوحة لكل قارئ.
يقول حيدر حيدر: "الدرس التمهيدي بدأ في بيت آسيا الأخضر. ذلك البيت المسرح لكل أحداث بونه وتجليات الزمن المضاء والمعتم" (ص22).هنا ـ في هذا النص ـ وضع الروائي المفتاح بيد القارئ ليدخل الى عمق المجتمع الجزائري بكل تناقضاته، حيث البيت تصغير لمجتمع بونه ـ المدينة ـ البلد ـ والعبارة الأخيرة "تجليات الزمن المضاء والمعتم" دليلا واضحا لهذا الفهم. إذن من هنا ستبدأ بعض الإشكالات الرئيسية في سياق الرواية، وعلينا أن ننتبه إليها جيدا.
ـ ومن دروس اللغة ـ في هذا البيت ـ الى دروس الحياة، الى فلسفة الوجود اليومية الى المنظور الثقافي للعائلة الثورية ذات التاريخ المجيد ـ حيث الاب أحد الشهداء في الجزائر، واثناء ـ الاستراحة من دروس اللغة العربية ، يبدأ الحوار الثقافي بالفرنسية. وكون "اسيا" قد قرأت شيئا من الأدب العالمي مثل  رواية "الغريب" لكامو، ورواية مالك حداد "سأهديك غزالة" والأحمر والأسود" لستاندال، والشرط الإنساني" لمالرو، وعلى هامش الدرس الخاص كانت الفتاة تطرح اسئلة عامة ذكية حينا وساذجة أحيانا، تتراوح بين الشخصي والعام وبين العقل والفطرة ـ أي أن حيدر حيدر، أخذ هذه الفتاة ـ هي وعائلتها نموذجا للشعب الجزائري، وإن كان هذا النموذج يخضع إلى معناه الضيق كونه يمثل مدينة جزائرية واحدة هي ـ عنابة ـ أو بونه. لذلك كان حيدر حيدر يعتني جيدا في مواصفات هذا المثال ـ النموذج. إضافة الى مثال آخر ـ سيأتي في السياق ـ هو مثال ـ فله بوعناب ـ لتمثل شريحة أخرى من مناضلي جبهة التحرير الجزائرية، لكن المثال الأول /عائلة آسيا/ هو الأوضح في المجتمع الجزائري. لذا أراد الكاتب أن تكون بؤرة الحدث والشخصيات من هذا المثال، باعتباره خاص قابل للتعميم، نظرا لتوافر شروط النمذجة فيه من حيث الوعي المتوسط، والارث الثوري والتعليم الثانوي، والتضحية لدى الأم الجزائرية، ناهيك عن مدى التفتح وطموح ونشد الحرية، إضافة الى البلوى "المسلطة من قبل" الأب الثاني" بعد رحيل الأب الأول الشهيد، وهذه حالة عامة لبلد المليون شهيد.
وعلى هذا الاساس راح ينطق تلك الفتاة آسيا" أسئلة تنسجم ووعي الحالة. لا سيما وإن  الأستعمار الفرنسي فرنس ثقافتهم، فهم طموحين للمعرفة، لذلك تسأل أسيا استاذها ـ مهدي جواد ـ القادم من الشرق الحضاري ، سليل وادي الرافدين: "ما الفرق بين العرب والإسلام؟ هل الأنبياء المرسلون حقا من الآلهة أم خرجوا مـن الأرض؟ كيف كلم الله موسى؟ وهل عرج محمد فعلا الى السماء كما تقول كتب الدين؟ وإذا صعد الإنسان الى القمر ما الذي يبقى من الأديان والآلهة؟ أنت لماذا أتيت الى بونه؟ ما رأيك بتحرر المرأة؟ هل تهوى المغامرة في الحياة" (ص23). وبالمقارنة الثقافية يستنطق حيدر حيدر /ثقافة المستعمر الأقوى/ ضمن سياق الحوار الدائر بيـن مهدي واسيا: ـ "هل كان للعرب حضارة كالأوربيين ـ تسأل أسيا. ويجيبها مهدي ـ بسؤال/ ما الذي كانا يقولونه لكم قبل الإستقلال؟
ـ فرنسا أم الحضارة والحرية.
ـ ولكن أي فرنسا منهما. روسو أم فولتير" (ص23).
ـ مبدأ الإدانة هنا منشأه ـ الإستعمار ـ كقوة غاصبة، ولذلك كانت مفارقة الحوار تتجنب العمق الثقافي لرموز فرنسا، فولتير، روسو، مالرو.
ومن الإستعمار الاجنبي الى القهر المحلي تحت سلطة الأنظمة العربية الضالعة بالقمع التاريخي, والذي يسميها الكاتب "زمن ابن ابي ضبيعة الكلبي" سليل هرمونات القتل والتناسل والبكتريا القومية، كما يقول حيدر (ص24) ساحبا ظلال الحدث علـى واقع العراق، لا سيما قيادة "ح. ش. العراقي " والتي راهنت بتواطئها على انقلاب 14 تموز (1958م وزعيمها الأوحد وتطورها اللارأسمالي والحوار بين اسيا ومهدي، وعلى مدى العام الأول، يسحب إسقاطاته بالادانة للمبدأ الاخلاقي للسياسة التي انتهجها "ح. ش. ع. حيث ضيع الفرصة الذهبية من يديه لاستلام السلطة، تحت هذا الوازع الأخلاقي، دافعا ضريبة هذا الخطأ حتى لحظتنا الراهنة و"بعد الحبل عالجرار".
ـ وكنوع من المباشرة يدخل الكاتب لمناقشة آراء الكوادر السياسية العراقية بعد الإطاحة بعبد الكريم قاسم عام 1963م، وتوجيه ضربة قاصمة للحزب ش. ع. ومن ثم بروز حالة المواجهة مع السلطة لرد الإعتبار لذاك الحزب ، حيث كان هناك تياران رئيسيان يحكمان سير إيقاعه، الأول: يمثل رفع السلاح واسقاط السلطة البعثية والقومية التي أطاحت بثورة 14 تموز، وكان ـ الباهلي ـ من دعاة هذا التيار، فيما كان الخط الثاني، هو خط المصالحة والمهادنة والذي عرف فيما بعد بخط آب اليميني. والذي ما تزال رموزه مسيطرة على الحزب "وقي ذلك الزمن لم يكن الرهان على إدارة بوصلة الوقت، إنما كان رهانا على إنقاذ ما يمكن إنقاذه في برهة إنفلات المبادرة ودخول شمس العراق تحت الخسوف الرمادي، حيث لن يعرف لا الحزب ولا الرب متى ستشرق الشمس من جديد (ص24).
ـ هذه المباشرة ، هي نبؤة حيدر حيدر لما آلت إليه أوضاع العراق الحالية، ýبعد أن فقد ح. ش. ع بوصلة الإهتداء، وقسمته الأحداث الى كتل وتيارات "فاستشاط الثوريون واتهموا القيادة بالتخاذل والتواطؤ، وعلا الحديث عن الإنشقاق، وراح الخط التاريخي للرهان على البرجوازية الديمقراطية يقصف بالتهم والخيانات  والإنخذال" (ص24)، وهو ما اثبتته الأيام التالية، حيث انشق الحزب الى اللجنة المركزية ـ بقيادة عزيز محمد، نزيل موسكو الدائم، والقيادة المركزية بقيادة الكادر المتقدم وعلى رأسها عزيز الحاج علي وجماعته، في تلك الآونة (1967 ـ 1968) ـ كان المطلوب راس الحزب ، "ويوم كانوا ينشقون ويصرخون ويتهمون ويذهبون الى الموت المحقق، كان الجنرال ، الكلي القدرة يوطد سلطته من خلال حلفه التاريخي مع العسكر وأعوان رأس المال ورجال الدين، والتقطير الشوفيني للسم القومي: هاي هتلر، هاي كريم هاي عارف، ومن ثم ـ هاي ابو عداي. وسائر الهايات التي ستأتي وتصرخ بصوت طاغ : الله ـ الأسرة ـ العشيرة ـ الطائفة ـ الملك ـ أنا الله على الأرض، أنا الشعب، ويوم ذاك ستصدر الأوامر في كل أرجاء البلاد: من دخل بيت الجنرال ابو الشعب جميعه فهو آمن، ومن دخل بيته الخاص وانزوى فهو آمن، اما من دخل بيت الحزب، فالوطن في حل من دمه المهدور. ومن يومها ـ 1963 ـ ابتدأ شهيق وزفير الدم، الذي سيستمر الى يوم الدينونة" (ص25). ـ ثمة احتراق داخلي من الألم يتوضح في ثنايا هذه النصوص، وهي تعبير عن مدى حساسية الكاتب  المبدع ـ الشاعر ـ المؤرخ ـ وهو يستحضر في أدبه مأساة شعب يذبح، وتجربة نضالية رائدة تخنق نتيجة غباء قيادة سياسية لا تفهم معنى صراع الأضداد ولا أبجدية الماركسية وقوانين الصراع فيها، وبالتالي يصبح تخبطها السياسي أخطاء تاريخية قاتلة، يكون الشعب ضحيتها الأولى، ووضع العراق الحالي دليل قاطع لا يحتاج الى برهان، وبالتالي أراد حيدر حيدر بهذا النص المكشوف والمباشر، ادانة قيادة ح. ش. ع. وإعلان تضامنه مع فئة كانت تجتهد لتحقيق هدف نبيل، خذلتها تلك القيادة، ومن ثم أراد للآخرين أن يعوا درس التجربة العراقية، كشاهد حي آخذا نحو الضمور والاندثار، ومن هنا بتأرخة  الحدث، ومناقشة نتائجة وسلبياته، لا كمؤرخ محايد، بل كمبدع تعنيه تجربة الإنسان أنّا يكون ، وعلى هذا الأساس ستكون تجربة "القيادة المركزية" للحزب الشيوعي العراقي هي المفصل الرئيسي  في بنية أحداث الرواية، إما من خلال المنعطفات التاريخية للحركة، أو من خلال رموزها  الأحياء، والذين أمدوه بالمعلومات عن تلك التجربة وهم يمثلون الشخصيات الرئيسية في الرواية.
      *  *  *
ضمن المسؤولية الأخلاقية للكاتب هو كشف الحقائق للناس بقالب أدبي، تؤرخ وتشير الى وجود هؤلاء الشخصيات في كينونة المجتمع، كمقاربة للتجربة النضالية الفاشلة بمضمونها والناجحة بشكلها، يعرض حيدر حيدر لتجربـة "الثورة الجزائرية"، وكما المحنا من قبل فهو ينظر إليها من زاوية "الحركة الثورية بعد استلام السلطة" وتغير المهام الملقاة على عاتقها، ومن هنا نراه أ اي حيدر حيدر ـ يعقد المقارنة مع تجربة الفصيل الثوري العراقي، مؤشرا على الإخفاق بدلالة الأحداث التاريخية والاشخاص الأحياء، والذين عايشهم بنفسه وسمع منهم، لذلك يستعرض الكاتب حالات الواقع الجزائري (تجربة جبهة التحرير الجزائرية بعد الإستقلال) ومن خلال النموذج المرسوم "عائلة اسيا" يرسم تقاطع اللوحات في ذلك المجتمع. 
"ـ انت لم تقاس من الجراح كما قاسينا، في كل بيت لا يزال الدم ينزف…. وفي الأعماق يبدو أن موت الأب ترك ندبة، شعور شفاف بفقدان الأمن وفقدان الثقة بالحماية … سي العربي كان الملاذ والمثال، وكان الوطن بعد أن اسشتهد في معارك حرب التحرير، فقدت الطفلة دقة التوازن مع العالم… ذات فجر دموي هوى المثال مرة واحدة، فتصدع بيت سي الخضر ـ والد اسيا ـ ومنذ تلك اللحظة هجرته طيور الغبطة" (ص25).
ـ التضحيات المقدمة من أجل الوطن لا تعد ولا تحصى، والإستشهاد حالة معاشة بشكل يومي بالنسبة للجزائر، ما دام الهدف أعلى وأسمى، تلك هي مناعة الشهداء وأهلهم، بمن  يدركون معنى استقلال الوطن، ولكن حالة الأولاد والتنشئة ومعاناة الأم لفقدان الزوج والأب تبقـى جروحا لا تندمل، فما بالك إذ تغير "مزاج الثورة" وانحرفت عن المسار؟! ومن هنا تبرز حالات شبه الانفصام في سير التطور الاجتماعي عند بعض الأفراد، وتغيب بوصلة الرؤية عن مرمى الهدف، لذلك يسجل حيدر حيدر هذه الحالات كانعكاس للحالة الإجتماعية القلقة، وعلى لسان أبطاله "أن تكون حرا ليس هذا كافيا للسير فوق خط مستقيم، إن خطوط الآخرين تبدو منكسرة أو منحنية، والمنفى هو السير على خط آخر للحفاظ على التوازن لماذا هذه الغربة اللعينة في خضاب الدم!… ينبغي التأكد، دونما اندفاع مع أمواج الرغبة، فيما إذا كانت آسيا لخضر تشكل ميلا في حركة اتجاه البوصلة" (ص27).

1 دراستنا للرواية تستند الى الطبعة الرابعة الصادرة عن دار أمواج في بيروت عام 1992
 

 



#خيرالله_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق في منظور السياسة الروسية ،في الأزمة الحالية


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيرالله سعيد - سرمدية الأحرف المضاءة على صفحات التاريخ العراقي : -قراءة في رواية -وليمة لأعشاب البحر- - الجزء الأول : 1 من 6