معتصم بوبكر
الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 01:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
اليأس:
رأيت الكثير من المتملقين ولاحسي الأحذية والرقاب والجهال والأميين واللصوص والخائنين يتألقون في المناصب ،وهم لا يفكون شفرة نص مطالعة الناشئين ،رأيت الكثير من بطون العناكب تنصب خيوط فخاخها لنا ،وكم رأيت بمظاهر لا توحي سوى بالإنفصام والخيبة وتحفز على حمل الحقيبة وإسقاط الهوية وطلب اللجوء ولو الى قعر إفريقيا ..حيث مظاهر المجاعة والبؤس لاتنتهي ، اللهم أن تحس بالهوان والإنشطار في الغربة ولا تحس به في بلدك .
الألم يكون مضاعفا ولا يرحم الذات.
أسير بلا تركيز وبلا حظور مرفوعا عن هذا العالم ،حتى أن رجلا في تقاطع الشارع تبرم مني وشد على ظرفه الذي كان يحمله تحث إبطه وكأنه مكتوب في جبهتي "خطر" أو "إحذر".شعرت بعد إقصائي من مبارة المراكز الجهوية والإجازة المهنية تخصص تدريس مادة الفلسفة بخيبة أمل عارمة لا توصف تشبه لي كثيرا تلك الرصاصة التي لا تقتلك على الفور بل تترك دمك ينزف بشدة ، خلاصة إنه العذاب الشديد قبل أن تلفظ أنفاسك الأخيرة ، وكل هذا لشيئ واحد، إنني لاأعرف أستاذا عن قرب وليس لي ما أدفعه .ورفضي من ولوج سلك التدريس الذي عقدت عليه آمالا كبيرة جعلني مصاب بخيبة أمل عارمة ، لأنني لا أنتمي لأي حزب ولا أعرف شخصية وازنة .
أحسست أن لجنة مخابراتية تترصد بي وتمنعني من القيام بهذا الواجب الشريف ،تماما كما كان يقع مع "شارلي شابلن" والمخابرات الأمريكية ، أما هنا فنعاني من المخابرات المحسوبية والمتاجرة في المناصب والحزبية .
لقد إكتشفت أن كل شبيبة حزب ملتح تم إنتقائها وهي الآن تنعم بالوظيفة في ظل الفساد /لأن هذا الحزب الجديد الذي تسانده جهات خاصة ذات نفوذ وسلطة متطاولة قد أخد على عاتقه أن يشغل كل أطره وأن يوظف أكبر قدر ممكن من شبيبته لإعانته في مصالحه ،بل إن أغلبهم زرع أولاده في مناصب كبرى حتى يستفيد من خدماتهم.
أما اولاد الشعب يصوتون عليهم بمئة درهم أو مئتين وب "بقشيش" من الوعود الباطلة ،بل أخدو على عاتقهم أيضا أن يغتنوا أو يفسقوا ،فمنهم من تزوج بعد أن تدرج في الكراسي الوزارية فتخلى عن إمرأة أيام العدس والفاصولياء وتزوج بشابة يافعة وصاخبة الأنوثة وهي في سن إبنته يقوم بإصطحابها الى المطاعم الفاخرة ويزيج مذاق العدس بالكافيلر والسلمون والنبيذ المعتق... فمنهم من يعتبر نفسه الأذكى فنصب عشيقاته سكريتيرات حتى يظللن أقرب منهم ، ومنهم من أستبذل الشقة النتنة بالرطوبة وقذارة مياه الصرف الصحي في الأحياء الهامشية بالفيلات الفيحاء الرنانة التي تساوي الملايير أو بضيعات فردوسية .
ياترى من أنى لهم كل هذا؟ من يؤذي ثمن كل هذا؟ لالطبع نحن الكادحون.
لطالما أحسست خلال هذه المدة من العطالة بعد حصولي على الإجازة ،أنني لا أؤدي أي دور سوى ملء الفراغات الشاسعة وتعمير المقاهي ونش الذباب وقس على هكذا أمور آخرى .
أحس بأن حريتي مسلوبة مادمن لا أتمتع بأسط حق من حقوقي ،وهو الوظيفة والعيش الكريم . لما ندرس إذا ؟؟؟ سؤال مر من فوهة السائل هكذا ..، السجين على الأقل يتمتع بحياة هادئة ومستقرة في السجن يأكل وينام ويتعلم مجانا ، أما أنا فأتعذب في سجن البطالة .
لا فرق بيني وبين السجين ، سأفكر في السجن إذا ماذمت عيشته أفضل من هذه العيشة التعيسة التي أتمرف فيها .فنحن لا نطالب بالمستحيلات ، نطالب فقط بعيش كريم كباقي العالم النامي ، ننعم بحقوقنا ونعيش بكرامة ، ندرس ونتعلم ولا نبكي الخبز ،ولا نعاني من الأمراض المزمنة ولا تستغبينا المحاكم ولا نقتل بعضنا البعض من أجل اللقمة كالضباع ،ولا نشوه صورتنا في برامج فاشلة ، نعيش هذه الحياة القصيرة في سلام وآمان ، لا نحلم بسعادة خرافية كسعادة المشاهير المزيفة ، فحتى ملك البوب "مايكل جاكسون" الذي غزت شهرته كل بقاع العالم ووصلت ثروته الى تصورات خيالية لم يكن سعيدا كان حزينا يبكي بحرقة وهو داخل ذات مرة الى أوستوديو التسجيل ويرمق الأطفال من النافذة يصرخون ويلعبون ويلهون ، وحين سجنته الشهرة منذ صباه ولم يعد يستطيع الإحتكاك مع العالم .
نحن الذين نصنع الفساد بأيدينا وننفخ فيه بجهلنا وخوفنا ، نحن الذين نرسم إبتسامة المفسدين ونقير إبتسامتنا ..لن أسمح بإغتصاب إبتسامتي سأعود لنقطة البداية وأنطلق ولن أتخلى عن صبغتي وجلدتي ونضالي ،لربما أجد وصفة لإبتسامة طفولية أبدية ، من يدري؟؟
ما علي سوى أن أبدأ من جديد وأحمل الصخرة الى القمة بدون تذمر بنشاط وتفاؤل مقتديا بسيزيف ،فليس هذا الأخير سوى عبرة لمعاناة صخرة سرمدية ، سأتحمل الصخرة مهما كان ثقلها ومهما تركت من نذوب على ظهري ،فما خلق أمثالي إلا للشقاء ولأجل ثقل الصخور، فهذا يعد أفضل من حجز تأشيرة الجنون أو الموت ، فما قد نخسر من أجله حياتنا لا يستحق كل هذه التضحية .
فماذا يمكن للمرء أن ينتظر من جلادين يتنكرون لأنفسهم فبالأحرى الآخر أن يقدمولهذا الشعب؟ماذا يمكن أن ينتظر من انتهازيين لمبادئهم ولأحزابهم ولدولتهم؟ ماذا تنتظر من مسؤول يشتم المعارضة ويكشف فسادها ويتحالف معها في الأخير؟ ماذا تنظر من سياسيين مزيفين يبدلون جلودهم كالثعابين كما لو كانو يعبثون فيما بينهم كصبايا
#معتصم_بوبكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟