أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - هناء بنواحي - الطفولة المنبوذة














المزيد.....

الطفولة المنبوذة


هناء بنواحي

الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 00:45
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


في مجتمعنا أو في مجتمعات دول العالم الثالث بشكل عام، تنامت ظاهرة أطفال الشوارع المنبوذين، الذين استوطنوا كل الشوارع والأزقة، نصادف أطفالا من سن "ثمانية أعوام" أو أقل أو أكثر يجوبون الشوارع والأزقة طولا وعرضا من دون حسيب ولا رقيب، لا يرتدون سوى ملابس رثة ومتسخة وممزقة من كل الجوانب ولا تناسب أي فصل من فصول السنة، وحتى النعال التي ينتعلونها ما هي إلا نعال مصنوعة من البلاستيك، رسم الزمان عليها بصمة تدل على بؤس حياتهم، تكوي أرجلهم في فصل الصيف حتى تصير أقدامهم مخدرة فاقدة للإحساس، هذا الأخير الذي مات ودفن عندما ماتت كرامتهم بين زوايا الشوارع المتمردة.

كل هذا الألم والصراع الذي يتخبطون فيه في عزلة لا يتذكرهم أحد؛ لا من عائلتهم الكبيرة ولا من أسرهم الصغيرة، ولا حتى من المارة، فلا أحد يتدخل، حتى تلك الجمعيات لا تتدخل إلا عندما يتعلق الأمر بقضاء مآربها و مصالحها الشخصية راكبة على ظهر آلام ومآسي الطفولة، حيث تتحول الإنكسارت والآهات والمعاناة إلى مشروع استثماري مهم يدر أرباحا طائلة تبنى على إثرها الفيلات، وتشترى السيارات الفارهة والمجوهرات الثمينة ، يصعدون إلى عالم البرجوازية عبر بادرة خير على الورق، بينما هو شرّ على الواقع، حيث الاغتناء هو الغاية وما بقي وسائل فقط.

يفترش هؤلاء المساكين "الكرتون" ، وينامون على أرصفة المحطات وتحت القناطر أو يلجؤون إلى المنازل والمنشآت التي هجرها أصحابها، يهربون من عيون المارة الساخرة ومن سياط الشرطة الماكرة، لكي ينعموا بقسط من الراحة التي لم يجدوها في حضن الأسرة، يحضنون أنفسهم لأنهم لم يجدوا أحضان أسرهم ولا عائلتهم، ولا يد رحيمة تحتويهم وتربت على أكتافهم وتهون عليهم مرارة الأيام، لم يجدوا بيتا دافئا يحميهم من ذئاب الليل والنهار الضارية، ومن قساوة الطقس التي تهلك الجبال، فما بالكم بأجساد أطفال صغار طالتهم أيادي الإهمال والتهميش والقهر، والعنف الوحشي سواءً كان لفظيا، أو جسديا ، أو إقتصاديا فهو متنوع متعدد قائم بالفعل، لا يجدون ما يسدون به رمقهم، فلا يجدون سبيلاً لسد رمقهم إلا في البحث في مكب النفايات، فهم اعتادوا على العيش على فضلات المجتمع الذي يفتقد للحس الإنساني (إلا من رحم ربي)، وهيهات هيهات، إذا ما زارهم المرض، ذلك الضيف الذي يهابه كل الناس مهما اختلفت وضعياتهم، ينفرد بهؤلاء الأطفال المعوزين الذين لا يملكون حتى ثمن رغيف، فما بالكم بمقدرة أن يتكلفوا بمصاريف علاجهم، تلك المصاريف التي تثقل كاهل الطبقة المتوسطة، فكيف بتلك الفئة المهمشة من الأطفال الذين لا يعرفون حتى ما هو الدواء والطبيب والمستشفى . ليبدأ الصراع مع الجوع والمرض، هذا الأخير الذي ينهك قواهم المعلولة سلفا، لتشتد عليهم الألأم وليعصرهم عصرا، إلى حين تتعب الروح من أجسادهم النحيفة لتفِرَ منها وهي تأبى فراقها، تتركهم وهي مضطرة لتحد من ألمهم ومن شكواهم التي لا تنتهي.

أما وإن أفلتوا من قبضة المرض والجوع، فحتما ستطالهم أيادي الإساءة والإستغلال الذي يمارس عليهم بشتى الوسائل والطرق ، هناك من يستغل الأطفال في أعمال المنزل، وفي الأعمال المتعبة والشاقة، ينظفون السيارت بدراهم معدودات، ويلمعون زجاج المحلات التجارية، ويبيعون الخبز، يشتغلون في مختلف المهن التي لا تذرّ غير التعب دون مقابل يستحق الذكر، والتي بالكاد تمنحهم رغيفا بطعم التجريح والاحتقار، ومنهم من يستغلونهم في التسول، والسرقة، والاحتيال على المارة، ومنهم من يستغلهم حتى جنسيا. منتهى الفضاعة والدناءة، يستغلون ضعف الآخرين لإشباع رغباتهم وشهواتهم الحيوانية. أتساءل بمرارة كيف سولت لكم أنفسهم أن يدوسوا بنعالهم المتسخة بحقارتهم، على كرامة أطفال وأرواح لا تعرف الشر، أ هكذا تتدخلون؟؟ أهكذا تقدمون لهم المساعدة؟؟ نحن نعيش في زمن الدناءة حقّا !!!

ومع كل هذا الضياع والشتات تزيد هشاشة وضعيتهم، ويزيد إضعاف نفسيتهم، فيسقطون في شباك الإدمان بشتّى أنواعه وعلى رأسه تعاطي المخدرات، وكذلك في شباك الدعارة خصوصا منهم المتشردات، لتعلن عن انهيار الطفولة والبراءة، وانكسار الأحلام وضياعها في عتمة الظلام.



#هناء_بنواحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - هناء بنواحي - الطفولة المنبوذة