أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - انوار طاهر - إشكالية الترجمة بين فلسفة البلاغة والسياسة














المزيد.....

إشكالية الترجمة بين فلسفة البلاغة والسياسة


انوار طاهر
باحثة


الحوار المتمدن-العدد: 5132 - 2016 / 4 / 13 - 22:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إشكالية الترجمة بين فلسفة البلاغة والسياسة

بقلم: أنوار طاهر*

يدعونا الواقع العربي اليوم وأكثر من أي وقت مضى، إلى البحث في قضية الترجمة ومساءلة طبيعتها اللغوية والمنطقية الإشكالية إلى حد كبير في خطابنا الفلسفي والثقافي على حد سواء. والذي يعكس بالضرورة المنحى العام للمشاريع المؤسساتية في الترجمة المطروحة في الوقت الراهن. فعلى الرغم من الارتفاع الواضح في نسبة المطبوع من النصوص المترجمة عن اللغات الأجنبية؛ ناهيك عن اختيار عناوين كتب ومؤلفات أحدثت خلال فترة إصدارها من القرن الماضي تحولات سياسية/وثقافية كبيرة شملت مجالات الفكر والحياة الإنسانية في آن واحد. إلا أنها وللأسف الشديد لم تُحدث في مقابل ذلك أدنى خلخلة في المنظومة اللغوية العربية المتطابقة مع ذاتها بشكل كلي.

وهذا بالضبط ما يستلزم منا طرح أكثر من سؤال حول المعنى المراد مؤسساتياً من فعل الترجمة خاصة؛ والمعنى الثقافي الذي يحيل له فعل الترجمة عامة؟ وهل هو معنى متعين داخل السياق التاريخي العربي المتحول أم يقع خارج منطق الصيرورة التاريخية منذ الأصل؟ هل يتلازم عندنا فعل الترجمة مع أفعال التفكير والتأويل والابتكار والتي يصاحبها بالضرورة حدوث منعرجات مفصلية في قواعد علم النحو وفلسفة البلاغة والمنطق؟ أم ما زال هناك حالة من العزلة والانفصال التام بين كل من: الترجمة وفلسفة البلاغة والخطاب الثقافي؟ وهل نتوفر على نظرية للترجمة تجمع بين الثقافة والسياسة، أم ما زالت الترجمة تحت وصاية الأنموذج التقليدي السلفي؟

تلك الأسئلة الإشكالية وغيرها تتيح لنا الكشف عن انطولوجيا الجوهر الأحادي/الخطاب الهوياتي الذي يتحكم في إنتاج انموذج محافظ ارثوذكسي يضمن إمكانية إعادة ولادة نسخ عديدة من هذا الأنموذج رغم ظهورها في عناوين والطبعات المختلفة. بعبارة أخرى، أن البرادايم المسيطِر في عملية الترجمة والذي أدى إلى نتائج وخيمة على كافة الأصعدة في واقعنا اليومي وخطابنا الثقافي، هو احد النتائج السلبية لأكثر الأخطاء الشائعة في الترجمات العربية والتي تتحول بدعم مؤسساتي قوي إلى واحدة من البديهيات والحقائق الصائبة صواباً مطلقاً لا يمكن الشك فيها وغير مقبول النقاش والسؤال عن مدى صحتها من خلال العودة إلى جينالوجيا تاريخ المفاهيم ومعرفة أصولها ومرجعياتها الأصيلة. فهناك الكثير من الأخطاء المتراكمة في اغلب النصوص المترجمة والتي ما زال لها عواقب وخيمة وكبيرة للغاية. أهم تلك الأخطاء هو الاقتصار على تبني المعنى الفرنسي لمصطلح الترجمة لتكون معادلة للخيانة [traduire=trahir=infidélité] وإهمال المعنى الآخر المشتق من اللغة اللاتينية حيث تكون الترجمة وفقا له معادلة للانكشاف [traduire=révéler=dévoilement]. وحسب المعنى الأول تكون العودة للتقليد بهدف المحافظة والامتثال لجميع مسلماته وحقائقه المطلقة والتقيد بها دون الحياد عنها قيد أنملة وهذا ما يمثل الاتجاه الفرنسي. أما المعنى الثاني فهو يسعى من خلال العودة إلى التقليد إلى إعادة التفكير بمجمل تاريخ الأفكار المتضمنة عليها الأبنية المنطقية واللغوية واللسانية بهدف تقديم قراءات وتأويلات جديدة تتوافق مع السياق الثقافي في كل حقبة تاريخية معينة. لذلك، لطالما أكد الفيلسوف هايدغر على أن الترجمة تعادل عملية ولادة فعل التفكير من جديد بإحداث تلك الصدمة مع ثقافة الآخر/مع منظومته اللغوية والدلالية والثقافية. بمعنى آخر، أن تأسيس نظرية جديدة في الترجمة يشكل مقدمة راديكالية أساسية في كل عملية تحول ضرورية سواء في المنظومة اللغوية والمنطقية والبلاغية والتي تتلازم مع إنتاج نظام من العلامات مختلف تماما عن البرادايم التقليدي السائد، وبالتالي سيؤدي إلى انبثاق إمكانية التفكير بعدما جرى وأدها بين ثنايا وطيات العقل العربي المأزوم منذ زمن بعيد.
وهنا، علينا أن نتوقف قليلا لنتساءل حول العوامل التي أدت إلى فرض انموذج هوياتي متطابق مع التقليد حيث تتصاعد خطابات الغلو والتطرف والسلفية في الترجمة والبحث والكتابة، لدرء أي محاولة تهدف إلى خيانة الموروث والحياد عن الحقائق المطلقة من خلال فتح باب القراءة والتأويل الذي لا يؤدي بالعقل العربي إلا إلى التهلكة؟ ولماذا لم تشكل المشاريع المؤسساتية في الترجمة العربية أي صدمة في العقل العربي تحفز فيه شرارة التفكير والسؤال والنقاش لننتقل من مرحلة المَوَات الإنساني إلى مرحلة اكتشاف الوجود الإنساني العربي الغائب والمغيب، هذا الوجود الذي لا يمكن له أن ينبثق حضورا فاعلا في المجتمع ومساهما في تشكيل خطاب سياسي ديمقراطي تعددي ما لم يتم تفعيل إعادة تشكيل المنظومة اللغوية والمنطقية والبلاغية من جهة؛ والقيّمية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية؟ ولماذا ثمة استبعاد وإقصاء لمجمل المحاولات الفردية التي تصب في هذا المسار النقدي الراديكالي، وثمة اهتمام ودعم مؤسساتي وبلا حدود لجميع الترجمات التي تتلاءم والتطلعات الأيديولوجية للأنموذج الهوياتي الأحادي المتطابق؟

يتضح إذن أن عملية الترجمة غير منفصلة عن السياق التاريخي وتشكيل الخطاب الثقافي وعن إعادة رسم خرائط لغوية ودلالية وذهنية وإدراكية واجتماعية جديدة، أي بناء تصورات ورؤى مغايرة للذات والآخر والعالم من حولنا. وهذا ما يتناقض تماما مع جميع الخطابات القيمية والأخلاقية والتربوية والتعليمية والجامعية والاجتماعية والثقافية والسياسية السائدة والمسيطرة حتى اللحظة الراهنة. إذن، كيف يمكن أن تنشأ نهضة ثقافية جديدة في عالم الترجمة تماثل البدايات الأولى لنهضة الخطاب الثقافي العربي في القرن الماضي؟



*باحثة ومترجمة من العراق-مختصة في الدراسات الفلسفية والحجاجية



#انوار_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة التعددية ونظرية البلاغة الجديدة
- في كينونة الوجود السيزيفي للمرأة
- فلسفة الحب: من التمركز الوضعي الى جدلية المنهج والنظرية والب ...
- نحو نظرية فلسفية في الحجاج
- فلسفة اللسانيات في الخطاب المادي
- إشكالية لسانيات الفلسفة في الخطاب المادي
- الفلسفة والبلاغة بين المنطق والجدل
- فلسفة الحجاج القانوني بين شمولية السلطة وعنف الأيديولوجيا
- الفلسفة والبلاغة من المنطق الى الجدل


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - انوار طاهر - إشكالية الترجمة بين فلسفة البلاغة والسياسة