انهيار جزر بنما

الرفيق عبدو المستعين

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 23:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لعل الجميع كان يعتقد بأن جمهورية بنما ما هي سوى مجموعة من الجزر القابعة في أمريكا الوسطى , و لكن ما نعيشه اليوم على وقع الانفجار المدوي نتيجة لتسريب مجموعة من الوثائق التي عرت عن سوءة مشاهير و قادة دول و مسئولين عبر العالم , أثبتت أن الأمر يتعلق بمحطة لتخزين الأموال المهربة و ليست محطة للاستجمام , المغرب بطبيعة الحال لم يصنف هذه المرة كبلد استثناء, ففي الوقت الذي تنهض الحكومة مشتكية من تهاطل الديون إضافة إلى الوضع المتأزم لقطاعات أساسية مثل التعليم و الصحة مما يجعلهما عرضة للخوصصة في ضرب واضح لأسمى الحقوق , إضافة إلى سؤال الملك حول الثروة , تخرج هذه الوثائق المسربة إلى العلن من حيث لا يعلم أحد معلنة على "جزء منفلت من ثروة المغاربة" , فالمعطيات تؤكد تواجد السكرتير الشخصي للملك محمد الماجيدي ضمن أسماء من قاموا بتهريب الأموال عبر "بساط علي بابا" بحيث أن الأرقام تتحدث عن ما يفوق 42 مليون دولار من الأموال المهربة إضافة إلى مجموعة من الملكيات و البواخر و الشقق تعود إلى الملك محمد السادس و التي من ضمنها يخت "البوغاز1" الذي تقدر قيمته بين 6 و 7 ملايين دولار , في ظل هذا السياق تنكشف الحقائق و تنهار جزر بنما بعدما لم تعد تتحمل ما دفن بها من أموال مهربة , ثروات تراكم على حساب جيوب المغاربة و لعل السياسات الحالية لمحكومة الواجهة مثل خطة التقاعد و محاولة خوصصة التعليم و المرسومين المشؤومين و هلم جرا من المخططات الطبقية التي تهدف إلى امتصاص دماء المغاربة لكي تنقل بعد تصريفها نقودا صوب "جزر بنما" .
اليوم كل المغاربة يقفون أمام الحقيقة المعروفة لدى الكل و لكن يتم تغييبها ليس من طرف إعلام المخزن فحسب , بل هي تشكل أيضا كابوسا يجوب في لاوعي غالبية المغاربة لأن قوة السياط و دوي الرصاص الذي حملناه منذ سنوات القمع و النفي لا زال قائما و هذا هو الخطير , الخطير ليس هو تهريب الأموال أمام مرأى و مسمع الجميع دون حسيب أو رقيب , بل مراقبة الوضع بدم بارد , اليوم تظهر مدى سلطة المؤسسات و القانون و استقلاليتهما , فمدى ربط المسؤولية بالمحاسبة يكون من البديهيات في مثل هذه اللحظات , لكن لا يمكن ل"الخماس" أن يحاسب "صاحب الضيعة" , فوزير العدل مصطفى الرميد يقول على أنه لا علم له بوثائق بنما و مدى الإجراءات القانونية المتخذة في هذا الصدد رغم أنه وزير (العدل) أما عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة فلا موقف له في الموضوع لأن ذلك بالنسبة لديه خروج عن الطاعة .
المهم في كل هذا , جزر بنما انهارت و انهيارها عجل باختلاط الحابل بالنابل , من جديد تطرح الإجابة حول "أين الثروة ؟" , ثروة المغاربة تهرب إلى أبعد الحدود بينما أصحابها الحقيقيون يعيشون أسوء مشاهد الذل و البؤس و التفقير و القمع , فإلى متى سيظل مهربوا أموالنا بدون حسيب أو رقيب , استقيظوا يا مغاربة و لا تناموا فما خسر إلا النوام.
عبد الله المستعين
الجديدة في 06/04/2016

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل