أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحلام أمازيغ /الجزائر - التقليد الأعمى















المزيد.....

التقليد الأعمى


أحلام أمازيغ /الجزائر

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 00:42
المحور: الادب والفن
    




في إحدى الأيام زارتني في بيتي صديقة أوروبية مع ابنتها ذات ستة سنوات، والتي جلبت معها بالون مكتوب عليه " أنا اشتراكي" ، فمازحت الطفلة وقلت لها: لم أكن أعلم أنك اشتراكية, فضحكت الِطفلة. ولكن الأم لم يعجبها كلامي كثيراً, وردت بلهجة فيها نوع من الجدية " لا !!.. ابنتي ليست اشتراكية " ، فقلت : " أعلم ذلك، طفلة في سنها لا يمكن أن تعلم ما معنى أن يكون الشخص اشتراكيا ". فردت مرة ثانية : " آسفة، قلتُ أنها ليست اشتراكية ، ولكن في الحقيقة لا أعلم إطلاقاً معنى كلمة اشتراكية " ... فشرحت لها بطريقة مبسطة عن مفهوم الاشتراكية .. وفي الآخر استنجت أنها حتى لم تكن تعلم أن هذه الكلمة هي مصطلح يخص السياسة والاقتصاد بالأساس... ولو قلت لها أن معنى كلمة اشتراكية مثلاً " مشاكسة، أو شريرة, أو حتى نحيفة مثلاً لصدقتني ....
- لا أخفي عليكم أن هذا الحوار القصير أدهشني جداً, فلقد علمت جيداً فقر هذه المرأة من الناحية الثقافية رغم سنوات الدراسة الطويلة ، ولكن بالرغم من نقص معلوماتها عن أشياء كثيرة, تبقى تصرفاتها كإنسانة "وبالأخص كفرد ينتمي إلى مجتمع أوروبي " ، جداً حضارية ... فبالرغم من نقص معلوماتها الثقافية فهي ممكن أن تمشي عشرات الأمتار لكي ترمي القمامة في أول كيس قمامة تجده في الشارع, ولا تراودها للحظة فكرة رميها على الأرض ، وأيضا تفهم وتتفهم بسهولة أن يكون لكل شخص الحق في اختيار عقيدته و حياته الجنسية. على عكس بعض مثقفينا وكتابنا الذين يصعب عليهم مثلا أن يفهموا أن يكون الشخص ملحدا أو مثليا مثلاً؟؟ ...
ـ نعم ...لم أكن أتوقع حين كنت أعيش في الجزائر أنه قد يوجد أوروبيون في مثل هذا المستوى الثقافي, ولكن بالمقابل وفي نفس الوقت تساءلت كيف لإنسان غير مثقف، لا يتجاوز تفكيره ما سيحضّره في الغداء والعشاء أو ما سيشتري لأبنائه من لباس, أن يكون حضارياً لدرجة تجعله يتقبل بطريقة عفوية أوتوماتيكية مسائل فكرية أو فلسفية " كالحرية الجنسية, وحرية اختيار العقيدة, وما إلى ذالك من مسائل عقائدية أو حتى اجتماعية أو الشخصية منها..


التقليد ك صيغة ضمنية, تحكم-وسيتحكم بالمجتمع ....
من خلال تجربتي الشخصية مع الأوروبيين استنتجت أنهم عموماً لا يختلفون عن كل شعوب العالم ولا يزيدون أو يقلون ذكاءً، وأي نظرية اجتماعية أو سياسية أو فلسفية تُطبق عليهم أيضاً ..فأغلب أفراد المجتمع هم تابعون وليسوا بمؤثرين أو حتى فعّالين.. هم تابعون فكرياً وثقافياً لنظام خًطط له أقلية ما " قوية بالضرورة " سواء كانت حاكمة أو معارضة ، سواء كانت سياسية أو دينية... وعقلية هذه الأقلية هي التي سطرت الخطوط العامة التي يجب أن يتبعها أفراد المجتمع في أغلب نواحي الحياة ...
- فأفراد المجتمع ومن دون أدنى تفكير يتفقون ضمنياً على أمور متوارثة مثل العادات والتقاليد والأمور الدينية, ولكي يتحقق هذا الاتفاق الضمني كان عليهم إتباع ما يُسمى بظاهرة " التقليد " ، أي أن أفراد المجتمع الذين يتسمون بالضعف, يجعلون من الأقلية القوية " إن كانت دينية أو سياسية " مثالاً يقتدي به في كل مجالات الحياة, منها الفكرية والثقافية, وحتى في أبسط الأشياء مثل المأكل والملبس والأمور اليومية والروتينة .....
" متى أصبح التقليد’ تقليداً أعمى وتجذر ليصبح عادة اجتماعية " ....
- بما أن التقليد يكون في الأغلب إرضاء للأقلية الحاكمة أو الطبقة المهابة بنوعيها السياسية والدينية, فيصبح أفراد المجتمع في تنافس ضمني على التقليد لإرضاء والتقرب أكثر فأكثر من الأقلية الأقوى التي تتحكم بها الطبقة الحاكمة، فينساق كل أفراد المجتمع وراء تطبيق أعمى لعادات والتقاليد والقوانين دون أن يتساءلوا مسبقاً عن مدى صوابها أو خطئها, أو مدى مواكبتها للتطور السريع الذي يحصل في المجتمعات، ومن كثرة التقليد الأعمى تنزلق الإيديولوجيات التي أنتجتها الأقلية إلى " لاوعي" المجتمعي ليصبح عادة ينتجها المجتمع, ويكررها الكل...فصديقتي الفقيرة ثقافياً من جهة, والمتحضرة في تصرفاتها اليومية, والمتحررة في فكرها من جهة أخرى. لم تتوصل إلى هذا المستوى من خلال جهد فكري, بل هي فقط نتاجاً واضحاً لظاهرة " التقليد " ...


" كل وعاء ينضح بما فيه "
- " على حسب تطور ووعي الأقلية المؤثرة ... سينتج مجتمع مؤثر به " ..
فيبقى السؤال من يجعل هذه الأقلية أو تلك الأقلية والتي تتسم بإيديولوجية محددة تملك القوة التي تُشرع حكمها ؟ هل نسقط من جديد في معضلة من الأول الدجاجة أم البيضة ؟ ولماذا تنزلق بعض المجتمعات لتتحول من متطورة إلى متخلفة أو عكس ذلك؟. ولماذا تموت الحضارات ؟. وهل ظاهرة التقليد تفقد تأثيرها بعدما تصل لأوجها وتصطدم بظاهرة الملل والروتين الذي هو عدو الأفراد و الإنسان عموما. أم أن نقطة تحول المجتمع تبدأ عندما يظهر أفراد يرفضون التقليد والانسياق, لينتجوا ظاهرة أخرى والتي تُسمى بالتحرر, سواء كان تحرراً إيجابيا أو سلبيا... ولكني أجزم أن عدد الأفراد المتحررين في كنف المجتمع قليلون جداً.. فما عليهم إلّا أن يؤثروا على أفراد المجتمع بظاهرة " التقليد " وأن يصبغوا معتقداتهم الجديدة بصبغة مقنعة, ليس بالضرورة أن تكون حقيقية, المهم أن تكون مقنعة, فيصبح تقليد أفراد المجتمع الجدد عادة في المجتمع. وان كان معتقدهم يحوي أسس دينية فهو ليس فقط عادة وتقليد وإنما فرض وواجب, وهنا يبدأ التغير المجتمعي وممكن أن يبدأ سقوطاً نحو التقوقع أكثر ف أكثر. أو انفتاحا نحو مجتمعات أخرى... فمثلا ممكن أن يفعل هذا مثلاً الملحدون العرب ، فبالرغم من قلتهم إلا أنهم يملكون قوة الأفكار والتي يمكن أن تؤثر في الأغلبية لتصبح الأفكار الإلحادية موضة وعادة حميدة يقتدي بها الناس مثلاً...
" في الختام نقول ....
التقليد بالنهاية هو تقليد أعمى إن كان ايجابيا أو سلبياً.. وأفراد المجتمع أو السواد الأعظم منه لا يفكر ولا يبذلون جهد, وإنما يأخذون التقليد وسيلة " دون التفكير في مضمونه أن كان صحيح أو خطاً " وهنا تصبح الحضارة و الانفتاح بالوراثة نتيجة التقليد ... والتقوقع والانغلاق أيضاً بالوراثة نتيجة التقليد .....



#أحلام_أمازيغ_/الجزائر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحلام أمازيغ /الجزائر - التقليد الأعمى