|
الكائن الداعشي يلتهم جسد مضيفه الحنون
مثال فهد
الحوار المتمدن-العدد: 5113 - 2016 / 3 / 26 - 04:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من منا لا يعرف البواكير الأولى لضهور داعش قبل أن تكتسب اسمها الحالي الذي هو اختصار لإسم التنظيم الإرهابي (الدولة الإسلامية في العراق و الشام) ؟
من كان يتابع قناة الرافدين العراقية المعارضة ذات النزعة الجهادية يعرف جيدا ماكان يسمى بقوات المقاومة العراقية المتمركزة في المنطقة الوسطى و الغربية و المتخذة من (الفلوجة) عاصمة لتلك التنظيمات المتطرفة ، و التي انبثقت عنها الدولة الإسلامية في "العراق" فقط ، و كيف كانت تلك القناة تغطي عمليات التفخيخ و التفجير و سائر الفعاليات الارهابية ، في حين تتعالى صيحات (الله اكبر) بمرافقة تلك الفيديوهات الدموية المرعبة.
الكل يعرف بأن هذا التنظيم نشأ و ترعرع في الأراضي السورية و برعاية حكومتها التي قدمت له كل مقومات وجوده من تمويل و تسليح و تدريب على ارضها و أمنت له سهولة العبور الى الداخل العراقي بكل يسر عبر حدودها البرية مع العراق لتنفيذ العمليات الإرهابية و من ثم العودة الى الداخل السوري لمواصلة التدريب و التعليم الديني المتطرف ذو النزعة الجهادية . القيادة السورية التي استقبلت البعثيين العراقيين الذين شكلوا النواة الأولى لداعش و استقدمت المتطرفين من كافة الجنسيات الى اراضيها و بالتعاون مع تركيا _الحليف المفضل و المقرب للنظام السوري آنذاك_ بغية إرسالهم الى العراق محملين بأطنان من المتفجرات و اصناف العتاد و الأسلحة التي حصدت مئات الآلاف من ارواح الابرياء من أجل زعزعة الأمن و افشال التجربة الديمقراطية الوليدة و إحباط المواطن العراقي و انحسار ثقته بتلك التجربته البكر التي لم يعهدها من قبل ، و بالتالي تذمر هذا المواطن من أداء مؤسسات الدولة الغير قادرة على حمايته و سخطه عليها وصولاً الى الهدف المبتغى وهو الحنين الى المؤسسات القمعية الصدامية البعثية المقيتة التي ـ رغم مغامراتنا الرعناء ـ كانت توفر له نوع من الاستقرار الأمني الركيك ... كان هذا رهان البعثيين و السلفيين معاً ـ فالإثنان وجهان لعملة واحدة ـ معتقدين إن سخط المواطن العراقي على مؤسسات دولته الجديدة سيدفعه الى إعطاء صوته الإنتخابي الى بعثيين جدد ظهروا على الساحات العراقية بثياب مختلفة ( علمانية ـ دينية ـ قومية ـ عشائرية ).
إنطلت اللعبة على العراقيين بفعل التجييش الطائفي و التراكمات القبلية و بعض رواسب غسيل الدماغ التسلطي الذي مارسه النظام المقبور على ادمغتهم لأكثر من ثلاثين عاما , و لكن رغم ذلك لم يحصل البعثيون و حلفاؤهم السلفيون إلا على فتات الموائد الانتخابية " مقعد او مقعدين كركيزة لعرقلة المشاريع التنموية و اثارة الغوغاء في البرلمان "
في حين بقي الجانب السوري ممسكاً بالعصا من منتصفها _ دعم المتطرفين من جانب , و توطيد العلاقات الرسمية مع العراق من جانب آخر _ و هو المستفيد من الجهتين بإزدياد المساعدات و الهبات الدولية له على اعتباره المضيف لأكبر عدد من النازحين العراقيين الهاربين من شبح الإرهاب الذي بدأ يتنامى في الداخل العراقي من جانب ، و تدفق أموال السياحة و التجارة و حتى أموال (الحواسم) التي نقلها البعثيون العراقيون معهم الى سوريا من جانب آخر.
المشهد كان شاذآ و غير مسبوق ، فقد كانت الخزينة السورية تمتص أموال العراق لتمول الجماعات المتطرفة التي تقتل العراقيين.
و في تطور مفاجيء و غير متوقع بدأ خطر تلك الجماعات يتعاظم و يهدد الداخل السوري مع أول شرارة لما يسمى بالربيع العربي ذو الطابع السلفي المتطرف و المدعوم من حلفاء النظام السوري (تركيا _ قطر _ السعودية ) ... أفقدت الصدمة النظام السوري توازنه ، و شلت جميع أطرافه الاخطبوطية التي كانت تعبث بأمن المنطقة.
و بالتزامن مع ازدياد قوة وحرفية الجيش العراقي و قواه الأمنية التي استطاعت ان تكبح جماح الإرهاب في البلد و تحكم سيطرتها على الحدود العراقية السورية مما أدى الى تقلص نفوذ الجماعات المتطرفة ضمن جيوب ضيقة داخل محافظتي الأنبار و تكريت و فقدانها لسبل التواصل مع عمقها البعثي في سوريا إنقلب السحر على الساحر و نهش الوحش الداعشي اليد التي اطعمته لسنين و بدأ بالتهام مضيفه السوري ، بالتأكيد كانت مهمته في سوريا اكثر يسراً وديناميكية ، فالسنوات التي قضاها في سوريا اكسبته خبرة كبيرة بجغرافية البلد ، مما وفر له فرصة اكبر للتوسع الأفقي و قضم مساحات واسعة من الأرض و بسط سيطرته عليها .. فارتفع سقف أحلامه و طموحاته في توسيع حدود دولته فغير اسمه من "الدولة الإسلامية في العراق" الى الدولة الإسلامية في العراق و الشام (داعش) .
#مثال_فهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصهيونية .. إتهام أم مديح ؟
المزيد.....
-
نتنياهو: السلطة الفلسطينية لن تحكم غزة.. وأمريكا: إسرائيل يم
...
-
مكذبة نتنياهو.. هيئة البث الإسرائيلية تنفي -محاصرة منزل السن
...
-
التكتل الأوروبي.. ثمن دعم إسرائيل المطلق
-
المدفعية الروسية.. غطاء ناري يؤمن القوات
-
انتهاء المحادثات بين بوتين وبن سلمان بعد أن استمرت لأكثر من
...
-
البيت الأبيض لا يستبعد اندلاع مواجهة بين القوات الأمريكية وا
...
-
بوتين: العلاقة مع الرياض تطورت بشكل كبير
-
بايدن: الجمهوريون يطلقون النار على ركبة أوكرانيا في ساحة الم
...
-
تأثر الحركة التجارية سلبا جنوب لبنان
-
شاهد: تداعيات فيضانات الصومال الكارثية
المزيد.....
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو جبريل
-
كتاب مصر بين الأصولية والعلمانية
/ عبدالجواد سيد
-
العدد 55 من «كراسات ملف»: « المسألة اليهودية ونشوء الصهيونية
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الموسيقى والسياسة: لغة الموسيقى - بين التعبير الموضوعي والوا
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
العدد السادس من مجلة التحالف
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
السودان .. أبعاد الأزمة الراهنة وجذورها العميقة
/ فيصل علوش
-
القومية العربية من التكوين إلى الثورة
/ حسن خليل غريب
-
سيمون دو بوفوار - ديبرا بيرجوفن وميجان بيرك
/ ليزا سعيد أبوزيد
-
: رؤية مستقبلية :: حول واقع وأفاق تطور المجتمع والاقتصاد الو
...
/ نجم الدليمي
-
یومیات وأحداث 31 آب 1996 في اربيل
/ دلشاد خدر
المزيد.....
|