أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مينا يسري - اغتصاب !














المزيد.....

اغتصاب !


مينا يسري

الحوار المتمدن-العدد: 5113 - 2016 / 3 / 25 - 08:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كنت بصدد مشاهدة فيلم وأثار مشهد اغتصاب في هذا الفيلم مخيلتي ، الأمر غير مُقتصر على الاغتصاب الجسدي ، هناك اغتصاب نفسي جروحه أعمق واقوي ، فكرة الاغتصاب هذه جعلتني أتخيل شكل الاغتصاب النفسي والفكري الذي يمكن أن يحدث دون ملامسه جسديه بين المعتدي والضحية

يمكن للاغتصاب أن يكون سلوكاً يومياً ، الاغتصاب في الشرق هنا هو من طبائع الأمور وبديهيات المجتمع ، دائماً تشعر أن هناك شيء كان من حقك فقدته ، دائماً تشعر انك سُلبت وجرى الاعتداء عليك ، تم سرقة حياتك وأرادتك بالكامل ، حتى بات الاعتداء من السلوكيات اليومية المعتادة بالرغم من الوحشية الغير مرئية لذلك الفعل ، ما الذي يجعل هذا الاغتصاب غير مرئي ؟
لا يمكننا الجدال حول أن هناك حقيقة مطلقة وهي سيطرة الأفكار المتطرفة و التقاليد الحيوانية ، على سبيل المثال الزواج التقليدي هنا هو اغتصاب كامل للإرادة والحرية والقدرة على الاختيار ولكنه اغتصاب قانوني ، التطرف في كل مكان حولك ولكنه مقنع أو يحتمي في ظل القانون –إن لم يكن القانون نفسه متطرف ، يغتصب التطرف أفكار المولودين حديثاً منذ لحظة الميلاد حتى يموتوا ، هي عملية مستمرة ، أنظر من نافذتك ،هناك ستلاحظ نوعاً ما مؤسسات مكافحة الثقافة ، هم يكرهونني وأنا اكرههم ، انظر إلى حياتك ، كل شيء حولك يقوم بإرهابك للقيام بأشياء لا تريد أن تفعلها لو تم تركك لحالك ، تلك المؤسسات تقول لك لا تفكر في شيء ما لأن الله سيحرقك في النار ، النظام يقول لك لا تعارض حتى لا يقوم بسجنك ، أسرتك تجبرك على الخضوع للمؤسستين ، الاغتصاب الحقيقي وهو بحسب الباحث النفسي والفيلسوف جيجيك اغتصاب العقل الباطن للإنسان ، كل الترسبات التي تضعها تلك المؤسسات في عقلك منذ الصغر تتشبث بعقلك الباطن بحيث من الصعب جداً التخلي عنها أو حتى إدراك سخافتها وعدم منطقيتها ، ذلك الأسلوب المتبع يجعل الاغتصاب نفسه من المقدسات ، بل والمغتصبُون أنفسهم يصبحون شركاء في الجريمة بالخضوع التام وعدم بذل أي مجهود نحو الحرية ، لذلك فإن الحرية شيء مؤلم للغاية

أنت يتم اغتصابك بشكل يومي ، يتم زرع مفاهيم مشوهه ، أفكار تالفة ، تجعل من عقلك غنمة يسوقها أي نوع من الهراء ، المؤسسة تقوم باغتصابك والمجتمع يقوم باغتصابك ، ودون أي مقدمات يبتسمون ابتسامة بريئة على وجهوهم ، يصدمني الإذلال والخضوع للضحايا بقدر ما يصدمني المعتدين علي حريتنا الفكرية ، أمر الاغتصاب ليس بتلك البساطة أطلاقاً ، مجرد أن أثير خيالك وأستخدمه للتحكم في قدر المعلومات التي تدخل إلى عقلك وكيفية دخولها أمر وحشي ، وبالطبع معظم تلك الأشياء يكون وهماً على سبيل المثال لا الحصر فكرة اللعب على أوتار الوطنية بداخل أي إنسان لتبرير أفعال النظام القمعي والفاسد ، أنت تتفاعل مع أغنية وطنيه والشعارات الرنانة والأفلام تجعلك تكون فدائياً ومستعداً لفعل أي شيء يأمرك به النظام ومستعد لتصديق كل ما يقوله النظام ، الغرض هنا هو الولاء المطلق للنظام ، الولاء المطلق لأي شخص يتولى زمام النظام ، ذلك الولاء المطلق والأعمى يجعلك ضحية سهله للاغتصاب النفسي والفكري ، بل أنك قد يصل بك الأمر للمطالبة باغتصابك ! فلدينا لينين حين تولى الحكم في روسيا أدرك قيمة وقوة السينما في التأثير على الناس ، فقام بتأميم صناعة السينما وقام بفتح ورش لتدريس السينما بطريقة منهجية ، حينها ازدهرت صناعة السينما ، كانت السينما تلهب حماس الشعب وتلعب على أوتار الوطنية وتبث بداخلهم مفاهيم الاشتراكية والثورة البلشفية ، كان الناس على استعداد أن يقوموا بعمليات انتحارية لو طلب ذلك النظام منهم ، بالرغم من الفقر الاقتصادي وتدني مستوى المعيشة ، ذلك المثال يمكن قياس كل شيء حولك على أساسه ، هناك الكثير من المؤسسات التي تغتصب عقلك وتقيده ، للدرجة التي لا تستطيع حتى مجرد التشكيك في أفكارهم ، أريد أن أقول لك شيئاً ، هؤلاء الناس سيقتلونك بعد أن يسلبوك كل شيء و يستولوا على أموالك وجهدك البدني و ولائك وطاعتك ويطوعوا ذكائك لمصلحتهم

بعد أن يغتصب المُعتدي ضحيته يلقي بها في صندوق القمامة ، هذا ما يحدث ، أنت الآن ضحية للوحشية ، هناك سبب وراء توجيه الأعلام ورجال الدين ورجال النظام للشعب بأي طريقة كانت ، ذلك السبب أن بحثت جيداً ستجد أنه عبارة عن بناء وصناعة سلوك غير عقلاني للاستسلام للسلطة ، حتى تلك القصاصات والأخبار التافهة والغير مفيدة فهي أسلوب من أساليب الإلهاء فإذ لم تهتم بها على الأقل ستضحك على سخافتها وهذا أسلوب مُتبع حتى لا تلتفت للأشياء الأكثر أهمية ، وهو انه يتم اغتصابك بشكل يومي



#مينا_يسري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرض الأبتذال العالمي
- مصر تحتاج لثورة جنسية
- امنح نفسك حلماً ..


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مينا يسري - اغتصاب !