الجزء الثاني من شرح الذرة

حسن محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 16:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

سنكمل ما تبقى من علم الذرة .
كما عرفنا سابقا بأن الموجات الضوئية لها عدة ذبذبات وترددات وطول موجات .
كلما طالت الموجة وقل ترددها إذن ستكون غير مؤذية للإنسان مثل موجات الراديو و والموجات الصغيرة(micro waves)، والعكس ايضا صحيح مثل موجات الغاما (gama waves) وموجات السينية (x ray waves).

في عام 1890 اكتشفت عالمة اعتبرها من أسمى العلماء لانها حرفيا ضحت بحياتها من اجلنا ومن اجل فائدة البشرية جمعاء.
ماري كوري اكتشفت الاشعاع النووي ولم تعلم آنذاك مدى خطورة هذا الشعاع ،اكتشفته عن طريق الصدفة عند دراستها لمعدن كان يشع دائما وعلى الدوام ولذلك اطلقت عليه اسم راديوم. ( نابع من اصل اسم الفعل للشعاع radiation)
ولاحظت بأن هذا المعدن يطلق الكتروناته على الدوام مثل الرشاش المستمر الى الأبد،ذلك ادى الى اكتشاف الاشعاع السيني الذي نستخدمه حاليا في المستشفيات لنرى احشائنا وما بداخلنا بفضل عالم الماني اسمه رونتجن في عام 1896 وبنفس العام اكتشفوا معدن اليورانيوم.
ومن الجدير بالذكر بان ماري كوري عند اكتشافها للراديوم لاحظت وجود كمية هائلة من الطاقة داخله ،بحيث غرام واحد من الراديوم يعادل بطاقته مئة طن من الفحم .
ذكرنا سابقا بان اينستاين كتب ورقته عام 1905 واثبت من خلالها وجود الذرة كحقيقة علمية وليس فرضية لكنه للاسف لم يتوقع امران .
الاول كان يعد كتابته للورقه بثمانية اشهر انتحر العالم بولتزمان لعجزه عن اقناع العالم بوجود الذرة وايضا لعجزه عن اثباتها وايضا لتلقيبه بالمادي وتكفيره من قبل كنيسته .
والثاني الامر الذي شكك اينستاين بعض الشئ وهو بأنه واجه صمت قاتل من قبل العالم العلمي ،لا نقد ولا حتى تشجيع ولا نشر ايضا من اي صحيفة او مجلة علمية .
وبعد مرور ثمانية اشهر تقريبا وقع الحظ لجانب لاينستاين بسبب ماكس بلانك الذي قرأ ورقته واعتبرها ثورية واثارت فضوله العلمي ونشرها في مجلته العلمية والتي رفعت اسم اينستاين الى ما نراه اليوم .
علم الذرة اتولد واصبح الان ليس محض الفرضية بل حقيقة لا ينكرها احد ،فبدأت الدراسات تتعمق بالذرة لكي تشرحها بأفضل واحسن طريقة .
في عام1909 بدأ العالم روذرفورد بقيام تجربة وهي محاولة منه لقياس حجم الذرة الحقيقي .
التجربة بسيطة للغاية وهي عبارة عن ورقة من الذهب لا يتجاوز سمكها سوى بعض مئات الذرات ويطلق عليها الكترونات من الراديوم(تسمى جسيمات الفا) الذي يشعه باستمرار ووراء الورقة توجد لوحة تقيس مدى انحراف الالكترون الذي قد يضرب نواة الذرة .
التجربة استمرت لثلاثة اسابيع ولم يرى اي شئ سوى انحراف جدا طفيف ولا شئ بعتبر جدير بذكره او نشره علميا.فاخبر مساعديه بان يضعوا لوحه القياس ليس خلف الورقة بل امامها ،عسى ولعلى سيرى انعكاس للذرة .
وبالضبط توقعه كان صائبا وبمحله انعكس الكترون واحد من كل ثمانية الاف الكترون ومن ذلك استخلص بان الذرة معظمها واغلبيتها فراغ تام .وبأن الالكترون يسرح ويمرح بعيد كل البعد عن النواة للذرة .
مثال بسيط
إذا كان حجم نواة الذرة بقدر كرة قدم اذن الالكترون يسبح بما لا يقل عن ثلاثة ونصف كيلومتر بعد من النواة .
واستخلص من ذلك بعد سنة كاملة من بحث ودراسات بان الذرة صغيرة جدا جدا جدا وحجمها يعتبر واحد من الف مليار من المتر الواحد ومنها نبعت الرسومات المعتادة للذرة مثل المجموعة الشمسية وهي بأن النواة هي الشمس ‫-;-#‏موجبة_الإشارة‬-;- والالكترونات هي الكواكب ‫-;-#‏سالبة_الإشارة‬-;- وقدر بان حجم النواة للذرة اصغر من الذرة ذاتها بحوالي عشرة الاف مرة .
بالطبع هذا اثار تساؤلات منها
إذا الذرة معضمها واغلبيتها فراغ اذن لماذا لا تنفقع داخليا على نفسها ?
ولماذا الالكترونات تتحدي الجاذبية بالبقاء بمدار واحد وكيف لها طاقة غير محدودة ولا متناهية بسبب دورانها المستمر حول الذرة ?
ثم اتى بور واعجب بعمل روذرفورد وحاول شرح الذرة ليس كوصف روذرفورد بل وصفها بوصف لا يستطيع اي عقل ان يستقبل الفكرة دون ظهور علامة استفهام على رأسه ،حتى هو بنفسه قال
إن كنت تعتقد بأنك ‫-;-#‏فهمت‬-;- القفزات الكوانتية للالكترونات !! إذن انت لم تفهم شيئا قطا .
بور وصف الذرة ليس كمجموعة شمسية بل كبناية (عمارة) والطابق السفلي أي الارضي هو النواة والطوابق فوقها هي الالكترونات وشرح بأن الالكترونات مثل كوانتات بلانك لا تستطيع ان تكون بين الطوابق بل لا بد ان تكون بطابق .
وشرح ايضا القفزات ومفعولها للالكترونان وهي إذا الالكترون قفز قفزة صغيرة من طابق الثاني للاول سيعطي ضوئا او اشعاعا احمر وإذا قفز قفزة كبيرة مثلا من التاسع الى الثالث سيعطي اشعاعا ازرق .
ونجح بذلك في عام 1913 بشرح الطيف الضوئي للمعادن وخاصتا الهيدروجين ،المعضلة التي لم يجيب عليها احد طيلة قرن وعشرين سنة تقريبا .
بالطبع القفزات الالكترونية كان اينستاين من اول معارضيها والسبب هو بور يقر بانك لا تستطيع مشاهدة القفزات بعينك ولا توجد تجربة آنذاك لاثبات ذاك ولكنه ايضا يقر بحذاقته بانك صحيح لا تستطيع رؤيتها لكن هذا لا يمنع من حدوثها ووجودها .
ومن خلال قوانين بور ظهر أحد طلبته(فولفغانغ باولي) بقانون سمي بمبدأ الاستبعاد .
وهو لماذا توجد كل هذه الانواع من المادة ولماذا تختلف عن بعضها البعض رغم تقاربها الذري ?
مثلا الذهب يحمل 79 الكترون والزئبق يحمل 80 الكترون ، وتساءله كان لماذا بفرق الكترون واحد تتغير المادة جذريا مثلا الذهب صلب وغير سام بينما الزئبق سام وسائل !
ومنها اتى بقانونه .
وهو بما ان العمارة لها طوابق للالكترونات اذن كل طابق له عدد مخصص للالكترونات ولا يمكننا زيادته واضاف إن اردنا اضافة الكترون اضافي إذن لا بد من تكوين طابق جديد مستقل بذاته ليسبح به الالكترون وبذلك سيتغير شكل الذرة جذريا .
وبذلك شرح تعدد المعادن أي ‫-;-#‏العناصر‬-;- وفرقها عن بعضها البعض .
والكل كان معجبا في ذلك الوقت بالاشعاع النووي واستخدموه حتى في مواد التجميل كالمكياج وصابون الحلاقة للرجال .
وفي عام 1919 اكتشف روذرفورد بان الاشعاع النووي هو مجرد تصدئ للمعدن ،من خلال تجربة بديهية جدا بسيطة .وضع الراديوم داخل قنينة زجاج مغلقة ولاجظ بعد مرور مدة من خلال قياساته لمحتويات الهواء داخلها وجد غاز الهيدروجين وهذا شبه المستحيل لان هوائنا تقريبا واغلبيتا لا يحتوي الا على كمية جدا ضئيلة .
بعد ذلك قام بتوجيه الاشعاع النووي على النيتروجين بعتبار هواءنا يحتويه بنسبه ثمانين في المئة ،ولاحظ تغير الغاز وانفصاله الى غازين الاوكسجين والهيدروجين .وبذلك نجح بتغيير عنصر واحد الى عنصرين مختلفة تماما .
عند اكتشافه ذلك قرر بالدخول الى تفاصيل النواة لانه كان يعتقد بان النواة هي المفعول والعامل الرئيسي لتغير العناصر واسمى النواة بالبروتون وهي كلمة اغريقية قديمة تعني ‫-;-#‏الأول‬-;- .
واحد طلاب روذرفورد استطاع بناء تجربة نستطيع من خلالها وزن الذرة ولاحظ وجود وزن مفقود في الذرة ما عدا الهيدروجين !!!
فأقر بأن وزن النواة لا يد ان يكون ضعف ما توقعه روذرفورد واستمرت هذه المعضلة بدون اجابة لمدة 12 سنة الى يأتي مجددا احد طلاب روذرفورد اسمه جيمس چادويك ووفر تجربة اظهر من خلالها وجود عنصر آخر في النواة لكنه بما انه لا يعطي أي اشارة أي محايد فاطلق عليه اسم نيوترون النابع من اسم المحايد باللغة الانغليزية (neutral) .

سنكمل غدا بهذا الموضوع العميق .

ولكم كل الحب والاحترام والتقدير

#حسن_محمد_البدري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات