أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - احمد جميل برهان - المرأة التي فاقت الرجال














المزيد.....

المرأة التي فاقت الرجال


احمد جميل برهان

الحوار المتمدن-العدد: 5096 - 2016 / 3 / 7 - 15:55
المحور: سيرة ذاتية
    


" المرأة التي فاقت الرجال "

عيد المرأة

ولدت هذه المرأة في 2 / 3 / 1973 , وولدتني في 18 / 1 / 1993 , مُذ فتحت عينٌي وجدتها الى جانبي ومن أجلي والى اليوم هي الى جانبي ومن أجلي , فتحت عينيٌ فوجدتها " تُلظم " الابرة على ضوء " لالة " من أجل أن تُخيط عباءة لاحدى النساء , فتحت عيني فوجدت قدميها لا يكفان عن الحركة التي تجعل ماكنة الخياطة تدور وتدور وتدور وتدور ولا تتوقف الا بعد غروب الشمس لتبدأ بخياطة العباءة بيدها , فتحت عينيٌ فوجدتها تشتري لي ملابس تارة وتُخيط لي أخرى تارةً أخرى , فتحت عينيٌ وهي تضع لي " لفتي و مطارتي " في حقيبتي وتوصلني بنفسها الى المدرسة , فتحت عيني فوجدت ذلك الرجل الذي اضناه التعب حتى وقع طريح الفراش وهو يمتدح ويترحم على البطن التي حملت هذه المرأة , في تاريخ 1 / 1 / 2003 غادرني ذلك الاب الذي لم أتعلم منه وأحفظ له سوى الكثير دارميات والكثير من المواقف التي مرت في حياته وبضعة نصائح , لم ولن أنسى كيف كان يدعو لي من أجلها , مُذ فتحت عيني ورحى الوضع المادي تدور وماكنة الخياطة تدور , كلما كبرتُ كلما ازداد دوران تلك الماكنة , كلما نجحتُ من مرحلة دراسية كلما نجحت بشراء ماكنة جديدة تواكب الضرورة , كلما فكرت كيف أنجح كلما فكرت هي كيف تُزيد من مصروفي ومن ملابسي , لن أتحدث عن أيام المرض وكيف تجلس عند رأسي طيلة الليل كون جميع الامهات يقومن بذلك ولكن ما قامت به أمي يختلف وشيء نادر , كبرت وووصلت وأصبحت وحققت ما لم يحققه اقراني لا بل حققت ما لم يحققه من هو في عقده الرابع , وهي بجانبي وهي تُشجعني وهي تُذكرني بأنني أبن " الاكحيلة " , ولن أنسى ذلك اليوم الذي سمعتُ به جملة وجهت لي " تربات مرة " لن أخفي من قال لي ذلك , نعم أنه " أخي غير الشقيق " الذي يبلغ من العمر أكبر مما تبلغ أمي , أخبرتها بذلك فتبسمت وقالت " سوف نرى ما ربتهُ النساء وما رباه الرجال " , ولا داعي لأن اذكر ما من ربى فأحس التربية .
تعلمت أن اقرأ الكتب لا بل اصبحت جزء من جسدي , تُنهرني عن قراءة الكتب ثم تمدني بالمال لشرائها ثم تأخذ عهداً على نفسها بألا تجعلني اشتري كتاب مجدداً ولكنها تعطيني ما يكفي لشراء كتابين أو اكثر , لن أنسى كيف كانت تخاف علي وعلى صحتي عندما أعمل كوني قد جربت الكثير من الاعمال " حمال , سايق , عامل , ....... الخ " , تفرح بي عندما أعمل وتحزن حينما انام مبكراً بسبب التعب والاجهاد .
في يوم من الايام كان يستوجب حضوري وأياه الى المحكمة من أجل حجاية وصاية وولاية علي كونها الولي علي , رأت مجموعة من المحامين الشباب المتخرجون حديثاً فقالت " أريدك أن تصبح مثلهم " فأخبرتها بأنني أريد أن اصبح مثل ذلك الرجل وأشرت له بأصبعي , ذلك الرجل الذي تلمع النجمتين على متنه , ولكن سرعان ما أعدلت عن ذلك وأجتهدت في سبيل أن أدخل كلية القانون , ووصلت لما أرادته كونها حققت لي كل ما أريده , في عمر التاسعة عشر بدأت في تقديم البرامج السياسية والاجتماعية والثقافية في احدى الاذاعات كوني أمتلك من الوعي وسرعة البديهة والثقافة كما ‏يُقال لي , رفعت رأسها بي وتفاخرت ولن أنسى كيف كانت تنتظرني لتسمعني , وكيف كانت تقبلني عند رجوعي الى البيت , بدأت أكتب في أحدى الصحف لن أنسى كيف كانت تجبرني على المجيء لها بنسخة من الصحيفة لتجمع مقالاتي في صندوق صغير , في حفل تخرجي من كلية القانون كُنت عريف الحقل فأمتنعت على أن يُسلم درع تخرجي لي من قبل أحد وأخترت أن تُسلمه لي هذه المرأة , هذه المرأة التي " ضحت بشبابها " من أجلي وأخواتي الصغار , هذه المرأة التي ذكرت من قال لي " تربات مرة " بأنه لم يُربي كما ربتني , ولكن لم النكران ولَم الكره لجملة " تربات مرة " ومن ربتني مرأة نعم نعم قد ربتني أمرأة نعم أمرأة من ربتني , ربتني أمرأة لم تُربي الرجال مثل تربيتها , بالامس اغاظني ذلك واليوم يفرحني , أمرأة جعلت مني أعلامي ومُحامي جعلت مني شخص قد ترك بصمته في كل شيء .
كل عام وأنتِ امرأة فاقت ولا تزال تفوق الرجال بل تفوقينني بألف مرة ومرة , أتمنى أن أكون رجُلاً مثلكِ .



#احمد_جميل_برهان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بشر للبيع
- على قدر الوعي تكون النتائج
- جنس لوجه الله
- الجينة الغبية
- مجاملة عشائرية


المزيد.....




- هل ترامب لا يزال يدعم أحمد الشرع بعد أحداث السويداء؟.. ما رد ...
- العشائر تعلن النفير العام..وفيديوهات لقوات تتجه إلى السويداء ...
- السويداء.. -اختبار حاسم- لمستقبل الدولة السورية
- رئيس البرازيل: تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية -ابتزاز مرفوض- ...
- ما هي الحالة الصحية لترامب بعد ظهور تورم في ساقيه وكدمات في ...
- فرنسا - السنغال: نهاية الوجود الفرنسي في أفريقيا؟
- 32 منظمة وجمعية تطالب بوقف تجريم وعرقلة أنشطة البحث والإنقاذ ...
- فرنسا: اللبناني جورج عبدالله يرى أن التعبئة الشعبية كانت حاس ...
- الرئاسة السورية تصدر بيانا عن -خرق جماعات مسلحة لوقف إطلاق ا ...
- نتنياهو يؤكد إستراتيجية إسرائيل القائمة على -القوة- لتكريس ه ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - احمد جميل برهان - المرأة التي فاقت الرجال