أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد صالح الطحيني - مقتل هابيل














المزيد.....

مقتل هابيل


محمد صالح الطحيني

الحوار المتمدن-العدد: 5087 - 2016 / 2 / 27 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


يد على الزناد وأخرى تضغط بشدة على جرح محاولة بإعياء إيقاف سيل ينفجر بركان أحمر.. رغم حشرجة الموت في صدره ورغم أنفاسه المتقطعة كان صوته قوياً وحازماً بل كان تلك الليلة صارماً أكثر مما ألفناه.
يجب أن تتفرقوا الآن.. استطيع تغطية الانسحاب وحدي.. من الأفضل ألا تلتقوا هذه الأيام لا بد أن معلومات كثيرة قد وصلت إليهم، اعتنوا بأنفسكم.
البرق يشق دجى الظلام ويكشف عن موت.. موت اسود رهيب يتردد صداه الذي لا يسمع لا يسمعه سوى الذين يصدرونه.. أشلاء مرمية هنا وهناك، دماء داكنة حارة تهب منها رائحة الموت والدمار، رائحة البارود تنبعث من جميع الاتجاهات، إن لعنة الإله الصامتة ألقيت لتبعث أصل الحياة إلى العدم، من بين تلك الأشلاء خرجت متلفحة بوشاح أبيض كانت مهابة الآلهة تتربع على محياها وكان وجهها يشرق بنور غريب يبدد تلك الظلمة القاتلة، سارت بخطا وئيدة متعبة قاصدة ذلك الجبل الذي كان يلقي بظلاله الكثيفة ليزيد المكان رهبة وسكون، أخيراً وصلت على قمة ذلك الجبل ورفعت أيديها مناجية ابنها ذلك المخلوق المشوه.... بني:
لما فعلتَ بي ذلك؟ ما الذنب الذي اقترفته لاستحق كل هذا.. أخاك لقد حرمتني منه مرتين مرة صلب أمام عينيك، كانت دماءه الذكية الطاهرة تعمد أعماق أرضنا الطبية، كان أملي عندها أن دماءه ستسقي تلك الأرض لتنبت غراس طيبة تتفيء بظلها الأجيال القادمة، أما أنفاسه الآلهية فكنت أتمنى أن تبدد عفن واقع كنا نعيشه لتحل محله أطيب أنسام يستنشقها جيل آتٍ يأخذ الثأر لدمه.
في المرة الثانية أحرق على مذابحك المقدسة قدم قرباناً لك قطعت أشلائه أمام عينيك وأحرقت لتكحل عينيك برمادها، هذه المرة قررت الصوم عن الكلام مدى الحياة لماذا أتكلم ولماذا أبث همومي ومن سيأخذ الثار له أنه ذبح بيد من تنشق عبير أنفاسه من سيأخذ الثأر له أنت.. أنت الذي كحلت عينيك برماد حطامه لذلك قررت الصمت الأبدي.
ومن يومها كانت تتجول بين قومها تحتضن سراب تحسبه ابنها والصمت محفور على وجهها يعبر عن أشياء وأشياء كثرت الأصابع الممتدة إليها متهمة إياها بالجنون، اتهموها بأنها تحمل وباء لكل قوم تحل بهم وآخرون حملوها قرد مسرح بها يتاجرون وكانت رياح الأنانيات والخوف من وزر ما تحمل تتقاذفها من مكان على آخر.
ومازالت حتى يومنا هذا تبحث عن مأوى لها صامتة صمت الصحراء فلمن تستطيع أن تشتكي.
مازالت هائمة تعاصر الأجيال تبحث عن جيلها المرتقب الجيل الذي ستفك صومها أمامه بل ستصرخ شاكية عما عانته، ستحمله الثأر لأنهر من الدماء سكبت قرباناً لآلهة مزيفون ستناشده تحطيم تلك الآلهة، ستصنع من هذا الجيل ابناً لها فابنها لا يعوض إلا بجيل، عندها فقط ستعترف أما الجميع من هو قاتل هابيل.
**************************
بعد الألف الرابع من تتويجه عمد بالدماء... دماء قرابين بشرية سكبت على مذبحه المقدس... شرب حتى الثمالة وسكر بأمجاد بناها له أشباه آدميين.. كانوا يحيطون به.
الآن فقط تستطيع النوم لم يعد هناك ما تخشاه لقد قضينا عليهم جميعاً أعداؤك أعداء الوطن.. تلك التي قضت مضجعك انتهت، ستنام بعدها هانئاً، نشوة النصر أسكرته، وقف مترنحاً ورفع يده ليعم الصمت أرجاء السماء المرصعة أمامه بنجوم ونياشين براقة.
لكم المجد بناة الوطن.. أنتم سادة الأمة.. أنتم منقذوها أقدر حبكم عالياً.. أقدر جهودكم في القضاء على أعداء الله والوطن، أكافأكم بمزيد من الحب بمزيد من الثقة أفعلوا ما يحلوا لكم فقد وهبتكم حق تقرير الحياة والموت لجميع الأحياء والأموات.
لكنه رغم جميع التقارير الواردة غليه من فروعه السرية المنتشرة في كل مكان والتي أتت مطمأنة له.....
لم يعد هناك شيء قضينا على الجميع.. قطعنا خطوط إمداداتهم الخارجية عرفنا المحرضين الأساسين... رغم كل هذا لم يستطع النوم ذلك اليوم، كان حضورها اقوىخرجت من مسامات جلده بوشاحها الأبيض ومهابة الآلهة تتربع على محياها وذلك النور الذي كان يشرق من وجهها ويضفي على المكان جلالة وعظمة كان اليوم صوتها يكاد يمزق جدران الكون ويهز كيانه... قابيل ماذا فعلت بأخيك.



#محمد_صالح_الطحيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نور
- القرآن
- انتصار محمد
- هجرة محمد الى المدينة
- محمد في مكة
- الإسلام
- الشريعة اليهودية
- الشعائر الدينية عند اليهود
- منشئو التلمود
- اليهود والنفي
- الأساقفة الشرقيون
- المارقون عن المسيحية
- تنازع العقائد المسيحية
- المسيحيون
- موت المسيح وتجلّيه
- الإنجيل
- رسالة عيسى اليسوع
- نشأة عيسى المسيح
- الديانة المسيحية
- بوذا في أيامه الأخيرة


المزيد.....




- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد صالح الطحيني - مقتل هابيل