|
حركات التحرر الوطني في سياقها التاريخي
حافظ عليوي
(Hafiz Ileawi)
الحوار المتمدن-العدد: 1381 - 2005 / 11 / 17 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانت الثورة الفرنسية مثابة المحرك الذي استطاع ان يحدث تغييران بنيوية عميقة في العالم ككل ، مثلت بالقضاء على النظام الاقطاعي والملكي القديم ، وادخال الاصلاحات الجذرية في المجتمع ، وتحقيق التطور الاقتصادي السريع . لهذا السبب اصطبغ الفكر القومي بالصبغة الثورية ، وعبّر عن طموح الشعوب للتخلص من النظام الاقطاعي الذي استمر 1.300 عام . ولهذا السبب بالذات نجح الفكر القومي الجديد باجتياح اقطار العالم واحتلال مكانة الفكر الديني الذي تراجع مع انحسار النظام الاقطاعي ، بعد ان عجز عن طرح برنامج اقتصادي وسياسي بديل للتطور الذي قدمته الثورة الفرنسية ب13 عاما ( عام 1776 ) . وكانت الولايات المتحدة اول دولة تم تأسيسها حسب دستور ضمن الحرية والمساواة واعتبرها حقوقا طبيعية للانسان . وقد أسهمت الثورة الفرنسية اسهاما كبيرا في تفكيك العلاقات الاقتصادية القديمة البالية التي ميزت الامبراطوريات في اوروبا والامبراطورية العثمانية في آسيا . وكان اول واهم تطور تاريخي تأتّي عن توسعات نابليون ، تكوين نظام محمد علي باشا في بداية القرن التاسع عشر في مصر . وكان هذا النظام الجديد فاتحة لعهد من المعارك نحو الاستقلال ، تكللت بعد قرن ونصف بثورة الضباط الاحرار بقيادة جمال عبد الناصر (1952). ولا بد من الاشارة في هذا السياق الى ان الفكر القومي لم يتطور في العالم العربي بشكل طبيعي ، بل اعتبر دخيلا عليه من الغرب الاستعماري . فقد تميز المجتمع العربي الاقطاعي حينذاك بالفكر الديني الذي حارب الفكر القومي العلماني بطبيعته . واكتسب الفكر الديني الذي حمل رايته مفكرون مثل جمال الدين الافغاني ، رواجا ونفوذا كبيرين في صفوف الشعب . ويعود ذلك لاخفاق الفكر القومي في تحقيق اهداف الثورة البرجوازية ، المتمثلة بالاستقلال السياسي والاقتصادي . فالاستعمار الغربي الذي قدم سنداً للتيارات القومية في معاركها ضد الامبراطوريات القديمة ، العثمانية والروسية والنمساوية ، لم يقصد من اصلاحاته الاجتماعية والاقتصادية منح الاستقلال للشعوب ، بل تفكيك هذه الامبراطوريات ، بهدف استعمار بلدانها من جديد ، على اساس رأسمالي . ومن هنا تعتبر تجربة محمد علي باشا في مصر نموذجا لفشل التجربة الاولى للحركات القومية العربية في مواجهة الاستعمار . وكانت احدى العقبات الجوهرية التي حرمت مصر من الاستقلال الاقتصادي ، غياب الطبقة البرجوازية المحلية وبوادر الاقتصاد الرأسمالي . فمحمد علي نفسه كان الباني الاصل ، وكان يعتمد على البيروقراطية العثمانية التي تغذّت من جباية الضرائب من المجتمع الريفي المصري . لذا كان على الدولة ان تأخذ دور البرجوازية في إحداث التطور الصناعي ، غير ان هذه الدولة افتقرت للموارد المالية اللازمة لذلك ، فاضطرت للاعتماد على القروض الخارجية ، الامر الذي أغرق البلاد في الديون وعمّق تبعيتها للغرب . وكما ان الفكر القومي العربي الذي مال للنظام الرأسمالي ، لم يعتمد على الطبقة البرجوازية لانها كانت معدومة اصلا ، كذلك فان الفكر الديني الذي رأى في الرأسمالية استعمارا ، لم يرتكن على الاقطاعيين الكبار المواليين للغرب . وصب التياران ، القومي والديني ، جهودهما في كسب دعم الطبقة الوسطى التي استثنيت من أي نفوذ سياسي واية سيطرة على المرافق الاقتصادية الاساسية .
البرجوازية تنتقل للمرحلة الاستعمارية
بعد ان فرغت البرجوازية من توحيد المانيا وايطاليا في نهاية القرن التاسع عشر ، تفرغت دولها الصناعية الكبرى للسيطرة على العالم . وكانت هذه نقطة مفصلية في تاريخ النظام الرأسمالي ، تميزت بفقدان البرجوازية صفتها التقدمية التحررية ، وبداية احتدام الصراعات فيما بين الدول الاستعمارية الاوروبية . وانعكس هذه التحول في انقلاب الفكر القومي البرجوازي على المضامين الاصلية للثورة الفرنسية التي حملت بشائر الحرية والمساواة والاخوة بين الشعوب ، وتبنيّه بدل نزعة الحقد والعنصرية واستثناء ثقافة ولغة وحضارة الآخر . واستخدمت الدول الصناعية هذه النزعات الرجعية لتجنيد مواطنيها في حملاتها العسكرية ضد دول صناعية اخرى ، في المنافسة على السيطرة على المستعمرات ، والتي انتهت الى حربين عالميتين مدمرتين في القرن العشرين ولم يكن مبررهما سوى ضمان ارباح الطبقة الرأسمالية . وتجلى هذا لتراجع في المعاملة العنصرية التي تلقاها مواطنو المستعمرت ، سواء السود في افريقيا والهنود في الهند والعرب في الشرق الاوسط ، فقد اعتبرهم المستعمرون مخلوقات متدنية لا تستوعب ما يقدمه لها المجتمع العصري ولا تعرف ادارة شؤونها بنفسها . واصطدم الفكر القومي الاستعماري الرجعي بشكل مباشر بالفكر القومي التقدمي الذي تمسكت به الشعوب المضطهدة . فلم يكن الاستعمار على استعداد لمنح الشعوب المضطهدة ما حققه لشعوبه من مجتمع ديمقراطي عصري واستقلال سياسي واقتصاد متطور . صحيح ان الاستعمار اسس بعض مشاريع البنية التحتية في المستعمرات مثل السكك الحديدة والصناعات المحدودة وشبكات الطرق والكهرباء والهوتف ، الا انه لم يفعل ذلك خدمة لسكان المستعمرات ، بل لإحكام سيطرته وتحسين استغلاله للموارد البشرية والطبيعية .
تأثير الثورة الروسية على حركة التحرر الوطني فتح انتصار الثورة الروسية عام 1917 عهدا جديدا امام حركات التحرر استمر 70 عاما حتى انهيار المعسكر الاشتراكي عام 1990 . وكانت هذه الثورة الاولى التي تمت بقيادة الطبقة العاملة التي سئمت من ويلات الحرب العالمية الاولى التي جلبت انهيار الاقتصاد الروسي وانتشار المجاعة ، مما دفع الشعب للثورة ضد القيصر . وفيما أسفرت الحرب العالمية الاولى عن انتصار الاشتراكية في روسيا ، فقد ادت الازمة الاقتصادية الخطيرة التي نجمت عن انهيار سوق الاسهم الامريكية عام 1929 ، الى احتداد النزعات القومية في الدول الغربية المتطورة ، والى ازدياد البطالة فيها بسبب الركود الاقتصادي العالمي . وادى هذا الوضع الى شعور الطبقات الوسطى بعدم الاستقرار ، فسارعت ، حفاظا على مكانتها ، الى دعم التيارات الفاشية في المانيا وايطاليا التي تبنت برنامجا قوميا عنصريا معتمدا على تفوق عِرق على سائر الاعراق . واتبعت الدول الرأسمالية سياسة الانغلاق الاقتصادي ، وحاولت عزل نفسها عن بقية دول العالم لاخراج نفسها من الازمة الاقتصادية . فانتهجت سياسة جمركية دفاعية من جهة ، وعسكرت الاقتصاد والمجتمع من جهة اخرى . ولكن العالم لم يخرج من محنته الاقتصادية الا بحرب عالمية ثانية دمّرت كل اوروبا واليابان . وفيما كانت اوروبا تستعد لخوض حربها العالمية الثانية ، كانت المستعمرات تشهد نهضة قومية وبداية ظهور الحركات التحررية فيها ، كانت ابرزها الحركة الهندية بقيادة غاندي ، والحركات المناهضة للاستعمار البريطاني والفرنسي في سوريا ومصر . في تلك الفترة شهدت فلسطين اول انتفاضة شعبية ضد الانتداب البريطاني الذي دعم الاستيطان الصهيوني ، امتدت بين الاعوام 1936 ـــ 1939 وانتهت دون ان تحقق اهدفها . ولم يكن الاخفاق نصيب الحركة التحررية الفلسطينية وحدها ، بل طال ايضا الحركات التحررية في نيكاراغولا ( ضد الاستعمار الامريكي ) والصين ( ضد الاستعمار الياباني ) والاقطار العربية ( ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي ) . واغلقت الحرب العالمية الثانية عام 1939 المرحلة الاولى من حركات التحرر الوطني . وراحت المستعمرات تبحث عن سبل لنيل استقلالها من خلال دعم احد الاطراف الاستعمارية المشاركة في الحرب . واختارت القيادات العربية الرجعية ، ومن بينها الفلسطينية بقيادة الحاج امين الحسيني ، دعم المانيا النازية ضد بريطانيا ، سعياً للتخلص من الاستعمار البريطاني . وكان في هذا الرهان الخطير دليل على ضيق الافق وغياب المبدأ ، الامر الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنه بفقدان فلسطين عندما هزمت دول الحلفاء المانيا . وكانت نهاية الحرب العالمية الثانية والانتصار الكبير الذي حققة الاتحاد السوفيتي فيها على المانيا القوية عسكريا وصناعيا ، عبارة عن نقطة تحول في الوضع العالمي . وتحول الاتحاد السوفيتي الى سند حقيقي للشعوب التي سعت الى تحرير نفسها من نير الاستعمار الرأسمالي . وبهذا دخلت البشرية الى عهد جديد يحكمه قطبان : الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي ، والرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة . وانعكس هذا التحول على العديد من المستعمرات ، فاستبدلت الفكر القومي البرجوازي الاصل ، بالبرنامج الاشتراكي الثوري بأشكاله المختلفة . وكانت اول واهم خطوة نحو نمو حركات التحرر الوطني في العالم ، الثورة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي ، تلتها الثورة في فيتنام ثم كوبا . وكانت الثورة الصينية التي اعتمدت دعم الفلاحين ، اول تجربة في بناء مجتمع اشتراكي في دولة مستعمّرة ، وشكلت بذلك نموذجا اتبعته حركات تحرر عديدة كوسيلة للخروج من التخلف الاقتصادي والاجتماعي . وشهدت السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، سلسلة من المعارك الناجحة نحو الاستقلال الوطني في بلدان كبيرة وذات تأثير ، كالهند ودول افريقية وآسيوية اخرى ، ويعود الفضل في ذلك للدعم السوفيتي الكبير . وتميزت هذه المرحلة بخروج البعثات الطلابية الى جامعات الاتحاد السوفيتي ، خلافا لما كان في القرن التاسع عشر عندما كانت المستعمرات تبعث طلابها الى جامعات باريس . وخلافا للنظام الرأسمالي ، لم تكن للنظام الاشتراكي مصلحة في استعمار الدول التي كان يقدم لها السند . فالاتحاد السوفيتي لم يبحث في هذه الدول عن الارباح ، بل سعى لمنافسة النظام الرأسمالي الاستعماري من خلال تقوية الدول النامية للتخلص من الاستعمار ، وتلتحق بالمعسكر الاشتراكي . وكان سعي السوفييت الى توسيع الكتلة الاشتراكية من جهة ، وحرص الغرب الرأسمالي على مناطق نفوذه ومصادر الموارد والاسواق من جهة اخرى ، قد زاد حدة المنافسة بين الكتلتين ووصلت احيانا الى درجة هددت باندلاع حرب شاملة ، وعي الفترة المعروفة باسم " الحرب الباردة " . لا يمكن فصل النهوض الوطني العربي في الفرة ذاتها ( ثورة الضباط الاحرار في مصر عام 1952 ، الثورة الجزائرية 1954 ـــ 1962 زيادة شعبية حزب البعث في سوريا ابتداء من عام 1954 وثورة عبد الكريم قاسم في العراق 1958 ) عن اتساع رقعة الثورات الاشتراكية . وبينما سار حزب الوفد المصري التابع للبرجوازية المصرية التقليدية ، على نهج الافكار البرجوازية الغربية ، فقد مزجت الشريحة القيادية العربية الجديدة بين عناصر ثلاثة هي الفكر القومي البرجوازي والدين الاسلامي والبرنامج الاشتراكي ، سعيا للتحرر وتحقيق الاصلاح لاقتصادي والاجتماعي . وكانت فكرة الوحدة العربية التي دعا اليها مؤسس حزب البعث السوري ، ميشل عفلق ، معتمدة على النموذج السوفيتي . وكان اساس هذه الفكرة توحيد عدة شعوب في سوق اقتصادية اشتراكية كبيرة تخدم المشاركين فيها بالتساوي . ورغم عدم تبني الاحزاب القومية العربية الفكر الماركسي كرؤية شمولية للعالم ، الا انها اعتبرت الاتحاد السوفيتي حليفها الاستراتيجي في معركتها ضد الاستعمار الامريكي . ونجح هذا التحالف في الحدّ من توسع السوق الرأسمالية داخل العالم الثالث وخاصة في الدول المؤطرة في دول عدم الانحياز ، وقلّص هذا فُرص استعمار الدول النامية من جديد . وكانت هذه الاجواء الايجابية والانتصارات المتتالية التي حققتها الشعوب المضطهدة ضد الاستعمار ، سببا في استنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية ، بعد اختفاء استمر منذ النكبة حتى اواسط الستينات . واتسمت الحركة الوطنية الفلسطينية بروح ثورية ، تحديدا بسبب النفوذ الكبير الذي كان للجبهتين الشعبية والديمقراطية اللتين تبنتا الفكر الماركسي ، ورأتا بع عنصرا اساسيا في حركة المقاومة .
النزعة القومية الرجعية تبرز مجددا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي
اختتم انهيار الاتحاد السوفيتي المرحلة التاريخية الثانية في نمو حركات التحرر الوطني . فقد اصبحت الدول النامية دون السند العالمي الاستراتيجي حقلا مفتوحا للاستغلال الاستعماري . وعادت شعوب هذه الدول ، خاصة في القارة الافريقية ، الى الجمود الاقتصادي والاجتماعي والفقر ، وقُضي على الانجازات التي حققتها بدعم الاتحاد السوفيتي . وشكّل غياب المحرك الثوري الاشتراكي تربة خصبة لنمو النزعات القومية مجددا ، هذه المرة بصيغتها الرجعية . فامتزج الفكر القومي بالفكر الطائفي ليس كوسيلة للوحدة بل من اجل رفض كل ماهو غريب ، وهو الوضع الذي يشابه الى حد بعيد المناخ الذي ساد اوروبا عشية الحرب العالمية الثانية . وتحولت النزعات القومية الى افضل وسيلة لتفكيك ما تبقى من النظام الاشتراكي ، واستخدم مبدأ " حق الشعوب في تقرير مصيرها " لتمزيق الاتحاد السوفيتي واليوغسلافي ، وتقليص نفوذ روسيا . وكانت الحرب الاخيرة في البلقان اكبر برهان على الطابع الرجعي الذي يمكن ان تلعبه النزعات القومية . فقد استغلت المانيا وامريكا مطالبة البان كوسوفو المسلمين بالاستقلال عن الاتحاد اليوغسلافي ، بهدف اضعاف الدولة الفدرالية الموحدة وتفكيكها ، ومن ثم ربط الدول " المستقلة " الجديدة بالمصالح الاستعمارية الغربية . وشكّلت الحرب على يوغوسلافيا سببا في نمو النزعة القومية لدى الشعب الروسي المنتمي لنفس الدين والعرق السلافيين . وكان الوضع في روسيا مهيأً لنمو هذه النزعات بسبب الازمة الاقتصادية التي ساهم الغرب في تفاقمها بعد استيلائه على دول عديدة كانت جزءا من المحيط الاقتصادي الروسي . ولم تكن الازمات الاقتصادية نصيب الدولة السوفييتية سابقا فحسب ، بل اصابت الدول الصناعية المتطورة . وادى انتشار البطالة والامراض الاجتماعية فيها بسبب تناقضات النظام الرأسمالي الجديد ، الى بروز النزعات القومية . وأصبح العمال الاجانب في هذه الدول ( مثل الاتراك والاكراد في المانيا ، والعرب في فرنسا ، والهنود والباكستانيين في بريطانيا ) ضحية سهلة للملاحقة والكراهية من السكان المحليين . اما في الدول النامية فقد تراجع الفكر القومي ازاء هذا الوضع ، وانفتح المجال لتأجج النزعات الطائفية ، واحيانا القبلية ايضا التي تؤدي في القارة الافريقية الى مذابح شنيعة .
النهضة القومية التقدمية مرهونة بمحرك ثوري جديد
لقد فرضت الولايات المتحدة على الشرق الاوسط الاطار العام لتسوية القضية القومية العربية ، بعد ان هزمت العراق في حرب الخليج . ووافق معظم الدول العربية في مؤتمر مدريد على مبادئ هذه التسوية . وصيغة مدريد بسيطة جدا ، فهي تُخضع المصالح القومية العربية للمصالح النفطية الامريكية ، وتكرّس دور اسرائيل كدولة نووية وشريكة استراتيجية لامريكا في الشرق الاوسط . ورغم ان الاضطهاد القومي لا يزال قائما ، بل ازداد حدة ، الا ان الحركات الوطنية ، ومنا الفلسطينية والكردية ، وصلت الى طريق مسدود . وتقود المحاولات لحل المسألة القومية في الظروف التاريخية الراهنة وضمن موازين القوى الحالية ، الى انخراط النخب القيادية البرجوازية في النظام الرأسمالي ، الامر الذي يبقي الشعوب المضطهدة تحت رحمة الاستعمار . في مواجهة هذا الاستحقاق وقع اليسار الفلسطيني ، والعربي عامة في خلل منهجي عندما أصر على طرح بديل للاتفاقات المجحفة مؤسس على الشرعية الدولية والدور الاوروبي ، وتحديدا فرنسا وروسيا ، ككفة مضادة للكفة الامريكية . ان هذا البديل غير تاريخي لان الشرعية الدولية فقدت مضمونها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، كما ان الدول الاوروبية تدور في الفلك الامريكي كما تبين في حرب البلقان الاخيرة ، وهي تدعم بحماسة بالغة اتفاقات اوسلو وتموّل السلطة الفلسطينية . لهذا كان من الطبيعي ان يصل اليسار الفلسطيني الى طريق مسدود في محاولته اقناع البرجوازية الفلسطينية بتبني هذا البديل الوهمي . ان نمو هذه الاوهام في صفوف الحركات اليسارية الفلسطينية والعربية يعود الى تخليها عن النظرة الماركسية الجدلية للقضية القومية التي تغير مضامينها حسب اختلاف الزمان والمكان ، كما اسلفنا . ان الخطأ الرئيسي الذي ارتكبه اليسار الفلسطيني هو عزله القضية الوطنية الفلسطينية عن الثورة الاشتراكية . فقد نسي ابجدية الفكر والعمل الثوري الذي يربط مصير الشعوب المضطهدة بمصير الطبقة العاملة في العالم ، وخاصة في الدول الصناعية الكبيرة . ان النظام الامريكي الجديد لا يزال يفرض هيمنته المطلقة على العالم ، ولكنه يسبب ازمات اقتصادية كبيرة تزعزع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسواد الاعظم من عمال العالم ، وبينهم عمال الدول الغنية نفسها . البديل للنظام الرأسمالي الحالي هو النظام الاشتراكي ، وكل محاولة لعزل البرنامج الوطني عن البرنامج الاشتراكي ستوقع صاحبها في فخ الاستعمار . وكل برنامج وطني ، سواء في ايرلندا او كردستان او فلسطين او غيرها ، يبحث عن الحلول ضمن النظام الرأسمالي القائم ، قد انتهى او انه سوف ينتهي بالفشل ، لان هذا النظام الرأسمالي لا يتسع للشعوب المضطهدة .
#حافظ_عليوي (هاشتاغ)
Hafiz_Ileawi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البرجوازية الوطنية تخون برنامجها القومي
-
المسألة القومية في سياقها التاريخي
-
عجز البقاء.. قوة الرحيل.. في ذكرى استشهاد الرفيق القائد هاني
...
-
الانسحاب اطباق كامل للحصار
-
اليسار الفلسطيني يتخلى عن برنامجه الثوري
-
الإفراج عن معتقلين فلسطينيين خدعة إعلامية وحاجة إسرائيلية !!
-
الفقه الوقائي
-
يا فاطمة .. الأمعاء الخاوية ستنتصر
-
لوجهها لون الحريق .. والعدس
المزيد.....
-
حقن العشرات بإبر غامضة خلال حفل موسيقي في فرنسا.. إليكم ما ق
...
-
الدولة والتوقيت؟.. أول رحلة خارجية لوزير دفاع إيران بعد ضربا
...
-
مذيع CNN يوجه انتقادات لاذعة لترامب وهجومه على تغطية الضربات
...
-
بعد ثلاث سنوات على تشريعه... تايلاند تُعيد تجريم القنب وتربك
...
-
عطلة نهاية أسبوع دامية بألمانيا: 15 حالة وفاة بالغرق في أسوأ
...
-
اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية الأردنية: متضامنون م
...
-
مقتل 21 فلسطينيا على الأقل في غزة و3 آخرين برصاص الجيش الإسر
...
-
محللون إسرائيليون: هذا ما يجعل جنودنا صيدا سهلا في غزة
-
شائعات جديدة عن -آيفون 17-
-
زهران ممداني أول مسلم يترشح لمنصب عمدة نيويورك
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|