أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - وهل الدين إلا الرأي الحسن؟















المزيد.....

وهل الدين إلا الرأي الحسن؟


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5085 - 2016 / 2 / 25 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وهل الدين إلا الرأي الحسن؟
لن ينعم المتتبع لأخبار مجتمعاتنا العربية بفرح المفاجأة أو بطرب الدهشة؛ فالسكين ما زالت تسل برتابة الدعاء، من غمد الدم "الداشع" ، لتبقر خاصرة الورد وتربي الثكل، والقصيدة توءد من على منابر السماء التي باسمها ترفع الأيادي على كل من يتهم من قبل وكلائها على الأرض، بالكفر أو بخدش الحياء العام، ويكفي لتجريمه بالكبيرة عرض فيلم فلسطيني لافت، أو استعراض رقصة شعبية، أو إنشاد مغناة تمسح الحزن عن قباب بلداتنا ومن مخادع أبنائها.
كيفما ولّيت وجهك تطرشك رصاصة أطلقت في جدار الهوية، تلك التي هيكلتها قيادة فهمت معنى المخاضات والبقاء في أرض الوطن، وعرفت للوحدة معنى وهامشًا، فكل ما يخدم مصلحة الجماهير العريضة يكون، بالنظرية والتجربة وبالعلم والفطرة، وطنيًا وناصعًا ويراكم رصيدًا يصب في بنوك الأمل ويرفد عملية بناء أقلية تُركت،على رصيف النكبة، بقايا جسد ممزق، لامست قيامته، من بين حطام المؤامرة، المعجزة، لكنها، بحكمة جيل البنائين وشجاعتهم، صارت واقعًا: زنودًا، حناجر، مناجل، معاول، قصائد، وسنابل تفجّرت جنى وأقمارًا وشهدا.
لا شيء يسر القلب في أخبارنا المتداعية الملتهبة، ويبقى منبع القلق الأبرز غياب الأمن المجتمعي وسلامة الفرد وحصانة بيته وعائلته وساحة البلد، تلك التي ألفتها وعاشتها قرانا ومدننا حتى في أحلك أيام النضال ومقارعة حكم عسكري حاول، لعقدين من الزمن، إذابة الباقين من أصحاب الأرض، أو تهجيرهم، ليلتحقوا بمن أفزعه نحر الأهل في ساحات القرى، كعيلبون ودير ياسين وأخواتها، أو بمن غرّرت بهم نداءات إخوتهم العرب ووعودهم الخلّب، بأن العودة إلى فلسطين قدر وحتم، والخيام، لا عليكم، إلى زوال قريب.
لم تتشكل الهوية الوطنية لتلك الأقلية الباقية في وطنها، إلا تحت سقف خيمة أصيلة دقت أوتادها عميقًا في صخر البلاد، وأعمدتها كانت قيادات صممت على حماية تلك الجموع من الضياع ومن غيرة الملائكة، فشخّصت بمهارة بواطن المخاطر وموضعتها على سلّم أولوياتها، مخضعة الهامشي إلى الأساسي والصغير إلى الكبير. وبعد التشخيص جاء دور العمل، الذي تم بواقعية كفاحية لم تقبل التفريط ولا المقامرة، فحماية الكل تستوجب حماية الفرد، وصون العرض تبدأ وتنتهي بصون الأرض ، والشرف لا يقوم إذا صار الذيل رأسًا، والزعيم حتي يصير فإنه قد يذدنب!
برأيي، يعيش الآن، العرب مواطنو إسرائيل، في عصر ما بعد الخيبة والاحباط، ودليلي على هذه الخلاصة المستفزة والمؤلمة، هو تواصل مسلسلات الرعب في شوارع قرانا، وعمليات انصهار الشباب واندماج مهاجري القرى في مجتمعات المدن المختلطة وغيرها! والاعتداءات على مدارسنا ومشاهد المهانة في مجالسنا ومؤسساتنا العامة، وانحسار الحيز العام وخسارة ما كان يتيحه من حريات في ساحاتنا، واسوداد فضاءاتنا الثقافية والاجتماعية، التي صار يتصارع على وطئها عدة قوى لن نجد بينها تلك التي بنى أباؤها خيمتنا.
من علامات هذا العصر : التعود على ما هو قائم والتعايش معه بصداقة أثبتت تجارب الأمم أنها صداقة خادعة، فلن يتعايش حمل مع ذئب، ولا يمامة ترقد بجوار نسر أو حية، والأنكى أن البعض يفلسف ذلك الخنوع بشعارات وحدوية براقة زائفة، من جهة، ومن جهة أخرى، بتبريره وتعزيزه بفرضية خبيثة مفادها أن الآتي سيكون أسوأ، فاقبلوا بحكم اللطمة والسكين والقنبلة، لأن المخفي سيكون حتمًا أسفل وأخطر.
ومن علامات هذا العصر المابعد الهزيمة والإحباط، نجد لجوء قطاعات واسعة من أبناء الشعب العاجزة والتائهة، إلى الفردانية، ومحاولة هؤلاء بمواجهة الخوف منها بالاحتماء في ظلام وحدانية/ فئوية تسوّغ للفارّين ايمانهم الواهم بصحة مقولة الضعفاء : "زيح عن ظهري بسيطة" ،أو، قد يكون هذا أشد خطورة : "رافق السبع حتى اذا بوكلك"، وما يسببه من التجاء هؤلاء إلى قواقع سامة مثل: العمالة مع الدولة، البلطجة والانضمام إلى فرق الجريمة المتفشية أو التحالف معها والاستفادة من خدماتها، العائلية، الحمائلية ، الطائفية، وفرق التكفير الدينية .
من لا يرَ أن جميع هذه العوامل والمفاعيل نجحت بدق أوتادها في خيمنا وأوغلت في احكام قبضاتها على مفاصل حياتنا وعلى فضاءاته العامة، فسيظل أعمى وغير أهل لقيادة هذه الجماهير لا سيما في هذا الزمن الرديء والمنذر بالمصائب.
ومن لا يرَ تفشي تلك السرطانات المنتجة محليًا، والتي نجحت، إلى حد بعيد، بتحييد دور الأحزاب السياسية الوطنية وتقزيم تأثيرها على حياتنا السياسية والاجتماعية، فسيرضى بأداء قيادات هذه الجماهير غير المقنع، علمًا بأنه لا يرقى إلى حجم المخاطر التي تحيق بنا وبمصيرنا.
لن أكرر ما قلته في مقالاتي السابقة، فسياسة الدولة وحكوماتها المتعاقبة وجميع الوزارات ومنظومة الحكم تسعى بمنهجية واضحة لضرب وجودنا كأقلية قومية وإقصائنا عن الحياة العامة للدولة وسحب صِدقية نضالنا وشرعيته من أجل نيل حقوقنا الوطنية والمدنية، وتبقى تلك السياسات هي الخطر الأساسي على سلّم المخاطر التي نجابهها؛ لكنني، إلى جانب وعيي بذلك، أوكد أن قيادتنا لن تنجح في مواجهة تلك السياسة العنصرية القبيحة، إذا لم تعد حسابات تحالفاتها الداخلية والخارجية، وتعريفاتها لسائر المخاطر الموجودة على ذلك السلّم. فبدون تشخيص جريء وصحيح لن تتوصل تلك القيادات إلى وضع برامج نضال صحيحة وكفيلة بدرء المخاطر وايقاف انزلاقنا على ذلك المنحدر الخطير.
لقد استبشرنا خيرًا بعد انتخابات رئيس لجنة المتابعة العليا، وانتخابات القائمة المشتركة، لكننا، لغاية الآن لم نلحظ أي تاثير يبشر ما استشرفناه من تغيير وما زلنا نلمس أن ما كان هو ما سيكون، وخوفنا ان تستمر قياداتنا بتقديم كل الخيارات الأكثر نجاعة، على مذابح الوحدة القبلية، قرابين وخسائر .
فنحن، كأقلية في دولة تهرول أكثرية مجتمعها نحو تبني نظام حكم فاشي، نعرف أن عمقنا العربي، الذي كان يومًا حلمًا موهومًا، أصبح الآن وهمًا مصلوبًا، ونعرف، أيضا أن امتدادنا الإسلامي، صار امتدادات على مد السيف والرمح والنظر، ونعرف أننا إذا لم نصمد بحكمة محلية وصبر المجربين وتصميم من سقوا الفولاذ، قد نجبر على عبور النهر مرة ثانية، وقد نحظى بتغطية إعلامية نشطة وبمتابعة الرأي العام والمجتمع الدولي كما حصل في جميع مذابح القرن الماضي. فإذا أردنا ان لا نُنكب مجددًا وألا نكنس ثانية، علينا أن نهجر ما جُرّب وفشل، ونرتاد ونشجع على ما لم يجرّب .

أبو حنيفة: وهل الدين إلا الرأي الحسن؟
يجب إعادة تعريف المخاطر التي تواجه مجتمعاتنا بدون تأتأة ورياء وانتهازية، فسياسة الدولة ستبقى الخطر الأكبر وقمعها مصيبة المصائب، لكنها يجب ان لا تلغي صدارة سرطاناتنا المحلية، التي يجب ان تأخذ مكانها في رأس سلم الأولويات والمخاطر، وإن تم ذلك فستنجح قياداتنا في مواجهتها كما يجب.
فتعريف البلطجة خطرًا قاتلا يستوجب، مثلًا ،ان لا يتحالف قائد حزب وطني مع من تفوح من محيطه رائحة الجريمة! وتعريف الطائفية سمًا زعافًا، يستوجب فك تحالفات كثيرة مع قوى طائفية كان اقتراب هذا الحزب منها أو ذاك، مكسبًا سياسيا له على حساب سلامة الجمهور وأمنه العام ، وتعريف ملاحقة معلم لفكره أو تكفير فنان بفنه أو ترهيب مبدع ، كأخطار محدقة بمجتمعنا ككل، يؤدي بالحتم، إلى بناء تحالفات سليمة ولا تقوم على سيقان من البامبو !
السياسة السليمة علمتنا أن تعريف المخاطر وتحديد مواقعها الهرمية يؤدي إلى استنخاب الحلفاء الأقوياء وبالتالي إلى اعتماد برامج عمل واقعية كفاحية، وهذه تفضي إلى اختيار ساحات النضال الحقيقية، فنحن نعيش في زمن اشرئباب الفاشية، وهي الخطر الأول والثاني والثالث التي يجب مواجهتها، وهذا لن يحصل ما دمنا لا نفتش عن ضحاياها المفترضين في المجتمع اليهودي، ونسعى إلى استحلافهم الى جانبنا وضمهم معنا جنودًا في خنادق المستهدفين الطببعيين، حتى إذا عارض ذلك بعض العرب لأسباب قومجية أو مستلحفين بالدين .
كانت الأيام الماضية كسابقتها ندّافة بالوجع الأبيض وصاخبة بطرطشات الرصاص الذي غطى على صمت القيادات، وملاحقة الفكر وقمعه في مطارحنا، فسكوت جميع القادة والأحزاب والحركات على ما جرى، مثلًا، مع المعلم علي مواسي وملاحقته على خلفية عرضه فيلم عمر والاعتداء على حرمة المدرسه، هو جريمة، وباستثناء الجبهة والحزب الشيوعي وفرع التجمع المحلي، وليس مؤسسات حزب التجمع القطرية، سكتت اللجنه العليا والقائمة المشتركة وعشرات مؤسسات المجتمع المدني، في موقف يدل إما على خوف هذه الجهات أو على انتهازيتها، وكلا الاحتمالين، يصم القيادة بالأسود ويرمينا في مهاوي الردى.
ما زلنا ننتظر ذاك التغيير المنشود وشجاعة قادة غائبة، فنحن،والحال هكذا، أمام خاتمة واحدة، وإن تعددت الشعاب إليها، فكلّها ستأخذنا في نفس الهاوية، سواء كانت إسرائيلية الصنع أو أنتجت بيننا محليًا!



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطعن الخليليات مرج بن عامر
- عندما تصير الحقيقة جثمانا
- الكذب الحلال
- ونحن نربي الأمل
- عن إلغاء الانتخابات التمهيدية في الليكود
- جريمة أم بطولة
- محامون في قلب الحوت
- شاباك في الشِّباك
- وتبقى الحرية خالدة
- نعم لأيمن عوده في أمريكا
- حول زيارة البابا تواضروس للقدس
- انتفاضة الفراشات
- رغم اختلافي معها أنا ضد القرار الإسرائيلي
- أبالسكين يبنى وطن ؟!
- فرسان يعيشون في الظل
- محمد بركة رئيس للمتابعة أم قائد للجماهير ؟
- صرخة من فلسطين: ليسقط الاحتلال!
- ما بعد مظاهرة سخنين
- اندلاعه! كفى بأكتوبر واعظًا
- سعيد نفّاع وخيار القائد


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - وهل الدين إلا الرأي الحسن؟