أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلشاد مراد - الحرب والسلام في الشرق الأوسط الكونفدرالية الديمقراطية مستقبل الشعوب في المنطقة















المزيد.....

الحرب والسلام في الشرق الأوسط الكونفدرالية الديمقراطية مستقبل الشعوب في المنطقة


دلشاد مراد
كاتب وصحفي


الحوار المتمدن-العدد: 5073 - 2016 / 2 / 12 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*شكلت منطقة الشرق الأوسط مسرحاً ومركزاً للحروب والصراع بين الدول والامبراطوريات على مر التاريخ نظراً لما يتمتع به من خيرات ولموقعها الجيوستراتيجي الهام. ويعود أسباب قيام معظم الحروب في المنطقة إلى الاختلافات الايديولوجية والدينية بين الشعوب والصراعات على النفوذ بين القوى الدولية المهيمنة والصراعات السلطة والطموحات الشخصية والفردانية لبعض الأسر والحكام والذهنية القوموية السلطوية والشوفينية إضافة إلى أسباب اقتصادية وتجارية.

الدين ... واستخدامه في الحروب

كان نشر الدين الإسلامي بمعظمه عن طريق الحملات العسكرية، وتطور تنازع الأسر الحاكمة على السلطة بعد مقتل علي بن أبي طالب إلى صراعات وحروب، وانقسم المسلمون إلى مجموعة مذاهب متصارعة يوالي كل منها أسرة معينة وقد عرفوا فيما بعد بتسمية "السنة والشيعة"، ولايزال هذا الصراع قائماً في يومنا هذا في بعض دول المنطقة ولاسيما في العراق واليمن.
في العراق كان الديكتاتور المخلوع صدام حسين يفرض حكمه بالقوة على جميع مكونات الشعب العراقي، وبعد سقوطه في عام 2003م، انفجر الوضع بين السنة والشيعة، وتحولت المناطق العربية السنية إلى ساحة للتمرد على النظام العراقي الجديد، وازداد الأمر سوءاً بعد دخول عناصر مرتزقة من الغرباء إلى مناطق العرب السنة وهذا مرده إلى انفلات الوضع الأمني ووجود فراغ إداري في تلك المناطق إضافة إلى غياب الثقة بين الطرفين الشيعي والسني وتوفر حاضنة محلية لتمركز وتقبل المتطرفين.
في لبنان كانت الحرب الأهلية التي نشبت بين عامي 1975- 1990م بسبب خلافات بين الطوائف الدينية الرئيسية "العرب السنة، العرب الشيعة، الموارنة المسيحيين، الدروز"، ولم تنتهي الحرب إلا بعد اتفاق توافقي بين تلك الطوائف الدينية "اتفاق الطائف لتقاسم الإدارة بين الطوائف اللبنانية"، وقد تسببت تلك الحرب في مقتل أكثر من 150 ألف شخص وجرح 300 ألف آخرين وفرار مليون لبناني نحو الخارج وتشريد عشرات الآلاف داخل البلاد.
في مصر والجزائر وأفغانستان استخدمت تنظيمات متطرفة مثل "الإخوان المسلمين والقاعدة وطالبان" الدين كوسيلة لمحاربة الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان. إيران أيضاً يحكمها الملالي باسم الدين منذ عام 1979م، وتحت هذا الستار يتم حكم الشعوب غير الفارسية بالحديد والنار، واستخدم الدين كثيراً في الحرب العراقية الإيرانية.
في تركيا استخدم الدين كستار لتنفيذ المجازر بحق الأرمن والسريان والآشوريين والكلدان وغيرهم من الشعوب وذلك خلال أعوام 1914- 1918م. وتم استخدام الشيوخ والملالي من قبل النظام التركي في محاربة واستهداف الشعب الكردي في كردستان، وكذلك في تشويه سمعة حركة التحرر الكردستانية أمام الرأي العام المحلي.
وفي سوريا، يستخدم بعض الأطراف "الدين" كوسيلة للدخول في النزاع السوري وتصعيد الحرب في البلاد "قيام السعودية بدعم كتائب متطرفة في سوريا واستخدامها بعض الشيوخ والملالي للتحريض على العنف والتطرف الديني أمثال المدعو الشيخ عرعور الذي حرض الشعب السوري على إقامة إمارة إسلامية، ، دعم تركيا لمرتزقة داعش والنصرة".
إن استغلال العامل الديني في الحروب واستهداف ثقافة وحضارة الشعوب الأصيلة في المنطقة، يمثل كارثة بحق الإنسانية جمعاء، ومن هنا بالذات يأتي الدعوات لفصل الدين عن الإدارة، وكذلك في اتباع مبدأ عدم قيام تنظيمات على أسس وأهداف دينية، حتى أن معظم بلدان العالم يأخذون حذرهم، ويدرجون هذا المبدأ في دساتيرهم وقوانينهم.

دور القوموية الشوفينية في إشعال الحروب

إن الذهنية التي تقوم عليها القوموية الشوفينية هي ذهنية الحرب والإقصاء والإبادة الثقافية، وهي بالأساس نتاج النظام الرأسمالي الذي يتغذى على القوموية الدولتية، وجميع العقائد والدعوات القوموية الشوفينية كانت تدعو إلى الكراهية والإبادة والإقصاء تجاه الشعوب الأخرى كالنازية الهتلرية في ألمانيا والفاشية الموسولينية في إيطاليا، وفي الشرق الأوسط ظهرت تلك الدعوات في مرحلة تشكل الدول القومية، كالدولة العميقة ومنظمات الحرب الخاصة في تركيا و حزب البعث في العراق وسوريا والمنظمات الصهيونية في إسرائيل. ولعل من أبرز الحروب التي تسببت بها القوموية الشوفينية في الشرق الأوسط "حروب الإبادة التركية والعراقية والإيرانية والمجازر بحق الشعب الكردي في كردستان، المجازر التركية ضد الأرمن والسريان والكلدان والآشوريين والشعوب الأخرى في النصف الأول من القرن العشرين، غزو تركيا لشمال قبرص، غزو صدام حسين للكويت، الحرب العراقية الإيرانية، المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، الحرب الجارية في سوريا".

دور النظام المركزي المهيمن والامبراطوريات في ديمومة الحرب

على مر التاريخ لجأت معظم الامبراطوريات إلى استخدام الحروب كإحدى خيارات البقاء لأطول فترة ممكنة ومد نفوذها على أوسع مساحة ممكنة من الأراضي وتحقيق طموحات فردانية وتجارية، كحروب الاسكندر المقدوني والرومان، هجمات المغول والصليبيين والعثمانيين، الحملات الفرنسية والانكليزية على الشرق الأوسط بدءاً من القرن الثامن عشر، الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط بدءاً من النصف الثاني من القرن العشرين.
بين عامي 1979- 1989م أصبحت أفغانستان الغنية بالبترول ساحة للصراع بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تدخل السوفييت عسكرياً في البلاد، فقامت أمريكا بدعم وتسليح المتطرفين "القاعدة بزعامة أسامة بن لادن" وشجعتهم على محاربة السوفييت تحت شعار " محاربة الشيوعية الكافرة"، فأصبحت أفغانستان ساحة لتجميع الإسلاميين المتطرفين في العالم، وهو ما أثر على المجتمع الأفغاني كثيراً، وحتى بعد خروج السوفييت من أفغانستان لم ينتهي الحرب في البلاد، إذ استولت "حركة طالبان" المتطرفة على مقاليد الإدارة وفرضت الأحكام القاسية والمتطرفة على المجتمع الأفغاني، واتخذت "القاعدة" من العاصمة الأفغانية كابول معقلاً ومركزاً لأعمالها التخريبية في العالم، ولعل من أبرز تلك الأعمال تفجير برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك في 11 أيلول 2001م، ليستغل واشنطن هذا العمل ويقوم بشن حرب عسكرية أطاحت بحكم حركة طالبان وأجبرتها هي والقاعدة باللجوء إلى الحدود الأفغانية – الباكستانية، ويبدأن من هناك بشن هجمات مضادة على النظام الافغاني الجديد الموالي للغرب. أي بمعنى بقيت الحرب مستمرة في أفغانستان، ولم يتخلص البلاد من تبعات التدخلات العسكرية الدولية / الامبراطورية، والآن تعتبر أفغانستان من البلدان الأكثر تطرفاً واضطراباً في العالم.
العراق أيضاً وهو بلد ذو موقع جيوستراتيجي كبير وغني بالبترول وقعت ضحية لأطماع النظام العالمي المركز، فبين عامي 1980- 1988م كانت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية تدعم نظام صدام حسين في الحرب العراقية – الإيرانية، وكانت تزودانه بمختلف أنواع الأسلحة، حتى أن تلك الأسلحة استخدمت في حملات الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي في باشور كردستان "مجزرة حلبجة التي راحت ضحيتها 5000 كردياً معظمهم من الأطفال والشيوخ، حملات التعريب والأنفال".
في عام 1989م سعت واشنطن للإيقاع بصدام حسين واستدراجه للقيام بعمل عسكري استفزازي في المنطقة، واستخدامه كطعم لتحقيق أهدافها وأطماعها في تثبيت أقدامها في منطقة الخليج والشرق الأوسط، فذكرت وزارة الخارجية الامريكية في تصريح لها إن نظام صدام حسين صديق استراتيجي لها وأنها لن تتدخل في شؤون العراق بعد الآن.
فهم صدام حسين التصريح الأمريكي على أنه ضوء أخضر له للتوسع في المنطقة، وأن أي عمل مستقبلي له لن يلقى أي معارضة من جانب واشنطن، وخاصة إن حملات الإبادة والتطهير العرقي بحق الكرد بين عامي 1987-1988 لم يلاقي أي معارضة من جانب القوى الدولية.
في آب 1990م نجح الأمريكيون في الإيقاع بصدام حسين الذي قام بغزو الكويت، وعلى الفور انقلب الموقف الأمريكي رأساً على عقب، وأعلنت إن غزو الكويت هو اعتداء سافر ينبغي محاسبة نظام صدام حسين على ذلك، وعلى إثر ذلك شكلت أمريكا تحالفاً عسكرياً دولياً لإخراج قوات صدام حسين من الكويت.
نجحت المهمة الأمريكية، وأصبحت منطقة الخليج بأكملها تحت نفوذها، وأنشأت القواعد العسكرية في عدد من دول الخليج، وفرضت حصار وعقوبات دولية على العراق تمهيداً لاجتياحها فيما بعد. وبالفعل قام الأمريكيون باجتياح عسكري للعراق في نيسان 2003م وأطاحوا بنظام صدام حسين، ليديروا العراق بشكل مباشر ويخلقوا مشاكل طائفية في البلاد، الأمر الذي أدى إلى استفحال الوضع في العراق ووقوعها في أتون اضطرابات طائفية وبخاصة بعد تمركز العناصر المتطرفة "القاعدة" في المثلث السني، ليولد من هناك مشروع "داعش" التي ترتكب الآن أفظع الجرائم وأكثرها وحشية في المنطقة.
سوريا أيضاً أصبحت ساحة للصراع بين مختلف القوى سواء كانت دولية أو إقليمية أو محلية، والمدن والأرياف السورية تتعرض لدمار لم يسبق له مثيل في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، كما أصبحت البلاد قبلة للمرتزقة في العالم الذين يحرقون الأخضر واليابس، حتى أن المعالم الأثرية لم تسلم من جرائمهم ويقومون بتدميرها.
إن المرتزقة الذين يعيثون الخراب والدمار في المنطقة يأتون من البوابة التركية وعلى مرأى من أعين حلفائها الأوروبيين والأمريكيين، وطوال السنوات الثلاث الماضية لم يتوقف المرتزقة عن شن الهجمات على المكونات والشعوب الأصيلة في المنطقة وفي مقدمتهم الكرد.
أتساءل هنا عن مغزى وجود داعش وولادتها في ميزوبوتاميا تحديداً؟ وماهي الأطراف والجهات المستفيدة من وجودها وقيامها بالأعمال الوحشية والتخريبية في المنطقة؟
في الحقيقة يمكنني اتهام النظام العالمي المركزي المهيمن وأقصد به الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بأنهم وراء وجود مشاريع تخريبية كالقاعدة وداعش، إذ لطالما كان هؤلاء يسعون للسيطرة المباشرة على الشرق الأوسط أو ميزوبوتاميا " الهلال الخصيب" بالتحديد، وهذا لن يتحقق لهم إلا عن طريق إبادة الشعوب الأصلية في المنطقة، وتدمير المعالم الأثرية والحضارية لشعوب ميزوبوتاميا، وهذا المسعى يتلاقى مع الرغبة الجامحة لدى الطورانيين الترك الذين يشرعنون وجودهم ويوسعون نفوذهم على حساب الشعوب الأخرى في المنطقة، ولهذا يتم استخدام البوابة التركية في إنتاج مشاريع متطرفة همجية مهمتها تدمير ثقافات وحضارات الشرق الأوسط.
في الحقيقة إن تركيا هي حصان طروادة للغرب في الشرق الأوسط، فتركيا كانت أول دولة تعترف بإسرائيل مما خلق حالة العداء من جانب العرب، لكن الغرب كانوا يرغبون بعدم القطيعة بين تركيا والعرب، وجعل تركيا نموذجاً للعرب والمنطقة "اتخاذ أعمال مصطفى كمال اتاتورك كنموذج لغربنة المجتمع، وكذلك اتخاذ حزب العدالة والتنمية نموذجاً للإسلام المعتدل أو المدجن"، وما جرى في بداية استلام العدالة والتنمية الحكم في تركيا، حين هاجمت إسرائيل سفن المساعدات التركية إلى الفلسطينيين في البحر المتوسط يأتي في هذا السياق، وكان الهدف الإسرائيلي من هجومها هو رفع أسهم أردوغان في البلاد العربية.
روسيا التي أوقفت تدخلاتها العسكرية خارج حدودها منذ تفكك الاتحاد السوفييتي في العام 1990م، عاودت إبراز دورها الإمبراطوري مع تصاعد الأزمة السورية ووقوع مركزها الدولي ووجودها في المياه الدافئة "البحر الأبيض المتوسط" والشرق الأوسط في خطر كبير، لتدخل في الحرب السورية بشكل مباشر كداعم رئيسي لنظام بشار الأسد.
هنا لابد أن نذكر إن دخول الروس في الحرب السورية ليست فقط من أجل الحفاظ على مصالحها وحليفتها في سوريا، بل استمراراً لحربها ضد المتطرفين الذين تمردوا في العام 1994 وأعلنوا إمارة إسلامية في الشيشان وداغستان، والذين فروا بعد فشلهم إلى أفغانستان ومنها إلى العراق وسوريا، ولذا ترى موسكو ان من مصلحتها إبعاد المتطرفين عن أراضيها وإحراقهم في آتون الحرب السورية، وبالتالي إطالة أمد الأزمة السورية وتجميع المتطرفين والمرتزقة فيها، أي إن عملية التخريب والدمار واستمرار الحرب في سوريا ممنهجة من جانب الدول المركزية / الامبراطورية في العالم.

الكفاح المسلح... وسيلة للسلام

إن الشعوب الواقعة تحت نير الظلم والاحتلال من حقها المشروع الدفاع والقيام بالكفاح المسلح لإزالة الظلم والاضطهاد، وبالتالي تحقيق العدالة وإحلال السلام بين الشعوب، والكفاح المسلح مبدأ استخدمه الشعبين الكردي والفلسطيني في مسيرتهما نحو تحقيق الحرية المنشودة.
إن عدم وجود النوايا الحسنة وغياب إرادة السلام والحل واللجوء إلى الخداع لدى الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط يؤدي إلى استمرار الحرب، فدخول حزب العدالة والتنمية التركي في مرحلة المفاوضات مع حركة التحرر الكردستانية في السنوات الأخيرة لم تكن سوى عملية خداع من جانب "العدالة والتنمية" لفرض الاستسلام على حركة التحرر الكردستانية ومحاولة منه لثنيها عن المقاومة والتخلي عن السلاح.
رفض قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان الاستسلام والتخلي عن السلاح، وحدد شروط ومبادئ الحل والسلام في تركيا لصالح الشعبين الكردي والتركي. لكن وبسبب عدم وجود إرادة الحل لدى حكومة "العدالة والتنمية"، تخلت عن المفاوضات وأعلنت الحرب على الشعب الكردي وحركته التحررية في تموز 2015م وقامت بتشديد العزلة على أوجلان في سجنه بإيمرالي، مما أدى ذلك إلى تصعيد الوضع في كردستان وإلى إعلان المقاومة الشعبية الشاملة من جانب حركة التحرر الكردستانية وقيام الشعب الكردي بالإعلان عن إدارته الذاتية في بعض المناطق الكردستانية.
والفلسطينيون أيضاً أعلنوا كفاحهم المسلح بعد قيام دولة إسرائيل بالعدوان على الأراضي العربية في حرب 1967م، ولم تقم حركة التحرر الفلسطينية بوقف كفاحها المسلح إلا بعد الاعتراف الإسرائيلي بالحكم الذاتي للأراضي الفلسطينية بموجب اتفاقية أوسلو في العام 1994م كمرحلة انتقالية نحو إقامة كيان فلسطيني مستقل في المنطقة، لكن إسرائيل رفضت خلال مفاوضات الحل النهائي في العام 2000م قيام كيان فلسطيني مستقل على كامل الأراضي الفلسطينية، مطالباً بقسم من تلك الأراضي والإبقاء على مستوطناتها، مما أدى ذلك إلى تصعيد الأوضاع وإلى اندلاع انتفاضتين في الأراضي الفلسطينية بين أعوام 2000- 2010م، ويجري حالياً في الضفة الغربية ما يسميه الفلسطينيون "انتفاضتهم الثالثة" ويطلقون عليها اسم "انتفاضة السكين".
إن الشعبين الكردي والفلسطيني لم يبقى لديهم سوى طريق "المقاومة الشعبية" للوصول إلى حقوقهما المشروعة وحريتهما المنشودة، وبالتالي فإن السلام والحل في الشرق الأوسط لن يكتمل أو يتحقق إلا بحل قضايا الشعوب والمكونات والاعتراف بحق الشعوب في تحديد مصيرهم وإدارة نفسهم ذاتياً.

دور الشعوب في إحلال السلام

إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط مرتبط بإرادة الحل لدى شعوب المنطقة، والنجاح هو الحليف الدائم لاتحاد أو تحالف الشعوب والمكونات بوجه التحديات والأخطار الداخلية والخارجية، ولهذا يلجأ المستعمرون والأنظمة الحاكمة إلى إتباع مبدأ "فرق تسد" للحؤول دون قيام اتحاد الشعوب، وذلك لتسهيل تحقيق أطماعها وأجنداتها وفرض حاكميتها على الشعوب والمجتمعات، إذ قسم الفرنسيين والانكليز البلاد العربية إلى عشرون دولة وكردستان إلى أربعة أجزاء، وبعد رحيل الفرنسيين والانكليز من المنطقة، قام حكام الدول الجديدة بالعمل ذاته تجاه شعوبهم، فحكام العراق وسوريا همشوا الكرد وحاربوهم طيلة سنوات القرن العشرين، وحرضوا المكون العربي عليهم تحت شعار "محاربة الانفصاليين والعملاء" ، وكذلك تركيا التي ارتكبت المجازر بحق الشعوب غير التركية من خلال إثارة الفتنة وضرب الشعوب ببعضها البعض.
هناك أمثلة عديدة على دور الشعوب في تحقيق الحرية والسلام في المنطقة، فاتحاد شعوب ميزوبوتاميا بقيادة الميديين أطاح بظلم وجبروت ملوك الآشور في 612ق.م، واتحاد الشعوب بقيادة صلاح الدين الأيوبي أجبر الأوروبيين على التراجع وإنهاء الحملات الصليبية على الشرق الأوسط، وكذلك اتحاد وتحالف الشعوب في حروب التحرير في كل من تركيا وسوريا والعراق أجبر الفرنسيين والانكليز على التراجع وإنهاء احتلالهم للمنطقة في النصف الأول من القرن العشرين. وما يجري في سوريا حالياً من اتحاد وتحالف الشعوب والمكونات تحت سقف الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعات روج آفا يعكس تطلع تلك الشعوب وسعيها نحو تحقيق الحرية، وهو ما سيؤدي إلى النصر والسلام لامحالة.

كيف يتحقق السلام في الشرق الأوسط

إن تحقيق السلام في المنطقة لن ينجح إلا من خلال جملة من الخطوات، ولعل من أبرزها:
ـ اتحاد وتحالف الشعوب في المنطقة، وصياغة عقد شراكة استراتيجية شاملة بينها، يتضمن العيش المشترك والوقوف بشل مشترك بوجه التحديات والأخطار الداخلية والخارجية.
ـ حل قضايا الشعوب في الشرق الأوسط والتوجه نحو مفاوضات الحل والسلام الشامل في المنطقة.
ـ التخلي عن الذهنية القوموية الشوفينية والإقصائية من جانب الأفراد والتنظيمات والجماعات والأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط.
ـ التخلي عن الذهنية الدينية المتطرفة، وعدم استخدام الدين لأهداف سياسية، وعدم السماح للمرتزقة المتطرفين والغرباء بدخول المنطقة وتنفيذ أجندات ومشاريع تخريبية.
إن تحقيق السلام في الشرق الأوسط مرتبط بالدرجة الأولى في إرادة شعوبها نحو التعايش السلمي والتخلص من ارتباطاتها وعقد آمالها بالنظام المركزي المهيمن، وفكرة اتحاد شعوب الشرق الأوسط ليست بمعجزة كما قد يتوهمه البعض، وما يدعو إليه القائد عبد الله أوجلان من إقامة الكونفدرالية الديمقراطية للشعوب في الشرق الأوسط يعتبر مشروعاً وحلاً مثالياً للقضايا العالقة في المنطقة، ويأتي ذلك لمصلحة جميع المكونات والشعوب الشرق الأوسطية.

[email protected]
*مجلة الشرق الأوسط الديمقراطي – العدد 32













#دلشاد_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر جنيف3 ... الطريق نحو سوريا الجديدة 2 حول شرعية التمثيل ...
- مؤتمر جنيف3 ... الطريق نحو سوريا الجديدة 1 الكرد في المحافل ...
- العقيد طلال سلو المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية في حوار ...
- نص الحوار مع د.فرهاد تيلو الأمين العام للاتحاد الليبرالي الك ...
- قانون العاملين الأساسي ... والفكر الاقتصادي لثورة روج آفا
- رصد لآراء الكتاب والسياسيين حول الوضع السياسي الراهن في روج ...
- أضواء على المشهد السياسي الراهن والمخططات المعادية لثورة روج ...
- حوار مع د. رزكار قاسم رئيس حركة التجديد الكردستاني - سوريا
- هدية يوسف الحاكمة المشتركة لمقاطعة الجزيرة: المرأة طليعة الث ...
- النص الكامل لحوار روناهي مع السياسي الكردي زوهات كوباني
- الكرد ... من مؤتمر جنيف1 إلى اللقاء التشاوري المرتقب في موسك ...


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دلشاد مراد - الحرب والسلام في الشرق الأوسط الكونفدرالية الديمقراطية مستقبل الشعوب في المنطقة