أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - الحسن ابو جهاد - قراءة في كتاب: خدعة بيداغوجيا الكفايات لمؤلفه عبد الفتاح ديبون















المزيد.....

قراءة في كتاب: خدعة بيداغوجيا الكفايات لمؤلفه عبد الفتاح ديبون


الحسن ابو جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 16:41
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ان الحقيقة الماثلة أمام أعيننا، والتي يختزلها واقعنا التربوي منذ أواخر السبعينيات الى اليوم، تجسدت وتتجسد في التقهقر المستمر والمتوالي للجسد التعليمي بكل مقوماته، على الرغم من جميع المسكنات التي تحاول الدولة جاهدة إمداده بها ، والتي أثبتت جميعها انها فشلت في انعاش هذا الجسد المنهك، وانتشاله من بؤرة التعتيم ، بدءا بسياسة المشروع الى الكفايات والدعم والتدريس بالأهداف، ناهيك عن مأساة الكتاب المدرسي وما يعرفه من تجاوزات مفاهيمية وتربوية ولغوية...
على جانب ضيق من هذا الأساس المترامي ، استفتحت الورقة التأطيرية للقاءات التشاورية حول المدرسة المغربية منشورها بسرد اصلاحات منظومة التربية والتكوين على مدى الخمس عشرة سنة الماضية ، منذ اقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي سمي اصطلاحا بعشرية الإصلاح، الى محطة البرنامج الاستعجالي مذكرة بإيجابيات هذا الاصلاح على مستوى العرض المدرسي من برامج ومناهج دراسية وآليات للتقويم ... لنستخلص بعد ذلك، ان كل التقييمات الوطنية والدولية، مازالت تبين ان النتائج النوعية، دون مستوى المجهودات المبذولة، وهو ما يستدعي القيام بتقييم عملي يسمح بالوقوف على مدى جدوائية ونجاعة كل ما انجز !
ان كانت التقييمات الوطنية والدولية قد أقرت بعدم جدوائية هذه الاصلاحات فلماذا سردها أصلا؟ هل للتفكير في اصلاح الاختلالات فعلا في أفق بناء مشروع مدرسة جديدة؟ ام إن ذلك للتباهي واستعراض الذات؟ نأمل صادقين ان تكون الدولة صادقة في السير قدما بهذا الاصلاح علما ان الخطاب التربوي منذ فجر الاستقلال تبنى ايديولوجية التنميط ولم تزده مخططات الاصلاح المتوالية الا تفقيرا للعقول والقلوب على السواء. فقد شهد الحقل التربوي بالمغرب في العقدين الاخيرين فيضا من الاصلاحات بيداغوجية وادارية كان همها كميا على حساب الكيف والجوهر. والسياق يحيلنا على بعض الحقائق الرقمية لإدراك هول ما بلغه المستوى الدراسي والاخلاقي من تدني. ففي احصائيات 2014، فان 99 تلميذا من اصل 100 من ابناء البادية لا يحصلون على الاجازة و90 % من ابناء المدينة لا يحصلون عليها و85 % من ابناء المغاربة لا يحصلون على الباكالوريا و40% من الحاصلين عليها لا يجدون عملا.
فمنذ استحداث نظام التعليم الاساسي سنة 1987، ازدادت نسبة الفشل الدراسي اذ لم يكن يبلغ مستويات الجذوع المشتركة من تلاميذ التاسعة اساسي (الثالثة اعدادي حاليا) الا 36% من التلاميذ 16% منهم يحصلون على الباكالوريا. تحسن الرقم حاليا واصبح 18%. 5% منهم يحصلون على الاجازة واقل من 1% يحصل على عمل.
الامر الذي حدا بالجهات المسؤولة الى خفض عتبات النجاح الى اقل من 7/20 في الابتدائي والاولى والثانية اعدادي وما بين 7 و7ونصف على 20 في مستوى الثالثة اعدادي. هكذا يتضح ان نظام التعليم الاساسي وما تلاه من اصلاح في انظمة اسلاك التعليم برمته اثر بشكل كارثي على المستوى المعرفي والاخلاقي للتلاميذ، "حيث تراجعت مصداقية المؤسسة التعليمية وفقدت قيمتها كأداة للترقي الاجتماعي والحظوة الثقافية التين تمتعت بهما في الستينيات والسبعينيات وحتى بداية الثمانينيات". يبدو ذلك جليا من خلال املاءات الخريطة المدرسية التي باتت تخضع لأجندات داخلية وخارجية واقتصادية وسياسية لا شعبية همها ملء المقاعد الفارغة دون اية استجابة نفسية او معرفية للتلميذ.
لقد عشنا منذ سنوات ولا نزال في تربة تعليمية اقل ما يقال عنها انها متعفنة راح ضحيتها ملايين المغاربة زرعوا من كدهم وصحتهم ووقتهم وارزاقهم في سبيل تعليم انفسهم وابنائهم، ولم يحصدوا غير التسطيح و اللاشيء، إلا من رحم ربك. فكان على المستوى الفكري أن شُحنت المفاهيم بدلالات ايديولوجية قلبت موازين الاخلاق والافكار ، وتشكلت ازمة قيم عقيمة انغلقت معها الكثير من ابواب المحاسبة، واصبح الفشل عنوانا بارزا لكل مشروع تنموي. اما على مستوى الموارد البشرية ولكي تنجح السياسة التعليمية وجميع السياسات القطاعية الاخرى في مخططاتها ومراميها المسطرة فقد جندت لهذه المفاهيم عُدةٌ بشرية على المقاس ليصبح الصمت سيد جميع الخواتم، وتتحول المأساة الاجتماعية ريعا حقوقيا تنتفع به ثلة من الانتهازيين.
منذ اكثر من أربعين سنة ونحن ننتظر ولا زلنا فهل من مجيب؟ ألم تتعرف الجهات المسؤولة على هذه الانتظارات طوال هذه المدة؟ الم تعلم ان معالم مشروعها التربوي الذي تريد التوافق بشأنه لا يمكن ان يتحقق في ظل ما تشهده المؤسسة التعليمية اليوم من تجاوزات تربوية وديداكتيكية ومفاهيمية، ما لم ينطلق هذا المشروع من رسم سياسات واضحة وصريحة ومسؤولة، بناء عل مستجدات العصر وخصوصيات الذات، وتحديد الوسائل والغايات.
فما دام النظام السياسي يتحكم في النظام التعليمي ويحدد معالمه ويفكك بنياته، ويركبها حسب ما تقتضيه أولوياته واختياراته كمحاولة لفرض "المعرفة المشبوهة" التي لا تشعر القواعد التلاميذية والطلابية ازاءها بأدنى رغبة في التعاطي معها –وهذا ما يحصل في مدارسنا بجميع اسلاكها- ومادام التعسف الرمزي وغير الرمزي يشرعن المعرفة ويعيد انتاج نفسه وبعده السلطوي ومنطقه الاستعلائي اداريا وبشريا. فان اي مشروع اصلاحي يكون عنوانه الفشل الذريع ما لم يؤسس لمدرسة جديدة تؤسس هي بدورها لفلسفة بيداغوجية جديدة تراعي جميع مكونات العملية التعليمية، من برامج ومناهج دراسية تحدد غايات التربية واهدافها، وآليات للتقويم، تستجيب لشخصية المتعلم في جميع ابعادها الذهنية والوجدانية والحركية، وترسانة قانونية تحفظ للمواطن كرامته وهيبته دون اي اعتبارات شخصية او اقتصادية او سياسية...
اذا كانت الوزارة الوصية تسعى حقا الى اصلاح الحقل التربوي ، عليها ان تحرره من كل القيود التي تعيق طاقته الانتاجية والابداعية، بان تجعل جهات غير معنية بالتعليم ترفع وصايتها عنه. وان تكون لديها النية الصادقة والارادة السياسية لخوض غمار الاصلاح بكل اكراهاته، وان يكون هذا الاصلاح شاملا لكل الشؤون القطاعية الاخرى ، لان التعليم شأن قطاعي يشكل سلسلة متراصة مع قطاعات اخرى لا يمكن فصل حلقاتها عن بعضها.
فهل هؤلاء المسؤولون في دوائر اتخاذ القرار مستعدون للتخلي عن مصالحهم الخاصة، وخوض غمار الاصلاح بقضه وقضيضه ، ام ان الامر لا يعدو ان يكون مجرد زوبعة في فنجان.
اذا كانت النيات صادقة حقا في المضي قدما بهذا الاصلاح، يجب ان تمنح صلاحيات كبرى في تخطيط الممارسة التربوية وانجازها لأصحاب الشأن الحقيقيين الذي يكتوون بمشاكل التعليم وهمومه، للبحث عن بدائل حقيقة لما هو قائم حاليا من بنيات تحتية على مستوى لائق، هندسيا وجماليا واخلاقيا وتربويا وأمنيا... ومن تأهيل علمي وعملي للعنصر البشري العامل في الميدان، وتمتيعه بكامل حقوقه المادية المعنوية.
وإن اي حديث خارج هذا السياق، ودون اعتبار هذه الشروط وغيرها، هو ضرب من الخدع الإيديولوجية يكون القصد منها اشراك فعاليات القطاع التربوي اشراكا صوريا يُبَرَّر من خلاله كل اخفاق مستقبلي.
إن الهدف من وراء هذه السطور، هو تسليط الضوء على غيض قليل من فيض من المشاكل التي يعانيها التعليم في بلدنا، وليس التعليم وحده بل قطاعات حساسة شتى تعاني المعاناة ذاتها.
وفي الأخير نهمس في آذان كثير من الناعقين بكل اصنافهم واطيافهم، أنْ كفانا نعقا وتمسحا بالأعتاب على حساب مصلحة البلد التي اضحت شدق كل لسان تعفن بإدام الموائد المشبوهة حتى سرى فيه النفاق وجرى مجرى الدم في العروق.



#الحسن_ابو_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - الحسن ابو جهاد - قراءة في كتاب: خدعة بيداغوجيا الكفايات لمؤلفه عبد الفتاح ديبون