أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد/ بوضرين - أحولي














المزيد.....

أحولي


علي أحماد/ بوضرين

الحوار المتمدن-العدد: 5065 - 2016 / 2 / 4 - 01:45
المحور: الادب والفن
    


الزائر لأحولي لابد ان يبهره ويسحره جمال المكان الخلاب، ويعجب بقدرة الإنسان الأوروبي الخلاقة على تسخيره لطاقاته الفكرية والعضلية ليستغل خيرات بلدان استعمر اهلها المستضعفين بما شغل من آلات أدهشتهم فصاروا طوع بنانه . يعشق الأرض والطبيعة والجمال. يتعايش مع المكان ويتكيف بسرعة مدهشة مع محيطه. يغرس الأشجار ويحيط مساكنه بالحدائق الغناء وإن كان المكان قفرا تحيطه الجبال من كل صوب. يبنى دارا للسينما ومسبحا ويمد الطريق الإسفلتي ويشيد الجسور ويربط المكان بشبكة الكهرباء. تلتصق البيوت معلقة بسفح الجبل أرجوانية اللون وكأنها لوحة أبدعها فنان/ رسام ماهر. والى الجانب الآخر فيلات صغيرة مطلية باللون الأبيض الناصع تعلن في زهو الفروق الإجتماعية الصارخة . تختلج في نفس الزائر مشاعر الرهبة والحنين ، ويأسف لما آل اليه المكان وما طاله من خراب. كم كان المكان يضج بالحياة وكم عاش العمال من شتى بقاع المغرب الرفاه وبحبوحة العيش رغم مشقة العمل تحت باطن الأرض أورث الكثيرين منهم مرضا فتاكا استطاع طبيب فرنسي ان يعرف به ( السيليكوز) وقد لاذت الشركة ( لابينروا) بالصمت. ( السيليكوز) مرض فتاك استوطن رئات العمال وجرهم الى ظلمات القبر اجسادا سرق عافيتها ونظارتها وقوتها في غفلة منهم طمعا في لقمة عيش سائغة في وقت كان المغاربة اجسادهم مرتعا للقمل والأوساخ . وأنت بين أطلال مدينة هجرها سكانها كرها تشعر بأنه مسكون بالحركة وهدير الآلات وضاج بنزق الحياة. وتتساءل كم من أقدام ذرعت المكان ذهابا وإيابا ، وكم من مولود ردد الرجع صرخة حياته وبقي العمر كله فخورا ومعتزا بمسقط رأسه كبصمة مميزة . وكم من روح آدمية طمرتها الأنقاض. ويحز في نفسك ان تهجر هذه القرية المنجمية بعدما كانت عامرة وتصبح خرابا وأطلالا تنوح على رسمها البوم . وتتساءل كيف انبعثت هذه القرية من الرماد كالعنقاء منذ 1933 ؟ وكيف اكتشف الأوروبيون هذا المكان ؟ وكم من أرباح جنتها الشركة من عرق جبين العمال. عمال أشداء عاملتهم بعنصرية دفينة وازدراء فميزت بين الأبيض نقي الدم والرعاع من المغاربة وحالت دونهم وولوج السينما والمسبح كأماكن للترفيه ، ليكتفي أبناء العمال بالتلصص على أجساد النساء الأوربيات البضة وهن يسبحن عاريات مثيرة فيهم استيهامات غرائز المراهقة. والغريب ان المغاربة أعجبوا بالأوربي او النصراني وحاولوا تقليده في أعماله ، لهذا انتشرت مقولة الثناء ( فلان عاشر النصارى إنه تربيتهم ) .
كنت- دائما- أغبط أبناء عمال منجم أحولي، وأنا تلميذ، لأني أراهم في حلة قشيبة وآثار النعمة على وجوههم. معتدين بأنفسهم حد العجرفة . يعيشون عالمهم الخاص ، وبالكاد يخالطون باقي التلاميذ الذين سحقهم الفقر والعوز... فلهم عذرهم فقد ولدوا على نور المصباح الكهربائي بينما كنت أستضيء بنور الشمع الذي لا يصمد في وجه هبوب الريح... ضمن العمال لأبنائهم لقمة عيش نظيفة وتمدرسا قارا وحافلة خاصة لنقلهم. وكم استهوتني احتفالات العمال بعيد الشغل . الخطب والشعارات والعمال ببدلاتهم الزرقاء والأحذية الضخمة والخوذات الصفراء وهم يؤثثون منصات وسط المدينة....وتوالت الأيام وأغلق المنجم ورحل الأوروبيون وغادر العمال المكان مرغمين والجرح غائر في النفوس وتفرقت السبل بالناس لتتحول هذه المناجم عبر السنين الى ملاذ الكثيرين الذين يبحثون ويعيشون على ( رزق من حجر) في ( المدينة المهجورة). .... ولتجمع (اللمة) كل سنة ابناء احولي لصلة أرحام قطعت وإحياء لذكرى أرض دغدغت خيال الكثيرين وحضنت آمالهم وأحلامهم....
ميدلت 10/02/2016






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الإعلان عن الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ...
- تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...
- -ضايل عنا عرض- يحصد جائزتين في مهرجان روما الدولي للأفلام ال ...
- فنانون سوريون يحيون ذكرى التحرير الأولى برسائل مؤثرة على موا ...
- -تاريخ العطش- لزهير أبو شايب.. عزلة الكائن والظمأ الكوني
- 66 فنا وحرفة تتنافس على قوائم التراث الثقافي باليونسكو
- فنان من غزة يوثق معاناة النازحين بريشته داخل الخيام
- إلغاء حفلات مالك جندلي في ذكرى الثورة السورية: تساؤلات حول د ...
- أصوات من غزة.. يوميات الحرب وتجارب النار بأقلام كتابها
- ناج من الإبادة.. فنان فلسطيني يحكي بلوحاته مكابدة الألم في غ ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد/ بوضرين - أحولي