أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فارس السوداني - عدم التمكّن اللغوي، سبباً في -تخلّف- العرب!















المزيد.....

عدم التمكّن اللغوي، سبباً في -تخلّف- العرب!


فارس السوداني

الحوار المتمدن-العدد: 5064 - 2016 / 2 / 3 - 16:11
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بعد ان تلاشت " الفردية " لدى الإنسان القديم وبدأ في تنظيم نفسه للعيش ضمن مجموعات بشرية أكثر عدداً، بدأت تظهر الوظائف وتتوزع المهام، فأصبح لكل فرد وظيفه محددة، فهذا يتولى عملية الصيد، وذاك يتولى عملية الحماية ... فأصبحت تلك المجموعات تميل إلى الإستقرار في مكان واحد. فأخذت تبني الأسوار من الحجارة، وتستعمل الأخشاب وورق الأشجار كسقوف لتقيها البرد والمطر. ونظراً لذلك كان لا بد من ايجاد موراد دائمة ومتجددة، لتلاشي الإنتقال من مسكن الى آخر، فظهرت " الزراعة"، ونظراً لأن هذه المجموعات البشرية -التي تخلت عن الفرديّة، انتظمت في العيش ضمن مجموعات صغيرة، كان لا بد من ظهور وسائل للتواصل والتأريخ وايصال الرسائل، فظهرت " الكتابة".
يرجح معظم الدارسين بأن اللغة، كلغة محكيّة، وجدت قبل الكتابة. ولن نخوض في في جدلية الإثباتات لإستحالة وجود الدليل المادي، لذا سنعرض تطور الكتابة بشكل مختصر ثم نعود لجوهر الموضوع.
ظهرت الكتابة علي الألواح الطينية في بلاد الرافدين باللغة المسمارية عام 3600 ق.م. وكان ينقش علي الطين وهو طري . ثم يجفف الطين في النار أو الشمس. وابتكر المصريون القدماء الكتابة الهيروغليفية عام 3400 قبل الميلاد، ثم اخترعوا الورق، فانتشرت الكتابة. والجدير بالذكر أن الكتابة المسمارية كانت على شكل رموز، أما الهيروغليفية فكانت على شكل صور " كتابة تصويرية". ثم بعد ذلك بدأت الأبجديات بالظهور، فظهرت الأبجدية الأوغاريتية على الساحل السوري منذ حوالي عام 1400 قبل الميلاد، وظهرت الأبجدية الفينيقية في المناطق الواقعة على السواحل الشرقية لحوض البحر الأبيض المتوسط، حوالي سنة 1100 ق.م. وظهرت أبجدية " تفيناغ " عند الأمازيغ في شمال افريقيا.
مع مرور الوقت، بدأت اللغات في التطور شيئاً فشيئاً فظهرت اللغات الافروآسيوية والاوروبية والصينية، وبدأت اللغات الفرعية في التفرع من اللغات الأم، فتعددت اللغات وتطورت مع مرور الزمن، واندثرت بعضها وبقيت أخرى، حسب معايير لا داعي للإستفاضة في شرحها.
في بدايات القرن الرابع عشر الميلادي"عصر النهضة" ، ظهرت في اوروبا حركات ثقافية وفنية وتنويرية واسعة، وبدأت النقاشات العلمية والجلسات الثقافية تنتقل من الدوائر الضيقة الى فضاءات اوسع، فازداد الاهتمام بالعلم والثقافة والتنوير، وبدأت الدولة الدينية " سلطة الكنيسة " في الاضمحلال، إلى أن أتت الثورة الفرنسية عام 1789م، والتي كان لها تأثيرات عميقة على أوربا والعالم الغربي عموما، بسيطرة البورجوازية خلال التحالف مع نابليون، وانتهت بتصدير الأزمة من خلال الإستعمار بالتوسع اللاحق للإمبراطورية الفرنسية. وأثناء تلك الفترة، وبينما كانت اوروبا تشهد تقدما علميا متسارع، بدأت الأمم الأخرى في محاولة اللحاق بالركب، فازدادت الترجمة عن اللغات الاوروبية، واخذت تلك الأمم بالاعتماد على نفسها والبناء على ما قدمته اوروبا وتطويره.
كل تلك الأمم لها لهجات محلية متفرعة منها، لكن تلك اللهجات تتميز باختلاف النطق، وليس باختلاف طريقة الكتابة، لأن الأبجدية واحدة. أما نحن العرب، فلهجاتنا المحلية تتميز بوجود مفردات غير عربية أصلاً - آشورية/ سريانية/ كلدانية- نستعملها كلهجات محكية في مجتمعاتنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نذكر بعض من تلك الكلمات: ( جوا ، جواني .داخلي , وجوا الدار , يعني داخل الدار , وهي ما زالت عندنا وعند المصريين . لطش: أخذ بقوة , وعندنا لطشتها يعني سرقتها , أو ضربتها .
شقحا او شكحا : أو شكها أو شقحها بزيادة الهاء في الإثنتين, وتبدل القاف والكاف في اللفظ بسبب تقارب مخارج الحروف. بوري : إنبوب أو ماسوره .وفي بلادنا بلاد الشام نقول عن اللبن : حليب , أما البدو فيقولون عنه لبن , ونحن نقول عنه حليب لأن لونه أبيض , وكلمة أبيض بالسريانية : حليب. إيمت : متى؟ وهي علامة سوآل . إيد : يد. دقنا : ذقن : لحيه, لحية . منيح: كويس ندر : نذر . ريق : اللعاب , البُصاق: البزقة, البصقة). ويمكن لمن يريد التوسع، البحث في الشبكة، عن موضوع " الكلمات غير العربية التي نستعملها في اللهجات العامية" لتضح لنا صورة أننا بعيدين كل البعد عن استعمال اللغة العربية في حياتنا اليومية.
إن العقل البشري فيه جزء واعٍ وآخر لا واع، والوصول إلى اتقان اللغة، أي لغة، يتطلب انتقال تلك اللغة إلى الجزء اللاواعي من الدماغ، أي أن تخرج الكلمات من فمك بدون ان تتخوف مسبقاً من عدم وصول الفكرة اوالمعنى المطلوب، او من عدم القدرة على التعبير بشكل مفهوم. فكلما كانت ممارسة تلك اللغة أكبر، كلما زاد رسوخها في الجزء اللاوعي لديك، فالعربي الذي يتعلم الإنجليزية مثلا، يجد صعوبة كبيرة في التحدث بها بشكل عفوي وتلقائي، لأنه يحتاج للتفكير في كل جملة قبل نطقها، لكي لا يخطىء ويتلعثم. فما بالك عندما تكون لغته الأم " اللغة العربية" غير موجودة في " لا وعيه"؟ بالتأكيد سيتلعثم ويرتبك عندما يُجبر على التحدث بها، بصف في المدرسة او الجامعة مثلا، او في حوار على التلفاز او الإذاعة، ولهذا نجد ان أغلب غير المتمرسين - الذين لا يمارسون التحدث بالفصحى كثيرا - يخطؤون ويرتبكون ولا يستطيعون صياغة وتركيب الجمل في كل مرة يتعرضون فيها لموقف يستدعي التحدث بالفصحى. لأنها، وبسبب قلة الممارسة، غير موجودة في اللاوعي لديه.

الكُتّاب الجيدون، هم الكتاب الذين يستطيعون اخراج ما في عقول الناس على ورق، فتجد أن الشخص عندما يقرأ تحليل او توصيف او مقالة لكاتب جيد، يقول في كثير من الأحيان:" هذا ما افكر فيه بالضبط، وهذا ما كنت سأقوله!". لكنه لا يستطيع التعبير عن افكاره واخراجها على ورق، او لا يستطيع ترتيبها وصياغتها بشكل ملائم، حتى أن اغلب المنشورات على مواقع التواصل الإجتماعي عبارة عن " نسخ ولصق" وتكرار لأفكار واقتباسات لمشاهير، بدون التغيير في الصياغه، واضفاء اي لمسة شخصية حتى لو كانت بسيطة، فتجد الشخص لو أحب فتاة معينة، لا يكتب لها ببساطة " في كل نفس أتنفسه، تدخلين، بالإضافة للأوكسجين، إلى صدري، فيمتلىء دمي به وبكِ. "، بل يبحث في " جوجل " على عبارة قيلت في الحب والإعجاب ليستعيرها ويسقطها على حالته! وبما ان ممارسي اللغة الفصحى قلة قليلة، فمن الطبيعي ان نلحظ قلة الإنتاج، ليس لأن الناس أغبياء، بل لأنهم غير متمكنين من اللغة.
جامعاتنا العربية، بالمقارنة مع الجامعات الأجنبية لا تنتج شيء. عدد المقالات العربية في ويكيبيديا 30 ألف مقال، بينما عدد المقالات في ويكيبيديا الهولندية مثلا 1,880,000 مقالة. والأمثلة على تخلفنا كثيرة ومعروفة لدى الجميع، وفي كل المجالات.
ولكي لا أبدو سوداوياً في مجمل الطرح، أذكر انه في السعودية، وبسبب انتشار رجال الدين، والتديّن بشكل عام، فإن اللغة الفصحى تٌستعمل وتٌمارس بين الناس في المجتمع السعودي، بشكل اكبر من اغلب المجتمعات العربية الأخرى، فنجد ان السعوديين لديهم زخم في الانتاج. لكنه للأسف، محصور فقط في المجال الديني!
بالتأكيد "عدم التمكن اللغوي" ليس السبب الوحيد في مشكلة تخلفنا عن باقي الأمم، لكنه برأيي سبباً مهماً واساسي. ولهذا أرى ان النقاشات التي تتناول اسباب التأخر العربي، لا بد لها ان تتطرق وتتناول عدم التمكن من اللغة، كسبب اساسي في المشكلة.

هناك قول مأثور: " معرفة سبب المشكلة، هو نصف الحل."











#فارس_السوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فارس السوداني - عدم التمكّن اللغوي، سبباً في -تخلّف- العرب!