أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينة بن سعيد - أُغمي على مُخيّلتي!














المزيد.....

أُغمي على مُخيّلتي!


زينة بن سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 02:06
المحور: الادب والفن
    


يومها كنتُ في طول حبة فاصولياء، وأعدّ بلاط الطريق المؤدي إلى المدرسة يوميّا، وفي صباح كانت له رائحة خشب يحترق اتهمتني معلمة الرّسم بأن رسمة القلعة ليست صاحبتي، فانتقمت أصابعي برسوم أخرى، وألوان أخرى استودعتُها في قلب دمية.
وفي يوم مائل، وبّختني معلّمة الرياضيات عندما باغتتني وأنا أرسم المسيح مصلوبا نقلتُه عن صورة وجدتها في مجلّة مركونة أمام محل في حيّنا.. واستدعَت أبي، ولم يفاتحني في الموضوع ولم يسأل عن السبب، ولا يعلم، ولا تعلم المعلّمة أن المسيح صديقي الذي ربّيتُ أمه بعد أن تخلّت عنها الشجرة الشمطاء.
هل كنت صغيرة يوما؟، هل فكرت في لعبة؟، لم أملك وقتا لشراء وردة حمراء لأمي في عيدها، أو في أي واحد من الأعياد.. في الحقيقة لم أملك ما أدفعه لقاء الوردة.. وعندما أهديتها واحدة كانت "بلاستيكية"، استطعتُ بعد سنوات تأمين مُقابلها.
كُنْتُ أشاهد نسمة تسترخي فوق كتفي، فأتذكر شجرة الزيتون حيث تجاعيد جدّتي، آه، جدّتي، أعتقد ماتت، يومها بكت الأمطار والغيوم والمناديل، ولعقَ الغراب آخر شعرة بيضاء حملتها رأسها المستديرة.. جدّتي كلما تذكّرتها يهتزّ قبر على اليسار وتتعثّر المقبرة بروحها الفراشة.
لا تتذكّر قدميّ الصغيرتين سوى طريق السوق المتعفن، واللحية الخشنة كابوسي الوحيد، والجسد الأسمر قتل روحي الطفلة.. تلاحقني عيون بدمعة قرمزية، الأهداب مجهولة النسب، والساحرة بقبّعتها الطويلة تستغلّ صدري كل ليلة لتصعد إلى السماء وتسرق جزءً من الشروق، بينما أحلم بصورة فوتوغرافية لنجمة صادقتها يوما وأنا أستحم داخل برميل حديدي.
مقلمة! .. كم كانت جميلة مقلمة زميلتي هند التي شاركتني مقعد الابتدائية! .. هل كانت تحس أنني رغبتُ بواحدة مثلها؟ .. مقلمتي صنعتها أمي، أعتقد من قماش فستان قديم، حاولت مرارا تمزيقها، بلا فائدة .. طيّب، وددتُ لو أحسّت أمي بألمي وأنا أشاهد دمى "الباربي" عند زميلاتي آخر كلّ سنة، حتى انقضت سنوات الدراسة وتشكّلت عداوة بين قلبي والباربي.. الآن، لا أحب الباربي ولا يمكنها الحلم بحضني.
ربطتُ خصري بأحلام كثيفة، ولمّعت النهر بإسفنجة فقدت ثقوبها، وحلُمت بهارمونيكا، وسجنتني جديلة أنانية.. كان الوقتُ غبارا، والمأوى بائسا، توسلت جوارب بيضاء، وقطعة نقدية في العيد، وحضنا في الظلام.. وفي النهاية خانني الحقل وجلب فزّاعة لطيوري المُهاجرة.
ممدتُ يدي ومسحت بها على قلوب الكثيرين، الموجوعين والمتذمّرين، يدي الصغيرة التي تنفلتُ منها جميع الأصابع، تُحكِم قبضتها على سراب.. ابتسمتُ في وجه اللّوثة، والحزن، والأرق، والألم، والكدح.. ابتسمت في وجه الأقنعة والقلوب المتوتّرة حتى لو كانت أعماقي تحت الصفر على سلم المعنويات.. وفي غمرة التحليق نسيتُ جناحاي في ذهن نورسة لا تقوى على الضحك.
صنعتُ وطنا ليحتويني، وفي كل مرة أنسى خطواتي خارجه لأعود وأجلبها متعبة لتكمل المسير، وعند كلّ منعرج أخوض خطر التخلّي، لكنني لا أتخلى.
(الجزء الأول)

زينة بن سعيد
31/01/2016



#زينة_بن_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطّة نائمة
- نسمة صفراء...
- علامة تعجّب مُنفعِلة!!
- حرفٌ بائس!
- لامٌ مكسورة
- دورانٌ مستقيم!
- ندوبٌ برتقالية-لئيمة-
- ورقة مُؤنّبَة!
- أقواسٌ بين قوسين -سطر أيضا-
- إرهاق -غابة مطرية-
- أسطورة -نسخة قمرية-
- في.. فِيَّ -زركشة-
- أنا أهذيِ


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينة بن سعيد - أُغمي على مُخيّلتي!