أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم العزاوي - لا تشتجروا.. الصحة رهان وجودي للطبيب















المزيد.....

لا تشتجروا.. الصحة رهان وجودي للطبيب


جاسم العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5062 - 2016 / 2 / 1 - 02:04
المحور: المجتمع المدني
    


لا تشتجروا.. الصحة رهان وجودي للطبيب

د. جاسم العزاوي
يستنفد الطبيب، وسائل السيطرة على الحالة المرضية التي بين يديه، ساعيا لإستيفاء سبل العلاج كافة، هذا هو شأنه، أما بلوغ الشفاء، فشأن الرب.. جل وعلا، وما الطبيب الا إنموذج تطبيقي للآية القرآنية الكريمة: "وجعلنا لكل شيء سببا".
فهو يستحضر علمه المتراكم.. من دراسة أكاديمية وممارسة مهنية، تلقى الاولى، على مدرجات الجامعة، وعاش الثانية، تطبيقا وعملا.
لذلك من يراجع أي منفذ طبي.. بدءا بمستوصف أولي.. داخل محلة شعبية، او طبابة بسيطة.. في قرية نائية، وإنتهاءً بمستشفى ضخم.. هائل المعدات.. حديث الأجهزة، يعمل فيه فطاحلة الطب ومبدعوه، سيلقى تفانيا من الملاك الصحي.. طبيبا ومعاونين وممرضات وعمال؛ لأن إزالة الوجع، وتعافي المراجع، رهان شخصي، بين الطبيب ونفسه، إزاء الجميع، حتى من يستفزه بعدوانية او سذاجة!

رياضة الفوز
الطبيب في العيادة، كالرياضي في ملعب، نازل كي يحرز فوزا؛ أما إذا أخفق او غلبه الغريم؛ فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها؛ لأن لا رياضي ينزل للساحة كي يخسر ولا طبيب يجلس في العيادة؛ كي يميت المرضى، وما ينفرط من سيطرته؛ نابع من حالة متقدمة يتعذر شفاؤها، او جرح بليغ، في موضع لا يتمكن منه المعالج، و... ربما خطأ في الإجتهاد.. تشخصيا او أداءً يسفر عن إلتباس، تتعالى عنده الأصوات، وتغلب الانفعالات الهوجاء، على الخطاب التأملي، مغيبا لغة التفاهم، وجل من لا يسهو؛ فالعصمة لله وحده.
بل ثمة مراجعون لا يريدون ان يفهموا العذر مهما كان صادقا، فهم مثلا لا يقتنعون بأنهم تكاسلوا عن مراجعة الطبيب؛ فإستفحلت الحالة، او أقدموا على خطوة، غير دقيقة، إستلبت المبادرة من يد الطبيب؛ فتفاقم المرض، ودخل مراحل لن يجدي العلاج نفعا معها.. تلك وسواها من شؤون العمل الطبي، لا يريد البعض فهما، والبعض الآخر قاصر عن إستيعابها؛ ظنا منه أن الطبيب خزاف يعيد تشكيل الطين ويفخره في الأفران، كيف يشاء.

مبالغة مرة
الثقة بالطبيب حلوة، لكن مطالبته بالمعجزات مرة، وتلافي تقصير ذوي المريض، وتحقيق ما لا تطاله الا ارادة الله، ليس مرا فقط، إنما حنظل.. شري يشل الريق ويؤدي الى جفاف الحوار، فيشتجر المراجعون مع الطبيب، الملاك الحارس.. الرحمة المنقذ "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان".
في نوع من دراسة ميدانية، أجريتها متحريا، عما تعرض له الأطباء، من مشاكل مع ذوي المرضى؛ توصلت الى أن معظم الناس يظن الشفاء رهين بالطبيب، وأنه قادر على إحياء الموتى، كالسيد المسيح.. عليه السلام.
وهذا شعور إيجابي؛ لأن ثقة المريض بطبيبه، مهم في قطع مراحل واسعة، من شوط العلاج، بالمقابل بعض الأطباء مزحوم بمرضى تكتظ غرفته بتأوهاتهم، تقطع نياط القلب، فينتابه نوع حزن لأجلهم، يدفعه الى قسوة غير مقصودة... لا يجد لها هو نفسه تفسيرا؛ سرها كامن في النظام الطبي المتبع؛ لأن المواطن العراقي.. والشرقي عموماً، لايكلف نفسه عناء الفحص الدوري، مرددا جملة مغرقة بالجهل: "إشوكت ما جاءت المنية؛ فمرحبا بها".
هذا كلام لا يقال في القرن الواحد والعشرين، مثلما هناك أطباء مستفزين بتعاليهم، الذي يصيب المرضى بإنتكاسات، يحارون في تفسيرها أيضا، فالعلاقة جدلية.. طبيب عالم ومريض متعاون، يؤديان الى شفاء عاجل، بجهد مكثف من الطبيب وألم أخف على المريض.

منظمة متخلفة
لكن هل الخدمة الصحية جاهزة ومؤمنة، في دولة، لا توفر وزارة الصحة فيها، الا 20 % من الحاجة الفعلية، و75 % تتحول الى إهمال ونقص بالادوية والأجهزة والملاكات البشرية، بتخصصاتها ودرجاتها الوظيفية ومهماتها كافة.
تمارس الوزارة، نوعاً من خدمات طاردة، تبقي العوز شاغرا يفغر فاه، بنسبة 75 % نتيجة سوء التخطيط والفساد؛ لذا أداعي بإعادة مستشفيات الرشيد والقوة الجوية وحماد شهاب والرشيد العسكري، وسواها من مستشفيات أهملت، بعد 2003؛ فربما يتصاعد الامر، إن لم توضع حلول لتلافيه...
المستشفيات تعاني من نقص في أعدد الاطباء والملاكات الوسطى، في وقت يوجب العالم المتحضر، إجراء تحقيقات للإطلاع على واقع حياة الناس؛ لتوسيع الخدمات.. من كهرباء وطلبات أخرى.
فمثلا 1000 شخص يعاينهم.. دوريا.. طبيب واحد، يزورهم في البيت، سواء أكانوا مرضى أم أصحاء؛ بغية تلافي أية أعراض، منذ البدء... لو إتبعنا جزءاً من ذلك، ما إكتظت المستشفيات بالمراجعين، يتدافعون،...
إذن المشكلة في القرار الإداري للدولة، وما الطبيب والمريض الا ضحاياه، وشجاراتهم ناتج عرضي لتخلف المنظومة الصحية برتكولياً.
لينجح الطبيب في اداء عمله متفوقا، ويتلقى المراجع علاجا شافيا، لا بد من طبيب أسرة، واحد لكل 1000 نسمة، بالغا 35 ألف مختص بطب المجتمع، حسب عدد سكان العراق! بينما الواقع يقول ليس لدينا، سوى 200 طبيب معني بطب المجتمع.
توفير شيء من هذا القبيل، يمكّن الطرفين.. المعالج ومتلقي العلاج.. من التفاهم الثنائي، بغية الوصول الى أقصى فائدة ترتجى، ما يعني أن مستشفياتنا بحاجة لـ 34 الفا و400 طبيب متخصص بطب المجتمع، وممرضات وممرضين ومعينين وسواهم من إشتمالات عمل وزارة الصحة، بإعتبارها القطاع الأشد تماسا مع حياة الناس.
أما كيف يتفاقم الموقف، بين الطبيب والمراجعين؛ فنتيجة عدم جهوزية المستشفى، وقسوة الألم على المريض؛ ينفلت السلوك من عقاله، تبادلا بين الاطباء والمرضى،... تتضافر أسباب الزحام، وإنقطاع التفاهم، بين الطبيب ومرضاه، على تحميل الامور أكثر من محمولها.
فالعراقيون لا يلتزمون نظام التحويل، حسب مراحله المتبعة عالميا: الاولية والثانوية، صعودا الى الكبرى، والمستشفيات تعاني نقصا حادا في عدد الاطباء، وثغرات إدارية وشحة في الأدوية والمعدات، لا يسأل عنها المريض طبعا، ولا الطبيب، إنما هي حق واجب لكليهما، على الحكومة، ممثلة بالوزارة المعنية.
لا أدافع عن طبيب، إشتجر مع مرضاه؛ لأنه ملام.. سواء أكان ظالما أم مظلوما؛ لأن المريض يريد طبيبا يهدئ روعه، ولا "يتعارك" معه.. العلاقة الحميمة بين الطبيب ومرضاه، تسرع في العلاج، إقترابا من إكتساب الشفاء التام.
تلك الحميمية، دفعتني الى الإعتذار عن الدعوات الدراسية، وفرص العمل في دول فاحشة الثراء، براتب مغرٍ؛ لأنني أؤمن بوجوب المكوث بين أهلنا، أغدق عليهم نزرا من سعادة الثقة، بطبيب ناضج العمر يعرف ما يفرح أبناء قومه، ويتفهم ظروف عمل زملاء مهنته.



#جاسم_العزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجيب قلب في سماعة الطبيب


المزيد.....




- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...
- تعذيب وتسليم.. رايتس ووتش: تصاعد القمع ضد السوريين بلبنان
- كنعاني: الراي العام العالمي عازم على وقف جرائم الحرب في غزة ...
- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جاسم العزاوي - لا تشتجروا.. الصحة رهان وجودي للطبيب