|
إغماضة الحياة في الموت
عدنان ابو أندلس
الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 22:54
المحور:
الادب والفن
إغماضة الموتُ في الحياة قصيدة " ريحُ الجْمرة " للشاعر الراحل عقيل علي . عدنان أبو أندلس ما إن ذُكر يوماً ، الجْمر ؛ إلا وقد تصورنا لسعتهُ اللحظة ، نستذكرهُ بألمٍ في الحال – لسعتهِ ، حُرقتهِ ، هذه الأشياء تتوالد من لهيبهُ – سخونتهِ – سناهُ - فيكف على من تقلب على سريرٍ من حرقةِ ووحشتهٍ طيلة أكثر من عقدين كاملين – يتوسد الرصيف ويلتحف نظرات المارة . بهذا العنوان وظف الشاعر عقيل نصهِ على ضوء عملهِ السابق – "خباز في فرن " قد سايرتهُ لسعات النار المتأججّة ا، حيثُ إختزل سرد حياتهِ المستعرة لروح مضمرة يغلفها الموت كل حين ، موتهُ المؤجل ؛ أعلنهُ ضمن جدول أعمالهِ اليومية ، هناك ترابط عميق وشدٌ وثيق بين الجْمر وريحهُ ، وبين الشاعر وروحهُ . إن الجانب النفسي مقرون بهذه الإفضاءات اللاشعورية تراودهُ في غفلة فكرٍحادّة ، حياتهِ رغم جدّليتها تبقى مسكونة بصدق المبدأ ، لكن هل معطياتٍ لمرحلة مترسخة لدى البعض من أن عبثية العيش لاجدوى منها ؟! : أغمضت المقلتين ومضيت بعد انطفائها مازال الانتظار مرتحلّ والذي لايجيء فيض رماد وأهجر الجدار وسادتكِ الرصيف وطعامك بقايا فضلات المزابل مستهل مُحيّر قد نتوقف فيهِ ونهمس !.. كيف ...مضى ؟ .. رغم إغماض العين وإنطفائها ، هذا مستهل سائب لايجدي من الروية بشيء . إن حالة التضاد المميزة برزت فيهِ حالة إبداعية رائعة وفائقة في الدلالة ، أغمضتُ المقلتين .. ومضيتُ ... بعد إنطفائها !.. مضى ببصيرة وليس ببصر ، كون الرؤية مشعة من الأعماق ، إغماضة العين –الموت المؤقت -إسدال الرمش والنظر غوراً إلى الأعماق – إنطفائها – موت البصركلياً – تعطيل الحاسة تماماً ... رغم هذا الإنتظار ! حيثُ الأمل مرتحل وقد لايجيء ،سوى قبضة رماد – نهاية حياة والفناء الحتمي ... مناجاة نفسية حادّة ...تحذير ، وصايا نصائح ذاتية ، مراجعة النفس ، لعل الروح التعبى – الروح المضمرة بالموت تحاور صاحبها . إن فقرة – فالتجئ لهُ ... من هو - ومن هي ؟ الأمل – الخالق ، ربما بقايا من عزيمة وثبات مبدئي بإستمرار حياتهِ التي إختارها : التوجس والدهشة والحيرة وأيام اللاجدوى فراشك وغطاؤك وزادك دوماً فإغمض المقلتين كذلك أنت إلى الأبد مازلت مرتحلاً وستظل داخل روحك فإلى متى ياعقيل علي مامن خلاص ؟ هذه العوالم الماثلة في أفق حياتهِ العابثة، هي التي شكلت برمتها إغماضة عينيهِ ،إفرازات طالتهُ كل حين ، من شروق وحتى غروب ،حذّر الذات منها ، لكن لاجدوى من ذلك ، هذه الإستنتاجات إستخرجها عبر مسيرة حافلة بأيامٍ متكررة – التوجس – الحيرة – الدهشة – ثلالية تلاشي الروح وبمعيتها – الغربة – الوحشة – الفراق ، هي كل ماتبقى لهذا الكائن الضاج بهمومهِ اليومية والتي كابدها في ريح الجمرة اللاسع لقلبهِ قبل جسدهِ ؛ هذا إن تبقى لجسدهِ مايلمُ بها عضامهِ . النص يحمل طابعاً حوارياً مع النفس – همس – دردشة – حوار وغيرها من إستنطاق وبصيغة –عتاب – لوم – تحذير – وصايا – فهل من خلاص ! تسربل أبدي في تطبع يسكنهُ حتى إغماضة المقلتين : أهذهِ ما يسمى حياة كلا ، أنهُ الموت في الحياة كل رمشة جفن انهُ إذن ماتبقى من محسوب عليك حياة بيديك وكفى كفى يبدو أن الشاعر يسير حياتهِ كما يريد – سلباً – إيجاباً – بدلالة تكرار مفردة كفى – اللائمة في الجانب النفسي ضاجاً بندائهِ – وكفى – كفى – المفضي إلى إنتفاء الحياة .....إشارة حمراء بنهاية حتمية ،وكأن حال لسانهِ يقول : " لستُ متأكداً من وجودي في الدنيا – طويلاً " ...! وكأنهُ هو قابض روحه أو يتمنى ذلك للخلاص – مازلت مرتحلاً وستظل – روحك – فإلى متى ياعقيل علي ؟ .. تشخيص ذاتي بالإسم كونهُ المعني والمعلِن الوحيد عن موتهِ – أهذهِ مايسمى حياة – كلا ... من خلال قراءة النص لمرات عدة تستشف من شاعر ما يخاطب عقيل علي ، كـ تبادل أدوار الحياة اليومية – يواسيهِ بمتاعبهِ –وليس هو – كون المتمرد يخاطب نفسه على هذه اللواعج المرّة . 23-12-2015 .
#عدنان_ابو_أندلس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|