أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - وهم الاستقرار في المغرب















المزيد.....

وهم الاستقرار في المغرب


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 21:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




شكل نجاح الانتفاضة التونسية في الوصول لأهدافها بأقل الخسائر الممكنة, و بعدها الانتفاضة المصرية بمظاهراتها المليونية الحضارية السلمية رغم بعض الانزلاقات الهامشية, شكل حافزا كبيرا لالتحاق فئة واسعة من الشعب المغربي بالحراك الشعبي الممثل بحركة "20 فبراير".
فقد غيرت هاتان الهبتان الشعبيتان موازين القوى لصالح الشعوب بعد سبات طويل, بل و ساهمت في تشكل مزاج اقليمي-عالمي جديد يكتسح كل أشكال الحكم التسلطي الاستبدادي، و يكسر حاجز الخوف أمام الشعوب في مواجهتها مع أنظمتها القمعية, و يسقط البدعة التي تتلمذت عليها الأجيال السابقة و المسماة ب "هيبة الدولة". و جعلت أخيرا من قضية التغيير و انتزاع الحقوق و الحريات أولوية الأولويات في مجتمعاتنا.
لكن تعثر الربيع المُقبر في بلدان أخري كليبيا و اليمن و أخيرا سوريا (رغم التحفظ بشأن الحالة السورية), و انجراره الى متاهات العنف و القتل و الدمار و التخريب, شكل بداية النهاية لهذا الحراك "الصحي", و حول الحلم الى كابوس, و قضى على ما يمكن اعتباره فرصة ذهبية لنهوض الأمة, بفعل تكالب أصحاب المصالح و أعداء التغيير, من القوى الامبريالية الى أذنابها من رجعيات النفط و الغاز.., و أيضا تعنت الأنظمة الفاسدة و عدم مرونتها مع الاحتجاجات التي كانت في بداياتها سلمية خالصة.
هذا الانزلاق نحو العنف و الفوضى, بغض النظر عن أغطيته الدينية أو العرقية أو المذهبية, لم تكن ورائه الا الأنظمة المستبدة التي تعمل بقاعدة "نحكم البلد, أو نحرق البلد", زد على ذلك تدخل الرجعيات المتخوفة من المد الثوري بكل الطرق و الوسائل الممكنة, من تسخير الاعلام في اثارة النعرات و تأجيج الصراعات, الى ارسال السلاح و تمويل الميليشيات. و لا يمكن بأي حال من الأحوال, نسب هذه الانزلاقات للثورة و الحراك الثوري. كما تحاول نفس الرجعيات و الأنظمة الاستبدادية الترويج له, لأن الجماهير التي تثور تكون واعية بحجم التضحيات التي ستبذلها في سبيل التحرر, و تعمل جاهدة لتقليص كلفته.
و قد تمكن النظام المغربي الحاكم "المخزن", كغيره من الرجعيات و النظم الاستبدادية, من استعمال هذه المشاهد و "الكليشيهات", (تماشيا مع مشروعه الالتفافي على الحراك الشعبي المغربي), في تخويف الجماهير من التغيير و الثورة و تبعاتها. و اظهار ما يعيشه البلد من استقرار نسبي, على أنه "نعمة". و وجب على هذا الشعب الحفاظ عليه و الدفاع عنه ضد كل من تسول له نفسه تهديده. و صارت هذه "الأكذوبة" قناعة راسخة لدى فئة كبيرة من الشعب المغربي. و مبررا جاهزا يلجؤ اليه كل المتنفعين من ريع السلطة و فتاتها.و قد نجحت هذه المؤامرة ولو مؤقتا في تجميد نضالات قطاعات واسعة من الجماهير, لكنها لم و لن تتمكن من التخفيف من حالة الاستياء العام التي تسود أوساط الشعب المغربي. لأن الركون في هذه الحالة ليس مفاده أن الشعب اقتنع ب"أسطورة الاستقرار", و انما فقط دخل في حالة من الانتظارية لاصلاحات جادة من أعلى الهرم لن تأتي أبدا !!!
و بهذا المكر و الدهاء المخزنيين, خرج الشعب المغربي من "الربيع الديمقراطي" بخفي حنين. بل جنى على نفسه بحكومة ذات خلفية "اسلامية", مررت أكثر القرارات "لاشعبية" في تاريخ المغرب السياسي الحديث. حيث استهلت ولايتها بمقولة رئيسها بنكيران "عفا الله عما سلف", و هي موجهة للمفسدين و لصوص المال العام, و تستمر بسلسلة من القرارات و السياسات التي لا تتماشى الا مع توصيات المؤسسات المالية الامبريالية, التي تستهدف تحميل كاهل شرائح واسعة من الطبقات الشعبية العاملة, تبعات الاقتراض من الخارج و النهب الداخلي الممنهج. بينما خرج النظام المخزني من عواصف الربيع منتصرا و موشحا بلقب "سيد الاستقرار".
هنا نود أن نطرح السؤال التالي, هل "الاستقرار" المغربي, هو استقرار "بالشعب", أم "على حساب الشعب و غصبا عنه"؟
فالاستقرار مفهوم مركب، تتقاطع و تتداخل في بنائه عدة أطراف و عوامل، منها "الدولة" و طبيعة النظام الحاكم و الشعب و التاريخ. و بعيدا عن كل هذه الحيثيات, فهو يعتمد على تعاقد صريح بين الطرفين في عملية البناء، وأهم بنوده حرية الاختيار و تداول السلطة بطرق سلمية ديمقراطية. و ليس كما هو عليه الحال في المغرب حيث يتم تعريف هذا التعاقد بالبيعة و الولاء عن طريق الركوع للحاكم كل سنة !!! و ياللعجب عندما يتم الترويج لهكذا نظم جاهلية بالية خارج التاريخ, من طرف "معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي", و الذي يقول بأن الاستقرار السياسي في المغرب, توفره ملكية عريقة منذ أزيد من ثلاثة قرون..., و يتفنن بالتغزل ب"الاستثناء المغربي", و غيره من الأسطوانات المخزنية المشروخة التي يتبناها حصريا أعداء الشمس !!!
ان ما يعيشه المغرب منذ عقود من تسلط العصابة المخزنية الحاكمة, هو حرب معلنة على الشعب المغربي بكل ما للكلمة من معني, حرب سياسية و اقتصادية و اجتماعية, تم فيها استعمال جميع الوسائل و السبل للقضاء على عزيمة هذا الشعب و النيل من ارادته, و كان أقصاها و أقساها انزال الجيش و دباباته الى الشوارع في مناسبتين( أحداث 23 مارس 1965, و 20 يونيو 1981). و باستحضار مختلف المحطات الاحتجاجية الأخيرة في المغرب (1981-1984-1990), و التي كانت نتاج أزمة بنيوة عميقة, و صراع سياسي مرير, و تدهور صارخ للأوضاع المعيشية. نجد أن السبب وراء هذه الانتفاضات المقبرة و الثورات المجهضة أسبابا اجتماعية-اقتصادية محضة. لكن رد فعل النظام اتسم بالقسوة المفرطة و الدموية الغير مبررة تجاه المحتجين, بل و سارع الى اتهامهم بالخيانة العظمى. و هذه أكبر طامة أتت على العلاقة بين النظام و الشعب, و خطيئة لا تغتفر في طريقة معالجة السلوك الاحتجاجي. و هذا كفيل باعطائنا لمحة سريعة عن مفهوم "الاستقرار" في المغرب.
فعندما يحاول دهاقنة النظام المخزني اعتماد المقاربة الأمنية في فرض الاستقرار, بعد نفاذ الحلول الترقيعية. فهذا التوجه لا يصنع الا الخوف و الهلع, و لا ينتج عنه الا تراجع الحس الوطني و الاحساس بالانتماء على حساب اليأس و العدمية و التطرف. مما ينتج لنا مجتمعا مريضا و علاقة معتلة بين الفرد و "النظام", تتطور لتصبح علاقة معتلة بين الفرد و "الدولة".
و زيادة على فضل القبضة الأمنية الهمجية و الدموية في بعض الأحيان في تأمين هذا "الاستقرار", وجب أن نشير الى "استقرار فئوي" تستفيد منه شريحة معينة من الشعب المغربي, و يراد تعميمه على البقية كشكل من أشكال التملص و التهرب من المسؤولية. و هنا نتحدث عن الهبات و الصدقات الخليجية و القروض الأوروبية المشروطة, زيادة على قطاع الدعارة و تجارة المخدرات الذي يوفر للعصابة الحاكمة متنفسا اقتصاديا جد عملي لتأخير الانفجار, و يضمن لها تأييد الفئة المستفيدة من هذه الأنشطة, بالتشارك معها طبعا(العصابة المخزنية).
ان المغرب رغم "اسطورة الاستقرار", يشهد يوميا مشاهد الولادة أمام أبواب المستشفيات, بسبب نظام صحي قضى على حق العلاج المجاني, كتطبيق لشروط البنك الدولي القاضية برفع يد الدولة عن القطاعات الخدماتية, و توظيف ميزانياتها في عمليات اعادة جدولة الديون, و هذا ينسحب أيضا على قطاع التعليم الذاهب بدوره نحو الخوصصة.
في بلد الاستقرار أيضا يموت الأطفال و الرضع بسبب أمراض بدائية قابلة للعلاج, أو نتيجة البرد و الجوع في جبال الأطلس الكبير.
و في بلد الاستقرار يتم أسبوعيا و أمام البرلمان قمع المعطلين و تكسير عظامهم أمام أنظار العالم, و يتم أيضا هدم البيوت على رؤوس ساكنيها مع ما يرافق ذلك من قمع و تنكيل. بينما تراكم "مافيا" العقار الملايير !!
كيف لبلد تتعرض ثرواته للنهب الممنهج و التهريب إلى الخارج, و يتم تسليم اقتصاده للرأسمال الأجنبي والمحلي، أن يتحدث حاكموه عن استقرار لا يوجد إلا في إعلامهم السافل المأجور و في عقول المتنفعين من هذه الفوضى؟؟ و إذا كانت البلاد تعيش فعلا السلم والاستقرار, فلماذا يهرول الرأسماليون المغاربة نحو الأبناك الأجنبية و الجنان الضريبية بأموالهم المنهوبة و مشاريعهم؟ و أولهم محمد السادس راعي هذا الاستقرار المزعوم؟؟
الغريب في كل هذا أن هناك من زعماء الأحزاب و قياداتها من يتاجر ببركة الاستقرار دون حياء و بكل وقاحة، و كأن بعضهم يهدد الشعب ضمنيا بأن مصيره ان حاول أن يثور سيكون هو القصف ببراميل البارود و الرمي بالرصاص, أما بعضهم فقد أبدع في هذه النعمة القصائد ، وحوّلها إلى إنجاز تاريخي عظيم قاموا بتحقيقه تحت القيادة الرشيدة لولي نعمتهم, و بفضل بركاته كونه أمير المؤمنين!!
ختاما لا يسعنا الا انتظار أن تزول الغشاوة و ينقشع الغمام, حتى يتسنى لهذا الشعب تبين الحقيقة بطرح السؤال: هل نحن أمام استقرار أم استغلال أم استحمار ؟؟!!!



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تضامنا مع الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت
- في ورطة النظام المغربي
- المغرب و العهد الجديد, أكذوبة صدقها العبيد!!
- المغرب و الشر القادم من الشرق
- النظام المغربي و الاسلاميون
- لماذا يرفض المسلم العلمانية؟


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - وهم الاستقرار في المغرب