أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - النظام المغربي و الاسلاميون















المزيد.....

النظام المغربي و الاسلاميون


حسام تيمور

الحوار المتمدن-العدد: 5044 - 2016 / 1 / 14 - 17:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظل الدين الاسلامي بمختللف تلاوينه و تأويلاته حاضرا في تاريخ المغرب السياسي, حيث أن النظام الملكي المغربي كبنية استبدادية موغلة في الرجعية و القروسطية, يستمد شرعيته أساسا من الدين الاسلامي بنسخته المخزنية. و هي نسخة تتوافق و ضرورات الحكم و التحكم و الاستمرارية للنظام الملكي الوراثي. و قد تمت دسترة هذه "الشرعية-السلطة" الدينية منذ كتابة أول دستور في المملكة عن طريق احداث مؤسسة امارة المؤمنين, و أعطى للملك لقب "أمير المؤمنين".
و لأن للاسلام عدة تأويلات و مذاهب و ألوان, فالنظام المغربي أو ما يصطلح على تسميته ب"المخزن", يحرص حرصا شديدا على أن لا تكون هناك فتنة و أن يكون الدين كله له و ليس لله كما تقول الآية القرآنية التي اقتبسنا منها هذا التعبير. طبعا مع النهل من منابع الاسلام النفطي في الشرق, و مراعاة معايير الحلفاء في الغرب. لذلك فهو يوظف كل وسائله و آلياته وطاقاته للحفاظ على ما يسمى بالأمن الروحي للمغاربة, عن طريق الاستفراد بكل ما يخص الشأن الديني في البلد. من الاستحواذ على المساجد و تسييسها باستعمالها في اضفاء الشرعية الدينية على سياسات الدولة و أيضا بحشو خطبها بعبارات الطاعة و الولاء للحاكم. مرورا بتشجيع التصوف "المخزني" عن طريق اغداق الهبات و العطايا السلطانية على مختلف الزوايا الصوفية المنتشرة كالفطر(الريع الديني). وصولا الى احتواء و تطويع جميع التيارات ذات الخلفية الاسلامية في البلد, و التي قد تنافس السلطة على احتكار الشرعية الدينية.
انها مسألة حياة أو موت بالنسبة للنظام المخزني, لأن المبرر الوحيد لوجوده و بقائه هو الشرعية الدينية, و حماية "معتقد" الأغلبية الساحقة من هذا الشعب. و هذه البنية القروسطية الريعية المتخلفة, تتوافق كليا مع أهواء الطبقة الاقتصادية السائدة نظرا لكون هذا المعتقد بصفته "موحدا" للمغاربة, ينطوي على حمولة ايديولوجية تخديرية-تدجينية فعالة لالهاء "الرعية" عن مشاكلها الحقيقية. حيث يتم تحريف جميع النقاشات الجوهرية ذات الطابع السياسي و الاقتصادي و التساؤلات المشروعة المرتبطة بها عن اتجاهها الحقيقي, و الهروب بسهولة من منطق المسائلة و المحاسبة الى غيبيات القضاء و القدر.
و الاسلام كايديولوجيا حكم و تحكم زاخر بترسانة من النصوص التبريرية-الارجائية التي تبرر الواقع المرير و تبشر بالجزاء الوفير نظير الصبر و الخنوع, و التفاني في طاعة ولي الأمر أمير المؤمنين حامي الملة و الدين, مادام يقيم فيهم الصلاة...
هكذا يقتل الاستبداد الديني الانسان المتدين و يقضي على مواطنته بالاجهاز حتى على غريزة الرفض و المقاومة عنده, و يجعله أذل من الحيوان.
و بالعودة الى تاريخ الحركات الاسلامية في المغرب, خصوصا بعد ما سمي ب"الاستقلال" أو بتعبير أدق "جلاء الحماية", نجد أن المغرب قد خرج من هذه التجربة شبه معافى من ظاهرة الاسلام السياسي لأسباب عديدة أهمها الحمولة القيمية للوجود الفرنسي في البلد, و تجفيفه لمنابع التأسلم في المجتمع المغربي بتشجيعه للفن و الثقافة و اقراره لتعليم عصري نسبيا.
لكن النظام المخزني أبى الا أن يتحرك بما يخدم مصالحه السياسية, حيث قام في سياق زمني معين, و بالضبط في فترة اكتساح الفكر الماركسي للأوساط الطلابية (بداية الستينات الى أواخر السبعينات), قام بالنفخ في رماد المشاعر الدينية عند الطبقة الأمية و الشبه متعلمة, و أعاد الى الواجهة ظاهرة الاسلام السياسي بهدف ضرب المد الماركسي الذي عجز عن مقارعته سياسيا, و بالتالي بدأ يشكل خطورة عليه.
لكن هذا التوظيف السياسي للحركات الاسلامية في ضرب المد اليساري الماركسي بدأ بدوره يثير قلاقل للنظام, بحكم أنه فور انفلات هذه الحركات من قبضته, فستشكل خطرا على احتكاره للشرعية الدينية و بالتالي الشرعية السياسية. و هنا نجد أنه, أي النظام, قد قام باحتواء هذا الخطر بصفة شبه كاملة. مستفيدا من عدة عوامل منها ما هو داخلي و منها ما هو خارجي. كارتباط أغلب تلك التنظيمات أو الحركات بقوى خارجية حليفة له تقاسمه نفس الأجندات و التوجهات الاستراتيجية الكبرى. و هنا نستحضر خروج جماعة العدل و الاحسان باعتبارها أكبر تنظيم اسلامي في المغرب لا يعترف بشرعية النظام الملكي من الحراك الشعبي المغربي لسنة 2011. انسحاب شكل ضربة قاصمة لهذا الحراك, و تم في الغالب بموجب صفقة مع النظام المخزني. تكلفت قوى خارجية بشقها المالي, و نتوقع تنفيذ النظام لشقها السياسي في الوقت المناسب.
أما بخصوص التيار الاسلامي الثاني الأكثر تنظيما في البلد, و الممثل بحزب العدالة و التنمية و ذراعه الدعوي, "حركة التوحيد و الاصلاح", فقد كان "المخزن" على وشك حله و تفكيكه سنة 2003 بعد أحداث 16 ماي الارهابية, لكنه وجد نفسه مجبرا على اللجوء لخدماته في خضم الحراك الشعبي المغربي. و لا أحد ينفي أن هذا اللجوء كان له أيضا أسباب خارجية أكثر منها داخلية. فليس من قبيل الصدفة انتشار موضة الاسلام السياسي في معظم الدول التي طالها حراك شعبي. نظرا لتبني هذا الأخير اسلاما هجينا يغري و يطمئن الجماهير الحالمة بالتغيير من جهة, و يرضي أمريكا والغرب من جهة أخرى. و قد كانت هذه القوى سباقة الى الترحيب بهذه الموضة و تشجيعها, ان لم نقل أنها هي من دفع بها أصلا لتصدر المشهد لغاية في نفس يعقوب كما يدفع بذلك أصحاب نظرية المؤامرة. و لهذا الطرح ما يدعمه نظرا لأن ظاهرة الاسلام السياسي استشرت بشكل غير مسبوق في كل الدول التي عرفت تغييرا راديكاليا كمصر و تونس و ليبيا. بينما تم تنزيلها صوريا في المغرب في اطار ما سمي "بالاستثناء المغربي", عن طريق حكومة ذات خلفية اسلامية. و قد جاء هذا التنزيل في أغلب الأحيان بتعليمات من القوى الكبرى التي تقدم للمخزن التوجيه و المشورة في المنعطفات الكبرى المصيرية, كحل وسط لتجنب الانفجار الكبير في بلد له موقع جيوستراتيجي جد حساس.
لكن النظام المخزني لا يأمن جانب أي حزب أو فصيل سياسي ذي مرجعية اسلامية للأسباب السالفة الذكر. فرغم خطاب حزب العدالة و التنمية الانبطاحي, و رغم اندماجه التام في الدولة و ذوبانه في كل مرافقها و مؤسساتها, فانه يظل يشكل خطرا بالنسبة للنظام الذي يعتبره في وضع التقية المحضة و الكمون الديني و السياسي. لذلك فالمخزن مصر على التنكيل بقياداته و رموزه و لو معنويا رغم تذللهم العلني لرأس السلطة, و تقديمهم لفروض الطاعة و الولاء بمناسبة أو بدون. كعملية تكفير عن الذنب نظرا لماضي أغلب قياداته و تورطها في أنشطة عمالة ضد النظام. و عملية تصفية "عبد الله باها" أهم قيادات الحزب, و الذي كان يشغل منصب وزير دولة, لا تخرج عن هذا الاطار و الحسابات. بل هي خير دليل على استراتيجية الحذر التي ينهجها النظام المخزني مع هذا التيار, رغم الخدمات الجليلة التي قدمها و يقدمها له طبعا على حساب مصالح المغاربة.
من كل ما سبق نستنتج أن النظام المخزني يتعاون مع التنظيمات الاسلامية مكرها و من باب متطلبات المرحلة. سواء عن طريق الاملاءات الخارجية, أو لضرورات داخلية في اطار سياسة اللعب على وتر الأضداد. و أيضا و هذا هو الأهم, لأن أنجع وسيلة لخداع و تخدير شعب مجهل-مفقر, و بالتالي تأخير الانفجار ما أمكن, هي استعمال الخطاب المغلف بالدين. لكن بشرط أن لا ينافس رأس السلطة على احتكاره لهذا المجال.
و بين هذا و ذاك, تلعب التنظيمات الاسلامية لعبتها, و يلعب النظام أيضا لعبته.., بينما القطيع يتفرج!!



#حسام_تيمور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يرفض المسلم العلمانية؟


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام تيمور - النظام المغربي و الاسلاميون