أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - صلاة.. قصة قصيرة














المزيد.....

صلاة.. قصة قصيرة


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 5053 - 2016 / 1 / 23 - 23:45
المحور: الادب والفن
    


يبدي خشوعا كبيرا في صلاته، يتضرع إلى الله أن يحقق له امنيته، إنها أمنية العمر، يعيش على أمل تحقيقها، يسعى بكل الوسائل، ويعلم ألا أحدا يستطيع مساعدته في ذلك، يؤمن بقانون المقدمات والنتائج، يستمع إلى الشيوخ الذين يتحدثون بكل قناعة عن قدرة الله الخالق، الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، لم يعد أمامه سبيل إلا معجزة من معجزات الخالق القادر الذي لا يعجزه شيء.
يترك العمل، ويعتزل الناس، ويهجر الحياة، يلزم المسجد، ينقطع للصلاة، يهزل جسمه، يضعف تركيزه وإدراكه، إنه متوحد فيها، يصلي من أجلها، يبتهل لله أن يفعل شيئا يحول بين زواجها من الشاب الذي تمت بالفعل خطبتها إليه.
تنتابه لحظات شك، يسأل الله بصوت مرتفع: لماذا هذا الظلم الذي يمتلئ به عالمك؟ ألست العادل كما يخبرنا الشيوخ؟ ألست المقسط كما يقول القرآن؟ ألم تخلقنا جميعا؟ لماذا هناك هؤلاء الذين يحصلون على كل شيء، حتى تلك الأماني التي نتمناها يستكثرونها علينا؟ إنهم يستعبدوننا، لا يتركون لنا فرصة واحدة لنشعر بوجودنا.
لماذا تتركنا فريسة لهؤلاء مصاصي الدماء؟ إن مشايخنا يقولون أنك تبتلينا لتخبر إيماننا، وأنت العالم بالنوايا، وأنت الخالق لنا،  والخالق لهذه النفوس المليئة جشعا ومرضا، ينصحنا ساداتنا أن نقنع بالقليل، وأن نرضى بما قسم لنا، وقبل ذلك أن نصبر على تلك المحن التي نبلوها، ﻷ-;-نك ستعلم منها الصابرين من الناقمين، وأنت العالم منذ الأزل، يطالبوننا بالنجاح في الامتحان، ونجدهم أول الراسبين في أسهل اختبار.
تنتابه لحظات إيمان قصوى، فيرى الكون متسقا في كل شيء، فالعصافير تغرد باعثة في النفوس نشوى، والكروان يصدح، والديك في الفجر يصيح، معلنا ميلاد النهار من غسق الليل البهيم، تشرق الشمس باعثة حرارتها مدفئة للجو، مرسلة ضوءها كاشفا جمال الحقول، كل المخلوقات في تناغم ترسم لوحة فنية بديعة من صنع خالق عظيم، أبدع الكون وسبغ نعمه على خلقه، فأصبحوا متحابين متعاونين، فلولا الخالق العظيم، ما مد إنسان يد العون لأخيه الإنسان، ولولا قدرته الخارقة ما نبتت الزروع، ولا نزل المطر، ولا جرت السفن في البحار والمحيطات، ولا تنوعت هذه المخلوقات لتتكامل ليصبح الإنسان في هذا العالم متوجا على عرشه.
يسير في طريقه، ذاهلا عن العالم، يستغرق في تفكيره، باحثا عن وسيلة، إنها سترحل غدا إلى مدينة أخرى بعيدة، يستعد منزلها الواقع على أول الناصية للعرس في يوم غد، تنطلق بين الفينة والأخرى زغاريد نساء الأسرة، مجاملين، يقف طويلا أمام البيت عله يظفر بنظرة، حرمها منها تقاليد المدينة التي تأبى أن تظهر العروس، صبيحة يوم الزفاف، يؤمن أن أمله يتبدد، يأتي سمعه أذان العشاء، يسرع الخطى إلى المسجد، يجد المصلين وقد اصطفوا خلف الإمام الذي يتلو " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواحا لتسكنوا إليها " ينشرح صدره لصوت الإمام، ويبتهل لله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء أن يمنع زواج حبيبته، وأن يبدي قدرته التي لا يحدها حد، في أن يزوجه تلك الحبيبة فهو القادر ولا قادر سواه، يقسم على الله بصلاته وورعه أن يجعل له نصيب في تلك العروس التي حجبها عنه اليوم زفافها غدا، يشعر براحة كبيرة وسكينة عجيبة تسري في نفسه بعدما انتهى من الصلاة خلف الإمام، يهم ليخرج من المسجد مستبشرا وإذا به يتذكر انه لم يكن قد توضأ.  



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأفق .. قصة قصيرة
- الموت ... قصة قصيرة
- أنصار القديم ...والهوية والحضارات القوية


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بهجت العبيدي البيبة - صلاة.. قصة قصيرة