أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا الغزولي - هيستيريا














المزيد.....

هيستيريا


دينا الغزولي

الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


إنها تقتحم أنفاسنا لتباغت الحلم ، وترهق فائدة الأشياء الطاهرة .. رائع هذا اللون الذى ترتديه السماء ، وفوضوية كتل السحاب الساحرة التى تقرضنا أبوابا للتعمق فى طرف الدائرة .
نهملُ ما حولنا حتى نتوصل للديناميكية الهائلة فى تاريخ كل ما عشناه من أحداث .. ربما تكرارها كان إفقا ، وحرية التنقل بينها امتصاص لمرارة الرحلة المهمشة فى الطريق المستتر.
لم تنجُ " آسيا " من تلك المرارة ، وعلى الرُغم من أن ذكرياتها تعد امتداد مشتق من حافة الأحداث .. فإنها تكره التذكر .
المقعد الثالث فى مدرج "201" كلية الآداب قسم الفلسفة ، جالسة هى تحك طرف أذنيها من شدة الألم ، لقد تداعت أصوات داخلها جعلتها تصاب بانخفاض مفاجىء للضغط ، وصفير فى الأذن .. فقاربت على الصراخ ، ولكنها اعتادت أن يكون مكتوما .. شعرت " سلمى " بتعبيرات وجهها ، ولم تسألها فإنها تعلم جيدا ما وراء هذا الوجع
، واكتفت بأن تربت على ظهرها بحنو، وتدير وجهها عنها .. كأنها تُنهى كوب قهوتها الصباحى.

يوم الثلاثاء محاضرة " د. هالة الفيتورى " تُعرف بعنجهية تصاحب إمراة متحررة فى عقدها الخمسين ، والمينى جيب الذى يُظهر ما فوق ركبتيها حين تجلس على كرسى المُحاضر.. يختلف الطلبة فى الحديث عن أفكارها التى تحاول فرضها بشكل صريح على الآخرين .. بعضهم يشعر باختلافها ، وبعضهم يحضر المحاضرة بدافع لملمة درجات للامتحان ، والبعض الآخر من الشباب.. يحضر ليشاهد ما يكشفه المكتب من تحته .

" آسيا " منبهرة وتحضر بغرض اكتشاف هذه المرأة التى لم ترى مثلها من قبل حتى فى أسلوبها القاسي ، أما
" سلمى " لا ترغب فى شىء سوى النجاح ، وتتذكر دائما أول محاضرة حينما خاطبت بنات الدفعة بسخرية قائلة " شيلو الخيم اللى حطنها فوق راسكم ده " كلما تتذكر تلك الجملة يصيبها الغضب وتكرر مئة استغفار لله .. ويستفزها أكثر ضحكات " آسيا " آنذاك وهى تقول : مش يمكن قصدها خيم العقول يا سوسو ؟؟ ترد سلمى بغيظ .. سوسو فى عينك .. ويضحكان لبدء محاضرة جديدة ، أو يذهبان للكافيتريا لتناول ساندوتش البطاطس المحمرة كالعادة .

دخلت الفيتورى المحاضرة .. ليزداد الصفير فى أذن آسيا ويتعالى حتى تكاد تظن أن الجميع يسمعه ، بدت هالة هذه المرة كضباب لها ، شعرها القصير ورأسها الكبير يكوِّنان هلاما من الدخان فأصبحت رأسها آلاف الرؤوس .. فى نفس اللحظة نادت بصوت عالى " آسيا تعالى اعرضى اللى حضرتيه " ارتبكت بشكل هيستيرى فهى تتألم حد السقوط .. وقفزت الأسئلة أثناء انتقالها من المقعد الثالث لمقعد الأستاذة .. تهمهم ، هل استطيع العرض الآن ؟ _ازداد الصفير _ تخطو خطوات ثقيلة _ يزداد الصفير _ تقترب منها _يعلو الصفير _ تعطيها الميكرفون ... يعلو .. ترتعش يديها .. يعلو ، يعلو .. ترفع قدمها اليمنى فوق المستوى العالى الذى يحمل المكتب . يعلو أكثر ..
ترتطم بالجميع أمامها وبينهم هالة ينتظرون عرضها العبقرى جدلا .. يعلو الصفير ويتصاعد لكل الرؤوس المقابلة لها يبدون كلهم كأشباح ينتظرون تشييع ضحيتهم المذهولة من هول المفاجآة .. يضحكون ، يسخرون .. فتحات أفواهم توحى بالتهلل لما يحدث لها .. تسمَّرت آسيا على المكتب واقفة .. لم تستطع حتى الجلوس ، ولم تكن يديها فقط ترتعش بل جسدها كله ، حتى صرخت هالة " يالا يابنتى خلصينا " صدمتها الكلمات حتى قررت أن تعتذر عن العرض ، وفعلت.. ولكن كان هذا بمثابة قنبلة وانفجرت فى المحاضرة ، جعلت هالة تندفع قائلة : " طالما كده اطلعى برة المحاضرة " الآن شعور آسيا اختلف تماما .. قد تصاعدت دقات قلبها لأذن الجميع ، شعرت بالغثيان وفقدان الوعى .. سقطت على الأرض



#دينا_الغزولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا الغزولي - هيستيريا