شيركو حبيب
الحوار المتمدن-العدد: 5043 - 2016 / 1 / 13 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشرق الاوسط والحرب الكونية
شيركو حبيب
منطقة الشرق الاوسط منذ القدم كانت محل اهتمام القوى العالمية الكبرى، و هذه الدول كانت تنافس للسيطرة على هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية و اهمها النفط او الذهب الاسود، وعقدت اتفاقيات عديدة بين الدول التي كانت تهيمن على العالم انذاك من اجل توزيع الحصص والغنائم بينهم، حتى و صل الامر ببعض هذه الدول بانشاء قواعد عسكرية لحماية مصالحها، و جعل دول المنطقة تحت انتدابها لفترة طويلة، ثم اصبحت نوعا ما دول مستقلة مع اتفاقيات مشروطة.
رغم اهمية منطقة الشرق الاوسط الستراتيجية و كثرة الموارد الطبيعية الا انها لم تشهد الاستقرار بل كانت دائما تشهد صراعات داخلية، او اختلافات بين الدول المنطقة، و للصراعات الداخلية اسباب عدة منها ان الدول الكبرى من احل مصالحها كانت ترفع شعار فرق تسود، و عدم وجود شعور قومي او وطني لدى الكثير من حكام المنطقة، بل كانت مصالحهم اهم و لهذا كانت الاتفاقيات تحمي المجموعة الحاكمة، و الحاق العديد من المناطق التي لم تكن يوما من الايام جزاء من هذه الدول كتقسيم كوردستان بين بعض دول المنطقة، و القوميات الاخرى في بعض دول الاخرى للمنطقة، اي ان تكوين خارطة و تقسيم المنطقة كانت دون ارادة شعوبها بل كانت من اجل الدول الكبرى و مصالحها انذاك.
بعد نمو الشعور و الوعي القومي لدى مواطني هذه المنطقة نتيجة التغييرات العالمية، وظهور الحركات التحررية و المناداة بحقوق الانسان و المساواة، خاصة بعد الحرب الكونية الثانية، ظهرت ايضا في هذه المنطقة حركات قومية تطالب بالاستقلال من هيمنة الدول الكبرى او كما كان يسمى بالاستعمار، واصبحت دول المنطقة بين معسكرين الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق بعد ثورة اكتوبر، والمعسكر الثاني الراسمالي والذي كان يقوده الولايات المتحدة الامريكية.
خلال فترة الاربعينات و الخمسينيات من القرن الماضي ظهرت حركات قومية في المنظقة تطالب بالحرية وتكوين دول قومية، ونرى خلال هذه الفترة بتحرير عدة دول من هيمنة الدول الكبرى و تشكيل دول قومية، وكانت هذه الدول سببا اخر لقمع القوميات الاخرى التي الحقت بهذه الدول كما اشرنا اليها، فمثلا في العراق و سوريا اهملت المطالب القومية الكوردية، و ارتكبت بحقهم ابشع انواع الجرائم، ولهذا ظهرت حركات و احزاب تنادي بحرية الكورد منذ اواسط الاربعينات في القرن الماضي، وكان اهم الاحزاب الكوردستانية التي طهرت في تلك الفترة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة الاب الروحي الخالد مصطفى البارزاني، ثم قيادته للثورة التحررية الكوردية في ايلول من عام 1961، وكان يطالب بالحقوق القومية المشروعة لشعب كوردستان، ولايزال الحزب مستمر في نهجه الوطني والنضال من اجل الحقوق القومية للشعب الكوردستاني و تاسيس الدولة الكوردية بقيادة الرئيس مسعود البارزاني.
شهدت منطقة الشرق الاوسط بعد فترة الاربعينات و خاصة الستينات من القرن الماضي الى بداية القرن الجديد، بسيطرة العسكر على مقاليد السلطة في اغلب دول منطقة الشرق الاوسط، مما ادى الى حالة من عدم الاستقرار و تكرار الاتقلابات العسكرية بين حين واخر، وكانت هذه الفترة من اسواء الفترات التي شهدتها المنطقة حيث اندلعت العديد من الصراعات و الحروب الداخلية و احتلال بعض هذه الدول لدول اخرى، كما حدث في لبنان و سوريا و العراق و احتلال الكويت، و حربي الخليج و الحرب العراقية-الايرانية، ثم ظهور الحركات الاسلامية بعد الربيع العربي في بعض الدول و التي ادت الى تفاقم الوضع من سئ الى اسواء، ولحد الان لم تشهد المنطقة الاستقرار لظهور حركات ارهابية متطرفة في المنطقة.
واليوم المنطقة تتجه نحو حالة اشد خطرا نتيجة الصراع السعودي – الايراني، و هذا الصراع لو لم يتم معالجتها بالطرق الدبلوماسية، سيكون سببا ربما لحرب كون ثالثة، او كارثة خطيرة في المنطقة تؤثر على العالم لانها سيصبح صراع قومي- ديني، سني- شيعي، ورغم ان هذا الصراع ليس جديدا بين الدولتين الا نه لم يكن بهذا الاتجاه و الشددة، فالسعودية تدعمها دول عربية و غير عربية سنية، كما ايران تدعمها دول شيعية غير فارسية، و الخطر الاكبر سيكون في منطقة الخليج و العراق، حيث في العراق حكومة اكثرية شيعية سوف تدعم ايران لان علاقتها غير جيدة مع السعودية من جهة اخرى لاتستطيع الخروج من من اطاعة المرجعية في ايران، و كذلك تركيا ستكون ضمن هذا التحالف اما مع السعودية حيث المذهب السني يجمعهما، في الوقت التي تركيا تحاول ان تسيطر على المنطقة و احياء الامبراطورية العثمانية، ولكنها اذا اصبحت طرفا مع السعودية فوضعها الاقتصادي تدهور اكثرا نتيجة ذلك و قطع علاقاتها مع روسيا، او تكون مع ايران وهذا الحلف سيكون مانعا لتحقيق حلمها، و تصبح تركيا اما خيارين صعبين، اما الوضع في سوريا فلا تكون افضل مما عليه الان، رغم ان كوردستان ليست دولة مستقلة الا ان وضعها و موقعها الستراتيجي قد يجعل منها ان تكون في بؤرة الصراع لكونها قريبة من تركيا و ايران و جزء من العراق، وعليها عدم التدخل ضمن اي طرف و التصرف بحكمة لانها ستكون الخاسر الوحيد، وخاصة في هذه الظروف الحساسة التي تشهدها المنطقة و الصراع العالمي الجديد و تقسيم و رسم خارطة جديدة للمنطقة يتطلب من كوردستان التعامل بحذر و، عدم اضاعة الفرصة الاتية لاعلان دولته ضمن التقسيمات الجديدة لان من حقها بناء كيانه المستقل، وهذا يحتاج الى تكثيف الجهود الخيرة في كوردستان ووحدة الكلمة، والعمل المشترك بين مكونات كوردستان وفرض ارادة الكورد لان منطقة كوردستان تحاط بمن لا يطاق الدولة الكوردية.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟