|
مسلسل نزار قباني مرة أخرى: ادعاءات السخاء الإنتاجي.. ومزاعم الشفافية الباطلة
محمد منصور
الحوار المتمدن-العدد: 1373 - 2005 / 11 / 9 - 02:13
المحور:
الادب والفن
لم تزل ردود الفعل تتوالى حول مسلسل (نزار قباني) الذي انتهى عرضه في ثلاثين حلقة مع نهاية أيام شهر رمضان.. ولعل من نافل القول أن كثافة الردود حول المسلسل، لا تأتي بسبب جودته الفنية، بل بسبب تلك الصفاقة غير المسبوقة (في تاريخ المسلسلات التي تناولت حياة المشاهير) في تسفيه الشاعر وعصره، والاعتداء على تاريخه العام والخاص، ولي عنق سيرته من أجل أن تخدم المقولات التي أراد صناع هذا العمل أن يقولوها، أو يضعوا اسم نزار إطارا لها! • اتهامات طائفية باطلة!! وبداية أود أن أوضح أن من حق أي كاتب ومخرج ومنتج أن يقول أي شيء، وأن يتملق أي سلطة بطريقته الخاصة، وأفكاره الخاصة بغض النظر عن احترامنا لانتهازية تلك الأفكار أو عدم احترامنا... لكن ليس من حق أحد أن يستغل شخصية أدبية أو فكرية عامة لتحقيق هذه الأهداف من خلال استعراض سيرته بالطريقة التي تروق لهذه السلطة أو سواها... إن صناع العمل الذين شتموا أسرة الشاعر نزار قباني التي اعترضت على إنجاز المسلسل بحجة أن نزار ملك الأمة، يحق لهم أن يفخروا بما ينالونه من شتائم ولعنات الآن، وبما سينالونه لاحقا، للطريقة التي شوهوا وسطحوا فيها شاعر الأمة هذا... فالفعل الذي قاموا به ضاربين بعرض الحائط حقوق ورثته المادي والمعنوي، ومتجاوزين قيم اللياقة والذوق في التعامل مع أسرة شاعر بحجم نزار قباني.. قد يتم التسامح مع كل ذلك فيما لو ظهر المسلسل حسب الادعاءات الثقافية والشعاراتية الكاذبة التي أمطرونا بها أثناء فترة إنجاز المسلسل، أما وقد ظهر المسلسل على ما ظهر عليه.. فيحق لنا أن نقف لنقيم العمل بتفاصيله وتجاوزاته وإساءاته وسقطاته الفنية وغير الفنية.. وتلك مسألة لا يستطيع أحد أن يصادر فيها حق أحد! وأود أولا أن أتوقف، عند الطريقة التي رد بها المنتج نبيل طعمة، على بعض ردود الأفعال النقدية التي صدرت قبيل انتهاء المسلسل، وعلى مسألة اتهام كل من قال بغربة الكاتب والمخرج عن البيئة الدمشقية بتهمة الطائفية على طريقة ذر الرماد في العيون.. وأملا في إحراج أصحاب تلك الآراء وإظهارهم بمظهر تعافه الوطنية السليمة التي لا تشوهها الادعاءات والانتماءات المناطقية، كما فعل بطريقة افترائية في رده على السيدة رنا قباني في صحيفة القدس العربي!! وهنا أود أن أوضح أن معرفة البيئة والأمانة لأدق تفاصيلها قضية تقنية في الفن، وليس تشوها سياسيا أو طائفيا، والبيئة في شعر نزار وشخصيته ليست عنصرا هامشيا كما نرى لدى أدباء آخرين كبار (وهذا ليس عيبا في أولئك الأدباء طبعا) فنزار نقل خارطة دمشق بحاراتها ومآذنها وخصوصية الحياة في بيوتها، وياسمينها وريحانها وشمشيرها وقططها السمان و.. و.. إلى ذاكرة الشعر العربي، ووجدان القارئ العربي في كل مكان، وكان شاعرا دمشقيا بامتياز (بالمعنى الفني والبيئي للكلمة مرة أخرى) مثلما نقل الرحابنة حياة الضيعة اللبنانية التي نشأووا فيها، بأدق تفاصيلها وأجمل صورها، وكان ذلك مؤسسا على موهبتهم أولا وعلى معرفتهم البيئية ومعايشتهم لتلك الضيعة ثانيا، ولذلك فمعرفة البيئة ومعايشتها هي شرط أساسي لفهم فرادة وخصوصية نزار قباني، ولتقديمه بصورة أمينة وموضوعية.. لكن الصورة التي شاهدناها في المسلسل لم تفهم من البيئة سوى التصوير في الحارات والبيوت الدمشقية، ولم تفهم البيئة سوى حالة سياحية اغترابية لدى شاعر غاب عن مدينته طويلا وكان يعود إليها بين الحين والآخر، قبل أن يعود إليها للمرة الأخيرة في نعش على طائرة ليدفن فيها.. وهكذا أضاع المسلسل مرتكزا أساسيا من مرتكزات شخصية نزار وشعره بسبب غربة صناع العمل عن البيئة وعدم إحساسهم بنبضها الحقيقي المعاش.. فهل هذا طرح طائفي كما صوره المنتج؟! • أكاذيب التوثيق! كذلك أود أن أتوقف عن ادعاءات أخرى في ردود السيد المنتج على الآراء النقدية، ومنها قول السيد نبيل طعمة في رده على ما نشر في جريدة السفير: (لا توجد جملة سياسية واحدة تفوهت بها أي شخصية من الشخصيات الحقيقية الواردة في المسلسل إلا وكانت من أدبيات تلك الفترة السياسية المتداولة ديبلوماسياً أو صحفياً أو شعبياً) وهنا أود أن أوضح أن شخصية د. صباح قباني وهي شخصية حقيقية موجودة في المسلسل، وما زالت على قيد الحياة.. قد قولت زورا بهتنا كلاما لم تقله حسب الدكتور صباح نفسه، فقد اتصلت هاتفيا بالدكتور صباح وسألته إن كان قد قال أو كتب في حياته عبارة أن من يحكمون سورية في عهد الشيشكلي هم رجال عصابات على نمط الكاوبوي في الغرب الأمريكي.. كما ورد في المسلسل على لسانه، فنفى ذلك معتبرا أن هذا تزوير وكذب.. كما نفى أن يكون نزار قد تعرض لتهديد من شقيق الرئيس أديب الشيشكلي، الذي قال له في نادي أدبي إن طوله وعرضه ووزنه ودواودينه...و...و.. لا يسوى سوى رصاصة.. قائلا لي: هذا لم يحدث أبدا.. وإذا ما أخذنا ذلك الكذب والتزوير على منطق الإسقاط التاريخي على الراهن.. لأمكن لهذه الحادثة أن تستقيم منطقا وعقلا وانسجاما مع نمط الشبيحة والمسؤولين وأولادهم البلطجية الذين عايشناهم في حياتنا في السنوات الثلاثين الماضية!! والآن فليقل لنا السيد المنتج أي توثيق هذا، وأية أمانة.. وليقل لنا ما المقصود بعبارة (موثق شعبيا) فأي شيء لا يستطيعون أي يجدوا له إثباتا في المراجع أو الكتب أو الوثائق الصحفية سيقولون إنه موثق شعبيا.. ولكن أين وكيف يا ترى؟! • شفافية بمعايير سلطوية!! أيضا وعدنا المنتج في ردوده الواثقة والغاضبة على عدم تقدير مشروعه النبيل في تسفيه نزار قباني، بأن يتم الحديث عن كل المراحل بموضوعية وشفافية.. لكن الشفافية ظهرت في المسلسل على النحو التالي: سنشتم أكرم الحوراني رغم أنه من مؤسسي حزب البعث الذي مازال حاكما في سورية، لأن أكرم الحوراني مغضوب عليه من قبل النظام الحاكم.. فقد عاش سنواته الأخيرة ومات خارج سورية، وحتى حين صدرت مذكراته منعت في التداول في سورية.. وربما بالموضوعية ذاتها كانوا يستطيعون أن يشتموا ميشيل عفلق، رغم أنه مؤسس بارز في حزب البعث.. لأنه كان مع بعث صدام حسين، وعاش سنواته الأخيرة في العراق ودفن في العراق.. فهل هذه الشفافية يا رعاكم الله؟! وهل الشفافية أن تتم الممطة والتطويل القاتل في استعراض سيرة نزار بشتى تفاصيلها الهامشية الموثقة أو المختلقة، الضرورية وغير الضرورية، ثم يتم اختصار حوالي ثمانية عشرة سنة هامة من حياته ومعاركه بمشهد واحد حين تم القفز من حادثة مقتل زوجته بلقيس في مطلع الثمانينات إلى عام 1998 قبيل وفاته بأشهر قليلة في لندن بمشهد واحد.. أين معاركه السياسية.. أين موقفه النقدي من غياب حرية التعبير في بلده... أين حرب الخليج وأين معركة التطبيع.. وأين معركة متى يعلنون وفاة العرب وأين الكثير من المعارك السياسية الفذة التي كان فيها نزار شاعر اللحظة الحارة والعصر الراهن؟! ثم أين المشاكل الكثيرة التي أحيطت بموته ونقل جثمانه من لندن إلى سورية، والقرار بمنع تأبينه ومواكبة حدث رحيله في الصحافة السورية، والتعتيم على جنازته التي مشت فيها دمشق من جامع البدر في حي المالكي حتى مقبرة باب الصغير في باب الجابية والشاعر محمولا على الأكتاف.. أين كل هذا مادمتم تدعون أنكم تتحدثون عن كل العهود والمراحل بشفافية كما تزعمون! • شاعر الهجاء السياسي أم الشعارات الحماسية؟! إن الرؤية التي صاغت الجانب السياسي من شعر ومواقف نزار قباني في المسلسل، كانت رؤية معقـّمة واجتزائية، تحاول أن تتعامل مع شعر نزار وفق شعارات حماسية؛ ظاهرها وطني وباطنها سلطوي.. فالمسلسل ركز في النهاية على كره نزار لإسرائيل التي تقتل شعبه في فلسطين والجولان وجنوب لبنان.. وكان تركيزه قائم على الحالة الشعاراتية التي تتذرع فيها الأنظمة العربية بإسرائيل كي تبرر فسادها وقمعها لشعوبها، واستبحتها لكرامة الوطن والمواطن تحت شعار: (كلنا في خدمة المعركة) وفي هذا خيانة عظمى لرؤية نزار السياسية، الذي كان يرى قوة إسرائيل نابعة من فساد الأنظمة العربية، ومن ديكتاتورية وطغيان حكامها.. ولهذا حتى حين كان نزار يمجد أطفال الحجارة، كان يهجو الأنظمة ويصفهم بـ (جيل الخيانات، وجيل النفايات وجيل الدعارة) وحتى وهو يمجد المقاومة في جنوب لبنان في قصيدته الشهيرة السيمفونية الجنوبية وغيرها، كان يهجو الأنظمة العربية والحالة العربية.. ولطالما تحدث في قصائده عن بلاد قمعستان والسيرة الذاتية للسياف العربي، وعن الديكتاتورية التي تقتل الإنسان من الداخل، وتحوله إلى شعار أجوف في خدمة الأب القائد أولا وثانيا وثالثا.. ثم في خدمة المعركة إن خيضت معارك بعد ذلك.. أو إن ُحرّر إنسان مقهور في الداخل والخارج. وهكذا فقد كان نزار في شعره الوطني شاعراً هجائياً، يهجو الأنظمة العربية والحال التي أوصلت شعوبها إليها قبل أن يهجو إسرائيل.. ولهذا منعت قصائده وغيبت حتى في بلاده، وهربت عبر الحدود، لأنها كان تشير إلى جراح الإنسان العربي الذي أذلته أنظمته، ولم يكن مجرد شاعراً حماسياً يتوعد إسرائيل بالهزيمة وإلقاء اليهود في البحر.. فأين هذه الفلسفة السياسية مما أظهره المسلسل؟! وحتى قصيدته الشهيرة (هوامش على دفتر النكسة) فقد قدمت في المسلسل وفق سياق ناقشها بسطحية، وأظهرها كما لو أنها تثير غضب المحافظين والتقليديين، وليس قصيدة هجاء سياسي فيها نوع من الجلد للذات، استفزت أزلام الأنظمة في إعلام الأبواق الثورية.. إن تجاهل هذا في المسلسل بنفس الحدة التي عبر عنها نزار ليس خياراً فنياً، ولا تشذيباً رقابياً، بل يدخل في باب التسطيح والتشويه! وبالطبع فكل المناقشات التي دارت حول شعر ومواقف نزار كانت مثيرة للتقزز والنفور على مدار المسلسل، لأنها كان تؤدى – في الغالب- عبر ممثلين متواضعي الموهبة..وباهتي الحضور إلى درجة مضحكة، وبالتالي كانت الأفكار التي تحملها تلك المناقشات تسقط وتتهاوى أمام ضعف حضور معشر الكومبارس وممثلي الدرجة العاشرة الذين جمعهم المسلسل من كل حدب وصوب، وطوبى لمخرج العمل على ذائقته في هذا الجمع البديع!! • إخراج إنشائي وشاعر بلا عنفوان!! أما شعر نزار فقد حاول كل من تيم حسن وسلوم حداد، أن يلتقطا طريقة تقطيع نزار قباني للجمل في إلقاء الشعر، وقد وفقا في محاكاة ذلك.. لكن الغائب في استحضار أداء نزار الشعري كان عنفوانه الغاضب، كان صراخ الموجوع من الألم، كان روح الشاعر الكبير الذي يكتب الشعر كتعبير عن حالة الغضب والهجاء والدفاع عن الكرامة الإنسانية.. سواء الهجاء الاجتماعي أو السياسي، وربما كانت حالة تيم حسن أهون قليلا (رغم قصورها) من ذلك الحضور الباهت للفنان سلوم حداد.. الذي أظهر نزار بطريقة رمادية باردة تفوق أي تصور، خالية من توهج الألق الشعري الذي يصنع عنفوان شاعر كبير ومتمرد، أشعل النيران والمعارك بشعره، فيما تحول التقاط طريقة تقطيع الجمل إلى حالة نمطية بليدة.. أين منها حضور نزار الطاغي على المنابر! أما على صعيد كتابة السيناريو فيمكن القول إن مادة المسلسل الأساسية اعتمدت على قصائد الشعر وبعض رسائل نزار المتبادلة، أو المؤلفة، وهاهنا تغيب الدراما، وتغيب حرفية الحوار والسبك المشهدي، ويتحول الأمر إلى حالة من الاستعراض الذي يكفي تصوير بعض اللقطات على طريقة الفيديو كليب، لتحويله إلى مادة درامية تضاف إلى وقت المسلسل حتى تتم عدد الحلقات على الثلاثين، وحتى تباع الدقائق والساعات بآلاف الدولارات دون أي اعتبار لإيقاع المسلسل أو لحيوية دراماه وتوازنها.. ولو أن دراما الشخصيات تكتب على هذا النحو، لكان على محفوظ عبد الرحمن أن يحشر أغاني أم كلثوم لساعات طويلة في المسلسل الذي كتبه عنها فيمرر وقتا، ويقتل إيقاع العمل بحجة أن من غير الممكن ألا نستشهد بأغنيات أم كلثوم!! إن الاستشهاد بشعر نزار ورسائله في المسلسل، ليس أمراً مقبولاً وحسب بل مطلوباً، ولكن بتوازن.. وبحرفية في استنباط وتوليف المادة الدرامية، وليس على طريقة القص واللصق، أو على طريقة أن قصيدته تغنينا عن استحضار الصورة البصرية للحدث وخلفياته وأجوائه؟! أما المخرج باسل الخطيب.. فإن صورته الجميلة تذكرني ببعض الكتابات الإنشائية، فكما أن الإنشاء الفائض عن المعنى عيب تعبيري ينال من قوة الأسلوب ويضعف قوة الأفكار المطروحة في النص، وكما أن هناك كتابات إنشائية تتوسل الزخرفة اللفظية لتجعل من المقال أو القصيدة موضوع تعبير مدرسي.. هناك – عند باسل الخطيب- طريقة في الإخراج الإنشائي، الذي يزركش بدل أن يعبّر، ويثقل على المعنى بدل أن ينهض به، ويقتل إيقاع الدراما بدل أن يضيف إليها. إن طريقة باسل الخطيب في الإخراج ذي الصورة الإنشائية النافلة والملفوفة بورق السيلوفان، والذي قد يرقى إلى التعبيرية المقبولة في أحيان قليلة، غالباً ما تخدع الذي يقيّمها إذا ما نظر إلى جماليتها بمعزل عن تضافرها مع العناصر الدرامية الأخرى.. أما مع تلك العناصر فتبدو تلك الصورة منشاة وعسيرة الهضم، وأقرب إلى الافتعال الشعري وليس الشاعرية، رغم جماليات تشكيل الكوادر، إنما كعنصر جمالي ساكن، لا كعنصر درامي حي ونابض!! ولعل هذا ما يفسر أن باسل الخطيب لم ينجح له أي عمل على المستوى الجماهيري (باستثناء نساء صغيرات بعض الشيء) وهو هنا ينجح بجدارة في أن يحول نزار قباني من شاعر جماهيري، كان على الدوام حالة مثيرة للاهتمام في كل شوؤنه ومعاركة وآرائه وما يصدر عنه.. إلى شاعر نخبوي ليس فيه من جماهيريته سوى اسمه! • دراما الحلول الأرخص!! إن مشكلة صناع مسلسل نزار هي في الادعاءات التي كلما كبرت، كلما ظهر حجم النقيض الذي يختفي وراءها لينال من صدقية ما يُزعم وما يُقال.. ومن تلك الادعاءات مثلا حكاية الثلاثة ملايين دولار التي بلغتها كلفة هذا المشروع الخيري النبيل الذي كان يرعاه السيد نبيل طعمة في الشارة حين قرن اسمه بتقديم اسم نزار، ثم في آخر لقطة من العمل حين صوره المخرج المطواع وهو يضع باقة زهور على قبر نزار قباني ثم يقرأ الفاتحة على روحه، في حركة استعراضية غاية في الفجاجة والتمسح بأعتاب مجد هذا الشاعر العظيم.. وبالطبع ليس كل من يقرأ فاتحة على قبر شاعر هو شخص يتمسح بمجده، لكنه يصبح كذلك حين يتحول إلى كومبارس يمثل ذلك أمام كاميرا ستضيف المشهد إلى مسلسل من إنتاجه! والسؤال أين هي الثلاثة ملايين دولار، ما دام حدثا هاما ومفصليا كحدث موت زوجته بلقيس في تفجير السفارة العراقية في بيروت لم ينفذ، بل قدم (بطريقة تعبيرية) كما قال السيد المخرج في تصريح صحفي.. وهو تبرير مفضوح للشح الإنتاجي في المسلسل.. لأن تكلفة تنفيذ تفجير مماثل أو قريب من الواقع عن طريق الخدع البصرية والصورة الواقعية المقنعة التي تعمق الإحساس بالحدث وتأثيره على المشاهد.. ستكلف الكثير بأرقام لغة الصناعة التلفزيونية.. وأنت لو طلبت من أي مدير إنتاج مبتدئ تابع المسلسل بالاسترخاص الإنتاجي الفاقع الذي تجلى في اختيار تشكيلة غير مسبوقة من ممثلي الصف الثالث والعاشر وكومبارسات الفرص المنتظرة (وهو أسوأ مسلسل هذا العام في اختيار وتوزيع الأدوار) أن يقدر كلفة العمل لما بلغ الأمر ربع أو ثلث المبلغ في أحسن الأحوال.. فأي سخاء إنتاجي يقبل بهؤلاء لأداء شخصيات تاريخية شهيرة كتوفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل وعمر أبو ريشة وغيرهم الكثير؟! أما التصوير في بعض دول العالم التي زارها نزار، فقد كان تصويرا محدودا في الشوارع والحدائق العامة وأمام بعض الأبنية الشهيرة، وهو أشبه بالتطعيم السياحي (باستثناء التصوير في مصر التي تكاد التكلفة الفنية فيها تقارب الكلفة الفنية في سورية مع أجور التنقلات والإقامة) وربما ليس من مهمة النقد تفنيد تكلفة إنتاج أي عمل، لكن الأمر يصبح مثيرا للاستفزاز.. حين تتم المبالغة والتهويل في تكلفة العمل من أجل إظهار العمل بمظهر ثقافي خارج معايير الربح والخسارة.. في حين يبدو هذا المسلسل في فكرته الأساس عملا تجاريا ككل الأعمال التلفزيونية الأخرى.. الجيدة والرديئة معا. أما فيما يتعلق برسائله الفنية والسياسية المفضوحة.. فهو عمل خاسر ماديا ومعنويا.. مهما تم تزوير نجاحه على يد جهابذة النفاق والعلاقات العامة وكتاب (نكاية بالطهارة) من حاشية انصر أخاك ظالما أو مظلوما.. وسواهم من المنتفعين من هذا الفساد الفني والثقافي الذي طال أهم شاعر عربي في النصف الثاني من القرن العشرين.. لبعض الوقت، لكنه لن يصمد كل الوقت بالتأكيد!!
#محمد_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد الاعتداء الذي تعرض له في شوارع دمشق: أنور البني سلامتك
-
مسلسل نزار قباني: دراما الكذب والافتراء تلصق رذائل الحاضر با
...
-
سماسرة الاتصالات يجهزون على ما تبقى: قانون الطوارئ المالي في
...
-
صحيفة رسمية سورية تتهم نشطاء حقوق الإنسان بالعمالة: لكنه ضحك
...
-
في مجابهة تطلعات التلفزيون السوري نحو المهنية: بثينة شعبان و
...
-
الحرية لحسين العودات ورفاقه... ولنا!
-
الحرية لعلي عبد الله: السيد رياض نعسان آغا هل كنت تضللنا؟
-
كيف أكتب تقريرا أمنياً بنفسي
-
الظواهر الجنسية عند العرب!
-
كيف يقرأ المسؤول العربي النقد بعقلية تآمرية!!
-
مهرجان لاينافسنا فيه أحد
-
الوطن: حقوق أم شعارات
-
رسالة مباشرة إلى مسؤول أمني
-
لماذا يشعر المواطن السوري بالقرف من الحياة؟!
المزيد.....
-
فيديوهات مخلة.. فنان مصري شهير يتعرض لعملية ابتزاز
-
بعد سقوط نظام الأسد.. الفنان دريد لحام يوجه رسالة إلى السوري
...
-
اكتشاف كنز من التسجيلات غير المنشورة لمايكل جاكسون
-
تعرضوا للخسارة أو شاركوا في القتال.. 5 فنانين تأثروا بالحروب
...
-
ورشات الأطلس في مراكش.. نوافذ للمخرجين السينمائيين الشباب عل
...
-
الثقافة أولاً .. تردد قناة بابل 2025 الجديد على النايل سات و
...
-
بفستان أبيض فخم .. الفنانة اصيل هميم تحتفل بزفافها من رجل أع
...
-
السوداني يوجه بنقل جثمان المخرج قيس الزبيدي إلى العراق
-
رسالة باللغة الروسية تحذر من هجوم تفجيري على بنك الاحتياطي ا
...
-
بفيلم لجوني ديب وتكريم فيولا ديفيس.. مهرجان البحر الأحمر الس
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|