أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر إسلامبولي - التحسين والتقبيح العقلي














المزيد.....

التحسين والتقبيح العقلي


سامر إسلامبولي

الحوار المتمدن-العدد: 5037 - 2016 / 1 / 7 - 19:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الإنسان كائن عاقل مفكر مميز ولكن ولد دون معلومات {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل78، وقام الإنسان بتحصيل المعلومات من خلال سيره في الأرض وتفاعله مع الناس والأحداث والظواهر، وصار يحصل على المعرفة والعلم بالأشياء من خلال نتائجها وعواقبها في الواقع كضرر أو نفع ، ويتراكم ذلك في ذاكرته العلمية ، وبناء على تلك العملية التراكمية يقوم العقل بالحكم على حسن سلوك معين أو قبحه، وهذا مرتهن بمدى مستوى علمه وهو لاشك محدود، وهذا يعني مفهوم الحسن و القبح العقلي نسبي يتعلق بمستوى التطور العلمي وتراكمه، والأمر ليس هو محصوراً بالأمور التي يظهر نتائجها مباشرة أثناء الفعل مثل قتل الإنسان والاعتداء على حقوقه أمر قبيح، وإنقاذ الغريق أمر حسن، فهذه الأمور ليست محل خلاف في الفكر الإنساني وهي أمور محدودة نسبياً، والواقع أكبر من ذلك بكثير.
والملاحظ من الواقع الإنساني ومن تدبر النص القرءاني السابق أن الإنسان عندما يريد أن يحكم على شيء يحتاج لمعلومات عنه ومعرفة ليستخدمها في الحكم ، وهذا يدل على أن العقل بحد ذاته ليس مصدراً للعلم والمعرفة وإنما مستخدم ماهر للعلم و المعرفة كتخزين و تقليم وتحليل وتركيب واستنباط ، وهذا يدل على أنه آلية تمييز وتصنيف واعي وتفكير ، والواقع هو المصدر للمعلومات والمعرفة وهو بالوقت ذاته موضع للتفكير، ولذلك نقول: لا تفكير إلا بواقع يكون محلاً له، لأن التفكير دراسة وقراءة وتحصيل معلومات وتصنيف وتقليم وتحليل وتركيب واستنباط وكل ذلك يلزمه لساناً (لغة) يكون حقلاً وميداناً له ووعاء يحمل تلك المعلومات ويحفظها ويخزنها ويقلمها، ولذلك نقول :لا تفكير إلا بلسان يحصل به تلك العملية كمجال ووعاء بوقت واحد.
إذاً؛ العقل لا يصدر منه العلم و المعرفة فهو ليس مصدراً علمياً أو معرفياً وإنما هو آلية للتفكير نستخدمه في استصدار الحكم من المصادر المعنية، فالحكم بالحسن على الشيء أو قبحه تأتى من دراسة الواقع ونتائج الشيء فوصل العقل بناء على هذه المعرفة العلمية أن هذا السلوك حسن وهذا السلوك قبيح، وهذا لا يجعل العقل مصدراً للتحسين و التقبيح وإنما يجعله أداة معيارية واعية والمصدر هو الواقع، وكذلك العقل ليس مصدراً دينياً يحلل أو يحرم أو يوجب بذاته ، وإنما هو آلية تفكير وفهم للدين من مصدره(القرءان) وفق منهج معين فيصل العقل إلى أن هذا الأمر واجب أو حرام أو حلال.
وموضوع الثواب والعقاب قبل نزول التشريع أمر فيه تفصيل:
يوجد من الأمور التي يثاب فاعلها في حال قام بها ولو لم يعلم حكمها بعد، وهذه الأمور المتعلقة بخير الناس ومصلحتهم بالحد الأدنى المعروف، ومعرفة ذلك أمر فطري مثل من ينقذ غريقاً من الماء فلا شك أنه يثاب ويمدح على فعله ولو لم يوجد قانون يوجب عليه هذا الفعل، والسؤال لو ترك إنقاذه هل يعاقب؟ والجواب هو لا عقاب إلا بقانون، كما أنه لا تكليف إلا بشرع، ولم ينص القانون على أن من لم يفعل الخير يعاقب ، ونفي العقوبة لا ينفي الذم والعتاب له على عدم إنقاذه للغريق، وهذا يعني أن وجود الثواب والمدح على فعل لا يعني وجود العقوبة على تركه مادام لايوجد قانون يجرم ذلك الفعل، وهذا غير أن يقوم الشخص ذاته بقتل أحد أو الاعتداء على حقوقه ،فهذا يعاقب ويذم ولو لم يكن في تشريع بعد أو قانون يمنع ذلك ويجرمه لأن قبح هذا السلوك معروف فطرياً بالحد الأدنى ، و هذا السلوك محدود جداً بما يتعلق بمصالح الناس بالحد الأدنى المعروفة أيضاً.
و رغم أن العقل يحكم بحسن الشيء أو قبحه بالحد الأدنى فهذا لا يجعله مصدراً للحسن و القبح لأن الحكم تأتى من دراسة الواقع ونتيجته والتربية الثقافية فيما بعد، فالمصدر هو الواقع وليس العقل.
كما أن الحسن و القبح الفطري يترتب عليه ثواب وعقاب لأن العقل يدرك ذلك من الواقع مباشرة ، أما ترك فعل الحسن مع القدرة عليه فلا يوجد عليه عقوبة ولو أنه يستحق الذم و العتاب عليه، والحسن و القبح غير الفطري هو أمر نسبي ولا يوجد عقوبة على فاعله أو تكليف إلا بقانون، بخلاف وجود الثواب والمدح عليه في حال كان نتيجته حسنة للناس
ولذلك لا يصح وضع العقل بين المصادر العلمية أو الدينية ، والعقل هو دليل وآلية للفهم و الدراسة والاستنباط والحكم على الأشياء وفق رؤيته المصدرية ، ومثله كمثل القاضي في المحكمة فهو ليس مصدراً قانونياً وإنما يحكم بين الناس وفق رؤيته القانونية التي تناسب الحدث أو السلوك .



#سامر_إسلامبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على من قال إن السريانية أصل لدراسة القرءان


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامر إسلامبولي - التحسين والتقبيح العقلي