جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 1372 - 2005 / 11 / 8 - 05:12
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ليس ثمة في أيامنا هذه مصطلح آخر أكثر ذيوعا" وانتشارا" بين الباحثين والمفكرين والإعلاميين في قريتنا العالمية من ( Globalization) مصطلح العولمة
وكان أنتوني ماكفرو أول من استخدم هذا المصطلح للدلالة على تلك الظاهرة الشمولية الأعظم أهمية وعمقا" وتأثيرا" في عالم اليوم , التي تتجلى في تعددية الصلات والعلاقات المتداخلة والاعتماد المتبادل بين الدول والمجتمعات التي تصنع النظام العالمي الجديد وفي التأثيرات القوية للأحداث والنشاطات والقرارات في أي جزء من العالم , على الأجزاء الأخرى مهما كانت بعيدة عن بعضها جغرافيا" .
والعولمة نتيجة منطقية لعمليات تأريخية معقدة , وثيقة الارتباط بالتطور العلمي – التكنولوجي وبخاصة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وتوسيع دائرة تداول المعلومات بين أجزاء المعمورة بسرعة الضوء في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وهي – أي ظاهرة العولمة – تشكل دون أدنى ريب , مرحلة جديدة في التطور الأنسانى الحضاري .
ولقد تباين تفسير المفكرين والباحثين لظاهرة العولمة ومواقفهم إزاءها ( من حيث محتواها واتجاهاتها وآثارها الراهنة والمستقبلية ) بين مرحبين ومبشرين وبين منددين ومستنكرين .
ولم يقتصر الأمر على هؤلاء, بل شمل قطاعات جد واسعة من الرأي العام وبخاصة في الدول المتقدمة. ففي الوقت الذي يعتقد عدد كبير من المدافعين عن الأيديولوجيا الرأسمالية والليبرالية الغربية إن العولمة تيار جارف يجتاح العالم ويبشر ببزوغ عصر جديد من التكامل والتأثير المتبادل والاعتماد المشترك بين الدول والمجتمعات , يرى المتشائمون أنها آلية جديدة للتحكم في اتجاهات تطور نمط الإنتاج الرأسمالي وانتقاله من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي .
ولكن الحقيقة هي أن العولمة عملية موضوعية وحتمية لا تتوقف على مواقف وأطماع وأهداف المركز الرأسمالي القيادي المتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية ولا مواقف الدول الكبرى ألأخرى ولا تؤثر فيها دعوات المبشرين ولا احتجاجات المعارضين .
صحيح أن الحركات المناهضة للعولمة التي نشأت في الدول الغربية أخذت بالاتساع والانتشار وبخاصة بين الشباب والعمال والعاطلين عن العمل وهي تقوم بتنظيم مسيرات وتظاهرات احتجاجية عارمة في العواصم الغربية ومدن أمريكا اللاتينية وبخاصة عند انعقاد المؤتمرات والندوات الخاصة بالعولمة . أو مؤتمرات القمة لرؤساء الدول الصناعية الكبرى واجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والمؤسسات التابعة لها .
ولكن هذه الحركات لن تستطيع إيقاف عجلة التقدم ولن يكون مصيرها أفضل من مصير اللوديتيين (*) الذين قاموا في بداية الثورة الصناعية الأولى في أوروبا بتحطيم المكائن والآلات التي حلت محل العمل اليدوي والحرفي .
فالثورة المعاصرة في وسائل النقل والأنصال وتبادل المعلومات تتسارع وتائرها يوما" بعد آخر وتؤدي إلى تضييق رقعة العالم وتحويله إلى قرية تعيش أجزاؤها المختلفة الأحداث أولا" بأول أي لحظة وقوعها والى تقارب الشعوب والأمم وسهولة الاتصال فيما بينها . وهذا الاتصال ليس بوسع الحكومات ولا الحدود الجغرافية أو السياسية أن تمنعه أو تحول دونه .
وعامل مهم آخر يشكل قوة دفع هائلة للعولمة هي تخلي الدول الشيوعية السابقة وبلدان العالم الثالث ذات التوجه الاشتراكي وحتى الصين الشعبية والدول الشيوعية المتبقية عن نهج التنمية التي كانت تتبعها سابقا" . واضمحلال الفروق بين النماذج المختلفة لأقتصاد السوق . وفي الوقت نفسه تتقارب اقتصادات دول العالم و تتجلى مظاهر هذا التقارب في تخفيض التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية وتزايد حركة السلع والخدمات عبر الحدود الوطنية والإقليمية وإزالة الحواجز التي تعترض التجارة والاستثمار وتدويل رأس المال والإنتاج وتعاظم دور الشركات العابرة للقارات والتي تشكل اليوم – من حيث حجم الاستثمار – ثلث الشركات العاملة في القطاع الخاص على الصعيد العالمي .
ولا شك أن العولمة تسهم في تفاقم بعض المشاكل والمخاطر التي تواجهها البشرية اليوم مثل( تلوث البيئة , انتشار الأسلحة النووية , الانفجار السكاني , نضوب الموارد الطبيعية والتهديد الناجم عن الاحتباس الحراري , تدمير الغابات على نطاق واسع , تجارة المخدرات ,والإرهاب الدولي).
وبطبيعة الحال فأن العولمة كأية ظاهرة عالمية أخرى في التاريخ البشري لها جوانب ايجابية وسلبية ,كما أن للدول والمجتمعات والشرائح الاجتماعية المختلفة ردود فعل متباينة إزاء كل جانب من جوانب العولمة . لنأخذ عملية التصنيع مثلا" , ففي بداية الثورة الصناعية الأولى في أوروبا كان ثمة عدد قليل من أثرياء انجلترا وهولندة الذين استفادوا بشكل رئيس من نتائج هذه العملية وحصلوا بفضلها على نفوذ سياسي كبير . ولكن لا احد اليوم يساوره الشك في أن عملية التصنيع لم تكن حتمية فقط, بل تقدمية أيضا".
أعداء العولمة يقولون اليوم , إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى استعباد واستغلال العالم بأسره وبخاصة الدول النامية من خلال العولمة . وليس بوسع أحد أن ينكر أن للولايات المتحدة الأمريكية –كأية دولة أخرى في العالم- مصالحها الخاصة التي تحاول جاهدة الدفاع عنها وتعزيزها بكل السبل المتاحة أمامها وبخاصة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وانهيار النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية , حيث يلاحظ سيادة قطب واحد وإيديولوجيا واحدة في عالم اليوم .
إن دروس التاريخ القريب والبعيد تؤكد أن استمرار هذه الأوضاع ليس قدرا" محتوما" ويتنافى مع منطق التأريخ و
لا يمكن أن تدوم طويلا".وكل البوادر تشير إلى بدايات بروز أقطاب أخرى ورؤى أخرى ( الاتحاد الأوروبي , اليابان , الصين ) , ثم أن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية في تأمين مصالحها الحيوية والحصول على امتيازات جديدة وملأ الفراغ الذي تركه انهيار الاتحاد السوفيتي , قد ألبت قطاعات من الرأي العام العالمي ضدها. وهذه بوادر جديرة بالتأمل . وليست هذه هي المرة الأولى في التاريخ البشري التي تتمكن فيها دولة أو حركة أو إيديولوجيا واحدة أو أكثر من بسط نفوذها على أجزاء شاسعة من العالم. وكان مثل هذا التوسع أو الانتشار يتم في الماضي باستخدام القوة ( الإمبراطورية الرومانية , الاجتياح المغولي , فتوحات ومعارك نابليون,الغزو الهتلري لدول أوروبا الغربية والشرقية وشمال إفريقيا ) وأحيانا" كان العنف مصحوبا" بالغزو الفكري والثقافي والدعوات الروحية والحملات التبشيرية .هكذا انتشرت الأديان السماوية وغير السماوية والفلسفة الكونفشيوسية والايدولوجيا الماركسية .وفي أحيان أخرى كانت عملية التغلغل وبسط النفوذ تجري دون أكراه أو استخدام العنف . وثمة في التاريخ البشري حالات عديدة قامت فيها الدول المختلفة باقتباس تجارب الغير بمحض رغبتها وإرادتها . ولعل اصدق مثال على ذلك هو الحركة الإصلاحية التي قام بها القيصر الروسي بطرس الأول الملقب ب(بطرس الأكبر ) وتمكن خلالها من تحويل روسيا من دولة زراعية على أطراف أوروبا إلى دولة صناعية قوية , وقد جوبهت إصلاحات بطرس الأكبر بمقاومة عنيفة من المحافظين الذين زعموا أن القيصر قد أصابه مس من الجنون وأنه باع روسيا للأجنبي , ولقد اثبت التأريخ أن القيصر كان على صواب . وحين اجتاح نابليون أرض روسيا , قاد النبلاء الروس – من النخبة المثقفة التي كانت تتكلم الفرنسية – المقاومة العنيفة للاحتلال الفرنسي . وكان ذلك عاملا" أساسيا" في دحر وإبادة جيش نابليون .
كما تعرضت الصين خلال تأريخها الطويل إلى الغزو الفكري الأجنبي ( المسيحية , الإسلام , البوذية , الهندوسية ) والى غزوات عسكرية أجنبية(ابتداء من الغزو المغولي وانتهاءا بالغزو الأنجليزى) من المغول إلى الانجليز , ولكن الصين صمدت وقامت الغزوات الفكرية والعسكرية وحافظت على أصالتها الثقافية وحضارتها العريقة .
والأمثلة كثيرة على البلدان والمجتمعات التي قاومت الغزو العسكري أو الفكري وصمدت أمام محاولات طمس هويتها القومية وخصوصيتها الثقافية, مثل الهند وإيران والمكسيك والبرازيل... الخ ولعل اسطع دليل على ذلك هو اليابان فقد اقتبس هذا البلد كثيرا" من مظاهر الحداثة الغربية وبخاصة الأمريكية منها , حتى ظن البعض أنه سائر نحو الأمركة ولكنه استطاع الحفاظ على أصالته وصيانة الروح اليابانية المتفردة التي وقفت محاولات الأمركة عاجزة إمامها , وثمة حالات في الماضي كان الاقتباس من الغير سببا" في إثراء القيم والمعايير القومية والروحية فعلى سبيل المثال خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية وقد دمرت بنيتها التحتية وانهار اقتصادها واحتلت أراضيها من قبل جيوش الحلفاء , ثم قسمت إلى دولتين هما ألمانيا الاتحادية وألمانيا الشرقية , ولكن رغم الاحتلال الأجنبي ومن ثم جدار برلين العازل بين الدولتين وحملات الدعاية المكثفة أو الحرب الإعلامية بينهما، فقد حافظ الشعب الألماني على تقاليده القومية وطابعه الوطني و إذا كان الألمان قد تغيروا تحت تأثير الاحتلال فأنهم أصبحوا أفضل نتيجة لتأثرهم بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية و ها هي ألمانيا الموحدة اليوم تسعى مع غيرها من دول الاتحاد الأوروبي من اجل مزيد من التعاون الوثيق فيما بينها في كافة ميادين الحياة وترتيب البيت الأوروبي . وقد وصل الأمر حتى إلى تجاوز ما يسمى حقوق السيادة والتخلي عن أحد رموز السيادة ونعني بذلك العملة الوطنية وإلغاء الحواجز الكمر كية وإزالة عوائق كثيرة كانت تقف حجر عثرة أمام التكامل والتعاون بين تلك الدول والاندماج في الفضاء الاقتصادي والاجتماعي المشترك ولم يسفر هذا التوجه الجديد عن سيادة نمط واحد من أنماط الحياة أو قولبة السلوك أو زوال الخصوصيات الثقافية للشعوب الأوروبية .
فقد حافظ الفرنسيون والانجليز والايطاليون والنمساويون واليونانيون والفنلنديون على قيمهم وتقاليدهم , بل أن ثمة مناطق داخل كل دولة من دول الاتحاد تتباين في عاداتها وتقاليدها المحلية .وإذا سافر المرء لمدة أسبوع واحد من دولة إلى أخرى داخل الاتحاد الأوروبي فأنه سيرى أن هذا الجزء (المعولم أكثر من أي جزء آخر على كوكبنا) بعيد كل البعد عن أن يكون قرية أمريكية . بل على النقيض من ذلك تماما" فكلما نجح الأوروبيون في التطور المشترك, كان استقلالهم وتمايزهم أكثر بروزا". وكذلك الحضارات البشرية القائمة الآن, فأنها أكثر تمايزا" من أي وقت مضى في التأريخ البشري.
ومن الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها ليست بحالة تمكنها من أمركة العالم . فبعد عقد من الازدهار الاقتصادي غير المسبوق , بدأت المشاكل الاقتصادية والمشاكل الأخرى بالتفاقم مما سيؤدي إلى تصاعد المقاومة داخل الولايات المتحدة الأمريكية لمثل هذه السياسة . كما أن الدول الصناعية وكذلك معظم الدول النامية تشعر بالقلق إزاء إيغال الولايات المتحدة الأمريكية في انتهاج سياسة أممية تهدف إلى محاربة الإرهاب الدولي و نشر القيم الأميركية وإشاعة الديمقراطية وإتباع سياسة الاقتصاد الحر على الصعيد العالمي .
إن إسقاط الأنظمة الدكتاتورية ( التي تعزل شعوبها عن حركة التأريخ والتقدم العلمي-التكنولوجي وتنتهك حقوق الإنسان وتشجع الإرهاب الدولي) باستخدام القوة , لابد أن يصاحبه تقديم خسائر بشرية , ليس المجتمع الأمريكي مستعدا" لتحملها , حيث أنه – أي المجتمع الأمريكي – جد حساس إزاء أية خسائر بشرية . حتى لو كان المجتمع الأمريكي مستعدا" لتقديم مثل هذه التضحيات, إلا أن العالم يواجه اليوم مشاكل ومخاطر جديدة, ليس في وسع الولايات المتحدة الأمريكية معالجتها بمفردها معتمدة على قدراتها الذاتية .فالحملة التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد نظام طالبان وتنظيم القاعدة لم تكن لتحقق أهدافها لولا مساعدة الدول الأخرى لها وبخاصة الباكستان ودول آسيا الوسطى وروسيا والعديد من الدول الإسلامية , التي قدمت العون اللوجستي للولايات المتحدة الأمريكية في السر والعلن . كما أن الولايات المتحدة الأميركية تحملت خسائر مادية ومعنوية هائلة في سبيل إسقاط النظام الصدامى الفاشي في العراق.
ونرى على هذا النحو أن العلاقات الدولية سوف تتجه إن عاجلا" أم آجلا", إلى عالم متعدد الأقطاب وهذه التعددية قد لا يضمن السلام العالمي دائما". وفي التاريخ البشري عموما" والتاريخ الحديث خصوصا" شواهد كثيرة على ذلك . ففي نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت الدول المؤثرة في النظام الدولي هي انجلترا وفرنسا وألمانيا والمجر وايطاليا التي انقسمت إلى مجموعتين متنافستين تتصارعان من أجل السيطرة على أوروبا . هذا الصراع أدى إلى نشوب الحرب العالمية الأولى . وكذلك الحال خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين التي شهدت بروز قوى كبرى ( أقطاب ) عديدة تمثلت في كل من ألمانيا الهتلرية والاتحاد السوفيتي وانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية . بيد أن وجود هذه الأقطاب المتعددة لم يمنع نشوب الحرب العالمية الثانية – أكثر الحروب دموية في التاريخ.
ولكن ثمة اليوم أساس لتفاؤل كبير , والأمل يكمن في العولمة على وجه التحديد . ذلك لأن العولمة تؤدي إلى تشابك مصالح الدول إلى درجة أنها تصبح غير معنية بمحاربة بعضها البعض بل على التفيض من ذلك تماما" , ستكون حريصة على المصالح المشتركة , كما أثبتت حوادث الحادي عشر من أيلول الماضي . فإن ثمة مئات الخيوط التي تربط أمريكا بالدول الكبرى الأخرى مثل روسيا والصين . هذه الخيوط التي تجعل الدول المذكورة رهينة للاستقرار والازدهار المشترك .
أعداء العولمة يقولون أنها – أي العولمة – تؤدي إلى زيادة تبعية الدول المتخلفة للدول الكبرى القوية . ولكن هذا الرأي قابل للنقاش .والحقيقة أن الدول الضعيفة والصغيرة كانت دوما" تابعة للدول الكبرى إلى هذا الحد أو ذاك . والتبعية الاقتصادية موجودة بدرجات معينة حتى يومنا هذا ولكنها تتحول تدريجيا" إلى تبعية متبادلة.وبهذا المعنى فأن الأزمة المالية في شرقي آسيا في أواخر عام 1997 لها دلالات واضحة.ففي ذلك الوقت سارعت الدول الأوروبية الصناعية إلى تقديم العون لدول شرقي آسيا التي شملتها الأزمة, خشية أن تعاني هي الأخرى – أي الدول الأوروبية - من آثار تلك الأزمة.
ويمكن القول إجمالا" أن العولمة تجعل الشعوب المختلفة مرتبطة ببعضها إلى درجة أنما تمتنع عن اللجوء إلى استخدام القوة لحل الأزمات والمشكلات القائمة أوالمستقبلية وتتعلم أن تتعاون أكثر فيما بينها . وبفضل هذه التحولات تأمل شعوب العالم في أن يكون القرن الحالي أقل دموية من القرن المنصرم . ولا ننسى أن الدول الشيوعية السابقة والحالية ( الصين , فيتنام , كوبا ) تتجه إلى تبني نظام الاقتصاد الحر , ليس لأنها حققت الرفاهية لشعوبها , بل لأن التجارب الاقتصادية – الاجتماعية السابقة أوصلتها إلى طريق مسدود . وبعد مضي سنوات قليلة على العودة إلى النظام الرأسمالي في دول أوروبا الشرقية , بات واضحا" أن القيادات البيروقراطية لا يمكنها تطبيق قوانين السوق بنجاح ولا بد من قيادات جديدة منفتحة على العالم وتؤمن بمبادئ الديمقراطية ولها القدرة على استيعاب مبادئ الاقتصاد الحر و التنافس على الصعيد العالمي .
أن المشاكل التي تعانى منها الدول الشيوعية السابقة , لا ترجع إلى العولمة وإنما إلى سوء إدارة الاقتصاد القومي والفساد الإداري المتفشي في بلدان أوروبا الشرقية .
أما الدول النامية فإنها أخفقت لحد الآن في انتهاج إستراتيجية واضحة لتحديث مجتمعاتها والتكيف مع المتغيرات الدولية , حيث تعاني من أزمات ومشاكل لا يمكن التغلب عليها , إلا بالاستيعاب الواعي لجوهر العولمة وأبعادها وأهدافها وآلياتها والتكيف العقلاني مع معطياتها ونتائجها الراهنة والمستقبلية .
Iuddites ملاحظة*:
كلمة انجليزية نسبة إلى العامل الانجليزي (نيدا لودا) الذي – حسب الروايات الشفاهية المتوارثة – قام بتحطيم آلة الحياكة التي كان يعمل عليها في الستينات من القرن الثامن عشر احتجاجا" على تصرفات صاحب المعمل الذي كان يعمل فيه عامل" أجيرا" . وقد أطلقت هذه التسمية فيما بعد , على المشاركين في الاضطرابات الجماهيرية التي اندلعت في انجلترا في بداية الانقلاب الصناعي , الذين تظاهروا للتعبير عن سخطهم ضد إحلال الآلات والمكائن بدلا" من العمل اليدوي . وقد تحولت هذه التظاهرات والاحتجاجات إلى حركة شعبية واسعة النطاق , بلغت ذروتها في أوائل القرن التاسع عشر وشارك فيها الحرفيون الذين فقدوا أعمالهم وكذلك شغيلة المعامل الذين تضامنوا مع الحرفيين العاطلين .
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟