أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لويس غرم الله - كشف المستور في حكم الأنبذة والخمور!!















المزيد.....

كشف المستور في حكم الأنبذة والخمور!!


لويس غرم الله

الحوار المتمدن-العدد: 5035 - 2016 / 1 / 5 - 13:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




رافقت الخمر الإنسان منذ الأزل ..
و صاحبته في حله و ترحاله،
و فرحه .. و ترحه ..
و معاركه .. و ليالي أنسه ..
و لعبت دوراً هاماً في حياته منذ العصور الأولى لفجر التاريخ ، فلم يخلو تاريخ أمة إلا وذكر فيها شأن الخمر . فكان أول ذكر لها في ملحمة جلجامش ببلاد مابين النهرين عندما كسر الملك جلجامش مع إنكيدو الخبز وشرب معه الخمر(2750-2350 ق.م) . كما اكتشف لوح طيني مسماري مفخور يعود إلى عام 2050 ق.م يحوي على وصفة لصناعة خمر الشعير (البيرة) في مدينة أور السومرية. أما في حضارة المصريين القدماء فمناظر جمع العنب ودهسه بالأرجل أو عصره وتصنيع خمرة الشعير تشاهد وبكثافة على جدران مقابر عصور مصر المختلفة.
لقد عرفت الخمر لدى مختلف الحضارات قبل الديانات "السماوية" بآلاف السنين ولكن في الديانتين اليهودية والنصرانية نجد تحريم السُكر فيما أجازت شرب الخمر . فقد جاء في التوراة والتلمود (تعاليم الأحبار) أن الخمر عند اليهود مباح و مجاز شرب القليل منه في المناسبات الاجتماعية ، وليست حراما أو محظور مادامت تشرب باعتدال ودون إفراط ولكنها في المقابل حذرتا من السكر بالخمر الذي فيه الخلاعة. أما فقهاء الإسلام فقد تطرفوا "كعادتهم" في تحريم شرب الخمر بالكلية بل ونسبوا الى رسول الله أنه لعن ساقيها وبائعها وعاصرها وحاملها وآكل ثمنها !!

فهل مجرد شرب الخمر محرم في كتاب الله ؟

قبل كل شيء ، يجب التفريق بين (التحريم) و(النهي) من ناحية.. و(الخمر) و(السُّكر) من ناحية أخرى .
فالتحريم أمر خاص بالله وحده (من القرآن) ولا يشاركه فيه ذلك أحدا ، فحين يأتي أمر الله بالتحريم يأتي مباشرة في القرآن بلفظ الكلمة أو مشتقات الجذر(ح ر م)، أما (النهي) فيشترك في تشريع المنهيات "واجتنابها" القرآن والرسول والناس من خلال الهيئات التشريعية والمجالس البرلمانية .
بالتالي، فالله يُحرم و ينهى، أما الإنسان فهو ينهى فقط ولكن لا يحرم حلالاً أو يحلل حراماً. والفرق بين المحرمات والمنهيات كبير جداً و واضح. حيث أن المحرمات "أزلية" و تسري على كل زمان ومكان ، فقتل النفس والسرقة و الكذب والغش التجاري وشهادة الزور وغيرها هي محرمات بنص كتاب الله و في كل التشريعات ولن تجد برلمان في الدنيا يجتمع على تحليل السرقة أو الغش التجاري أو الكذب مثلاً.

إن المحرمات محصورة في كتاب الله بأربعة عشر محرماً فقط ، ولا يحق لكائن من كان أن يزيد على تلك المحرمات الإلهية. لذلك أنزلت آية تعاتب رسول الله عندما حرم محرماً واحداً على نفسه!! (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ). أما النهي، فهو ظرفي ومعلول بعله ويزول بزوال العلة وذلك وفقاً لما تمليه الحاجة الظرفية. وبالتالي فالنهي دون التحريم و يشرع لتقيد أمر حلال لوقت معين. مثال: نقل البضائع حلال ولكنه يخضع للقيود الجمركية . وبالتالي تهريب البضائع من (المنهيات) يجب اجتنابها وليست من المحرمات الإلهية . مثال آخر : الانتقال من البيت للعمل حلال ولكن ضمن قيود وضوابط السير وبالتالي قطع الإشارة والسرعة في الطريق من المنهيات.

نأتي لمفردتي (الخمر) و (السُّكر) في كتاب الله لنجد أنهما وردتا في خمس مواضع على النحو التالي :

الموضع الأول :
( وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَ رِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (النحل الآية 67). هنا يصف المولى عز وجل ان الثمرات تتخذ لأمرين إما ( سكراً ) و إما (رزقاً حسناً) وهذه الآية وصفية ولا يوجد بها أي نص تشريعي.

الموضع الثاني :
عندما سُأل النبي عن الخمر (والأرجح أن ذلك كان بين السنة الثالثة والسنة الثامنة بعد الهجرة حسب الروايات -ان صحت-) نزلت الآية : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا" (البقرة، الآية 219).
هنا يجب أن نرتل* (نستحضر) الآية السابقة في الموضع الأول مع هذه الآية في الموضع الثاني لأنهما مرتبطتان مع الآيات الثلاث الأخريات التي سنأتي على ذكرها . فقد ذكر الله في الآية الأولى أن الخمر يتخذ لأمرين هما (سكراً) و (رزقاً حسناً)، وفي الآية الثانية ان الخمر فيها (إثم كبير) و (منافع للناس) ولو قمنا بتلاوتهما* سوية لوجدنا أن (السُكر) هو الإثم الكبير و (الرزق الحسن) هو منافع للناس. و كلتا الآيتين لم تتضمنا أي حكم تشريعي.

(هامش)
* الترتيل من الرتل، و رتل الأيآت أي وضعها في رتل واحد حسب موضوعها Theme
* التلاوة : فهو الربط بشكل متتالي ولذلك يقال "تلى الشيء الشي" وقولنا "التالي ذكر"

الموضع الثالث :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ " (النساء – الآية 43)
هنا يأمرنا الله بعدم الإقتراب من الصلاة ونحن واقعون في الإثم الكبير (السُّكر). و السُّكر هي حالة الهذيان وغياب العقل أو ما يسمى بــ(الثُّمالَة ) التي تأتي بعد النشوة وتكون بسبب الإكثار من شرب الخمر (لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ) ولذلك تلت قوله تعالى (حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ) لأنك عندما تتحدث بقول لا تعلمه فقد أصبحت في حالة غياب تام عن العقل وهذا ما حرمه الله في الموضع الخامس الذي سنأتي على ذكره *.

(هامش)
* قد يرد البعض بأن الآية السابقة هي منسوخة و نحيله الى كتاب (لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن الكريم) للكاتب أحمد صبحى منصور ) (2).

الموضع الرابع:
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة – الآية 90)
هنا يلاحظ وبشكل صريح أن الله أمرنا بإجتناب (الخمر) ولم يأتي بصيغة التحريم . و كما أسلفنا ، النهي ليس تحريماً أو كما يقال أن الإجتناب هو تحريم الاقتراب وبالتالي هو تغليظ فى التحريم ، فهذا كلام مردود جملة وتفصيلا ، ولو أراد الله تحريم أمرٍ لجاء بشكل صريح ومباشر كما قال في شأن كل المحرمات مثل (حرمت عليكم الميتة والدم) و(حرمت عليكم امهاتكم) و (أحل الله البيع وحرم الربا) !! أما الخمر فهو من المنهيات لذلك قال تعالى في نهاية الآية التي تليها (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) . نخلص من الموضع الرابع ان الله أمر (بإجتناب) الخمر كفعل (منهي عنه) وليس محرماً ، ولكن لنرى ماذا قال الله في (السُّكر) الذي هو نتيجة "غير حتمية" لشرب (الخمر) بالموضع الخامس.

الموضع الخامس:
يقول تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ)
في هذا الموضع الأخير يتجلى الأمر برمته ، حيث يحرم الله صراحة مجموعة من الأفعال (الفواحش والإثم والبغي والشرك بالله) وبما أن (السكر) هو (إثم كبير) نقول ان السكر هو محرم. ويبقى (الخمر) من المنهيات وليس من المحرمات. و اجتناب النواهي لا يرقى إلى مرتبة (لا تقربوا) في المحرمات .

لنقوم الان بتلاوة الأيات الخمس (التلاوة = الربط )
1- (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَ رِزْقًا حَسَنًا )، أي تتخذ الثمرات لأمرين إما ( سكراً ) أو (رزقاً حسناً)
2- (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ،هنا الخمر فيه (إثم كبير) وفيه (منافع) للناس. لذلك هو رجس أي مختلط (لا يجب الخلط هنا بين الرجس والرجز والنجس ، فالرجس هو الأمر المختلط والنجس هو الخبث او النجاسة المعنوية أما الرجز فهو العذاب والاثم)
3- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) ، وهنا يأمرنا الله بإجتناب الخمر حتى لا نقع في (إثم الخمر) وهو السُكر.
4- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)، السكر أو الثمالة أو حالة الهذيان (Confusion) وهو الإثم الكبير الذي يدخل ضمن دائرة المحرمات التي حرمها الله.

أما القول بأن شرب الخمر يؤدي الى السُكر بالضرورة وبالتالي الخمر محرم ، نقول أن الغضب يولد سَكرة مماثلة ونتائجها كخطورة سَكرة الخمر وأكثر فهل الغضب حرام!! إن الخمر لا يؤدي بالضرورة إلى السُكر (الهذيان) فليس كل شارب خمر سكران كما أن منافع الخمر كثيرة في الصحة وفي العلاج ولا يمكن بالتالي تحريمها بالمطلق ولكن يبقى رجسا أي مختلط بإثم لذلك نجتنبه قدر الإستطاعة فإن وقعنا في شرب الخمر لا يجب أن نشرب نثمل فيذهب عقلنا وتقول ما لا نعلم.
وقد أثبت علمياُ إن تناول الخمر أو الكحوليات لا تفقد العقل بمجرد شربها حيث يمر شارب الكحول بأربع مراحل للوعي:
١-;-. مرحلة الرصانة Sobriety
٢-;-. مرحلة النشوة Euphoria،
٣-;-. مرحلة الإثارة Excitement
٤-;-. ثم تأتي مرحلة السكر أوConfusion أو مرحلة الهذيان وهي "أن تقولوا ما لا تعلمون" لذلك قال تعالى (حتى تعلموا ما تقولون) وهنا لا تسمح لك كثير من القوانين باتخاذ القرارات أو ممارسة المهنة كالطب وغيرها أو حتى قيادة السيارة .

http://the.honoluluadvertiser.com/dailypix/2009/Aug/22/M1141030822.GIF

قد يرد في ذهن القارئ السؤال التالي "إن كان السكر هو رجس الخمر، فما هو رجس الميسر والأنصاب والأزلام؟"
هنا نورد و بإجاز ما قاله محمد شحرور في كتابه -نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي- الفصل الثاني (3)

أولا: الوثنية : (الأنصاب و الأزلام / واجتنبوا الرجس من الأوثان / واجتنبوا الطاغوت)
ان رجس الأنصاب هو الذبح عليها ورجس الأزلام هو الاستقسام بها. ونلاحظ أن الذبح على الأنصاب والاستقسام بالأزلام قد حرّمها الله في آية محرمات الطعام {وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام} المائدة
وإجمالاً، الاوثان أو (الظاهرة الوثنية) قديمة و مازالت لها أشكال معاصرة فمن وثنية الظواهر الطبيعة وعبادة المادة إلى عبادة الحجر والبقر والبشر سواء كانوا أمواتاً من "السلف الصالح" أو "الأولياء الصالحين" أو الأحياء منهم كالأمراء والسلاطين والرؤساء . وبالتالي، مازالت الوثنية تعيش (بجانبنا) وفي حياتنا اليومية .
أما رجس الأوثان هو الاختلاط به كالأنظمة الطاغوتية وشركيات القبور بالتالي لابد من "تجنبها" ولكن لا نبتعد عنها أو نعتزلها لذلك كان التوجيه الرباني بالاجتناب (مجانبة) كوننا نجانبها رغما عنا ولو حرمها لقال (لا تقربوا) ولأصبحت إشكالية في كيفية إعتزال المجتمع كما فعلت داعش وغيرها.

ثانياً: قول الزور (واجتنبوا قول الزور)
(قول الزور) غير (شهادة)الزور وأكثر شيوعاً ، حيث نلاحظ قول الزور كظاهرة بين(جوانب)الناس في البيع والشراء و المعاملات ومخاطبة الحكام ومدحهم بالشعر وغير لذلك. ولأنها شائعة، أمرنا بمجانبتها ولكن لا نبتعد عن المجتمع ونعتزله لأنه قال زوراً أو مدح حاكماً.

ثالثاً: الميسر
كما أن السُكر هو رجس الخمر كذلك القمار هو رجس الميسر، والسكر والقمار يسببان العداوة والبغضاء بين الناس. (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)


نخلص للقول بأن من ادعى أن الاجتناب هو أكبر درجة من التحريم فإنما هو بذلك يقوم بالمزاودة على الله، والجدير بالذكر هنا أن الإمام أبي حنيفة النعمان قد أباح شرب الخمر شريطة عدم ذهاب العقل (السكر). و رأي السادة الأحناف في حكم الأشربة معروف سواء ما نُبذ وصار نبيذا أو ما خمُر فصار خمراً، كما أورد ابن رشد الحفيد في كتابه بداية المجتهد ما يلي: (وأما الأنبذة فإنهم اختلفوا في القليل منها الذي لا يسكر، وأجمعوا على أن المسكر منها حرام ) وكذلك قال فقهاء الكوفة وأكثر علماء البصريين: إن المحرم من سائر الأنبذة المسكرة هو السكر نفسه لا العين، في حين قال جمهور فقهاء الحجاز : قليل الأنبذة وكثيرها المسكرة حرام (4).
كما استند الأحناف وغيرهم الى احاديث كثير عن رسول الله في صحيح مسلم ومسند أحمد نورد منها الحديثين التاليين:
الحديث الأول : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستسقى . فقال رجل : يا رسول الله ! ألا نسقيك النبيذ ؟ فقال ( بلى ) قال فخرج الرجل يسعى . فجاء بقدح فيه نبيذ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا ! ) قال فشرب .
الراوي: جابر بن عبدالله
خلاصة الدرجة: صحيح
المحدث: مسلم
المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2011

الحديث الثاني : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنه : كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله أمعك ماء قال : معي نبيذ في إداوة فقال : اصبب علي فتوضأ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله بن مسعود شراب وطهور
الراوي: عبدالله بن عباس
خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
المحدث: أحمد شاكر
المصدر: مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 5/295


ختاماً..
إن شرب الخمر عادة اجتماعية منذ الأزل وخيار فردي لا يحكمه أحد فهناك من الشخصيات المشهورة مثل امية بن ابي الصلت وورقة بن نوفل وعثمان بن عفان وغيرهم من لم يشرب الخمر حتى قبل الإسلام . كما أن الخمر لم يحتل أهمية و أولوية في الدعوة "الإسلامية" فقد أرسل محمد صلى الله عليه وسلم الى قومه ثلاث عشرة سنة قبل الهجرة و كان المسلمون يشربونها كالمشركين وظل من اعتاد عليها قبل الاسلام يشربها ويتاجر بها ويأخذها في غزواته ومعاركه. كما ان القرآن فى البداية قد مدح الخمر واعتبرها رزقا حسنا ، كما استمر ذلك الوضع بلا نهي أو توجيه بالإجتناب حتى السنة الخامسة أو الثالثة بعد الهجرة على أقل تقدير (5) وبالتالي لنا أن نتخيل حقيقة أن الرسول كان يجلس مع صحابته خمسة عشر سنة (على الأقل) ومنهم من كان يشرب الخمر. كما حدث وشرب جماعة من الصحابة عند عبد الرحمن بن عوف حتى ادركتهم الصلاة فأمهم احد الصحابة فقرأ "قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون" فحذف "لا"، فنهاهم القرآن عن الصلاة في حال السكر "يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" (ان صحت الرواية) . فاستمر الشاربون على شربهم ولكنهم تجنبوا الصلاة عندما يكونوا سكارى.

كذلك أستمر بعض الصحابة في شرب الخمر وقصة عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب (أبا شحمة) مشهورة ، وكذلك محمد بن ابي بكر الصديق ومحمد بن ابي حذيفة. وفى عصر عثمان بن عفان كان أخوه لأمه الوليد بن عقبة يشرب الخمر, وكان والياً في عهد أخيه على الكوفة، فصلى بالناس وهو سكران، فزاد في الصلاة، ثم قال لهم ان شئتم زدتكم. أما فى عصر الخلافة الأموية والعباسية فحدث ولا حرج. (6)

ونقول أن المسألة ليست بذلك الإحتقان المبالغ فيه والذي يصفه لنا المتشددون من أهل التراث سواءً من سنة أو شيعة في حق كل من شرب الخمر وكأن من شربها قد أصابته لعائن الدنيا والأخرة!! ولكن الذين نسبوا الى رسول الله أنه لعن شارب الخمر وساقيها وبائعها وعاصرها وحاملها وآكل ثمنها ونسبوا إليه أن من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا وإن مات دخل النار!! وأن من تاب ثم عاد إليها ثم تاب مرة أخرى لا تقبل توبته و يسقى من صديد أهل النار!! كل من ذكر تلك الأحاديث ورهب بها تجاهل تماماً حديث البخاري في الحدود (6775) ، أن نعيمان - أو بابن نعيمان – (صحابي) أتى للنبي وهو "سكران" (أي وقع في المحرم) ، فأمر من في البيت أن يضربوه فضربوه بالجريد والنعال. (فقط لا غير)

إن هذه السادية والسوداوية في خطاب الكهنة يتنافى مع رحمة الله ويتعارض مع كتابه الكريم الذي لم يشرع أصلاً عقوبة دنيوية لمن ارتكب الإثم الكبير (السكر) !! فلا يوجد أيةً واحدة في القرآن الكريم تنص على جلد كل من سكر ولو بجلدة واحدة كما ذكر في حق من ارتكب الزنى مثلاً !! ولكن الحقيقة أن الذهنية التي إحتكرت التشريع الإلهي وقدمت "التراث الإسلامي" على أنه "سنة" مكملة للقرآن الناقص ووضعت رهباناً وأرباباً قد أصبحت ترى في نفسها الوكيل الشرعي لله على الناس وترى ما لا يراه الله وذلك على مبدأ "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" لتضع أحكاماً انتقائية مفتراة على الله ومحرفة لدينه ومشوهة لسماحة الدين ويسره.

لويس غرم الله

--------
المراجع /
1. القرآن الكريم
2 . (لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن الكريم). أحمد صبحي منصور، دار المثقفون العرب، القاهرة
3 . (نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي)، للدكتور محمد شحرور ، دار الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع، 2000، دمشق
4. (بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه ) ، لابن رشد الحفيد، دار ابن الحزم
5. (مقدمة في التاريخ الاخر : نحو قراءة جديدة للرواية الاسلامية ) للدكتور سليمان بشير ، 2012، منشورات الجمل ، بغداد
6. ( الخمر والنبيذ في الاسلام )- للباحث علي المقري ، رياض الريس للكتب والنشر –بيروت – لبنان.



#لويس_غرم_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسألونك عن الصلوة .. قل هي من أمر ربي


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - لويس غرم الله - كشف المستور في حكم الأنبذة والخمور!!