أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل عوض حسن - إثيوبيا والتهام السودان ..!















المزيد.....

إثيوبيا والتهام السودان ..!


فيصل عوض حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5034 - 2016 / 1 / 4 - 13:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بالرجوع إلى الأدبيات الجُغرافية والسياسية، فإنَّ الحدود بمنظور السياسة عبارة عن خطوط وهمية صنعها الإنسان ولا وجود لها في الواقع، تُعْنى بتحديد أراضي الدولة ومُسطَّحاتها المائية، سواء كانت أنهار داخلية/مُشتركة أو بحار أو مُحيطات، تُطل عليها هذه الدولة أو ما يُعرف بالمياه الإقليمية. بالإضافة إلى المجال الجوي للدولة المعنية وأحقيتها بمَنْعْ تحليق طائرات الغير فيه إلا بإذنها، مع مُمارسة الدولة سُلطاتها وإنفاذ قوانينها وتشريعاتها في إطار هذه الحدود. ويتم وضع هذه الحدود وفقاً لمجموعة من القواعد، لعلَّ أبرزها تعريف هذه الحدود استناداً للمُعاهدات بين الدول المُجاورة، وتوضيحها ووصفها بالتفصيل وتحديد مسارها بدقَّة، ورَسْمْها على الخرائط وفقاً للشروط التي تم توقيع المُعاهدات على أساسها، ومن ثمَّ فَرْضْ سيادة الدولة عليها وحراستها ومُراقبتها وبذلك تُصبح مُلزمة للدولة وغيرها.
ولقد شهد العالم صراعاتٍ عديدة بسبب الحدود، وتزدادُ هذه الصراعات، بصورةٍ مُلفِتَة، في العالم الثالث الذي ورث حدوداً رَسَمَهَا المُسْتَعْمِر، وحدث إدخال بعض المناطق لدولٍ أُخرى، ضماناً لمصالحه من الثروات الطبيعية وأحياناً لاعتباراتٍ سياسية، مما جعل مُشاكل الحدود مُتوارثة وشائكة وتسبُّبها في عدد من النزاعات الدولية، كالنزاع الحدودي بين اليمن والسعودية أو المغرب والجزائر، أو النزاع الصومالي الإثيوبي، أو الصومالي الكيني، أو النزاع الأرجنتيني البريطاني على جُزُر الفوكلاند، أو بين جورجيا وأرمينيا، أو جورجيا وروسيا، أو الصين واليابان أو الهند وباكستان وغيرها.
وبالنسبة للحالة الإثيوبية السودانية، فيبدو تأثُّر إثيوبيا الواضح بوضعها الجُغرافي المُعقَّد الذي جعلها حبيسة دون ميناء، وفي منطقة مُرتفعة جداً تُجاورها مناطق مُنخفضة وغنية بالثروات الطبيعية، مما أدخل الإثيوبيين في عراكٍ دائمٍ مع دول الجوار، تبعاً لأطماعهم المُستمرَّة في دول القرن الأفريقي ودول حوض النيل والبحر الأحمر. ولقد بدأت مشاكل السودان الفعلية مع إثيوبيا أعقب سقوط الدولة المهدية على أيدي البريطانيين، فوجد منيليك الثاني فرصته للإدعاء بتبعية أجزاء واسعة من السودان لإثيوبيا واستولى على بني شنقول، ووافق البريطانيون لاحقاً في اتفاقيتهم مع منيليك عام 1902على أيلولة (بني شنقول) لإثيوبيا رغم علمهم بسُودَانيتها، شريطة عدم إقامة إثيوبيا لأي مشروعات مائية على مجرى النيل الأزرق، بما يُؤكِّد أنَّ الاتفاقية لم تستهدف (حَسْمْ) الحدود وإنَّما المصالح الاقتصادية لبريطانيا، التي تعلم تماماً أنَّ بني شنقول تتبع للسودان الذي كان آنذاك تحت سيطرة الحكم التُركي، الذي غَزَا السودان أساساً لأجل (ذَهَبْ بني شنقول)، وهي معلومة تاريخية لا يُجادِلْ فيها عاقل! ولم يتم استرجاع بني شنقول للسودان مع الاستقلال، رُبَّما (التزاماً) باتفاقية 1902 وهو خطأ كبير دَفَعَ ثمنه أهلنا ببني شنقول، بدءاً بالتجهيل والإهمال والاعتقال والقمع وانتهاءً بالتشريد والتهجير القسري، والحديث هنا يطول ويتَّسع وسنُفرد لها مساحات قادمة إن شا ءالله.
الجديد في الأمر، أنَّ إثيوبيا (صَرَّحَتْ) بوضوح عن عدم اعترافها بالاتفاقيات السابقة، باعتبارها تمَّت في زمن الاستعمار، وهي تصريحات (تُلزمها) بإرجاع بني شنقول للسودان قياساً بمُبرراتها، وتمشياً مع مطالبها بعدم عدالة الاتفاقيات السابقة. والواقع أنَّ الأطماع الإثيوبية بأراضي السودان تتجلَّى عبر أكثر من اتجاه، أوَّلها تماطُلها في استكمال ترسيم الحدود، وثانيها توغُّلاتها المُتلاحقة في الأراضي السودانية واحتلال مساحات واسعة منها، كأراضي الفشقة وما جاورها وإقامة مُستوطنات كاملة فيها، عقب (قتل) و(تشريد) السودانيين منها.
آخر صور أطماع إثيوبيا وسعيها لفرض الأمر الواقع، تمثَّل بقيام مجموعة من الكيانات الإثيوبية (سياسية، دينية، إعلامية، ومدنية) بتقديم التماس (عريضة) للأمين العام للأمم المُتَّحدة، بشأن ما وصفوه اعتزام حكومتهم التنازُل عن (مساحات شاسعة) من الأراضى الإثيوبية للسودان (دون علم الشعب). وقدَّموا عرضاً تاريخياً لاتفاقية 1902، وادَّعوا بأنَّها أتت بشكلٍ عشوائي و(تَغَوَّلَت) على الحدود الإثيوبية. ثمَّ ذكروا بأنَّ الجيل الحالي والأجيال القادمة للإثيوبيين (لن يسمحوا بهذه الصفقة)، باعتبارها (انتهاكاً خطيراً)، ولم ينسوا (دَغْدَغَة المشاعر) بالإشارة لفُقدان آلاف الإثيوبيين لأراضيهم ومزارعهم، إذا تمَّ (ترسيم الحدود) دون (مُشاركتها) و(مُوافقتها). واعتبروا ما وصفوه بـ(تنازُل) حكومتهم عن هذه الأراضى كـ(قُنبلة موقوتة). ثم دعوا الأمم المتحدة وقيادتها للمُساعدة في (تجنُّب) الـ(تنازُل) عن الأراضى الإثيوبية للسودان، مع الإشارة لأنَّ (الأقليات العرقية فى حكومتهم) لا يحق لها هذا التنازُل (دون مُشاركة ومُوافقة) الشعب الإثيوبى، وما سيجري من اتفاق (لن يكون مُلزماً) للحكومات أو الأجيال القادمة.
المُتأمل في فقرات ومضامين هذا الالتماس يُدرك تماماً بأنَّه تمَّ بإيعاز ودعم مُباشر من الحكومة الإثيوبية، رغم الإشارات الخبيثة التي (حَواها) الالتماس بإطلاق وَصْفْ (حكومة أقلية)، والذي جاء للإيحاء بالظلم الواقع على الشعب الإثيوبي من حكومته لدرجة التنازُل عمَّا وصفوه بأراضيهم! كما يتماشى (تماماً) مع تصريحات ديسالين لبرلمانه، والتي شّدَّد (التزامه) فيها بطَرْحْ ملف الحدود كاملاً على شعبهم الأثيوبي لنقاشه و(أَخْذ مُوافقته) قبل بدء عملية الترسيم! وإذا استصحبنا كل هذه المُعطيات، مع قرار الاتحاد الأفريقي القاضي بـ(حَسْمْ) ترسيم الحدود بين كل الدول الأفريقية قبل نهاية عام 2016، واستحالة هذا الأمر مع التوغُّل والاستيطان الإثيوبي في الأراضي السودانية والمدعوم بالقوات الإثيوبية، يتَّضح بجلاء أنَّ إثيوبيا (تتلاعب) لالتهام المزيد من الأراضي السودانية، ثم فرض الأمر الواقع على الجميع!
الأليم في الأمر، أنَّ هذا يجري على مرأى ومَسْمَع العصابة الإسلاموية الحاكمة وليتهم اكتفوا بالـ(فُرْجَة)، بل قَدَّموا لإثيوبيا ما لم تكن تحلم به، عقب توقيع البشير على الاتفاقية الإطارية لسد النهضة التي (تُلغي) كل ما سبقها من اتفاقيات وعلى رأسها اتفاقية 1902، كما أفاد الدكتور أحمد المُفتي المُستشار القانوني لوزارة الري ووكيلها الأسبق، وبهذا تستحوذ إثيوبيا على الماء والمعادن والأراضي الزراعية الخصبة وأهلنا ببني شنقول! حتَّى لو ادَّعى البعض بأنَّ الاتفاقيات السابقة جَرَتْ خلال حقبة الاستعمار، فهذه نقطة لصالح السودان وليس العكس، باعتباره – أي السودان – هو من كان تحت الاستعمار، وتمَّ استقطاع جُزء عزيز وغالي منه مُمَثَّلاً في بني شنقول (الأرض والأهل) وآن أوان استرجاعه، عقب نقض إثيوبيا للاتفاقية التي تمَّ بموجبها استقطاع هذا الجزء من الوطن لصالحها.
لقد قصدتُ تقديم تعريف وافي للحدود وأُطُر وقواعد تحديدها، مع لمحة تاريخية للأحداث التي جرت بين السودان وإثيوبيا، لتكون الصورة واضحة بشأن الأطماع الإثيوبية في السودان، والتي ازدادت حِدَّة، بعدما وجدوا في الجماعة الإسلاموية الحاكمة ضالتهم المنشودة. والدعوة مُوجَّهة لكافة الشرفاء من أبناء هذا الوطن، سواء كانوا كيانات سياسية أو مُنظَّمات مُجتمع مدني، أو جماعات دينية أو قانونيين وإعلاميين، للإسراع بتقديم التماس (عريضة) مُماثِلْ للأمم المُتَّحدة وتفنيد المزاعم الإثيوبية حفاظاً على حقوق السودان، وعدم انتظار المُتأسلمين الذين لم ولن يفعلوها لأسبابٍ يعملها القاصي والداني.
وبالتوازي مع هذه الخطوة، ينبغي أن يتَّسع الطموح لاقتلاع المُتأسلمين المُغامرين الذين خانوا البلاد وأهلها، وسَعوا لتدميرنا بصورة لم يفعلها حتَّى المُستعمر، الذي وإنْ استغلَّ مواردنا وثرواتنا، إلا أنَّه كان حريصاً على حدودنا وسَلَّمَنَا سوداناً كاملاً، بعكس ما فعله المُتأسلمون وما يُمكن أن يفعلوه لو مكثوا أكثر، وواقعنا الماثل يحكي عن نفسه ولا يحتاج لتدليل.. وللحديث بقية عن أرضنا (بني شنقول) وأهلنا هناك وما يُعانوه من أهوال.



ملاحظة هامَّة: للإطلاع على نص الالتماس (العريضة) الإثيوبية كاملاً إليكم الوصلة التالية:

http://www.ethiomedia.com/1010ideas/4791.html



#فيصل_عوض_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى متى ال(صَمْتْ) على أكاذيب البشير ومُعاونيه ..!
- الثروةُ الحيوانية: مُحَاكَمَة (حَتْمية) جديدة ..!
- اسْتِنْهَاضُ مَشْروعُ الجَزِيْرَة وَ(حَتْمِيَةُ) المُحَاكَمَ ...
- هل الإلهاء (خِيَاْرْ) المُتأسلمين للهروب ..!
- البشير وفُقْدَانَ الأهلِّية ..!
- تكتيكات المُتأسلمين لتذويب السودان ..!


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فيصل عوض حسن - إثيوبيا والتهام السودان ..!