أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إياد بركات - إنهيار الأساطير في الشرق الأوسط














المزيد.....

إنهيار الأساطير في الشرق الأوسط


إياد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 5021 - 2015 / 12 / 22 - 00:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن إنشاء وإدارة نظم مجتمعية بشرية متماسكة يزيد عدد افرادها عن خمسمائة فرد بدون أسطورة واحدة على الأقل يؤمن بها معظم أفراد المجموعة ، وللحفاظ على تماسك المجموعة وبقائها كمجتمع متماسك لا بد من وجود أساطير أخرى إحتياطية تحل محل الأسطورة الأساسية في حال تم الإطاحة بها حين يثبت زيفها ويكفر بها أغلب أفراد المجتمع .
يعتقد المؤرخون المعاصرون وعلماء الإجتماع أن ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى التي تشاركه كوكب الأرض وتفوقه عليها هو تمتعه بالخيال وقدرته على السرد وبراعته في نسج قصص مركبة وممزوجه بشيء من الواقع والكثير من الوهم ، عبر التاريخ تمكن البشر من بناء نظم مجتمعية ضخمة عن طريق إختراع الأساطير وإقناع أكبر عدد ممكن من الإيمان بها . دون هذه الأساطير لا يمكن إجبار اي مجموعة بشرية يزيد عدد أفرادها عن الخمسمائة فرد على التعاون والعمل المشترك نحو أهداف واحدة ، وبناء نظام يحفظ الأمن والمصلحة والممتلكات العامة .
عاشت الإنسانية مئات الآلاف من السنين في تجمعات صغيرة لا يصل عدد كل منها لخمسمائة شخص ، وغالبا لم تتعدى المئة وخمسين فردا ، وفي حال ازداد عدد أفراد المجموعة أو القبيلة ، يقوم مجموعة من الأفراد بالانفصال والهجرة وتأسيس مجموعة بشرية جديدة خاصة بهم . فقط عندما تمكن الإنسان من إختراع أساطير كبرى أصبح بالإمكان بناء وإدارة مجتمعات كبرى وبناء دول وممالك وإمبراطوريات عظمى ، قد يتخيل الناس أن زمن الأساطير ولى وأن لا مكان لها في العصر الحديث ، ولكن حتى المجتمعات البشرية الحالية مبنية أيضاً على أساطير حديثة مثل أسطورة الديموقراطية وأسطورة العملة وأسطورة الشركات ، فكل هذه الأشياء فعليا غير موجودة الا في خيال الناس وما يجعلها تحتل حيزاً في الحياة وعلى أرض الواقع هو إيمان الناس بها ، ففي يومنا هذا قد لا تستطيع تجميع خمسة آلاف شخص يؤمنون بأحد الآلهة اليونانية الأسطورية ولكن تقريبا كل سكان الكرة الأرضية يؤمنون بالدولار مع أنه فعليا غير موجود خارج هذا الإيمان الجمعي لدى الناس ، تلك الأوراق التي نضعها في جيوبنا أحيانا هي فقط تماثيل للدولار لا تختلف كثيراً عن الأصنام التي كانت توضع في الكعبة كتماثيل لآلهة أسطورية كان يؤمن بها الناس .
في العالم العربي حاليا لا توجد أسطورة واحدة يؤمن بها أغلب الناس سوى الدولار ، هم لا يؤمنون حتى بالأساطير التي أنتجت مع الدولار مثل الديموقراطية والعلمانية وأسطورة حقوق الإنسان ، في محيط شرق اوسطي يزخر بآلاف الأساطير ويعتبر المهد الأول لأساطير أكتسحت العالم القديم يفتقر حاليا لأسطوره واحده متفق عليها من قبل أغلب السكان ، فالإسلام نفسه ، دين الأغلبيه ليس محل إجماع ، لقد تشتتت الروايات وتشظت بين الطوائف والمذاهب والمدارس وكهنة الفضائيات والميديا الإجتماعية ، ولم يعد الإسلام يستطيع أن يكون تلك الأسطورة المجمعة أو المنظمة لبقية الأساطير ، فالتنظيمات الإسلاميه والشخصيات الدينيه الإسلاميه وفي خضم سعيها وسباقها المسعور للسيطره على المجتمع والحصول على النجوميه واكبر عدد من المتابعين تسعى الى التميز عن المجتمع الإنساني وباقي المسلمين عن طريق تقويض اجزاء من الأسطوره الدينيه للاسلام وإحلال سرديتها الخاصه بدلا منها ، وبهذا ويوما بعد يوم يتم تقويض الإسلام كمنظومه اسطوريه جامعه على يد الداعين له والمتحمسين اليه ، ولكي تصبح الأسطوره أساسية لا بد من وجود عدد كافي من الناس يؤمنون بها ويتفقون على تعريف محدد لها ، ولا بد من وجود حزب او تجمع او تنظيم قوي يسخر طاقاته لنشر هذه الأسطوره ، ولكي يتمكن من ذلك على هذا الحزب أو التنظيم ان يختصر الأسطوره لمكونات بسيطه جدا يتفق عليها الأغلبيه ويزيل ويبتعد كل ما هو محور خلاف وتفرقه . جميع الحركات الإسلاميه المعاصرة التي انتهجت السلفية تعمل عكس هذا النهج باستمرار ، فهي أولا وضعت نفسها في صدام وجودي مع الأساطير الحداثية مثل المساواة وحقوق الإنسان وغيرها وثانيا باعتمادها على ما اسمته السلف الصالح فتقوم بهدم أغلب ما اتفق عليه المسلمين عبر السنين ، أيضا تعود بهم الى ما قبل عصر اختراع الأساطير الكبرى العالميه والى قبل حلول الثورة الزراعية الى عصر التجمعات البشرية الصغيره قبل تشكل المجتمعات الكبري ، فهذه المجموعات الصغيره التي كانت تعتمد على الصيد وتجميع الثمار كانت ايضا تؤمن وتقدس أرواح الأجداد والسلف .
لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه ونمد يد العون لأجل حقن الدماء ، ونتمكن من انشاء مجتمعات حقيقية في الشرق الأوسط تنعم بالازدهار والاستقرار ولا تشكل خطرا على وجودها أو على وجود العالم ، علينا ان نتفق على أسطورة واحدة بسيطه مبسطه وسهلة الفهم ، لا تحتاج الكثير من التوضوح والتفسير والتأويل لكي تحد من الخلاف والإختلاف من خلال تنظيم معاصر يستغل وسائل الإتصال الحديثه للنشر ويستعمل أدوات ومفاهيم العلوم الإنسانيه الحديثه ولا بد لكي ينجح مثل هذا التنظيم في مهمته ويتمكن من اقناع العامه باسطورته من أن يدعي وبإيمان مطلق ان هذه الاسطوره هي بالضبط ما يريده الله للإنسان او ما تريده قوانين الطبيعه للبشر.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- احتجزوها خلال تصوير.. شاهد ما فعله ضباط الهجرة بأمريكا بمؤثر ...
- الكرملين: بوتين أطلع ولي العهد السعودي على نتائج محادثاته مع ...
- ترامب يعد بتعديل نظام الانتخابات بعد شهادة بوتين أنه تعرض لل ...
- القبض على عصابة حاولت سرقة ماسة وردية نادرة بـ 25 مليون دولا ...
- بدلة زيلينسكي ومدح زعماء أوروبيين لترامب.. أهم وأطرف المواقف ...
- بدءا من الخامسة صباحا.. نائبة مصرية تقترح تعديل مواعيد العمل ...
- جون بولتون: لماذا يُعد ترامب أسوأ مفاوض في العالم؟
- هل تنجح تركيا في فرض -نيكست سوشيال- كمنصة وطنية للسيادة الرق ...
- طموح مها الأكاديمي ينهار أمام الجوع والحصار في غزة
- ارتفاع عدد الشهداء في القطاع والاحتلال يقتل 28 طفلا يوميا


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إياد بركات - إنهيار الأساطير في الشرق الأوسط