نادية بدارنة
الحوار المتمدن-العدد: 5018 - 2015 / 12 / 19 - 04:21
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
إن مشاركة الأهل في العمل المدرسي هي ظاهرة اجتماعية آخذة بالازدياد والتوسع لتشمل مجالات عديدة، فبعد أن اقتصرت مشاركة الأهل في معالجة وتقويم سلوكيات الأبناء، أصبحت مشاركتهم تعتبر قيمة تربوية هامة، ومن هذا المنطلق تم تحديد سياسة وزارة المعارف التي تدعو إلى مشاركة الأهل حيث "يرى جهاز التعليم الإسرائيلي بأولياء الأمور كشركاء حقيقيين للمدارس في العملية التعليمية ("منشور المدير العام س"د/4(أ).
وقد أثبتت الأبحاث المتعاقبة ان مشاركة الأهل لها تأثير ايجابي على الطالب وكذلك على كل العناصر المشاركة في العملية التعليمية. (فريدمان،2011).
ان مشاركة الأهل في العمل المدرسي، تؤثر إيجابا على الجانب العقلي، السلوكي، والحسي الانفعالي للطالب وتعمل على نموه وتقدمه، فمشاركة الأهل تعمل على تحسين مواقف وأفكار التلاميذ تجاه المدرسة، وعلى علاقتهم تجاه معلّميهم، والشعور بالراحة النفسية مما يزيد من الدافعية للتعليم وبالتالي ينعكس في تقدم تحصيلهم العلمي وتصورهم الذاتي .
كما تسهم هذه المشاركة بمعرفة وخبرة أولياء الأمور بأمور عديدة مثل: التعرف على أسس وأهداف التعليم، الاطلاع على سير عملية التعليم داخل الصف، المواضيع التي تدرس، أساليب وطرائق التعليم .
وأيضا يحصل الأهل على الإرشاد والتدريب في تطبيق ما يعرض داخل الصف.كما يتلقى الأهل معلومات عن تقدم الطالب العلمي، الاجتماعي والحسي الانفعالي، ويتم عرض الصعوبات التي يواجهها الأهل واقتراح الحلول والبدائل للتغلب عليها ومعالجتها.
ويعد الأهل مصدرا للمعلومات التي تحتاجها المدرسة مثل خلفية الطالب، العائلة والبيئة المحيطة، معلومات عن وضع الطالب الصحي النفسي وقدراته العلمية، نقاط القوة والضعف لديه والتي تعد موجها للمعلم في عمله . كما ويحصل المعلم على معرفة راجحة عن عمله، وعن تأثير ما يدرس في الصف على الحياة اليومية، العائلة والمجتمع، كما ان دعم الأهل المعنوي للمعلم يقلل من الشعور بالتآكل ويدفعه للعمل والعطاء.
ويمكن الإشارة إلى ان مشاركة الأهل تسهم في خلق مناخ ايجابي في المدرسة وعلاقات إنسانية تعاونية تعزز من الشعور بالالتزام والانتماء والعمل لتقديم الدعم اللازم لنجاحها وتقدمها.
وبالرغم من هذه الأبعاد الايجابية لمشاركة الأهل، هناك اختلاف في الآراء حول الموضوع، وما زالت هناك فجوة بين الدعوة للمشاركة وبين التطبيق في واقع العمل التربوي(.Ingber & Dromi، 2009)
وقد أشارت نتائج البحث الذي قام به مجادلة (2005) بعنوان" العوامل المؤثرة على مشاركة الأهل في العمل المدرسي في الوسط العربي" على ان مشاركة الأهل جاءت بنسبة قليلة جدا وهذا يضع جهاز التعليم العربي أمام أسئلة صعبة، إذ المفروض ان يكون واعيا ومدركا لأهمية المشاركة ويبادر إلى جعل مشاركة الأهل جزءًا لا يتجزأ من المدرسة وعملها.
فهدف مشاركة الأهل هي فتح آفاق للاتصال والحوار بين المدرسة وأولياء الأمور، الذي يمكِّن المعلمين والأهل من التعبير عن مواقفهم، آرائهم ومصالحهم والمشاركة في تحديد السياسة التعليمية.
لذا يجب ان تقوم العلاقة بينهما على التفاهم والاحترام المتبادل وان يؤمن ويرى كل طرف بالآخر كشريك حقيقي، يعملون معا بشكل تكاملي لتحقيق الهدف المشترك السامي " مصلحة الطالب".
فدور المدير "القائد" أساسي في تحديد منحى العلاقة، مداها وكيفيتها، والسعي لتطوير هذه العلاقة وتذويتها لتصبح خيطا من نسيج رؤية المدرسة وثقافتها، وذلك بالعمل على إكساب المعلمين مهارات الاتصال والتواصل مع الأهل من خلال التدريب والتأهيل، التشجيع والمكافأة. فالمعلم هو المسؤول الأساسي في تعزيز مشاركة الأهل والذي يجب ان يكون قادرا على تمكين الأهل من المشاركة ولديه الاستعداد للإصغاء لآرائهم ومقترحاتهم، إظهار القبول والاهتمام والثقة بخبرتهم وقدراتهم، وان يقوم بتزويدهم بالمعلومات عن أبنائهم ووضعهم التحصيلي بصراحة وشفافية.
وقد أشارت الأبحاث والمعطيات إلى أنّ: العلاقة بين المعلم والأهل متأثّرة ومتغيّرة، حسب درجة توفير المعلومات للأهالي عن أبنائهم، حيث إنه كلّما ازداد اتّصال المعلم بالأهالي وإخبارهم عن وضع أبنائهم التحصيلي، ازدادت مشاركة الأهالي في العمليّة التعليميّة.
ويتوجب على الأهل التضامن والتماثل لأهداف المدرسة، دعم ومساندة المدرسة في الجوانب المادية والبشرية، المساهمة بأفكار مفيدة والعمل بشكل جاد ويثمر في نجاح المدرسة وتطورها.
ان مشاركة الأهل ظاهرة في طريقها لتصبح حقيقة لذا يجب على المؤسسات التعليمية و الأهل عدم تجاهل هذه الحقيقة، الوعي والإدراك بأهمية هذه المشاركة وأبعادها والانضمام إلى هذا المسار، ان مشاركة الأهل هي حق لهم يجب عليهم ممارسة هذا الحق والمبادرة إلى المشاركة. وان يتوقع كلا الطرفين ان هناك صعوبات وخلافات سوف تواجههم، والمبادرة للإحاطة بالعوامل المسببة للخلافات ومعالجتها وبناء مشاركة ناجحة وفعالة .
ويجب على المؤسسات التعليمية ان تحاول مواكبة ركب التطورات والتغيرات المتسارعة من خلال التحديث والتجديد بما يتناسب مع الثقافة العربية، فالمدارس التي لم تجدد مفاهيمها التربوية وثقافتها، طرائق وأساليب التعليم تتميز بسياسة"الأبواب المغلقة" التي تحتفظ بالقوة والسلطة لنفسها، تعمل وتدير شؤونها بمفردها دون شفافية،فتقوم باستثناء دور أولياء الأمور وتهميشه. (غاليا فزلمنسن، 2005).(عرابة)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟