ماذا بعد تقسيم العراق ؟

محمد جاسم العكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 5011 - 2015 / 12 / 12 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مشروع التقسيم الاضخم لم يعد حبيس جدران اجهزة مخابرات واستخبارات بعض الدول الكبرى، بعد ان بات لها في كل مكان تابع، يحارب ويسيء التصرف مع اعدائها، بالنيابة، وهذا قد يكون ضمن الاسباب الرئيسة لغليان المنطقة، واشتداد اوار الصراعات فيها.
رئيس الوزراء التركي أحمد داوود اوغلو لم يُعلم الهدف من تصريحاته الاخيرة بعيد لقائه رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني في العاصمة انقرة، والتي قال فيها بأن الهدف من ارسال قوات بلاده الى العراق ضمان استقرار المنطقة بأكملها، مع منحه البارزاني الذي كان قبيل التوغل التركي في زيارة رسمية الى السعودية، تأييدا لاستقلال الاقليم عن العراق، وهذا ما اثبته الاستقبال الحافل الذي رفعت تركيا خلاله العلم الكردي بدلا من العلم العراقي، وبالتأكيد ما خفي كان اعظم.
اوغلوا خلال اللقاء ذاته عرج الى ان مستشار المخابرات ونائب وزير الدفاع في حكومته يعتزمات زيارة بغداد خلال الايام المقبلة، في خطوة تشير بعض المعطيات الى انها مراوغة تركية للحصول على مزيد من الوقت، لتحقيق بعض الرغبات التي تم تنسيقها مع الاقليم سرا فيما سبق وتم اعلانها ضمنيا خلال زيارة البارزاني الى انقرة، والتقسيم بالتأكيد هو الهدف الاسمى.
يتصور البعض بأن تقسيم العراق الى اقاليم ثلاث "سني،شيعي، كردي" سينهي الازمة العراقية وسيضع كلا في مكانه، ويعطي لبعض من يرى نفسه مهمشا حق تمثيل نفسه الكامل في اقليمه، وهذه الخطوة حسب ما يرى بعض المراقبين كارثية بامتياز، نظرا لافرازات مرحلة احتلال داعش للموصل وبعض المناطق ذات الاغلبية السنية في البلاد، ودعوة سياسيي تلك المناطق المستمرة للتعامل بالحسنى خلال عمليات تحريرها، ما يثير مخاوف من منح تنظيم داعش مكانة خاصة في احد الاقاليم المستقبلية، ويزيد من احتمالية السعي لتوسيع مساحتها بالتمدد نحو بقية الاقاليم.
علينا ان نعي بأن تقسيم العراق لن يضع حدا لما يعانيه هذا البلد من مشاكل بل سيزيدها تعقيدا، فالموصل وبعض مناطق صلاح الدين والانبار ماتزال بيد تنظيم داعش، الذي قدم اليها اصلا من داخل العمق السوري، اما اقليم كردستان فلن يكون احسن حالا من ما هو عليه في المرحلة الراهنة، فالاهداف القومية واضحة ونشوب الصراع مع تركيا وايران حول تحقيق حلم الدولة الكردية سيكون حتميا، ما يسمح بمزيد من التدخلات الخارجية في اقليم الشمال المستقبلي، الذي يمنحه الغرب حاليا جرعات منشطة، سينتهي مفعولها يوما ما.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل