أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - لمحة عن (المكّى )و(المدنى) فى التنزيل القرآنى:(2): مواكبة التنزيل القرآنى للأحداث















المزيد.....

لمحة عن (المكّى )و(المدنى) فى التنزيل القرآنى:(2): مواكبة التنزيل القرآنى للأحداث


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 22:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لمحة عن (المكّى )و(المدنى) فى التنزيل القرآنى:(2): مواكبة التنزيل القرآنى للأحداث
نبدأ بعدة ملاحظات :
1 ــ مواكبة التنزيل القرآنى المكى والمدنى للأحداث دليل هام على ( مُعاصرته ) لتاريخ النبى عليه السلام من مكة الى المدينة وتاريخ هذه الفترة الفريدة فى تاريخ الاسلام والمسلمين ، والتى بعدها بدأ تاريخ المسلمين فى مفارقة ( تاريخ الاسلام ) فى عهد الخلفاء ( الراشدين ) ثم بعدهم (الخلفاء الفاسقين). ويظل ما أورده القرآن الكريم حُجة على ما كتبه محمد بن إسحاق فى ( السيرة النبوية ) وهو الذى رسم شخصية للنبى تماثل الصورة النمطية للخلفاء الفاسقين ، وتتابعت بعده كتب السيرة والأحاديث تنفخ فى هذه الصورة المغلوطة للنبى عليه السلام ، وتتناقض فيها بين التاليه والتحقير .
2 ــ يظل المنهج القرآنى للقصص عموما مختلفا عن المنهج التاريخى. الحدث التاريخى له أضلاع ثلاثة : المكان والزمان والانسان ، مثلا الآن فى التفجيرات الارهابية التى حدثت مؤخرا فى باريس يذكر المؤرخ الزمان : ( 13 نوفمبر 2015 ) ، واماكن التفجيرات ( المسرح ، الاستاد ، المطعم ، وبقية الأماكن )، والانسان ، أى أبطال الحدث التاريخى ( الارهابيون ، الضحايا ، الرئيس الفرنسى وقادة فرنسا المعنيون بالأمر ) .
القصص القرآنى يركّز على العبرة من الحدث ، ولا يهتم كثيرا بالزمان والمكان وأسماء الأشخاص . أى يقطع الحدث مما يربطه بالزمان والمكان ليتحول الى عبرة وعظة للبشر فى كل زمان ومكان . ونأخذ قصة أصحاب الكهف مثالا ، فليس معروفا الزمان والمكان وأسماء الأشخاص ولا حتى عددهم . ونفس الحال فى القصص القرآنى المُعاصر لتاريخ النبى محمد عليه السلام فى مكة والمدينة ، قليل أن تأتى كلمتا ( مكة والمدينة ) ويأتى التعبير عن أبطال الأحداث بدون أسماء بل بالاسم الموصول والوصف ( الذين كفروا ، الذين آمنوا ، الظالمون ، الفاسقون ،الكافرون ، المشركون ، المنافقون ، مردوا على النفاق ، السابقون ، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، الذين فى قلوبهم مرض ، المرجفون فى المدينة ..الخ ) . وحتى فيما يفعلون من أفعال وفيما يقولون من أقوال محددة لا يذكر رب العزة أسماءهم إكتفاءا بالوصف : ( يقُولُونَ لَئِن َّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ-;- وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰ-;-كِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) المنافقون 8 )( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ-;- وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ-;- فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ-;- وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ-;- وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) التوبة 74 ). (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ-;- فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ-;- نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ-;- وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) الاحزاب 23 )هذا يحوى إعجازا الاهيا ، لأن هذه الأوصاف تنطبق على من يفعلها بعد إنتهاء القرآن الكريم نزولا ، ونرى الآن المحمديين يكررون نفس الأقوال والأفعال للكفار ، كما أن البشر فيهم من يكرر أقوال وأفعال المؤمنين .
3 ـ الأحداث التاريخية ليست كثيرة فى التنزيل المكى ، لأنه لم تكن هناك أحداث كثيرة فى مكة ، فالحدث الهام والرئيس هو الدعوة الى الاسلام وإضطهاد النبى والمستضعفين معه ، وانتهى هذا بالهجرة الى المدينة ، وفيها تتابعت الأحداث ، بل أصبحت ( يثرب / المدينة ) أول و ( آخر ) دولة اسلامية ، تلك الدولة التى إجتذبت إهتمام الإمبراطوريتين العُظميين وقتها ( الفُرس والروم ). هذا الزخم فى الأحداث قام التنزيل القرآنى المدنى بتأريخه وفق منهج القصص القرآنى المُشار اليه .
4 ـ وكما أن للقرآن الكريم منهجه فى القصص التاريخى فإن للتدبر القرآنى منهجه أيضا ، وقد تكلمنا فيه كثيرا . ومن التدبر القرآنى معرفة التنزيل المكى والمدنى ، ليس فقط على مستوى السُّور بل الآية المدنية داخل السورة المكية . ففى بعض السور المكية توجد آية أو أكثر يؤدى التدبر فيها الى أنها نزلت فى المدينة ، وتم إلحاقها بسورتها المكية فى مرحلة ( جمع القرآن ) الأخيرة بما فيها ترتيب الآيات والسُّور ، والتى قام بها الرسول عليه السلام . وقلنا من قبل إن رب العزة هو الذى ضمن حفظ القرآن وهو الذى ضمن جمعه وقراءته أو ( قرآنه ):( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )( القيامة 17 : 19 ).
ونستشهد بسورة المزمل . وبدايتها تدل على أنها من أوائل التنزيل المكى ، يقول جل وعلا خطابا مباشرا للرسول بأنه سيُلقى عليه قولا ثقيلا:( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) المزمل 1 : 5 ). الآية الأخيرة فى السورة نزل فيها تخفيف فى قيام الليل وتلاوة القرآن لأن الحال إختلف بسبب فرضية القتال الدفاعى ، يقول جل وعلا موجها خطابا مباشرا للرسول عليه السلام نستدل منه أن قام بتطبيق الأمر الذى ورد فى أوائل السورة، هو وطائفة من المؤمنين معه :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ-;- مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ-;- وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ-;- عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ-;- فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ-;- عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ-;- ۙ-;- وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ-;- وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ-;- فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ-;- وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ-;- وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ-;- وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ-;- إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) المزمل 20 ) هى الآية الوحيد المذكور فيها القتال فى سورة مكية ، وبها يستدل الباحث القرآنى على أنها آية مدنية فى سورة مكية .
ونبدأ بلمحات عن مواكبة التنزيل القرآنى للمتغيرات :
فى المصطلحات :
1 ـ فى مواكبة المستجدات جاء التنزيل المدنى بمصطلحات جديدة مثل ( المنافقون ) والقتال ، و( أزواج النبى / سورة الأحزاب ، التحريم ) و ( اليهود ، والنصارى والمجوس ، والأحبار والرهبان والربانيون والقسيسون ) ، و المسجد الحرام والصد عنه : (7 مرات. البقرة ، المائدة ، الأنفال ، التوبة ، الحج ، الفتح ، ) الشهر الحرام والأشهر الحرم ( البقرة والمائدة ، التوبة ) .
2 ــ وهناك ألفاظ جاءت فى التنزيل المكى ، ثم جاءت فى التنزيل المدنى بمعنى جديد ، مثل ( المدينة : جاءت 14 مرة ، ومنها اربع مرات فقط عن المدينة يثرب ، فى سور : التوبة و الأحزاب و المنافقون ) وتكرر إسم فرعون كثيرا ، ولكن جاء فى موضعين فقط عن (دأب فرعون ) فى سورتين مدنيتين ( آل عمران ، الأنفال )، بما يعنى أن كفار قريش فى كفرهم السلوكى بالاعتداء والاكراه فى الدين يسيرون على ( داب فرعون ) أو سُنّة فرعون ). وتكررت كلمة ( يسألونك ) فى مكة والمدينة مع إختلاف فى نوعية الأسئلة فأغلبها فى المدينة عن تفصيلات تشريعية ، أما فى مكة فكانت أسئلة عن الساعة وما يتصل بها . وجاءت ( اهل الكتاب ) كثيرا فى التنزيل المدنى مقابل مرة واحدة فى التنزيل المكى عن الجدال معهم بالتى هى أحسن ( العنكبوت 46 ) وجاءت ( الذين هادوا ) كثيرا فى التنزيل المدنى مقابل مرة واحدة : ( الانعام 146 ) فى تحريم بعض الطعام عليهم .
3 ــ وسيأتى تفصيل عن هذه السياقات القرآنية ، ولكنها لمحة عن أن التنزيل المدنى أتى بمصطلحات جديدة ، واضاف معانى وتفصيلات لمصطلحات سبق نزولها فى التنزيل المكى .
التذكير بوحى سابق :
1 ـ فى حرصه عليه السلام على هداية الملأ الكافرين كان يتجاهل المؤمنين المستضعفين . بدأ هذا فى قوله جل وعلا :( عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ )عبس 1 ـ ). ومع هذه التذكرة فلم يتذكر ، فكان يضيق بتجمع المستضعفين المؤمنين حوله ويطيع الملأ الكافر فقال له ربه جل : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28) الكهف ). ولم يطع قول الله جل وعلا بل كان يطرد المستضعفين فقال له ربه جل وعلا : (وَلا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ (52) الانعام ). هذا الانذار مترتب على وحى سابق فى نفس الموضوع .
2 ـ وحرصا منه على التقرب اليهم كان يحضر مجالسهم التى يخوضون فيها فى القرآن الكريم لهوا ولعبا ، وتكرر له النهى ، قال له جل وعلا : ( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) المعارج )( فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) الزخرف ) ( ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) الأنعام ). ومع التكرار لم يُطع ، فقال له ربه جل وعلا : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الانعام ) هنا تذكير بما سبق (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) . ( وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) الانعام ). بعد هذه اللهجة الحاسمة أطاع النبى بينما ظل بعض المؤمنين فى المدينة يحضرون مجالس الخوض هذه فقال جل وعلا لهم محذرا ومهددا ومذكرا بما سبق من نهى :( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء ).
3 ـ ونزلت سورة المسد تتوعد أبا لهب وزوجه بنار ذات لهب . وبهذا تبين للنبى أنه من أصحاب الجحيم ، ومع ذلك كان يستغفر له . ونزل النهى عن موالاة الكافرين المعتدين والأمر بالتبرؤ منهم ، وهذا فى أوائل إستقرار المهاجرين فى المدينة ومعاناتهم من الغُربة. قال جل وعلا لهم : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ-;- تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ-;- رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . ) ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ-;- وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) الممتحنة 4 ، 6 ) . ومع ذلك ظل النبى يستغفر لأبى لهب ، فقال جل وعلا يذكّره بموقف ابراهيم السابق بالتبرؤ من أبيه حين كفّ عن الاستغفار للأبيه حين تبين له أنه عدو لرب العزة جل وعلا: ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ )التوبة 113 ـ ) .
4 ـ ونزل معظم القصص القرآنى فى مكة ليستفيد منه خاتم النبيين فى جهاده ، يقول جل وعلا فى خطاب مباشر له عليه السلام : (كُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ-;- وَجَاءَكَ فِي هَٰ-;-ذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ-;- لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود 120 ). وفى أمر النبى خاتم النبيين بالتاسى بصبر أولى العزم من الرسل السابقين طبقا لما جاء عنهم فى القصص القرآنى يقول جل وعلا :( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ-;-) الأحقاف 35 ). وكان عليه السلام يحزن لأن كُفار قريش كانوا يطلبون منه آية حسية ، ولا سبيل لذلك إكتفاءا بالقرآن الكريم آية وإعجازا عقليا للبشر الى قيام الساعة . ردا على حُزن النبى خاطبه ربه جل وعلا إنهم فى حقيقة الأمر لا يكذبونه ولكنهم يجحدون الحق القرآنى ، وأن الرسل السابقين صبروا على الأذى حتى آتاهم نصر الله ، ولقد سبق إنزال أنبائهم ، يقول جل وعلا : ( قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ-;- فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰ-;-كِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ-;- مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ-;- أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ-;- وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ-;- وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِالْمُرْسَلِينَ الانعام 33 : 34 ).
5 ـ وفى التأسى بصبر المؤمنين السابقين فى القصص القرآنى ، يخاطب جل وعلا المؤمنين فيقول : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ-;- مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ-;- يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ-;- نَصْرُ اللَّهِ ۗ-;- أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ) البقرة 214 )، وفى التذكير بوحى سابق جاء ايضا فى موضوع التقوى :( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ-;- ) النساء 131 ).
6 ـ المنافقون بالذات كانوا يرتعبون من نزول القرآن الكريم يفضحهم ، ولذا تكررت آيات القرآن تُذكّر بمواقفهم وتتابع ردود أفعالهم بل وأحيانا ملامح وجوههم وحركاتهم . ونقرأ قوله جل وعلا : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ ۚ-;- قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) التوبة 64 )( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ ) التوبة 86 ) ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰ-;-ذِهِ إِيمَانًا ۚ-;- فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) ( التوبة 124 ) ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ-;- بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ۚ-;- صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ ) ( التوبة 127 ) ( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ-;- فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ-;- رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ-;- فَأَوْلَىٰ-;- لَهُمْ ) ( محمد 20 ).
7 ـ وكل الايات السابقة تستلزم تدبرا ، ننتظره من أبنائنا الباحثين القُرآنيين .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمحة عن ( المكّى )و( المدنى ) فى التنزيل القرآنى:(1 ) فى الم ...
- قتلت أبى .!!
- نكاح القاصرات
- خطورة الزواج بلا عدة
- سيدى يا بصل .!!
- مذبحة كربلاء : دراسة بحثية تاريخية ( ترفع ضغط الدم .!! )
- المركز العالمى للقرآن الكريم يشجب الجريمة الارهابية فى باريس ...
- القاموس القرآنى (جنب ): ( بفتح الجيم ) و ( بضم الجيم )
- مجرم فى أرذل العمر.!!
- ليلة القدر هى ليلة الإسراء ( الكتاب كاملا )
- المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء ( الراشدين ) الكتاب كاملا
- القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها : رابعا :( شهادة الكافرين يوم ...
- القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها :رابعا :( الشهادة يوم الحساب ...
- القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها : ثالثا :( الشهادة الايمانية ...
- القاموس القرآنى: شهد ومشتقاتها : ثالثا :( الشهادة الايمانية ...
- القاموس القرآنى : شهد ومشتقاتها : ثالثا :( الشهادة الايمانية ...
- القاموس القرآنى :( شهد) ومشتقاتها: ثانيا : (شهد) بمعنى قول ا ...
- القاموس القرآنى : شهد ومشتقاتها : أولا : ( شهد ) : بمعنى ( ح ...
- ليالى العمر معدودة .!!
- لماذا يصدر الارهاب من الجاليات المسلمة بالذات ؟


المزيد.....




- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - لمحة عن (المكّى )و(المدنى) فى التنزيل القرآنى:(2): مواكبة التنزيل القرآنى للأحداث