أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - ليلة في قندز ، صباح في نيويورك ( قصف المستشفيات)















المزيد.....


ليلة في قندز ، صباح في نيويورك ( قصف المستشفيات)


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 12:43
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


فكّر في هذه التجربة قليلاً : تخيل أننا في كنساس (بدون توتو) وسيارة الليموزين المستأجرة لحفل الزفاف تتجه أسفل الطريق السريع باتجاه الكنيسة حيث حفل الزفاف على وشك أن يبدأ . فجأة، تضرب طائرة صغيرة تلك الليموزين فتقتل العروس، والدتها ، وخمسة من وصيفات الشرف السبعة، وتجرح 15 آخرين. كل ما لدينا طائرة صغيرة وسبع نساء قتيلات . سيتصدر مثل هذا الوضع العناوين وأخبار التلفزيون لعدة أيام، وستجري القنوات الإخبارية مقابلات مع مستشاري الأزمة ومخططي حفلات الزفاف على مدار الساعة، ولن تتوقف المقابلات الدامعة مع العريس الذي كان عملياً على المذبح عندما قُتلت العروس ، والجنازات الدامعة قادمة. انظروا معي ، إذا كانت هذه الطريقة لذبح الزفاف شاذة (حتى الآن) ، فلأن الطائرات المسيرة المزودة بصواريخ هيلفاير لا تقوم بدوريات في سماء الولايات المتحدة الأمريكية. هل نشك لحظة أن مثل هذه القصة سوف تهيمن على الأخبار على سبيل المثال، كما حدث في 25 تشرين أول ، عندما صدمت امرأة حشداً بسيارتها ، مما أسفر عن مقتل أربعة وإصابة 50 في موكب جامعة ولاية أوكلاهوما ؟ في الليلة الثانية من تغطية القصة على NBC Nightly News ، جاء في الأخبار العاجلة من أفغانستان وباكستان: أن أكثر من 200 شخصاً قُتلوا فقط في زلزال، بما في ذلك 12 على الأقل من طالبات المدارس كن في رحلة .
الآن، توقف لحظة للتفكير في شيء ربما لم ولن تراه على شاشة التلفزيون. أنا أتحدث عن ثمانية على الاقل من حفلات الزفاف التي تم تفجيرها كلياً أو جزئياً بين كانون أول 2001 وكانون أول 2013 في العراق وأفغانستان واليمن بالطائرات الأمريكية، واثنين آخرين قبل أقل من أسبوع في خريف هذا العام من قبل سلاح الجو السعودي المدعوم من الولايات المتحدة ، وأيضا في اليمن. في الحادث الأول سقط صاروخين في خيمة عرس في قرية على ساحل البحر الأحمر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 130 من المحتفلين، بما في ذلك النساء والأطفال؛ وفي الحادث الثاني، قصف سلاح الجو السعودي منزلاً يقع على بعد 60 ميلاً الى الجنوب من العاصمة اليمنية، صنعاء، "حيث كان عشرات الأشخاص يحتفلون، وقد قُتل في الحادث 28 قتيلاً على الاقل. تراكمياً، على مر السنين (عن طريق حساباتي غير الرسمية) لقي 450 من العراقيين والأفغان، واليمنيون حتفهم في هذه الكوارث وأُصيب أكثر من ذلك بكثير. لم يتصدر اغتيال حفلات الزفاف الأخبار في مكان ما في عالمنا (أو لم الاحظ ذلك).
لن يحدث اغتيال حفلات الزفاف المتكرر الضجة، في الولايات المتحدة ، ، كما هو الحال مع قطع الرؤوس المروع الذي تقوم به داعش .بعد كل هذه السنوات، ما زال يبدو غريبا بالنسبة لي، أننا - واشنطن، ووسائل الإعلام، والجمهور – ننظر بدم بارد للفظائع التي ترتكب بشكل متكرر باسمنا في بلاد بعيدة.
Tom
ليلة في قندوز ، صباح في نيويورك
عندما يسألني الناس ما هو عملي الجديد ؟ أقول لهم أنني أستيقظ مبكراً جداً وأقوم بإحصاء عدد القتلى. عندما أقول "في وقت مبكر جداً،" أعني بضع دقائق بعد الساعة 04:00 فجراً، عندما يصبح لون السماء أزرقا أرجوانياً أقوم بعدّ القتلى من البشر في جميع أنحاء العالم الذين قتلتهم حكومتي أو ساعدت حكومات أخرى على قتلهم بينما كنت نائمة.
كنت في يوم ما صحفية مستقلة ، وأقضي أسابيع أو أشهر في تغطية قصة واحدة. أما اليوم، فأنا منتجة الأخبار في Democracy Now ومنذ لحظة وصولي إلى المكتب، أجوب وكالات الأنباء للحصول على أحدث الضحايا من مناطق حرب واشنطن. انها وظيفة مقلقة لشخص مثلي تعوّد على متابعة الأخبار على أرض الواقع وكتابة التقارير عنها. وأنا أتجول خلال العناوين الرئيسية - " ضربة أمريكية لطائرة مسيرة تقتل 4 من المتشددين في باكستان"،" تم إرسال قواتنا الى قندوز لمساعدة القوات الافغانية "- لم يسبق لي ان شعرت أني قريبة جداً من مناطق القتال المختلفة في هذا البلد ، وحتى الآن أنا على بعد آلاف الأميال.
وأنا أحاول تجنب الحديث عن حروبنا عندما أغادر المكتب. بعد كل شيء، ماذا أعرف؟ لم أكن هناك عندما قصفت طائرة حربية أمريكية مستشفى أطباء بلا حدود في قندوز، وأنا لم أصل الى هناك بعد ذلك أيضاً. ولا كنت في محافظة صعدة اليمنية بعد بضعة أسابيع عندما تم تفجير العيادة الصحية التابعة لأطباء بلا حدود.
إذا كنت تعيش هنا ولا تستمع إلى Democracy Now ،فمن المحتمل أنك لن تعرف أن الضربة الثانية حدثت. كيف تعرف أن عيادة صحية قد دمرت في اليمن، وقصف المنشآت الطبية لا يتصدر الصفحات الأولى للصحف؟ ومع ذلك، لا أستطيع أن أقول لك أكثر من ذلك بكثير. وأنا أعلم أن الضربة نفذتها القوات السعودية المدعومة من الولايات المتحدة، وأنه بعد بضعة أيام فقط وافقت إدارة أوباما على صفقة أسلحة مع المملكة العربية السعودية بمبلغ 11 مليار دولار. لكنني لا أعرف الشعور ذلك المساء قبل أن يضرب الصاروخ جناح الولادة في المستشفى.
ومع ذلك، عندما تكون مهمتك جمع وقائع هذه الحروب كل صباح، كيف يمكنك أن لا تقول شيئاً؟ كيف يمكنك أن لا تبدأ الكتابة عندما تصبح حروبنا كل ما تفكر به ؟ كل شيء تحلم به؟ كيف يمكنك أن لا تستجيب عندما تدرك، كما فعلت مؤخراً، أن الحرب الأمريكية الثانية في أفغانستان، امتدت لقرابة نصف حياتي؟
لهذا أقول لكم أنني بحاجة لأتحدث إليكم عن قندوز.
ليلة هادئة في تشرين أول
مثل أي قصة جيدة ، هناك ما حدث - وبعد ذلك هناك رواية يُطلب منك أن تُؤمن بها . دعونا نبدأ مع الأولى .
في يوم الجمعة 2 تشرين الأول ، صعد موظفين من مركز الصدمات النفسية في قندوز، أفغانستان، إلى سطح هذا المستشفى ووضعا علمين كبيرين يحملان اسم منظمتهما : منظمة أطباء بلا حدود ، المنظمة الحاصلة على جائزة نوبل في تقديم المساعدات الطبية الإنسانية. لم يفعل الموظفون ذلك سابقاً ، ولكن يوم الاثنين الماضي، 28 أيلول، سيطر مقاتلو طالبان بشكل غير متوقع على خامس أكبر مدينة في أفغانستان، وفرّ 7000 من القوات الحكومية والشرطة من المدينة. بذلت الحكومة الأفغانية خلال الايام القليلة التالية ، جهوداً لاستعادة السيطرة على المدينة ونشب قتال عنيف بين طالبان والقوات الحكومية المدعومة من قوات العمليات الخاصة الأمريكية.
اقترب القتال بين الطرفين إلى المستشفى، واخترقت رصاصات طائشة سقف وحدة العناية المركزة وأُعطيت تعليمات لموظفي منظمة أطباء بلا حدود للنوم داخل مجمع المستشفى. فمن يخرج منهم قد لا يتمكن من العودة بأمان إلى العمل في اليوم التالي.
وكان هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به. وصل مائة جريح يوم الاثنين - 36 منهم في حالة حرجة. تم إضافة 18 سرير. وخلال الأيام الأربعة التالية ، تم تدوير 250 مريض آخر خلال غرفة الطوارئ وحدها. كان المبنى مكتظاً بحيث وضع الموظفون الفراش والوسائد في الممرات والمكاتب الإدارية.
يُمكن سماع أصوات الطائرات المقاتلة في الجو وبدأت الولايات المتحدة شن غارات جوية لدعم جهود الجيش الأفغاني العشوائية لاستعادة السيطرة على المدينة. امتنع معظم الموظفين في المستشفى من الخروج.
بحلول يوم الجمعة، بدأ القتال في الانحسار من محيط المستشفى، وشعر الموظفون بأمان فصعدوا إلى السطح لنشر أعلام المنظمة من أجل التأكد أن المنشأة سيتم التعرف عليها من الجو. وكانت المنظمة قد أرسلت أيضاً GPS المستشفى لوزارة الدفاع الأمريكية، ووزارتي الدفاع و الداخلية الأفغانيتين ، والجيش الأمريكي في كابول قبل أربعة أيام. كانت الأعلام لزيادة التأكيد على الحماية.
المستشفى نفسه علامة مميزة، كانت الأنوار متلألئة في جميع أنحاءه ليلة الجمعة وحتى الساعات الأولى من صباح السبت عندما حاول الأطباء معالجة تراكم العمليات الجراحية المعلقة. وخارج جدرانه كانت المدينة التي يقطنها 270 ألف نسمة، تغرق في الظلام. بعد أسبوع من القتال، وكان المستشفى الوحيد مع عدد قليل من المباني في المنطقة لا يزال لديه مولدات تعمل للإضاءة . كانت ليلة هادئة نسبياً، ملبدة بالغيوم ودافئة على غير العادة في أوائل تشرين أول. انحسر صوت اطلاق النار ، وتجرأ بعض الموظفين على السير خارج المبنى لأول مرة في غضون أيام.
" الطائرة الدموية"
بدأت الانفجارات والأطباء يخدرون المرضى في غرفة العمليات.
في الساعة 2:19 فجراً، اتصل ممثل منظمة أطباء بلا حدود في كابول في قيادة حلف شمال الاطلسي التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان ليبلغهم أن المستشفى تعرض للقصف. وبعد دقيقة اتصل ممثل منظمة أطباء بلا حدود بالصليب الأحمر، ثم الأمم المتحدة. وفي نيويورك، اتصل ممثل منظمة أطباء بلا حدود بوزارة الدفاع الأمريكية.
نحن لا نعرف ما كان يحدث داخل وزارة الدفاع الأمريكية في تلك الليلة. مرة أخرى في قندوز، تحلق طائرة حربية أمريكية AC-130 فوق المبنى الرئيسي للمستشفى. الطائرة المزودة بمدافع 105 ملم هاوتزر، ويمكنها ان تطير بسرعات تصل إلى 300 ميلاً في الساعة، وهي مصممة في المقام الأول، للتحليق في دائرة قريبة من الأرض وإطلاق النار على أهداف على الأرض. واوضحت مقالة في صحيفة واشنطن بوست " تتسكع طائرة AC-130 أساساً فوق هدف على حوالي 7000 قدم، وتحلق بشكل دائري وتطلق النار من منافذ الأسلحة على الجانب الأيسر للطائرة."
تم تصميمها خصيصاً للهجوم الليلي، وتم تزويدها بأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، في حين يزود طاقمها المكون من 12 شخص او ما يقارب ذلك بنظارات الرؤية الليلية. وتصنعها شركة لوكهيد وبوينج، النسخة القديمة منها تسمى الشبح ، وتكلفة النسخة الجديدة منها 210 مليون دولار. وصفها أحد قادة سلاح الجو بأنها "أعنف طائرة " قاتلة في الحرب على الإرهاب." في عام 2002، أطلقت طائرة من هذا النوع نفسه النار على حفل زفاف في ولاية هلمند في أفغانستان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصاً.
ويستخدم الجيش الامريكي نماذج قديمة منها منذ حرب فيتنام، والنماذج التي استخدمت في عملية عاصفة الصحراء وحرب الخليج الأولى، تُعرض الآن في المتحف الوطني للقوات الجوية الأمريكية في قاعدة رايت باترسون الجوية في أوهايو. ويطلق عليها اسم "عزرائيل"، وهو يعني باللغتين العبرية والعربية ملك الموت.
في الساعة 02:47، كتب ممثل من منظمة أطباء بلا حدود في كابول إلى القوات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان أن أحد موظفي مستشفى قندوز قد قُتل للتو، وأن العديد منهم في عداد المفقودين، وذلك وسط صدمة أن المستشفى لا يزال يتعرض للقصف المتكرر.
بعد خمس دقائق، كتب شخص من القوات المتعددة بقيادة الولايات المتحدة : "أنا آسف لسماع ذلك. ما زلت لا أعرف ما حدث ".
في هذه المرحلة، أطلقت الطائرات الحربية الأمريكية النار على المبنى الرئيسي للمستشفى على فترات لأكثر من 45 دقيقة. قال مدير منظمة أطباء بلا حدود لرويترز : كانت الضربات دقيقة جداً. حلقت الطائرة أربع أو خمس مرات فوق المستشفى، وفي كل مرة أصابت المبنى الرئيسي بدقة "
يذكر من بقي على قيد الحياة من الموظفين أن المكان الأول للهجوم كان وحدة العناية المركزة التي يوجد بها عدد من المرضى، من بينهم طفلان. ثم قُصف المختبر، وغرفة الطوارئ، وغرفة الأشعة السينية، ومركز الصحة النفسية، وغرف العمليات، حيث قُتل اثنين من المرضى كانت تُجرى لهم عمليات جراحية.
حاول الجميع الفرار : الأطباء والموظفين والمرضى. قُتل رجل على كرسي متحرك بشظايا متطايرة. لاحقت الطائرة الهاربون وقُطع رأس أحد الممرضين . كان الناس يفرون من المبنى، وعبّر بعض الناجين عن انطباعهم ، من صوت الطائرة، أنها كانت تتبع الهاربين وتقصفهم.
الهدف : أُقتل ودمّر
كان مستشفى أطباء بلا حدود لاعباً اساسياً في قندوز منذ آب عام 2011 ، المرفق الصحي الوحيد في المنطقة. التقطت صورة له قبل بضعة أشهر بعد أن أُعيد افتتاحه وظهرت لافتة كبيرة ملصقة على البوابة الأمامية للمجمع: " يقدّم مركز أطباء بلا حدود العلاج للأشخاص من جرحى الحرب المصابين بجروح خطيرة وغيرهم ، بغض النظر عن عرقهم أو انتماءاتهم السياسية، و يحدد العلاج فقط من الاحتياجات الطبية. ولا يتم دفع رسوم مقابل العلاج . "وفوق النص مباشرة صورة بندقية آلية داخل دائرة حمراء مع خطين سميكين ، تُشير إلى سياسة صارمة بعدم إدخال أسلحة داخل المستشفى.
عادت منظمة أطباء بلا حدود إلى أفغانستان عام 2009، بعد أن انسحبت منها عام 2004 اثر مقتل خمسة من العاملين فيها في كمين على جانب الطريق في إقليم بادغيس وبدأت بدعم مستشفى في كابول ، قال مدير المنظمة الألماني ميشيل هوفمان، لمجلة دير شبيجل انه "صُدم" لاكتشافه أن قواعد الحرب العادية "حيادية المستشفى" لا تطبق في الصراع الدائر. "وأن القوات الدولية والشرطة" "تقتحم المستشفيات بانتظام لمضايقة المرضى. وتتعرض المستشفيات للهجوم . وهناك سجل أليم لاحترام حياد المرافق الصحية ".
في ذلك العام نفسه، اتهمت جماعة مساعدات سويدية تشغّل مستشفى في مقاطعة Wardak ،الفرقة الجبلية العاشرة في الجيش الأمريكي باقتحام منشأة وربط حراس المستشفى باحثة عن أعضاء حركة طالبان.
وكان مستشفى قندوز يعمل في سلام نسبي حتى تموز عام 2015، عندما داهمت عناصر مسلحة من فريق العمليات الخاصة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة المنشأة وأغلقتها مؤقتاً. وسرعان ما أُعيد فتحه. وبحلول تشرين الأول عام 2015، كان الموقع تحت المراقبة اللصيقة من قبل المحللين في العمليات الخاصة الأمريكية الذين أفادوا في وقت لاحق، أنهم يعتقدون بوجود عملاء للاستخبارات الباكستانية يعملون انطلاقاً من هذا المرفق. (يصر المسؤولون في منظمة أطباء بلا حدود أن هناك في المستشفى تسعة فقط من الموظفين الدوليين، ليس بينهم باكستاني، فكيف يكون هناك عملاء للمخابرات الباكستانية.).
في الأيام التي سبقت الهجوم، جمع هؤلاء المحللين مخزناً للمعلومات عن المستشفى - بما في ذلك خرائط المرفق .
في الساعة 02:56، صباح يوم الهجوم، كتب ممثل منظمة أطباء بلا حدود في كابول من جديد لمسؤول البعثة التي تقودها الولايات المتحدة، للمطالبة بوضع حد للغارات التي استمرت ساعة تقريباً. في ذلك الوقت، التهمت النيران المبنى الرئيسي، ولا يزال الأطفال محاصرين في الداخل. "سوف أبذل قصارى جهدي"، أجاب المسؤول. " وأصلي من أجلكم جميعاً."قال عبد المنار مسيّر الأعمال في المستشفى لقناة الجزيرة :" كنت أسمعهم يصرخون طلباً للنجدة داخل المستشفى في حين تم إضرام النار فيه جراء القصف".
ومع ذلك استمرت الضربات. في الساعة 3:10 و03:14، اتصلت منظمة أطباء بلا حدود مرة أخرى بالبنتاغون. وأخيراً، وفي حوالي الساعة 03:15، انسحبت الطائرات وتوقفت الضربات.
بعد تدمير غرف العمليات، حوّل الموظفون الباقون على قيد الحياة مكتباً لطاولة عمليات وحاولوا علاج الطبيب الذي نُسفت ساقه. ساعد الممرض Lajos Zoltan Jecs في الجراحة ، توفي الطبيب على المكتب. "بذلنا قصارى جهدنا"، كما كتب Jecs في وقت لاحق "، ولكن ذلك لم يكن كافياً."
كان الموظفون في حالة صدمة ، يبكون. ذهب Jecs وغيره للاطمئنان على الأضرار في وحدة العناية المركزة وعثروا على ستة مرضى حرقوا في أسرتهم.
توفي 30 شخصاً : 13 موظف ، 10 من المرضى ، وسبع جثث احترقت بشدة ، وبعد مرور أكثر من شهر، لم يتم التعرف عليهم .
أُغلق المستشفى في اليوم نفسه ، وبعد حوالي أسبوعين، صدمت دبابة أمريكية المبنى المحترق ، ربما لتدمير أي أدلة على ما فعلته طائرة AC-130 . اختتم المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود كريستوفر ستوكس أقواله: " يدل منظر المستشفى من الداخل أن هذا الهجوم تم بهدف القتل والتدمير. ولكننا لا نعرف لماذا ".
الرواية الأخرى للقصة :
اعتمدت رواية القصة الأولى على تقارير منظمة أطباء بلا حدود عن تدمير المستشفى التي نشرت في تشرين ثاني ، فضلاً عن المقالات التي نشرتها رويترز، وكالة اسوشيتد برس، واشنطن بوست، نيويورك تايمز، و قناة الجزيرة، وشهادات الطاقم الطبي الذي نشرته منظمة أطباء بلا حدود، والديمقراطية الآن! ومقابلة مع المدير التنفيذي لمنظمة أطباء بلا حدود في الولايات المتحدة الأمريكية.
والآن الرواية الثانية من القصة، التي تُريد الولايات المتحدة أن نصدقها . إنها مربكة كثيراً وتفتقر إلى التفاصيل، ولكن لا تقلقوا ، إنها قصيرة جداً.
ضربت طائرات أمريكية AC-130 " عن طريق الخطأ" في الثالث من تشرين الأول مستشفى تديره منظمة أطباء بلا حدود في قندوز. وصدر أمر الهجوم الذي شنته قوات العمليات الخاصة الأمريكية، ربما بناء على طلب من الجيش الأفغاني ( وربما لا).
كانت التناقضات التي صدرت خلال الأيام الأربعة الأولى ، على النحو التالي: (1) ربما لم تكن غارة جوية أمريكية. (2) شنت الولايات المتحدة غارات جوية على الحي الذي يقع فيه المستشفى وأُصيب المرفق عن طريق الصدفة. (3) قُصف المستشفى لأن قوات العمليات الخاصة الأميركية تعرضت للهجوم بالقرب من المستشفى، واستدعت القوات الجوية للدفاع عن نفسها. (4) أُصيب المستشفى لأن القوات الأفغانية طلبت الدعم من وحدة العمليات الخاصة لتعرضها لنيران من العدو داخل المستشفى وطلبت الدعم الجوي من القوات الأمريكية."
تغيرت الرواية للقصة عدة مرات وتبادل الجانبان الأفغاني والأمريكي اللوم . من استدعى القصف الجوي ؟ الأفغان ، لا أبداً ، الأمريكان هم من فعل ذلك عبر سلسلة من الأوامر.
في نهاية المطاف، فإن بيت القصيد من واشنطن: سوف نجري تحقيقاً كاملاً وسوف نعود لكم بالتفاصيل.
وجاءت هذه الرواية الثانية من القصة (وفيها الكثير من التكرار) من قائد البعثة الأمريكية في أفغانستان الجنرال John Campbell ، المتحدث باسم البيت الأبيض Josh Earnest ، والمتحدث باسم وزارة الدفاع Peter Cook . وأضافت مصادر لم تفصح عن اسمها بهارات على الرواية ، عن الادعاءات غير المعتمدة عن وجود عميل للمخابرات الباكستانية أو مقاتلي طالبان مسلحين داخل المستشفى - على الرغم من كل الأدلة التي تثبت عكس ذلك.
قدّم Campbell "خالص تعازيه". واتصل الرئيس أوباما شخصياً برئيس منظمة أطباء بلا حدود للاعتذار عن "الحادث المأساوي." ووعدت وزارة الدفاع الامريكية بتقديم "مبالغ مواساة" لأسر القتلى.
أجرت وزارة الدفاع الأمريكية وفريق مشترك من القوات الأفغانية والناتو عدة تحقيقات في "الحادث" . ومع ذلك، فإن دعوة منظمة أطباء بلا حدود المتكررة لإجراء تحقيق مستقل من قبل لجنة تقصي الحقائق الدولية الإنسانية ، التي أُنشئت بموجب البروتوكولات الإضافية لاتفاقية جنيف، قد أهملت أوتم تجاهلها.
لكن جميع الأطراف في هذه الرواية اتفقت على الأقل، على جانب واحد: التوقيت.
وقع الهجوم دون شك في 3 تشرين أول 2015 – بعد تسعة أشهر من إعلان الرئيس أوباما انتهاء المهمة القتالية الأميركية في أفغانستان رسمياً .
في الصباحات وأنا اُتابع الأخبار، كثيراً ما أتغلب على عبثية الكتابة عن الحروب المستمرة التي انتهت رسمياً أو المستشفيات التي تم قصفها "عن طريق الخطأ" بدقة استثنائية. كان القصف الأمريكي لمركز الصدمات النفسية في قندوز مروّع بلا منازع، "أحد أسوأ الحوادث التي ذهب ضحيتها المدنيون في الحرب الأفغانية"، كما وصفت صحيفة نيويورك تايمز ذلك. ولكن الجريمة البشعة أتت، في جزء منها، لأن لدينا ما يكفي من المعلومات لجمع القصة معاً لأن هجوم طائرة AC-130 كان على مستشفى تابع لمنظمة إنسانية حائزة على جائزة غربية معروفة.
وهناك قصص مربكة حقاً تصل إلى مكتبي ومعها القليل من المعلومات بحيث يكاد يكون من المستحيل أن أقول أو أكتب شيئاً على وجه اليقين. ولذلك لا أستطيع أن أقول لكم حقيقة ما حدث يوم 12 آب ، عندما "اشتبه بتنفيذ ضربة أمريكية من طائرة مسيّرة في اليمن أدّت إلى مقتل خمسة متشددين يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة"، كما ذكرت وكالة اسوشيتدبرس في اللغة القياسية المستخدمة للهجمات الغامضة ، ولا يوجد لدينا في الولايات المتحدة ، أي أساس لمعلومات حقيقية على الإطلاق.
من هم هؤلاء الخمسة، أتساءل، هل قُتلوا فجأة أثناء توجههم على طريق في مكان ما إلى الشرق من مدينة المكلا؟ من الناحية الاحصائية، هناك احتمال معقول أنهم أبرياء ، استناداً إلى وثائق سرية تم تسريبها، فإن 90٪-;- من القتلى الذين سقطوا خلال الفترة الأخيرة في حملات الطائرات الأمريكية المسيّرة في أفغانستان لم يكونوا من الأهداف المطلوبة ، ومع ذلك، لا أستطيع أن أقول لكم من هم هؤلاء الخمسة "المتشددين" اليمنيين، أو ماذا يفعلون في الحياة ، أو كم طفلاً عندهم ، أو حتى هل هم بحد ذاتهم أطفال – ومن المحتمل أن وزارة الدفاع الأمريكية لا تعرف ذلك.
ولا يمكنني أن أقول لكم ما حدث عندما شنت الولايات المتحدة أول هجوم بطائرة مسيّرة في سوريا يوم 4 آب. أتذكر أني جبت المصادر الإخبارية المختلفة على مدى الصباح التالي لجمع المعلومات: كم عدد الضحايا ؟- إن وجدت - ، بعد كل شيء، ما كنت أفعله : الاستيقاظ مبكراً وحساب عدد القتلى في الحروب الأمريكية التي لا تنتهي.
ولكن في الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، رفض المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية تقديم تفاصيل من أي نوع حول هذه الضربة . ومن الممكن انه لم يكن لديه أي معلومات. وهكذا، حتى يومنا هذا، ما زال عدد القتلى مجهولاً.
مترجم
Laura Gottesdiener



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساطير إسرائيل من منظورين
- كيف تدمّر أسطورة (الجدارة) الطلبة؟
- Mozart وأطفال الحجارة
- تصوير الفلسطينيين كنازيين (نتنياهو يحرض على عنف خارج القانون ...
- إسرائيل تشوّه سمعة الديانة اليهودية
- الأراضي الحدودية : بروسيا المستوطنين
- إسرائيل : الإعلام وتشخيص المجتمع المريض
- الاعتداءات على الأطفال و(الثقافة) في أفغانستان
- هل ترغبون بإصلاح التعليم ؟( اتركوا المعلمين يعلمون)
- لماذا أدعم حركة (BDS) ضد اسرائيل
- 51 يوماً من الحرب على غزة (التدمير والمقاومة)
- غزة (العدوان القادم)
- سوسيا ( هم يهدمون ، ونحن نُعيد البناء)
- أين الأطفال الفقراء في عالم ديزني؟ (الفقر قصاص )
- الرأسمالية ( رواية الأرواح الشريرة ) 3
- الرأسمالية (رواية الأرواح الشريرة) 2
- الرأسمالية ( رواية الأرواح الشريرة ) 1
- نتحمّل مسؤولية القتل بالطائرات المسيرة ( اوباما وضباب الحروب ...
- الشهيدة ، جريمة قتل وبناء أفغانستان جديدة
- الأطفال ليسوا بخير ( جيش الأطفال الذي بنته الولايات المتحدة ...


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فضيلة يوسف - ليلة في قندز ، صباح في نيويورك ( قصف المستشفيات)