أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبنى محمد - الوان قوس قزح الاخيرة














المزيد.....

الوان قوس قزح الاخيرة


لبنى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4977 - 2015 / 11 / 6 - 00:11
المحور: الادب والفن
    



بينما كانت مستغرقة بتأمل علبة اعواد الثقاب ، انصرفت ذاكرتها لتبحث عن لحظات تجعلها تتشبث بالعيش، مريم ابنة الاحد عشر عاما استيقظت لتجد نفسها بخيمة في العراء في ظل ظروف قاسية لم تألفها من قبل ، اصابها الذعر مع بداية هطول قطرات مطر طفيفة وكأنها جرس انذار ! كان احساسا غريبا عليها فقد اعتادت ان تحب صوت زخات المطر والرائحة التي تنبعث حال سقوطه عندما يغسل الاشجار والبيوت، وان تركض تحت رشقاته مع اطفال الحي، استحضرها المشهد وراحت تذكر العبارات التي كانوا يطلقونها والممزوجة بضحكاتهم ، أحست برطوبة تلامس قدميها اشعلت عودا، لم تر شيئا ، كان بصرها شاخصا في افكارها التي استعرضت لها صورا من ذاكرتها انطفأ العود سريعا كما انطفأت ابتسامتها، كانت تصلي للرب ان لاتستمر تلك السحب الوابلة . تداخل ضجيج مخاوفها مع صخب المكان فالجميع في وضع مربك بسبب مخاوفهم من تلك السحب المثقلة، والتي من الممكن ان تنتزع ماتبقى من احساس الامان من دواخلهم في اية لحظه ! لم ينتبه احد لسحب الحيرة في عيون مريم، حتى والدتها فقد كانت مشغولة بأسكات بكاء طفلها الرضيع الذي كان مريضا بعد انتهاء كمية الدواء التي وزعتها فرق الاغاثة الطبية على مخيماتهم قبل مدة ، استوقفت مريم صورة ابيها عندما خيم الصمت على ملامحه ، لم تتصور يوما ان تراه هكذا، ففي عالم الاطفال الاب هو دائما الرجل الخارق الذي يستطيع حماية ابنائه من اشرار واهوال العالم الخارجي ، كانت تشاهد في عينيه احتباس البكاء المؤجل حين نظر الى السماء وردد بصوت خرج من بين الف غصة " شلون ياربي ! " ، كان ذلك المشهد بمثابة عاصفة هوجاء عصفت بنفسها في اول مرة تظهر لها الحياة بوجه مخيف وزوايا معتمة ، تزايد هطول المطر بشكل رهيب بالشكل الذي يجعله يبدو كغضب الهي ! ازداد الموجودون هلعا وراحوا يتراكضون باتجاهات مختلفة ، كانت اشباح السعادة تراودها في تلك اللحظات على صورة اهازيج طفولية حين اسمعتها ذكرياتها ماكانت تردده مع اصدقائها عندما يتراكضون على الاسفلت تحت المطر " مطر مطر يا حلبي عبر بنات الجلبي " وكيف كان ركضها يشبه التحليق الى حد ما من فرط السعادة كانت مندمجة مع رغباتها الطفولية، حين حاولت ان تفعل ذلك مرة اخرى غير مكترثة لما حولها من أسى لكنها سرعان ما ادركت ان ذلك غير ممكن فالمكان اصبح عبارة عن بحيرات من الوحل، ومن الصعب المشي فيها حتى ! هرع الجميع لحمل امتعتهم لم يعد المكان صالحا للمكوث فيه فقد غرقت اغلب الخيم . غادر الجميع بعد وصول عجلات لنقلهم الى المساجد في بغداد ، كانت مريم مغرقة بالصمت طوال الطريق لم تفصح عن شيء،اشرقت الشمس صباح اليوم التالي .. كانت اصوات زقزقة العصافير تطلق الحانا شبيهة بالحان قيثارة اورفيوس .. كانت قد فقدت اعشاشها او صغارها وربما شيئا آخر، كانت وآلدة مريم قد ارسلتها للبحث عن قلادة سقطت منها لعلها تجدها في الخارج رفعت مريم رأسها للسماء كانت تشاهد الوان قوس قزح التي لاحت في الافق ، تأملتها كثيرا مع اشعة الشمس الخفيفة .. لكنها لم تشعر بدفء اشعتها ولم تعد تميز الوان قوس قزح..



#لبنى_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لبنى محمد - الوان قوس قزح الاخيرة