أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة بوحدايد - / في الذكرى الخمسين لاغتيال بن بركة / جريمة وراء الحدود














المزيد.....

/ في الذكرى الخمسين لاغتيال بن بركة / جريمة وراء الحدود


حمزة بوحدايد

الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 21:29
المحور: الادب والفن
    


رفع يَدَيْه إلى السماءِ، يا رب هذه فقط، أنجيني، لازلتُ أُرِيد أن أعيش، أمي التي تذرفُ عليّ الدمع وتتوسلُ من أجل البقاء معهَا، فقط هذه المرة. والقارب ترفعهُ الأمواج علوا ونزولا، وهو يشدُ على عينيه، بدأ يبكي، يصرخ، لا شيء قد يمنعه من فعل ذلك، وهو يُشاهد الموت يلتف حوله بين كل موجة، يلفه كشبح أكبر، لكنه ومع كل هذا البكاء وذلك الصراخ، في قرارة نفسهِ أهون من وَحْلِِ قاسَهُ بين دروب وأزقة نشفت منها المياه ، جفت فيها الآبار، لا شيء هناك يحمله على البقاء في بلده، كيف يمكن له ذلك، وهو الرجل الذي لم يكن ليدعَا الظلم يَهُبُّ عليه، وعلى كل الضعفاء، أُنَاسُُ ملكهم بؤس الإقصاء، ملامحهم تكاد تختفي في حزنهم. هكذا حملته ظروف الحياة على أن يشق نحو قارب الخطر بحثا عن نفسه، عن" التيموس" و"الكوميرا" معا، وهو الطالب المتحصل في "القاضي قدور" على إجازة في الدراسات الإسلامية، لكن معالم الجفاء جعلت منه أحمقََ، أنزلتهُ ظروف الفقر ليترك أمهُ تبكي عليه، وهو يغادر، وأدعية النجاة تتوالى عليه منها. لم يخبرها بكل شيء عن الرحلة، لكنه قال لها إني مغادر، بلا تفاصيل، قد أعود من عند أولئك الأجانب بالخير الكثير، هذه رحلته التي اخترها القدر له، رحلة لمواجهة أمواج البحر العاتية، التي قد تطفئ غول الفقر الذي كان يأكل في أطرافه شيءََ فشيء، فصرخ صرخة أخيرة قبل أن تحمل موجة عاتية قاربهم وتتركه مجرد شظايا تتطاير مع الأمواج، ليجد نفسه وحيدا وسط عالم مخيف، لقد انتهت رحلته في وسط الطريق، لم يصل إلى أوروبا بعد، فأين أنت أيتها المغردة البعيدة، إني أغرق، أين جمالك الذي حملني لأترك أمي لاجئا إليك، ماذا فعلت بي؟ فأغمض عينيه ورفعته المياه لتعيده لأمه بكفن ابيض. هكذا وصل الخبر لأمه، أن كل من ذهب في تلك الرحلة ومن بينهم ابنها، قد لقى حتفه، هناك من أعادته المياه لوطنه وجثته تندى لعودتها، وهناك من مزقته الأسماك وأخذته إلى أعماق البحر، لكن واقعه كان واقعا آخر، واقع حمله ليكون أحد من اختارته هذه الرحلة، رغم كل الدموع والمعاناة، رغم كيد الكائدين ممن كذبوا ووضعوا له كفنا في تلك الأخبار، التي ما دائما وصفها بساقطة تراقص مجون كل من يقدم لها المال، وبين الكلمات، ـــ لقد قتلوه في وسط الرحلة، رغم أنه نجا، وضعوه في كفن رغم تذرعه ودعاءه، جعلوا منه من "اللامستجاب دعائهم" ؟ برغم أن"دعوة المظلوم لا يوجد بينها وبين الله حجاب"ــــ ، فما بال أمه التي انفطر قلبها بما وصلها ؟ غير أن شيء ما جعلها لا تصدقهم، أحست أنه لا زال حيا، وأنه نجا، ليفتح عينيه على أشعة شمس شجبت عليه سباتا مفعما بالحرية، لقد تكسرت كل الحدود، إنه صباح كما وُلِدَ من جديد، رفع رأسه، ليستطلع حاله، وما به ، وفي أي مكان يوجد، فتحرك خطوات قليلة ليستطلع الأمر في ممر طريق كان يقربه، وإذا بسيارة تدهسه وتلقيه في الطريق شهيدا.



#حمزة_بوحدايد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معطلان من زمرة الشرفاء


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة بوحدايد - / في الذكرى الخمسين لاغتيال بن بركة / جريمة وراء الحدود