أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء الزحاف حميدات - جمالية الموت و وجع الغياب في شعر محمد الصغير أولاد أحمد















المزيد.....

جمالية الموت و وجع الغياب في شعر محمد الصغير أولاد أحمد


سناء الزحاف حميدات

الحوار المتمدن-العدد: 4972 - 2015 / 11 / 1 - 22:49
المحور: الادب والفن
    


جمالية الموت و وجع الغياب في شعر محمد الصغير أولاد أحمد


لقد أحب البلاد كما لم يحب البلاد أحد ... صباحا مساء و قبل الصباح و بعد المساء و يوم الأحد. دون بالكلمات معاني الجمال ... الطفولة ... الثورة ... الكرامة ... العزة ... الشهامة ... جعل من الشعر رسالة حب و رسالة حرب. معه أدركنا معنى أن تكون الكلمة غصن زيتون و أن تكون رصاصة تشق صدر العدو و تخترق المجهول و هي ساكنة في صفحات الكتب.
محمد الصغير أولاد أحمد شاعر تونسي به حبلت تونس فأنجبت قصائدا و أحلاما و كبرياء و ألوانا من الثورة و الغضب.
ولد أولاد أحمد في الرابع من شهر أفريل سنة 1955 بولاية سيدي بوزيد أين اندلعت الشرارة الأولى للثورة التونسية. تعرض لوعكة صحية استوجبت نقله لأحد المصحات الاستشفائية بالعاصمة ثم الى المستشفى العسكري لتلقي العلاج و المراقبة الصحية المطلوبة و المستمرة. هو الذي كان قد خاض حروبا عديدة و شرسة ضد استبداد السلطة و استبداد الادارة و استبداد النقد الأدبي و الثقافي و استبداد التأويل الديني المتشدد أحيانا ... هو الان يخوض حربا جديدة مع المرض ..."مرض أمي لا يجيد القراءة و الكتابة" و لا يلطف من حدته الا قوة ارادة و شدة بأس من خبر أنواعا كثيرة من الحروب المادية و النفسية. قد لا ينتصر المرء في كل معاركه و قد لا ينهزم كليا و لكن النصر الحقيقي بالنسبة لأولاد أحمد أنه حتى و هو في حالته تلك استطاع أن يترجم وجعه الى قصائد جميلة و مؤثرة جدا. و قد تفاعل معه عدد كبير من المثقفين و الشعراء و أهل الفن و السياسة و النقد و عامة الشعب

أيها الطب و الرب
لا تتركاني مع الذئب وحدي
و ان شئتما دعاني لوحدتي
واحدا و وحيدا

سريعا جائت الردود و التفاعلات في الصحف و المجلات و على صفحات التواصل الإجتماعي .و صار الكل يردد قصيدة أولاد أحمد التي يقول مطلعها
أحب البلاد كما لم يحب البلاد أحد
و كأننا بالجميع يروم بهذا الاستحظار القوي لهذه القصيدة , ترسيخ فكرة ان أولاد أحمد ليس بمفارق و أنه و ان ارتحل الى عالم اخر فان كلماته ستبقى راسخة في المخيال العام. فالتذكير بهذه القصيدة بالذات فيه نوع من التهدئة النفسية لما عرفته هذه القصيدة من نجاح لم يتوفر لشاعر مثله من قبل او من بعد. فقد صارت في وقت وجيز نشيد ثورة في سنوات الجمر و القمع و الكبت. ثم ان احتفاء القصيدة بصنوف الإيقاع وإيقاع الصورة فيه أيضا انشغال عن الرحيل ببقاء التحفة الفنية خالدة مهما سيكون الغياب قاسيا و شديد الوطأة. و لا يفوتنا هنا ان أولاد أحمد كثيرا ما يعمد في توقيع قصائده على الجناس و الموازنات التركيبية و الاعتماد على تكثيف الافعال او الأوصاف التي لها نفس الوزن… شهيدا-وحيد .. الرب-الطب-الذئب ...ناهيك عن التكرار "قد أموت" "قد لا أموت" ... كما أن أولاد أحمد عمد الى السكون في نهاية كل سطر و كأن في تخليه عن الحركات في نهاية الأسطر انما يحاكي السكون الأخير عند نهاية المطاف و الدنو من الرحيل الأبدي الذي لا حراك بعده
و ان يكن من أمر فان الانشغال عن الموت بالكتابة قد يبدو في حد ذاته ايقاعا للحياة و ايقاعا للرحيل في الان ذاته. و ذلك قد لا يتوفر الا لمن كان مسكونا بالاثنين حد الثمالة. يقول أولاد أحمد في مناسبة لاحقة و هو في المستشفى العسكري في السادس عشر من جوان

أحب ثلاثة ماتوا
أبي...
و الموتى...
و الشعر العظيم
يبدو هنا الشاعر متصالحا مع الموت الى حد بعيد بل و مستعد لاحتضانه فهو القاسم المشترك بين ثلاثة يحبهم الشاعر. الأب و الموتى و الشعر العظيم ...ثلاثة تؤثث قسما كبيرا من هوية الانسان الشاعر .. الأب هو الانتماء و النسب و الأصل و النسل. و الموتى فيهم الصديق و فيهم القريب و فيهم الغريب الذي تحن لغربته الأوطان و فيهم مشاريع قصائد قد تكون نظمت و قد يكون الموت قد حال دونها و دونهم. و الشعر العظيم فيه للشاعر حياة قبل الموت و فيه بعد الموت حياة قد لا يفقهها الا من كان شاعرا. او لعل الشاعر يعزي نفسه في الرحيل برحيل الشعر العظيم و قد يفهم ذلك على انه تحسر و عدم رضا عن حال الشعر و قد يفهم على أنه تضخيم من الشاعر لشخصه و افتخار في وجه ما ... مات الشعر العظيم ... الشاعر سيموت ... اذا حتما الشاعر شاعر عظيم و بذلك فهو سينعم برحيله و التحاقه بالعظماء ...
جدل كبير بين الحياة و الموت عرفناه سمة تميز شعر أولاد أحمد. فليس المرض هو الداعي الوحيد للكتابة عن الموت بالنسبة للشاعر بل على العكس تماما مثلت فلسفة الموت و الحياة هاجسا وسم الكثير من قصائده و انشغل به طويلا

و لعل رؤية أولاد أحمد للحياة و للموت و للاخرة رؤية فنية مختلفة و مميزة صورها في عدة مناسبات بما لا يشبه الا ذاته المسكونة بالوجع و بالغضب

الاهي
لقد تم بيع التذاكر للاخرة
و لم أجد الوقت و المال و العذر
كي أقتني تذكرة
فمزق تذاكرهم يا الاهي
ليسعد قلبي
ألم تعد الناس بالمغفرة
سخرية قاتمة و نقد لاذع يوجهه الشاعر من خلال هذه الأسطر للفهم التقليدي البائس للدين و لتعامل المؤسسة الدينية مع العامة و مع أصحاب العقول البسيطة. يفضح بذلك علاقة الوصاية و الوساطة التي يحاول ان يلعبها بعض المتحدثين باسم الدين
لم يتنكر أولاد أحمد يوما لمذهبه و لقيمه و للمسؤولية التي ألزم بها نفسه في الدفاع عن الفقراء و المهمشين من أبناء الطبقات الوسطى و الشعبية... تلك الطبقات المسحوقة التي تحيا الفناء مذ جاءت الى الدنيا.

لماذا كل ما فينا طريف
ملك و حاشية
و شعب في المقابر
ثم شعب في الرصيف
محمد الصغير أولاد أحمد وجع القصيدة قبل التكون و وجع الرحيل بعد اكتمال التكون... أولاد أحمد كلما حبلت القصيدة بالوجع أزهر الحلم من براعم الغياب ...عاش مسكونا بأسرار الحياة و الكون و الوجود و الذات الانسانية و العدالة الاجتماعية و بأسرار الخلق و الخالق و المخلوق فكانت كل قصيدة من قصائده قضية تستوجب حقل درس كامل. أزعج السلطات في مناسبات كثيرة بل شكلت كل قصيدة من قصائده حربا فنية و معنوية تشن على الحاكم و حاشيته. كان و العبارة على سبيل الاستعارة من احدى قصائده "في يده مليون كف و في صوته مليون صوت"

نرجو الشفاء العاجل لشاعر البلد الذي احب البلاد كما لم يحب البلاد احد



#سناء_الزحاف_حميدات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المثقف في القضاء على ظاهرة الإرهاب حوار مع وزير الثقافة ...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سناء الزحاف حميدات - جمالية الموت و وجع الغياب في شعر محمد الصغير أولاد أحمد