أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التيتي الحبيب - حول الوضع في سوريا















المزيد.....

حول الوضع في سوريا


التيتي الحبيب
كاتب ومناضل سياسي

(El Titi El Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يزداد الوضع هناك تعقيدا وتبعا لذلك يتفاقم الارتباك عند المتتبع والمهتم خاصة وسط مناضلي اليسار. هناك من يرى ان الوضع في سوريا لا يخرج عن المعادلة البسيطة المتشكلة من عاملين أو معسكرين احدهما تتزعمه الامبريالية الغربية ويضم القوى الرجعية المحلية ويوظف كل الترسانة العسكرية والايديولوجية الفاشية، ومعسكر الممانعة تتزعمه روسيا ويضم نظام الأسد وإيران وحزب الله وكل القوى الممانعة عبر العالم التي لا زالت تعبر عن دعمها والتحاقها بهذا المعسكر. النظر للوضع في سوريا عبر هذه المعادلة البسيطة، معناه الأخذ بعين الاعتبار للبعد الدولي والموقع الجيوستراتيجي الذي يميز بلد سوريا. وبالتركيز على هذا البعد المهم ولا شك تكون قد ضاعت على أصحاب المعادلة جوانب وابعدا أخرى في القضية السورية ولربما قد غيبوا الأساسي والاهم منها.

وغالبا ما تكون الدراسات والتحاليل الأحادية الجانب مجانبة للصواب فتسقط حتما في الأخطاء الكبيرة في التقدير السياسي. ولتجنب مثل هذه المطبات وحتى نتمكن من المحاولة بأخذ بعين الاعتبار تعدد الأبعاد المشكلة للقضية السورية وصياغة المعادلة بطريقة سليمة، لا بد من سلك منهجية تروم الإمساك بالخيط الناظم لهذه الوضعية، وهو الأمر الذي سيسهل علينا عملية تحليل التناقضات ومن تم إبداء الرأي واتخاذ الموقف الأكثر نضجا وإنتاجا للخطط والبرامج النضالية. وخلفية هذه المنهجية هي كوننا جزء من حركة نضالية لشعوب منطقتنا ولما نهتم بقضية معينة -وهنا قضية الشعب السوري- فإننا نفعل ذلك من منطلق العمل على تغيير العالم وليس التأمل الميتافيزيقي فيه أو بذخ مثقفي يفلسف الوقائع.

الخيط الناظم للوضعية الراهنة يتجسد في الهبة الثورية التي أطلقها الشعب السوري ضمن السيرورات الثورية التي عرفتها منطقتنا تلك الهبة التي خرج فيها الشعب السوري في مسيرات نضالية تستجمع قوى الشعب من اجل إسقاط ديكتاتورية حزب البعث والنظام الوراثي الذي شيده حافظ الأسد. ولكونه نظام ديكتاتوري بوليسي قل نظيره على الصعيد الدولي فانه سرعان ما اغرق السيرورة الثورية السورية في مستنقع العنف ومنع كل إمكانية تجدرها لتصبح ثورة شعبية حقيقية، تمتلك كل المقومات من قيادة سياسية وميدانية للدفاع عن الجماهير المنتفضة. طبعا ما شجع ودعم ذلك الموقف المتشدد للنظام السوري هو كونه جعل من سوريا قاعدة عسكرية متقدمة لروسيا في المنطقة (طرطوس) وكونه أيضا مرتبط بتحالف استراتيجي مع إيران وحليفها المحلي حزب الله في لبنان. في نفس هذا الوقت كانت الامبريالية الغربية أوروبية وأمريكية تتحين الفرصة لاحتواء الثورة السورية وقلب توجهها لتخدم مصالحها، فأوكلت مهمة التدخل للقوى المحلية -حتى تتجنب السقوط في النموذج الليبي الذي لن تتحمله منطقة الشرق الأوسط -تلك القوى المحلية التي تولت عملية إجهاض الثورة السورية وسرقتها وهي تركيا ودول الخليج وذلك باستعمال المليشيات المدججة بالسلاح والاعتماد على بعض العناصر من الجيش السوري والعديد من المرتزقة. طبعا لم تكن إسرائيل بعيدة عن المسرح بل ساعدت وسلحت بطرق مختلفة هذه المليشيات. فخيطنا الناظم في التحليل هنا هو دائما هذه الثورة التي اختار الشعب السوري التعبير عبرها عن حقه في تقرير مصيره والتحرر من ديكتاتورية البعث. لكنها ثورة تعرضت لأقصى دراجات الإجهاض وهي اليوم في عنق الزجاجة. لقد تكالبت عليها كل القوى الظالمة بل جعلت منها فزاعة لكل شعوبنا. حتى سار يعطى بها المثل من طرف الأنظمة وحلفائها بالمنطقة قصد ترهيب كل تحرك شعبي أو عزل كل قوى مناضلة، واتهامها بالدفع بالبلاد إلى حالة سوري -لقد جوبهنا بمثل هذه الادعاءات ونحن ندعو لمقاطعة انتخابات 4 شتنبر 2015- فعند وضع المسالة في هذا البعد الاستراتيجي لا بد أن نطرح السؤال عن ما هو الموقع الذي يجب أن يختاره المناضلون الميدانيون والذين انخرطوا في هذه السيرورة الثورية التي تعرفها شعوبنا؟ هذه هو السؤال الذي يجب أن يوجه تحليلنا، وتحديد موقعنا في الصراع. انه السؤال الذي يرجع الأمور إلى بداياتها ويمكن من الجواب على تطورات الأحداث الحالية.

للجواب على هذا السؤال لا بد من الاشارة إلى التنبيه التالي: ان الوضع معقد جدا ولن ينفع في تحليله ذلك الهروب إلى تبادل الاتهامات وتوزيع النعوت والشتائم، لان ذلك حجة الضعيف الذي لا حجة له،. كما لن ينفع فيه الغرق في المراجع التاريخية وتوسل الحلول عند فلان او فلان. نعم للاسترشاد بالتجربة التاريخية، لكن وجب تشغيل ملكة التحليل والبحث العلميين، وعلى قاعدة الاخلاص لحق الشعب السوري في الثورة وعلى واجبنا تجاهه من زاوية دعمه وتقوية عوامل صموده، وليس التباكي على التضحيات الهائلة التي قدمها من اجل الانسانية جمعاء ومن اجل انتصار شعوب منطقتنا. طبعا لن اناقش من يعتبر أن ما وقع في سوريا وفي منطقتنا هو مؤامرة امبريالية كبرى وان شعوبنا كان عليها ان تبقى في مناى عن كل ما حصل ويحصل لان مثل هذا الرأي اصبح متجاوزا في الواقع بل هو راي رجعي خالص وأن تجلبب بمسوحات يسارية راديكالية.

إذاً أولى واجباتنا هي الإقرار بحق الشعب السوري في الثورة الاجتماعية وتحقيق مكاسبه في الديمقراطية وبناء اقتصاده المتحرر من الاستغلال البرجوازي لرأسمالية الدولة، ومن ثمة مساعدته على بناء أدوات تجدير الثورة، واستنهاض كل عوامل الصمود في وجه الطبقات السائدة وقوى بطشها، والحفاظ على لحمته كشعب منتفض ثائر، وسد الطريق على التفتيت الطائفي والمذهبي، وعلى كل الاختراقات الرجعية العربية والتركية والصهيونية والامبريالية غربية او شرقية.

ففي حمأة احتداد التناقضات بين المعسكرات المتصارعة على أرض سوريا يبني الشعب السوري الشقيق قواه المناضلة الديمقراطية المستقلة والمدافعة المنسجمة على أهداف الثورة. وربما أصبح من العاجل ومن أسبقيات الأمور هو استرجاعه الإيمان القوي في حقه في الثورة والحلم بالغد الأفضل، ومساعدته على عدم السقوط في اليأس والإحباط ،وهو مبتغى النظام الديكتاتوري، وهدف القوى الظلامية، لأن مثل هذه السلبية هي ما يمهد الطريق للاكتساح الشامل والردة ولعدة أجيال.

من جانبها على القوى المناضلة في العالم العربي أن تنحاز إلى الثورة السورية وإلى حق الشعب السوري في تقرير مصيره والتحرر من قبضة البعث وكل الرجعيات العربية، وعليها أيضا تحصين الثورة السورية عبر فضح التكالب الدولي على سوريا، وعليها قبل هذا وذاك إنجاح السيرورات الثورية في بلدانها وتجدير الثورة كلما بدأت بوادرها، والعمل على استكمال مهامها حيثما استطاعت ان تقتلع رؤوس الانظمة الاستبدادية كما حصل في تونس ومصر واليمن.

على القوى المناضلة ايضا العمل على تجميع اكبر جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية، وفضح مناوراتها وتدخلها في سوريا قصد اجهاض الثورة السورية وفي العالم العربي.

هكذا يتضح اذا ان الوضع في سوريا ليس بالسهولة كما يعتقد البعض الذي بات يهلل للتدخل الروسي، وأضاع الموقف ممالعمل تجاه شعب سوريا وحقه في الثورة وتقرير مصيره. ان التدخل الروسي بالشكل الحالي هو ترجمة لسياسة روسيا في المنطقة وهو تطور لموقع روسيا في الصراعات الامبريالية وبروزها كزعيمة محور ناهض، انه تعبير على الدخول في مرحلة جديدة من الصراعات الدولية المتميزة اليوم بثنائية القطبية، التي تضع نقطة النهاية لمرحلة امتدت منذ انهيار معسكر الاتحاد السوفياتي.

هل سيستفيد الشعب السوري من هذا الوضع الجديد؟ نعم ولا:نعم، لأنه صراع بين الامبرياليات ولا بد ان يكون له تأثير على التواجد الخطير لداعش وكل المرتزقة عملاء الامبريالية والصهيونية،وكلما اندحر هذا المعسكر كلما تنفس جزء من الشعب السوري الصعداء واسترجع الامل في المستقبل. لكن لا بد من الاشارة ايضا إلى ان هذا التدخل الروسي هو تقوية لنظام ديكتاتوري وترسيخ لسلطته وتأبيد لوضع قد اختار الشعب السوري الثورة عليه. لذا عند التعامل مع هذه المستجدات، لا بد من استحضار دائما تحصين حق الشعب السوري في تقرير مصيره وعدم المراهنة على القوى الامبريالية او تسليمها حق التقرير والوصاية على هذا الشعب العظيم.

ان ما يحدد موقفنا مما يقع في سوريا تحكمه رؤيتنا لتطور اوضاع منطقتنا وشعوبها، التي دخلت للتو في سيرورات ثورية، ونحن معنيون ايضا بمستقبل هذه الثورة السورية وضرورة نهوضها والخروج من مأزق المصالح الاجنبية والتكالب الامبريالي والرجعي. يحكمه في نهاية التحليل ثقتنا العظيمة في شعب سوريا وطبقاته الكادحة وفي طليعتها العمال.



#التيتي_الحبيب (هاشتاغ)       El_Titi_El_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التيتي الحبيب - حول الوضع في سوريا