الواقع الأمريكي – الروسي الجديد في سوريا وعملية تثبيت ( كردستان – سنستان – علويستان- دروزستان )

إبراهيم كابان

الحوار المتمدن-العدد: 4932 - 2015 / 9 / 21 - 20:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خلال مراحل الثورة السورية المتواصلة استطاعت الأطراف الدولية والقوى العظمة الحاكمة في المنطقة " سواء التي تدعم النظام السوري أو التي تبنت المعارضة " دفع واقع الحدث والصدام العنيف في البلد إلى دائرة مصالحها الخاصة وإجبار السورين على تعمق علاقاتها مع تلك القوى الكبرى بسبب الحاجة إلى السلاح والإمكانيات من أجل الإستمرار في المواجهات والحرب الداخلية سواء بشكل مباشر مع الدول الكبرى أو ومن خلال بعض الأنظمة المسيَّرة من تلك القوى الكبرى في المنطقة ، بالإضافة إلى دفع جميع الأطراف السورية تمهيد الطريق أمام تلك القوى للتحكم بها وسيرها وفق مصالحها ، وبنفس الوقت دفع سوريا إلى واقع وظروف قررتها تلك القوى الكبرى ورسمت لها بعد انطلاقة الثورة السورية بشهور قليلة - بعد أن استطاعت نفس القوى السيطرة على مصر وليبيا وتونس واليمن وصومال والعراق والسودان سابقاً ودفع حراكها التي إسقاط الأنظمة الناجمة عن الثورة وخلق وضع بديل وخاص يدخل جميعها في خانة مصالح تلك القوى التي زادت من تحكمها في الشرق الأوسط ..
فالمكونات العسكرية الناتجة عن الوضع السوري خلال السنوات الأربعة الماضية هو نتاج طبيعي للتركيبة السكانية السورية منذً قرن وباتت تظهر وتبرز بشكل واضح حينما تحول الوجود الديموغرافي إلى التطور العسكري الحالي ، وكحالة طبيعية للوضع السوري القديم والجديد ، حيث أصبح النظام يمثل الطائفة ( العلوية ) - وفي المقابل مثلت المعارضة والجيش الحر والحركات الإسلامية المتطرفة بتياراتها العنيفة والرومانسية ( السنة ) - ووحدات حماية الشعب ( الكورد ) - فيما ظهر مؤخراً التحرك ( الدرزي ) وأبعادها الطائفية .
هذه المكونات العسكرية التي أفرزت خارطة سياسية جديدة لسوريا ودفعت بها نحو التقسيم الفعلي بدعم من القوى الكبرى التي وجهت الوضع السوري نحو هذا المضمار ، حيث بات النظام والمعارضة تقودان عمليات كر وفر على المواقع والأراضي - وفي المقابل تستمر المواجهات بين تيار العنيف / للسنة / والقوات الكوردية أيضاً على فك الارتباط الاجتماعي والديموغرافي بين شمال سوريا ووسطه .
هذه القوى كلاً فرض وجوده بقوة السلاح على مناطق سيطرته - ويقود عملية تنظيم شؤون المناطق المسيطرة عليها ، وبات يفرض واقعاً جديداً يؤكد على تقسيم سوريا عملياً ، مما يؤكد لنا إن القوى العظمة والمحركين الأساسيين للوضع في سوريا / روسيا وأمريكا ومعها أوروبا / دفعوا المشهد العسكري السوري إلى إفراز هذا الواقع الجديد الذي سيكون ثابتاً كما حصل في العراق والسودان سابقاً ، وسيتعامل معه المجتمع الدولي والأمم المتحدة كوضع ناتج عن الحدث السوري ويتم تكريسها مع السنوات القليلة القادمة في ظل واقع سيطرة الروس والأمريكيين على قرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مع حلفاء كل طرف بالإضافة إلى اتفاقات ضمنية بين الطرفين على تقسيم الوضع والمصالح .
كانت العملية تجري على استنزاف الأطراف حتى يلتجئون إليهم ، ومن ثم عملية الفرز السكاني بين المكونات بظهور الداعش ودفعه إلى إنجاز العملية ، وصولاً إلى عملية التقسيم الفعلي على الأرض ، وجاء دور تثبيت الموجود من خلال صناعة هبهاب الهجرة وظواهر كبيرة حتى يتسنى لتلك القوى التدخل بشكل مباشر لتقسيم المصالح بينها . ويتكون بعدها واقع جغرافي جديد ومصالح مشتركة بين الروس وأمريكان وجعل المناطق المقسمة عبارة عن مستعمرات لمصالحها الاقتصادية وسوقاً لبيع منتجاتها وغيرها من المصالح ..
وطبقاً لهذه العملية كونت روسيا وأمريكا مصالحها في سوريا وفق التقسيم الجديد كما فعلت في العراق ، وعملية تقسيمها بشكل يتبع كل جزء من العراق لهم ، وفي سوريا العملية ناجحة وجميع المؤشرات تؤكد على إنهم أيضاً نجحوا في جعل الواقع الجديد يتكرس ويدفع بكل الأطراف اللجوء إلى الاتفاق ومن ثم توجيه فوهة بنادقهم إلى العدو المشترك والمصطنع ألا وهو الداعش / وهو من صناعتهم طبعاً / لإنجاز كل المهمات التي تم.
قضية خلق أسواق جديدة للبضائع والأسلحة هو الهم الكبير للشركات الروسية الأمريكية ، والتوافق بين شركاتها في توزيع المصالح بات أمراً واقعاً لا يمكن الفرار منه أبداً بالنسبة للمكونات في العراق وسوريا ، في الوقت الذي يتسابق جميع الأنظمة في المنطقة نحو إرضاء القوى الكبرى من أجل الحفاظ على وجودها وسوقها وإمكانياتها وسلطتها .
فالمنطقة مقبلة لواقع جديد وما هو على الأرض في سوريا سيتم تثبيته ، وكل طرف سيدعم حلفائه من المكونات السورية لتكريس التقسيم .
وبعد هذه القراءة أنا لا أستغرب قريباً طائرات أمريكية روسية مشتركة لضرب الداعش في سوريا وذلك بعد انتهاء عمل الداعش يستوجب القضاء عليه كلياً ودفع عناصره إلى التوجه لمنطقة أخرى قد جهزوا لهم لاستكمال المشروع الأمريكي الأوربي وأيضاً بمشاركة روسية فاعلة .

#إبراهيم_كابان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات