|
لِينَا : أو حين تعود الروح إلى -رَلاَّ بويا-
ميمون أمْسبريذ لحميدي
الحوار المتمدن-العدد: 4930 - 2015 / 9 / 19 - 05:56
المحور:
الادب والفن
لِينَا : أو حين تعود الروح إلى "رَلاَّ بويا" ميمون لحميدي أَمسبريذ عندما سمعتُه أوَّلَ مرة مادَتْ بي الأرض. إنتشيتُ وغمرني شعور خارق بالإمتلاء. لم أحاول أن أَفهم، أن أعلِّل أو أُحلٍّل؛ استسلمتُ في ذهول لموجه العارم يتقاذفني في كل اتجاه؛ يحيط بي من كل جانب؛ يُطوِّحُ بي في مَهاوي ذاكرة عريقة ما لها من قرار : ذاكرة لا شخصية عابرة للذاكرات. ثم انتبهتُ من ذهولي وجعلتُ ألَمْلِمُ شَوارد ذهني : أفي حلم أنا أم علم؟ وهل حقا سمعتُ ما سمعتُ أم أوحِيَ الي. أعدتُ تشغيل الشريط : بلى، انه هوǃ-;- : صوتٌ غائرٌ، عريق، عتيق، ممتلئ، شجِيٌّ، جريح، عزيز. صوتٌ جامعٌ، شامل، يأتيك من كل صوب، كأنْ لا مَصْدرَ له ولا باعث: صوتٌ كونيٌّ، سَماوِيٌّ، عابرٌ لِلأزمنة والأجساد، قائِمٌ بذاته: صرخة في وجه الزوال. لكن كيف صَدَحَ الصوت الكُلِّيُّ - وقد أتى عليه حين من الدهر خَلَدَ الى الصمت - وتَنَزَّلَ في جسد ضئيل: جسد "لينا" – الفتاة المقيمة في العصر شكلا ووجدانا؟ْǃ-;- كيف استطاعت أن تَسْتَدْرِجَه إليها؟ أن تلتقط ذبذباته المتناثرة في النسيان وتُعيرَه جسدَها الغَضَّ سَكَناً وأداةً؟ǃ-;- لِيَبْقَ السؤالُ عالقا ولا بأس... المهم أن "لينا" فعلتْ: أنجزتْ ما كنتُ أحسِبه مستحيلا: عودة الصوت التي هي بمثابة عودة الروح : أليس النَّفَسُ (بفتح الفاء) حاملُ الصوت مرادفا عندنا للنَّفْس (بجزم الفاء)، أي للروح، أي للحياة؟ كتبتُ قبل ما يربو عن العقد من الزمن أَنْعي الصَّوتَ و"أبشر" بالحرف... والحقُّ أني – وأنا أَفعلُ – كنتُ ولا أزالُ منقسما على نفسي : أَتَأَرْجَحُ بين الوفاء للصوت والولاء للصمت (الكتابة) . وانما كان ذلك مني يأسا من الصوت في زمن "الحداثة"؛ فالكتابة (الحرف) بهذا المعنى حِدادٌ على الصوت. والحِدادُ اسْتِحْضارٌ للغائب وَتَنَاسٍ لَهُ في آنٍ. إِقْرارٌ بالغياب وتجاوزٌ له بالاستحضار. أما وقد عاد الصوت الأبدي صادحا يحمل ذاكرةً تَنْدَغِمُ فيها جِراحُ الذات والتاريخ في لازمة مُبْهَمَةٍ (رَلاَّ بُويَا) لا تُفْصِحُ عن معنى ولكنها هي المعنى وقد تَبَلْوَرَ شكلا يقول: ها أنا ذاǃ-;- ليس المعنى هنا دلالةً لغويةً، بل إِعْلان حضور وتوكيد وجود. – قلت : أمَّا والأمر كذلك، فَلْيَصْدَحِ الصوتُ، ولْيَنْتصِرِ الحضورُ على الغياب، والوجودُ على العدم. ثم ان "لينا" سعيدة: سعيدة وهي تَشْدُو بِ "رَلاَّ بُويَا" – سعادةً تَنِمُّ عنها ضحكتُها الملازمة لها؛ كأنما يفاجئها هذا الصوتُ الذي هو مِنْها وليس منها؛ هذا الصوت الذي هوصوتُها وليس صوتَها في آن؛ كَمَنْ يقول : هل هذه أنا؟ǃ-;- وصية الى لِينَا هِيَ وَصيَّةٌ ما هي بالنصيحة : لقد حُزْتِ سِرَّ الصوتِ العتيق وأَحْكَمْتِ إِسارَه؛ فلا تذريه يغادرك الْبَتَّة؛ وَوَطِّنِيهِ في العصر بِأَنْ تُوَسِّعي أُفُقَكِ بِالدَّرْس والإِطِّلاعِ وَالتَّمَثُّلِ؛ فَإِنَّ الأَنهارَ تَشِحُّ إِذا لَمْ تُرْفَدْ؛ وَإِنَّ السُّقْمَ والسَّقَمَ يُصيبان الشجرةَ اليانعةَ اذا لَمْ تُرْوَ وَتُشَذَّبْ. ثم إِنَّ الزمانَ ليس الزمان... فبذلك سَتَتَسامَيْنَ بالصَّوت "القَبَلِيِّ" إِلى أُفُقِ الصوتِ الإِنساني الْبَهِيِّ، وَسَتُسَطِّرِينَهُ في الضمير الْكَوْنِيِّ عُنْواناً على إِنْسِيَّةٍ تَخَلَّقَتْ مِنْ زواج الجغرافيا والتاريخ في مكان سِوَى، وتَحقَّقَتْ صَوْتاً مُتَفَرِّداً ضِمْنَ سمفونية الأصوات الحاملة لنبضات الروح الانسانية الواحدة – المتعددة. أَلاَ هلْ بَلّغْت؟
#ميمون_أمْسبريذ_لحميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|