أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الحركة الشيوعية الماوية-تونس- - اليسار بين الماضي و الحاضر -تونس-















المزيد.....



اليسار بين الماضي و الحاضر -تونس-


الحركة الشيوعية الماوية-تونس-

الحوار المتمدن-العدد: 4922 - 2015 / 9 / 11 - 21:32
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
    


اليسار بين الماضي و الحاضر
مقدمة
نجح النظام الامبريالي وعملاؤه - حاليا و ظرفيا - في تشويه كل المفاهيم المتعلقة بالحرية والعدالة والمساواة والوطنية والديمقراطية والاشتراكية و الشيوعية الخ...وظل الصراع قائما منذ بداية القرن الماضي من اجل إعادة الاعتبار للقيم الانسانية التي حققتها البشرية بفضل نضال عمال العالم وشعوبه وأممه المضطهدة ضد الاضطهاد والاستغلال القومي و الطبقي و الجندري .
وفي هذا الإطار ، وقع تشويه القيم التي قام عليها " اليسار " مثل المساواة والتضامن وحق التمرد والعصيان مقابل قيم اليمين المرتكزة على الطاعة العمياء و الخضوع للنظام و الامن العام الى جانب قيم المحافظة ومقاومة التجديد والتشبث بالتقاليد الرجعية البالية خدمة للاستغلال والاضطهاد بكافة أصنافهما. وترجع القيم التي قام عليها اليسار الى القرن الثامن عشر في الصراع ضد الأنظمة الملكية والدفاع عن المبادئ العامة للجمهورية البرجوازية في فرنسا.
ثم تطور مفهوم "اليسار " في علاقة بتركيبة البرلمانات البرجوازية وأصبح يمثل الكتلة التي تعارض الاغلبية البرجوازية الحاكمة والجالسة على يسار رئيس البرلمان وذلك لا يعني طبعا ان هذه الكتلة في تناقض تام مع السياسة البرجوازية في جوهرها بل قد تكون معارضة في اطار تناحر الاحتكارات وتضارب المصالح لا غير.
اما الآن فان "اليسار " في المجتمع البرجوازي يمثل اساسا المعارضة لليمين الحاكم علما وان "اليسار " تمكّن من الفوز في الانتخابات في العديد من البلدان الرأسمالية : فرنسا – اسبانيا – البرتغال وأخيرا اليونان ...- ورغم ذلك فقد طبق سياسة برجوازية قوامها في احسن الاحوال الحفاظ على نفس النظام البرجوازي مع دعم القطاع العمومي وتقنين بعض المكاسب الاجتماعية. وبفعل الصراعات والانقسامات المتعددة في علاقة بالصراع الطبقي الدائر في البلدان الرأسمالية ، اصبح اليسار متكونا من تنظيمات مختلفة بحيث نجد "اليسار " الاشتراكي الديمقراطي واليسار "الشيوعي "(افهم تحريفي) الذي قد يتحالف مع "اليسار " الاشتراكي ، كما نجد اليسار التروتسكي الذي يشارك في الانتخابات ويسعى الى التواجد في مؤسسات الدولة البرجوازية ثم اقصى "اليسار"الذي عادة ما يقاطع الانتخابات البرجوازية ويدعو الى قلب النظام الرأسمالي عبر الانتفاضة المسلحة من أجل ارساء مجتمع بديل.
وفضلا عن التسميات المتعددة الناتجة عن المنطلقات الايديولوجية وما تفرزه من انقسامات وعن فرز الصراع الطبقي لمجموعات جديدة وحدوث الانشقاقات داخل التنظيم الواحد ، فان الشيوعية لم تسلم من مثل هذه التشويهات كما انها لم تكن خارج التحولات والانقسامات التي عرفها تطور مجرى الصراع الطبقي. ودون إطالة نقول ان النظام الاشتراكي بعد سقوطه في الاتحاد السوفييتي اثر وفاة الرفيق ستالين وبعد اغتصاب السلطة في الصين من قبل التحريفية بعد وفاة الرفيق ماو ، عرفت الاشتراكية شتى التشويهات من قبل الإمبريالية والرجعية اولا ومن قبل القوى التحريفية ثانيا(والمسماة زيفا في بعض الاحيان شيوعية) والقوى الانتهازية المرتدة ثالثا.
فقد قدمت التحريفية - رأسمالية الدولة - صورة مشوهة للدولة الاشتراكية بما انها حولت هذه الدولة الى دولة رأسمالية فاشية وبذلك اصبحت الاشتراكية تعني الفاشية ونظام الحزب البرجوازي الواحد الخ... بالنسبة لعموم الناس. إن ما شهدته الدول الاشتراكية سابقا من صراعات وانقسامات انعكس على "اليسار " الحالي إذ نجد من يعتبر ان الاشتراكية تقف عند ماركس – انجلز ونجد من يوقف التجربة عند لينين وآخرين عند تروتسكي والبقية عند ستالين او خوجة ومعارضيهم عند ماو، هذا فضلا عن العديد من التفرعات الاخرى داخل كل مجموعة.
لقد انعكست كل هذه الانقسامات والصراعات على المجموعات في تونس وظل الصراع قائما منذ بروز المجموعات الماركسية خارج الحزب الشيوعي التونسي التحريفي في الستينات ، بل ان ما يعيشه اليسار الماركسي عامة الآن هو نتاج لصراع طويل دام اكثر من 60 سنة وتسبب في العديد من الانشقاقات في علاقة اولا بواقع الصراع الطبقي والنضال الوطني المحليين وثانيا بالوضع العالمي والصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية . وفي حين كان الصراع واضحا في نهاية الستينات بين اطروحة الثورة الوطنية الديمقراطية والثورة الاشتراكية ، فان قضية اليسار الماركسي باتت الان اكثر تعقيدا بما ان التشتّت طال اليسار الاصلاحي واليسار الثوري على حد السواء.
أصل الانشقاقات صلب اليسار الماركسي :
مثل انتصار الثورة البلشفية في روسيا القيصرية دفعا للحركة الثورية عامة تجسد فى تأسيس الاحزاب الشيوعية في جل البلدان العربية في المنتصف الاول من القرن الماضي. ودون الدخول في تقييم اداء هذه الاحزاب التي كانت جزءا لا يتجزأ من الحركة الوطنية ، فإنها بلورت المضامين الاولية لمصطلح "اليسار " الذي ارتبط انذاك بعملية التحرر من الاستعمار والتحول الى الاشتراكية لذلك فان مفهوم "اليسار " ارتبط منذ البداية بالنظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي وبالتالي فهو يختلف في الاصل مع مفهوم "اليسار " في فرنسا او انجلترا حيث ظهر المصطلح منذ نهاية القرن الثامن عشر ثم اصبح منذ افلاس الاممية الثانية يسارا اشتراكيا ديمقراطيا في قطيعة تامة مع الأطروحات الشيوعية.
لكن بعد اعادة تركيز الرأسمالية في الاتحاد السوفييتي مع احتفاظ الحزب الحاكم هناك بتسمية شيوعي دخلت الحركة الشيوعية في فترة تاريخية جديدة ادت الى انقسام الحركة الثورية عموما بين مؤيدي رأسمالية الدولة التحريفيين الذين تمسكوا زيفا بشعار الشيوعية وادعوا باطلا ان نظامهم نظام اشتراكي في حين انه نظام برجوازي فاشي وبين الشيوعيين الحقيقيين الذين فضحوا التحريفية الخورتشوفية وكان على رأسهم آنذاك الحزب الشيوعي الصيني الذي يتهمه باطلا التروتسكيون والدغماتحريفيون بالتحريفية. وشهد اليسار الماركسي انقسامات ثانية اثر وفاة الرفيق ماو تسي تونغ واغتصاب السلطة من قبل العصابة التحريفية فى الصين وتزايدت الانشقاقات مع تنظيرات انور خوجة الدغماتحريفية التي تنكرت جملة وتفصيلا لبناء الاشتراكية في الصين الشعبية بعد ان كانت تنوّه بالرفيق ماو طوال عقود.هذا دون ذكر كل التيارات المحسوبة على "اليسار " والتي تتبنى الطرح التروتسكي او المجالسي والفوضوي الخ.
انعكس واقع الحركة الشيوعية عموما على الفصائل العربية وعلى التنظيمات اليسارية في تونس وانقسم اليسار الماركسي منذ بروز التحريفية الى يسار اشتراكي ديمقراطي في احسن الاحوال-مع تعدد مكوناته - والى يسار ثوري -بمختلف حلقاته -. لذلك لا يمكن الحديث عن توحيد "اليسار " في المطلق وبمعزل عن المواقف من نظام دولة الاستعمار الجديد والبرامج السياسية والخطط العملية التي افرزها واقع الصراع الطبقي والنضال الوطني . لا يمكن الحديث عن اليسار بمعزل عن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الافق الاشتراكي.
وقد اثبتت التجارب في تونس منذ بروز ما يسمى بأقصى اليسار في نهاية الستينات ان الصراع بين اليسار الانتهازي المتعامل مع دولة الاستعمار الجديد والمنظر للتعايش السلمي واليسار الثوري الذي يرفع شعار القطيعة مع النظام والتمسك بمبدأ النضال الوطني والصراع الطبقي مثّل السمة الرئيسية رغم تواجدهما جنبا الى جنب في الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة وفي العديد من المناسبات التي تضم كل اطياف المعارضين للنظام العميل ( من مظاهرات ضد زيارة روجرز 67 الى انتفاضة الخبز 84 وصولا الى انتفاضة 17 ديسمبر 2010...) . كما اثبتت التجارب ان الاهداف الاستراتيجية لليسار الاصلاحي تختلف كليا عن اهداف اليسار الثوري وان التكتيكات الظرفية والتحاليل السياسية لواقع الصراع الطبقي والنضال الوطني تختلف هي الاخرى وتؤدي دوما الى مواقف متضاربة تعكس من جهة طموح اليسار الانتهازي الى المشاركة في السلطة وترميم النظام العميل و ايجاد ارضية تعامل ووفاق مع الائتلاف الطبقي الحاكم ، ومن جهة اخرى موقف اليسار الثوري المتشبث بتمثيل حقيقي للطبقات الشعبية و باستقلالية أطره وتنظيماته التي ستعمل على افتكاك السلطة وبناء الجمهورية الديمقراطية الشعبية بقيادة عمالية متحالفة مع الفلاحين الفقراء وباقي الفئات الشعبية.
"اليسار" مفهومان :
تمسك الفكر الشيوعي الماوي منذ انبعاثه تحت راية الماركسية - اللينينية بضرورة الوحدة وسعى الى توحيد كل الاطراف التي تتحدث باسم الماركسية- اللينينية منذ بداية السبعينات وشملت هذه الحوارات مجموعات العامل التونسي ومجموعة الحقيقة – قوميون متمركسون- وعدة حلقات اخرى تتحدث باسم الماركسية(الحلقات البلشفية). غير ان اختلاف جوهر الاطروحات والنزعة الفئوية حالت دون التوصل الى ارضية الحد الادنى وقد تعددت محاولات توحيد الاطراف الماركسية- اللينينية في الثمانينات والتسعينات وبعد انتفاضة ديسمبر 2010...وباءت هذه المحاولات بالفشل لان الاطراف المعنية بالوحدة لها برامج مغايرة لقضية التحرر الوطني الديمقراطي ولها رؤِية مختلفة لمسألة التحالفات وهي في الحقيقة تقبل بعقد مثل هذه التحالفات الظرفية او الارضيات المشتركة في مناسبات معينة للخروج من عزلتها واكتساح بعض المواقع في النقابات او الجمعيات ...
لقد اتضح منذ اكثر من اربعة عقود ان الطرح الوطني الديمقراطي حاول دوما ايجاد ارضية واسعة تجمع الاطراف اليسارية الماركسية ويشهد التراث والنداءات المتعددة على ذلك غير ان الممارسة العملية والتكتيكات المختلفة لهذه الاطراف حالت دون توحيد الممارسات بما ان اطراف اليسار تقع على طرفي نقيض في قراءة الواقع عند احتداد ازمة النظام وتصدع صفوفه من جراء تصاعد وتيرة النضالات وعلى سبيل الذكر لا الحصر فان الطرح الوطني الديمقراطي وبعد الاضراب العام بتاريخ 26 جانفي 1978 وسجن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل أخذ على عاتقه مقاطعة النقابة البوليسية المنصبة للتيجاني عبيد وأصدر جريدة الشعب - لسان حال الاتحاد - بصفة سرية على قاعدة الدفاع عن الشرعية النقابية وتطوير العمل النقابي القاعدي والنضال من اجل اطلاق سراح المساجين الذي فاق عددهم 2500 سجينا لكن الطرح التروتسكي والفرق الاصلاحية(مجموعة حزب العمال الان) اختارت التعامل مع النقابة البوليسية المنصبة وعرف طرحها "بتكتيك الافتكاك " في حين عرف طرح الشيوعيين الماويين "بتكتيك المقاطعة " ثم احتدت القطيعة من جديد سنة 1980 اثر عملية قفصة المسلحة فقد ندد العامل التونسي بالعملية واصطف وراء النظام الذي صرح على لسان الوزير الاول انه قادر على محو قفصة من الخريطة اما خلال الانقلاب الابيض للجنرال الفار فقد رحب طرح التروتسكية الجديدة او الاشتراكية الديمقراطية بوعود الجنرال وذهب حمه الهمامي الى قصر قرطاج مطالبا بتأشيرة العمل القانوني ولا ننسى تحالف حزب العمال "الشيوعي" مع النهضة ومواصلة تبرير هذا التحالف الى آخر لحظة خلال انتخابات المجلس التأسيسي تحت شعار " نهضة العمال من اجل الجمهورية " ويكشف هذا الشعار تحالف النهضة وحزب العمال والمؤتمر من اجل الجمهورية .
تبين المواقف السياسية والممارسات المترتبة عنها الاختلافات الجوهرية بين طرح حزب العمال ومن معه وبين الطرح الوطني الديمقراطي الثوري لان بعض الاطراف الوطنية تخندقت في نفس خانة اليسار الانتهازي ونخص بالذكر حركة الوطنيين الديمقراطيين وحزب العمل الوطني الديمقراطي وبعض الوطد( الوطنيون الديمقراطيون) الذين كانوا طرفا في جبهة 14 جانفي.
و باختصار نقول ان تاريخ "اليسار " هو تاريخ صراع بين يسار انتهازي إصلاحي لقي الدعم من قبل النظام العميل في العديد من المناسبات ومن دوائر مالية اوروبية بل وقع استعماله كديكور ديمقراطي لضرب اليسار الثوري وبين اليسار الثوري الذي لم يسلم هو الاخر من الصراعات والانشقاقات المتتالية .
اصبحت الخارطة السياسية واضحة بعد انتفاضة 17 ديسمبر 2010 وخاصة بعد انتخابات المجلس التأسيسي التي وقع ترتيبها من قبل القوى الاستعمارية المتربصة بالبلاد بمعية الرجعية الخليجية - معقل التخلف والعمالة للإمبريالية في الوطن العربي. وقد رسمت التكتيكات المتبعة خلال الانتفاضة حدا فاصلا بين اليسار الانتهازي واليسار الثوري ففي حين قبل اليسار الانتهازي التواجد في نفس الاطر مع الاخوانجية والى جانب الجبالي (رئيس حكومة فيما بعد)وتحت رعاية البيروقراطية النقابية خائنة مصالح الشغالين والى جانب العديد من التجمعيين ، رفض اليسار الثوري مثل هذه الاطر ودعا الى ايجاد اطر مستقلة عن الاطراف الرجعية مثل لجان الدفاع الشعبي او لجان حماية الانتفاضة وليس لجان حماية الثورة – (لان الثورة لم تحصل والإصرار على تسمية الانتفاضة ثورة هو ضرب من المغالطة).
وتباين اليسار الثوري مع اليسار الانتهازي فيما يخص عملية انتخاب المجلس التأسيسي فحذر اليسار الثوري من خطر الاخوانجية ومن امكانية التحاق التجمعيين بالنهضة كما قاطع الانتخابات في ظل بقاء كل مؤسسات دولة الكمبرادور و الاقطاع في يد التجمعيين مثل وزارات السيادة - الدفاع المورط في تهريب الجنرال والذي نسق العملية مع المخابرات الامريكية والخليجية ووزارة الداخلية التي اشرفت على قمع المنتفضين وقتل العديد من الشباب الثائر الخ... لكن اليسار الانتهازي دعم الانتخابات وطبل للشفافية ولديمقراطية العملية الانتخابية واعتبرها حادثة فريدة من نوعها في الوطن العربي متناسيا ان ما يناهز %60 من الناخبين لم يشاركوا في الاقتراع .
إن هذا اليسار قد تورط مع الجنرال اكثر من مرة فقد سبق للائتلاف الديمقراطي - المتشكل من حركة التجديد وحزب العمل الوطني الديمقراطي والحزب الاشتراكي اليساري - أن شارك في الانتخابات تحت حكم الجنرال الفار وزكى التمشي الديمقراطي المزعوم واعترف بالمؤسسات المنبثقة عن الانتخابات المزورة بل قبل هذا "اليسار " بالتواجد في حكومة الغنوشي الاولى ونجد من يدّعون الانتماء إلى "اليسار " قد تورطوا مع الجنرال ومع النهضة امثال الحزب الديمقراطي التقدمي الذي تواجد هو الاخر في حكومة الغنوشي الاولى وحزب العمال "الشيوعي " الذي رحب ب"التغيير وبتحول 7 نوفمبر " وتحالف مع الاخوانجية و منحهم شهادة الحداثة والمدنية والديمقراطية.
1- اليسار اليوم
يشتمل اليسار في تونس على العديد من الاحزاب والمنظمات والحلقات المبعثرة وفي اطار تبسيط عملية التصنيف من وجهة نظر طبقية منحازة الى قضية التحرر الوطني يمكن القول ان هناك يسار تعامل سابقا مع الجنرال بن علي وانخرط في العملية الانتخابية –التأسيسي والبرلمان والرئاسة-واعتبر ما حدث ثورة وليست مجرد انتفاضة عفوية وهناك يسار تشبث بالقطيعة مع النظام واعتبر ما حصل يوم 17 ديسمبر 2010 انتفاضة شعبية عنيفة وعفوية لا علاقة لها بمفهوم الثورة الاجتماعية وفي هذا الاطار من الضروري ان نتعرض الى حقيقة جبهة 14 جانفي وربيبتها الجبهة "الشعبية " من جهة والى كل من قاطع مسرحية "التحول الديمقراطي " والرباعي الراعي للحوار "الوطني"من جهة أخرى.
أ- من جبهة 14 جانفي الى الجبهة "الشعبية"
تكونت جبهة 14 أساسا من ثلاثة أطراف : أولا مجموعات تروتسكية و دغماتحريفية - وهي مجموعات بارعة في المزايدة اللفظية من جهة والتعامل مع أكثر الجهات رجعية مثل الاخوانجية بالنسبة لحزب العمال والبيروقراطية النقابية بالنسبة للبقية من جهة أخرى - وثانيا أطراف قومية لم تحسم هي الأخرى في الاخوانجية ومورطة في التعامل مع الحزب الحاكم وثالثا فرق "وطنية ديمقراطية " يغلب عليها الطابع النقابوي و الشرعوي عملت دوما تحت مظلة البيروقراطية النقابية وقبلت بالنشاط في حدود ما يسمح به قانون الجنرال .
وإذا تركنا جانبا بيان الجبهة الذي وضع من اجل المزايدة وذر الرماد في العيون فان التصريحات الصحفية تكشف حقيقة الأهداف المعلنة التي نقدم البعض منها حسب ما ورد في جريدة الشروق ليوم الخميس 3 فيفري 2011 بالصفحة 4:" إن الجبهة لا تدعو إلى إسقاط الدولة وإحلال الفراغ محلها إنما تدعو إلى إسقاط الحكومة ومنظومة الديكتاتور زين العابدين بن علي " وأفاد المتحدث باسم الجبهة في خصوص الحركة الإسلامية "إن هذا الإطار مفتوح بمرتكزاته الديمقراطية التقدمية لأي طرف يؤمن بإسقاط الديكتاتورية بعد إسقاط الديكتاتور وهذه هي المهمة الرئيسية التي نطرحها الآن" . و تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الحالية باتصال ببعض الأطراف من الجبهة بصفة مباشرة وعن طريق البيروقراطية النقابية...فهذه الأطراف تدعو إلى حل الحكومة علنا لكنها تتعامل معها سرا .
وقبل الشروع في توضيح الصراع التاريخي والحالي مع هذه الجبهة لا بد من التعليق على محتوى هذه التصريحات التي تتناقض مع جوهر ما ورد في البيان التأسيسي . إنها تعني الاكتفاء ببعض الإصلاحات الشكلية التي قد تشمل هذه الأطراف دون تشريك من قاموا فعلا "بالثورة"- انتفاضة - وتقتصر هذه الإصلاحات على تغيير الوجوه والتخلص من الوجوه المورطة مع الجنرال والبقاء في إطار نفس النظام الاستعماري الجديد. أي أن الطبقات الشعبية التي ضحت بأبنائها لن تجني شيئا بالضبط كما حصل في 1956 عندما سطا بورقيبة على مكاسب المقاومة المسلحة ، ثم في نوفمبر 1987 عندما وعد الجنرال "بالتحول الديمقراطي " وهلل له بعض المنتسبين إلى هذه الجبهة بل أن حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال ذهب إلى قصر قرطاج و قابل الجنرال ليتلقى وعودا بالتأشيرة وإصدار جريدة البديل .
لقد انتفض الشعب من اجل الشغل والحرية والكرامة الوطنية غير أن هذه الأطراف تحاول ركوب هذه النضالات من أجل الاستفادة من الوضع الجديد ومن ضغط الشارع على الحزب الحاكم باتجاه ضمان بعض المواقع في البرلمان وبعض المؤسسات الأخرى في إطار النظام الاستعماري الجديد.
وفي حين تندرج انتفاضة الشعب في إطار الصراع بين الشعب وعملاء الامبريالية ، تنحصر تحركات جبهة 14 في إطار الصراع الامبريالي على القطر وتقبل في الحقيقة بتغيير الوجوه مع الإبقاء على النظام ككل باسم التكتيك وتوهم الشعبَ بأنه من الممكن التمتع بالشغل والحرية والكرامة الوطنية في ظل النظام الاستعماري الجديد كما أن الجبهة توهم الشغالين بأنه من الممكن التحول السلمي من الديكتاتورية إلى الديمقراطية وتبث الأوهام حول إمكانية تخلي الطبقات الحاكمة عن السلطة بمحض إرادتها أو عن طريق الانتخابات "النزيهة ".
تعلن القوى الثورية عدم ثقتها في جبهة 14 للأسباب التالية : أولا تناقض البيان التأسيسي في العديد من النقاط مع التصريحات ومع الممارسات اليومية لأصحاب الجبهة ثانيا التاريخ الأسود لهذه الأطراف التي تعاملت أكثر من مرة مع امتدادات النظام القائم مثل المعارضة الكرتونية والبيروقراطية النقابية وبعض رموز الجمعيات بل أنها جلست تحت مظلة البيروقراطية النقابية بقيادة جراد الذي تآمر علنا على الحركة النقابية وخرّب الحركة العمالية وزكّى كل اختيارات العملاء. تجلس جبهة 14 إلى جانب جراد - ممثل الحكومة - من جهة والجبالي - النهضة- من جهة أخرى فأين المصداقية ؟ ثالثا : لا تخرج برامج هذه الأطراف في أحسن الأحوال عن برامج الاشتراكية الديمقراطية ، والاشتراكية الديمقراطية في بلدان شبه مستعمرة تعني بالضرورة القبول بواقع الهيمنة الامبريالية والتعامل إيجابا مع الإملاءات الاستعمارية و قبول أوضاع التخلف. ورابعا ممارسات هذه الأطراف الفوقية والتي تريد ركوب الأحداث والمزايدة بدماء الشهداء ، وإيهام الجماهير بأن الثورة قد أنجزت والمطروح هو الحفاظ على مكاسبها.
الجبهة "الشعبية"
لا تختلف الجبهة الشعبية جوهريا عن جبهة 14 جانفي في تركيبتها وبعد ان كانت تضم ما يقارب 12 طرفا انسحب 6 اطراف خاصة بعد "التقاطع " مع نداء تونس في جبهة الانقاذ وتنكر الجبهة حسب المنسحبين لجوهر ما جاء في ارضيتها السياسية .
سلكت الجبهة الشعبية طريق التعايش السلمي فأدارت ظهرها للانتفاضة التي اعتبرتها زيفا "ثورة" كما تنكرت حتى لمشروع ارضيتها السياسية الذي ينص على ان "الجبهة الشعبية تشكل بديل حكم حقيقي وتتجاوز الاستقطاب الثنائي المغشوش الذي يقابل بين قطبين والحال انهما يلتقيان في الحفاظ على نفس التوجهات الاقتصادية الليبرالية المرتهنة للدوائر الاجنبية ". فما هي حقيقة استراتيجية الجبهة ؟ ولماذا مثّل تكتيك التحالف مع نداء تونس تكتيكا انتهازيا مغشوشا ؟ مع التأكيد انه لا يمكن الحديث عن مجرد تقاطع او التقاء ظرفي كما تدعي الجبهة وكما ادعى حزب العمال سابقا فترة تحالفه مع النهضة في حركة 18 أكتوبر لان هذا التقاطع او الالتقاء هو في الحقيقة - رغم المراوغات - تذيل لنداء تونس ، تذيل للدساترة و التجمعيين الذين حكموا الشعب على امتداد العقود الماضية .
وقبل تعرية حقيقة خطة الجبهة لابد من التذكير بمفهوم التكتيك الثوري وتناقضه على طول الخط مع التكتيك الاصلاحي الانتهازي . ان التكتيك الثوري هو جزء من الاستراتيجية وخاضع لها و وظيفته ان يخدمها ويعتمد على القوى المباشرة والمعنية بالثورة أي العمال والفلاحين وباقي المضطهدين اساسا ويستغل التناقضات والنزاعات بين الاعداء لإضعافهم بهدف تقوية القوى الشعبية ويحدد اشكال النضال والتنظيم الملائمة وواقع الحركة الجماهيرية وتجربتها العملية ويظل هدف التكتيك الثوري هو تقوية الحركة الثورية وضمان استمرارها لا المساهمة في تقوية العدو و"فسخ الثورة ".
الاستراتيجية الملغومة
ان استراتيجية الجبهة وفق ما ورد في مشروع الارضية السياسية تحت عنوان "المسألة الوطنية الديمقراطية " تتلخص في:"بناء نظام جمهوري مدني ديمقراطي في خدمة الشعب " وقد وردت نفس الصيغة ضمن برامج بعض مكونات الجبهة ويذكرنا هذا الطرح وهذه المهمة المباشرة-او التكتيك - كما يسميه البعض(حزب العمل الوطني الديمقراطي-حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد- الحزب الاشتراكي) يذكرنا بتكتيك الحرية السياسية أو "نداء الى الشعب " لحزب العمال الذي اعتمده كأرضية للتحالف مع النهضة. و دون الرجوع الى التفاصيل نقول ان خطة الجمهورية المدنية الاجتماعية - في ظل النظام القائم - تضرب في الصميم المسالة الوطنية -أي النضال ضد الامبريالية وعملائها - وتختزلها في جمهورية مدنية - بنفس الائتلاف الحاكم جوهريا - وتشوه المسالة الديمقراطية بحصرها في الحريات السياسية وتطمس قضية الارض والفلاحين والمرأة . وهي بذلك تسقط مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي او تدعي تأجيلها ولا تعترف بالتناقضات التي تحكم المرحلة وتخلط بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة أي بين الاعداء و الاصدقاء لذلك من الطبيعي ان تصوغ تكتيكات يمينية انتهازية تفضي الى التحالف او التقاطع مع عدو كشفته الجماهير ومهما كانت التبريرات فان التكتيك الذي يبيّض وجه العدو ويعيد له الاعتبار بعد ان وقع الحسم فيه جماهيريا هو تكتيك يفسخ الثورة ويطعن الشعب في الظهر .
مرتكزات التكتيك الانتهازي
تترك الجبهة جانبا قضية الانتفاضة وما افرزته من شعارات و اشكال نضال متطورة مقارنة بالاعتصام والوقفات الاحتجاجية وتحصر تحركاتها في الاحتجاجات السلمية التي توّجت باعتصام الرحيل الذي اصبح فيه نداء تونس يصول ويجول بصور عملاقة لبورقيبة واستغل الجبهة و وظّف عداء الجماهير للنهضة ليبرز كبديل وليعيد الاعتبار لسمعة الدساترة و التجمعيين باعتبارهم حسب منطق الجبهة يمثلون نمطا "عصرانيا حداثيا ". وترتكز الجبهة على الحجج التالية لتبرير التقاطع مع الدساترة - افهم التذيّل -:
- " تشكيل تيار واسع مناهض لحركة النهضة وذلك عبر تقاطعات ظرفية يفرضها مجرى الاحداث
- من غير المفيد ان يقع التركيز على تذبذب هذه القوى(أي نداء تونس) ومواقفها الانتهازية بل وجب التركيز على النهضة(هكذا نداء تونس قوى متذبذبة وانتهازية فهي اذا ليست قوى رجعية وعميلة(
- تشكيل ائتلاف سياسي مدني اجتماعي لمواجهة سياسة الفشل.
- تفكيك صفوف الرجعية من خلال عزل الترويكا والنهضة
- تتميز القوى الليبرالية بتقلب مواقفها فينبغي احراجها لكي تنحاز ولو جزئيا للشعب او تبقى على حياد (أي نداء تونس يبقى على الحياد والجبهة هي التي تقود هكذا يحلم زعماء الجبهة أحلام اليقظة(
- الشعار المركزي هو اسقاط الحكومة ومحاصرة المجلس التأسيسي والمؤتمر الوطني للإنقاذ هو شعار في متناول الوعي الشعبي .
- كل ذلك يهدف الى توفير مناخ ملائم لتنظيم انتخابات "ديمقراطية و شفافة " .
قد تنطلي هذه الحجج على البعض في صورة تجريدها و اخراجها من واقع الصراع الحالي كما تفعل عناصر الجبهة في حلقات النقاش في باردو- اعتصام الرحيل - بحيث ينظّر البعض لضرورة حشد القوى ويستشهد البعض الاخر بمبدأ استغلال التناقضات صلب الرجعية ويتناسى جميعهم ان الشعب هو صانع التاريخ وهو القوة الاحتياطية المباشرة كما ان النزاع بين الطبقات الحاكمة يقع استغلاله للارتقاء بالممارسة الثورية وليس بالرجوع الى الوراء وتفكيك صفوف الشعب مقابل تبييض وجه احد طرفي الاعداء وبالتالي تقديم عصا النجاة له ليضرب بها الشعب من جديد . ويتناسى هؤلاء كذلك اشكال النضال والتنظيم التي بلغتها الانتفاضة عبر ممارستها اليومية مثل حماية الاحياء والمؤسسات والتصادم مع قوات القمع وطرد الولاة والعمد ورؤساء الشعب الذين اختفوا تماما الخ... من الاشكال التي ترتعد منها النهضة والنداء لأنها تمثل جنين السلطة الشعبية ولا تعترف بالسلطة الرسمية وقد صرّح السبسي في هذا الاطار انه ضد عزل الولاة واعتبر ذلك مسا من الدولة ومجرد فوضى .
ان مثل هذه الحجج قد تستعمل لذر الرماد في العيون وهي تقدم في شكل مبادئ عامة بمعزل طبعا عن الطبيعة الطبقية لنداء تونس الذي يمثل مصالح البرجوازية الكمبرادورية وبعض شرائح البيروقراطية وهو مدعوم كما تقر الجبهة بذلك "بالدوائر الأجنبية " وبالمال السياسي الفاسد وستكون له الكلمة الاخيرة والحاسمة في ترميم النظام و انقاذه من الانهيار ثم رسم سياسة العمالة والاضطهاد -;-.
نظرا لكل ما سبق لا يمكن للجبهة الشعبية أن تمثل بديلا شعبيا ولا يمكن للإطراف المكونة لها أن تقف إلى جانب تمثيل شعبي يناضل من اجل الارض و الشغل والحرية والكرامة الوطنية
أرضية توحيد اليسار الثوري:
لقد اختار " يسار الجمهورية الثانية المدنية ذات البعد الاجتماعي" التعامل مع النظام القائم و ايجاد ارضية توافق في ظل الهيمنة الامبريالية والتخلف الاقطاعي وعبّر عن استعداده للتعامل مع النهضة في اطار " الشرعية الديمقراطية " ان لم نقل "الديكتاتورية الديمقراطية "المسماة "الديمقراطية التشاركية " وجسد من خلال موقفه هذا عملية الالتفاف على شعار "اسقاط النظام " الذي رفعته الانتفاضة و وجد نفسه من جديد وكالعادة في تناقض تام مع اليسار الثوري الذي واصل دعم الشباب المنتفض الذي لا يعترف في الحقيقة بنتائج الصندوق حسب ما ورد من شعارات خلال الاعتصامات و الاضرابات المتتالية .
ورغم تعدد الاطراف في شقي "اليسار " فان القضية الرئيسية تتمثل في كيفية التعامل مع التناقض الاساسي امبريالية/شعب(أي التناقض بين الامبريالية وعملائها الرجعيين والانتهازيين من جهة وبين الشعب بكل فئاته من جهة ثانية) ويعتبر هذا التناقض المنطلق الاساسي في توحيد اليسار الثوري ضمن جبهة واسعة لمناهضة الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية. ويفترض هذا التناقض رسم خط احمر بين اعداء الشعب ومن يقبل بالعمل معهم والتواجد في مؤسساتهم بصفة شكلية مهما كانت التعلات وبين الشعب وكل القوى الثورية المناضلة والتي ترفض ايجاد ارضية توافق مع الاعداء كما ترفض مسرحية خلط الاوراق والانخراط في الصراع الكتلوي من اجل السلطة الذي يطمس اولا التناقض الاساسي والرئيسي امبريالية / شعب وثانيا يحول هذا التناقض الى تناقض بين الامبرياليات و الاحتكارات المتصارعة على مواصلة الهيمنة باعتماد تشكيلات سياسية تختلف حسب الظرف وحسب اختلاف المصالح الطبقية . فالثالوث الذي حكم لمدة 3 سنوات –اثر المجلس التأسيسي - مرتبط اولا بالامبريالية الامريكية وثانيا بالرجعية الخليجية وثالثا ببعض الكتل الامبريالية الاخرى ولم تخرج بعض احزاب المعارضة في المجلس التأسيسي عن هذا الصراع الكتلوي من اجل السلطة وعلى حساب طموحات الشعب نحو التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي. كما ان الرباعي الحاكم حاليا(النداء-النهضة-الوطني الحر-آفاق) لا يمثل في شيء مصالح الشعب بل ينفذ حرفيا املاءات صندوق النقد الدولي ويرتبط وجوده في السلطة بدعم هذه الدوائر له .
و من هنا تطرح على اليسار الثوري مهمة كيفية التقدم في حسم التناقض الاساسي والرئيسي امبريالية / شعب وتفترض هذه المهمة ايجاد التكتيكات المناسبة من اجل توحيد قواه اولا وتعبئة الجماهير المنتفضة ثانيا حول شعار اسقاط النظام ومعارضة شعار ترميم النظام الذي يتبناه اليسار الانتهازي.
غير ان الاوضاع التي افرزتها الانتخابات الاخيرة في تونس ومصر ...تضع اليسار الثوري امام تحديات جديدة تتمثل اساسا في : أ- مواجهة عودة نفس الائتلاف الطبقي الى سدة الحكم بأسماء حزبية مختلفة وفضح الاستقطاب الثنائي (نداء-نهضة في تونس) باعتباره البديل التي تريد الامبريالية فرضه على شعبنا لتأبيد واقع التخلف والتجزئة والجهل والاقتتال الطائفي حتى يتسنى لها احكام قبضتها على خيراتنا وعرق جبين شعبنا.
إن الرباعي الحاكم حاليا وقع انتخابه ب مليونين و 556 ألف صوتا : (النداء:1.300 مليون النهضة : 992 ألف - الاتحاد:141 الف وآفاق:123400) وهو يطبق حرفيا ما يمليه صندوق النقد الدولي الذي يعلن مساندته التامة للحكومة الحالية حسب التصريحات الكاذبة لكرستين لاغارد ممثلة صندوق النقد الدولي التي هي في زيارة حالية لتونس وقد كذب بعض الخبراء في تونس تصريحاتها وأصروا على ان تونس في حالة افلاس عكس ما صرحت به لاغارد.
ان الرباعي الحاكم يستغل حالة الطوارئ لتمرير قانون "المصالحة " مع من اثرى على حساب الشعب و المال العام ويواجه الاحتجاجات الشعبية بالعنف البوليسي ويجرمها بتعلة حالة الطوارئ . لقد اتضح ان نفس النظام استعاد قبضته على الحكم وان الشعب ادرك من جديد ان النداء و الاخوان هم اعداء الانتفاضة و اعداء مصالح الشعب .
لذلك فان المطلب الجماهيري يظل تجسيد شعار " الشعب يريد اسقاط النظام " وهو ما يفترض اولا وقبل كل شيء توحيد الشيوعيين - ولن تكون المهمة سهلة - وثانيا توحيد اليسار الثوري وثالثا توسيع الجبهة المعادية للامبريالية والصهيونية والرجعية العربية ورابعا ايجاد اطر جماهيرية مستقلة عن الائتلاف الحاكم وعن اليسار الانتهازي من اجل الارتقاء بتجربة الشعب المنتفض و بأساليب مواجهة سياسة النظام اللاوطنية و اللاشعبية والسير بالنضالات باتجاه تحقيق المهام الوطنية الديمقراطية خطوة خطوة الى حد قلب موازين القوى وبلوغ مرحلة الهجوم الاستراتيجي وتركيز السلطة الديمقراطية الشعبية .
إن بلوغ هذا الهدف يتطلب من اليسار الثوري التخلص من كل الانحرافات التي تنخر كيانه ليتحول الى بديل شعبي قادر على قيادة التحركات الجماهيرية ورسم خطط واضحة المعالم تتماشى و برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وفي هذا الاطار لابد من الاشارة الى الاخطار التالية: اولا التوجهات الاقتصادوية و النقابوية التي تحصر تحركاتها في اطار منظمات المجتمع المدني التي لا تخرج عن المسموح به رجعيا -ثانيا: الدفاع عن الاسلام الساسي "الوطني" وعن شرائح البرجوازية الوطنية اكثر من الدفاع عن العمال والفلاحين وعن الشيوعية – ثالثا:الانحراف الدغمائي التحريفي الذي يرفع شعارات غاية في الثورية و اليسراوية و يمارس النقابوية وينخرط في لعبة الانتخابات الرجعية .
فعندما يتخلص اليسار الثورى من هذه الانحرافات يمكن له الاقتراب من جوهر ما تمليه المرحلة الوطنية الديمقراطية من مهام وتكتيكات تقطع نهائيا مع التذبذب البرجوازي الصغير وتسير في طريق الثورة دون مساومة ودون اوهام وخاصة دون تعويل على ديمقراطية الاستعمار الجديد وما يسمى بالديمقراطية التشاركية او الانتقال الديمقراطي.
الحركة الشيوعية الماوية- تونس-
اوت 2015



#الحركة_الشيوعية_الماوية-تونس- (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان اممي :1ماي-أيار
- 1 ماي2015 من اجل حركة عمالية مناضلة
- في الذكرى الرابعة لانتفاضة 17 ديسمبر : فلتتوحد صفوف الثوريين ...
- بيان : المقاطعة مقاومة والمشاركة مساهمة
- 19جوان الحرية لكل المساجين الثوريين
- بيان حول الاحتجاجات ضد الاتاوة
- بيان --الشعب يريد اسقاط النظام في السودان-
- الخطوة الحاسمة الاولى: القطيعة مع أعداء الشعب
- الوضع العالمي(مقتطف)


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟... / محمد الحنفي
- عندما نراهن على إقناع المقتنع..... / محمد الحنفي
- في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة / عبد الرحمان النوضة
- هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟... / محمد الحنفي
- حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك ... / سعيد العليمى
- نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس ... / سعيد العليمى
- نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة / عبد الرحمان النوضة
- حزب العمال الشيوعى المصرى وقواعد العمل السرى فى ظل الدولة ال ... / سعيد العليمى
- نِقَاش وَثِيقة اليَسار الإلِكْتْرُونِي / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية - الحركة الشيوعية الماوية-تونس- - اليسار بين الماضي و الحاضر -تونس-