أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان أحمد إسماعيل - قراءة في رواية -ميرامار- لنجيب محفوظ -1-















المزيد.....

قراءة في رواية -ميرامار- لنجيب محفوظ -1-


إيمان أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 22:11
المحور: الادب والفن
    


في بنسيون "ميرامار" الذي تديره مالكته مدام "ماريانا " اليونانية الأصل تلتقي مجموعة متباينة المصالح والتكوين النفسي، دفعت كلا منهم إلى الإقامة في البنسيون دوافع مختلفة، وهي مجموعة مُنتقاه ومصنفة تبعًا لخطةٍ بارعةٍ :
شيخان يقابلهما ثلاثة من الشباب، وعجوز يونانية في مقابل فلاحة مصرية شابة.
شخصيات الرواية :
عامر وجدي : صفحي وفدي قديم، أسدلت الأيام ستار النسيان على مجده الذي ذهب بعد اعتزاله العمل الصحفي، و وجد نفسه بلا زواج ولا أبناء ولا قريب حي، فقصد صديقه الباقي في دنياه، وهي صاحبة البنسيون مدام ماريانا .
طلبة بك مرزوق: من كبار الأعيان، و وكيل سابق لوزارة الأوقاف كان منتميًا لأحزاب السراي، ولذلك فهو من أعداء حزب الوفد، ووُضع طلبة مرزوق تحت الحراسة منذ عام أو أكثر، وجُرد من موارده عدا القدر الذي يسمح له بالحياة، فبعد أن كان يملك ألف فدان، ويلعب لعبًا بالمال سئم الحياة في القاهرة، ولجأ إلى ماريانا عشيقته القديمة ليقضي في بنسيونها أيام عمره الباقية.
حسني علام : من أسرة معروفة بطنطا، وهو شاب غير مثقف، وذو مائة فدان يُتَوقع فقدانه لها، وجاء إلى الإسكندرية باحثًا عن مشروع تجاري يوظف فيه أمواله، ولما كانت إقامته في الإسكندرية ستطول دله خادم الفندق الذي ينزل فيه على بنسيون ميرامار، ولا شيء في حياة حسني علام سوى الخمر والجنس والبحث عن مشروع.
زهــرة : قطب الصراع في ميرامار ومحور أحداثها، وهي فلاحة جميلة قوية التكوين، ذات شخصية طموح، هربت من قريتها رفضًا لمشروع زواج بالإكراه، وتحضر إلى البنسيون للعمل حيث تثبت لكل محاولات الإغراء من حسني علام وطلبة مرزوق، وتقع في حب سرحان البحيري الذي هجر عشيقته القديمة من أجلها، وسعى وراءها ليقيم معها في بنسيون ميرامار، أما زهرة فتحاول أن تكون كفئًا لزواجه منها، فتتجه إلى التعليم وتدفع جانبًا كبيرًا من دخلها المحدود إلى معلمة تعطيها دروسًا خصوصية، ولكن سرحان البحيري حين ييأس من إقناعها بأن تعيش معه دون زواج يهجرها بعد أن يوقعها في شركه، ويغير هدفه، وينصب شباكه لمعلمتها، وعندما تكتشف زهرة حقيقته يتفجر الموقف ويهجرها هي والبنسيون، ولا يمضي غير قليل من الوقت حتى يعرف جميعهم نبأ مصرعه من الصحف، وتطرد صاحبة البنسيون زهرة، فتخرج من البنسيون، وتعلن أنها برغم كل شيء ستبدأ حياتها من جديد.
سرحان البحيري : مثال ورمز حي من رموز الانتهازية في الحب والسياسة، تقلب في كل تنظيمات الثورة(ثورة يوليو) من هيئة التحرير إلى الاتحاد القومي، وهو عضو بلجنة العشرين وعضو مجلس الإدارة المنتخب عن الموظفين في شركة الإسكندرية للغزل، وهو متحمس للثورة يدافع عنها في كل مجال، ولكن لم يمنعه تحمسه من أن يشترك في عصابة لنهب الشركة التي يعمل بها واختلاس أموالها وتنتهي حياته بالانتحار بعد اكتشاف المؤامرة وسقوط العصابة.
منصور باهي : مذيع بإذاعة الإسكندرية، وهو شاب حساس من جيل الثورة، يساري النزعة أحب زميلته في الجامعة "درية"، وبادلته الحب، ولكنها تزوجت من أستاذها " الدكتور فوزي" في لحظة انتصر فيها الإعجاب على العاطفة، ولما كان الدكتور فوزي أستاذًا رائعًا لمنصور في العمل السياسي، فقد أذعن للأمر وحبس ناره بين ضلوعه، و بقيت تهمة الخيانة للتنظيم تطارده بعد أن أفلح شقيقه ضابط البوليس الكبير في أن يجبره على اعتزال رفاقه، وينصحه بالإقامة في البنسيون، وعندما يدخل الدكتور فوزي ومجموعته إلى السجن، وتبقى درية يتصل بها منصور ليعينها على ما هي فيه، ويستيقظ الحب القديم من جديد ويتمزق قلب منصور بين حبه لدرية ووفائه لأستاذه ورفاقه ونظرات الشك وتهمة الخيانة، وعندما تصل هذه الأنباء إلى الدكتور فوزي في السجن يسرب رسالة إلى درية تاركًا لها فيها حرية الاختيار، وبعد أن كان منصور يحاول اقناعها بطلب الطلاق حتى كادت أن تستجيب تشجعها رسالة زوجها على اتخاذ طريقه، ويرفض منصور هذه الهبة النبيلة، ويتركها في ذروة تأزمها النفسي، وتستحكم به أزمته النفسية، وتنعكس عليها أحداث البنسيون، فيتجسد له سرحان البحيري رمزًا حيًا للانتهازية والوصولية والخيانة، فيتخذ قرارًا بقتله لعله يتخلص من الأشباح التي تطارده، ويعلن منصور اعترافه بقتل سرحان بكل يقين واعتزامه تسليم نفسه للشرطة بالرغم من أن سرحان مات منتحرًا.
مدام ماريانا : عجوز يونانية الأصل، في الخامسة والستين من العمر، ومع ذلك لم تسحب الروعة منها كل أذيالها، وهي تقضي أواخر عمرها قانعة بمورد البنسيون بعد أن كانت في شبابها تحب الحياة الحلوة والنور والفخامة، وتهل على المدعوين كالشمس، وماريانا قتل زوجها الأول ولعله حبيبها الأول والأخير في ثورة 1919، ومازالت تعلق صورته على الجدار، وأفلس زوجها الثاني ملك البطارخ وصاحب قصر الإبراهيمية، فانتحر وصورته أيضًا معلقة على الجدار .
وحياة ماريانا موزعة بين إدارة البنسيون الذى كان كل نزلائه من السادة قديمًا، ولكن الأزمة جعلتها تقبل كل النزلاء، وبين الاستماع إلى الموسيقى والغناء الإفرنجي واسترجاع ذكريات ماضيها.
وماريانا تأسف لأن الثورة الأولى قتلت زوجها، والثانية جردتها من مالها وأهلها، ولكنها على أي حال لن تهاجر كما فعل النساء والرجال من بني جلدتها، فقد ولدت في الإسكندرية، ولم تر أثينا أبدًا في حياتها، ويبعث فيها الطمأنينة علمها أن البنسيونات الصغيرة لن تؤمم.
البناء الفني للرواية :
تقوم الرواية في ميرامار على حدث واحد رئيس هو ثورة يوليو 1952، وموجة التغييرات الهائلة التي حملتها قوانين 1961 الاشتراكية، وما تبعها من إجراءات تأميم وتوزيع للأراضي على الفلاحين وغيره .
وقد عمد نجيب محفوظ فيها إلى الرؤية المتعددة باعتبارها تقنية تمكنه من تقديم الحدث من زوايا متعددة، فيمكن القول إن ميرامار رؤية متعددة لحدث واحد، إذ تقوم برواية الأحداث في ميرامار أربع شخصيات مختارة بقصد وعناية فائقة، وهم : عامر وجدي في الجزء الأول، ثم يعود فيختتم الحكي في الرواية بحاشية أخيرة، وحسني علام ومنصور باهي، ثم سرحان البحيري.
ويحكي كل منهم من وجهة نظره الخاصة، وتتكامل رواياتهم بحيث تعطي فكرة أو رؤية لمجريات الأحداث وتحليل كل طرف لمواقف الأطراف الأخرى تحليلًا ملونًا بأفكاره وأفكار الطبقة التي يمثلها في النسيج الاجتماعي المصري.
ولكل جزء من الأجزاء جوه الخاص المميز له و وحدته الداخلية، وكذلك لكل راو من الرواة الأربعة نغمته الخاصة المميزة له، والتي تظهر منذ البداية مع مفتتح حكيه، فعامر وجدي يبدأ بالفقرة التالية :
" الإسكندرية أخيرًا .
الإسكندرية قطر الندى، نفثة السحابة البيضاء، مهبط الشعاع المغسول بماء السماء، وقلب الذكريات المبللة بالشهد والدموع".
تعكس هذه الفقرة حب عامر وجدى للإسكندرية وطيبته ونقاءه، وتمثل مفتاحًا حقيقيًا للجو الذي يصاحبه في حكيه، ويزخر بالسحب والمطر والذكريات.
ويفتتح حسني علام حكيه بقوله :
" فريكيكو لاتلمني
وجه البحر أسود محتقن بزرقة يتميز غيظًا، يكظم غيظه تتلاحم أمواجه في اختناق يغلي بغضب أبدي لا متنفس له "
وفي الجملة الأولى " فريكيكو لا تلمنى " التي يرددها كثيرًا دلالة قوية على تنصله من أية مسؤولية، ثم يتخذ البحر معادلًا رمزيًا له، فيعكس عليه ما يشعر به حتى نستطيع وضع حسني مكان البحر، فنرى وجهه الأسود المحتقن وغيظه المكظوم من الثورة، واختناقه وغضبه الأبدي مما آلت إليه الأمور .
أما منصور باهي فيبدأ حكيه بقوله :
"قضي علي بالسجن في الإسكندرية، وبأن أمضي العمر في انتحال الأعذار "
وهو قول يعكس حالة العزلة التي يعيشها منصور بعد تركه كفاحه وزملائه فيه .
أما سرحان البحيري، فيفتتح حكيه بنغمة تناسب تفاهته وتعلقه بالمتع الزائلة، فيقول :
" هاي لايف.
معرض أشكال وألوان مثير للشغب شغب البطون والقلوب".
المكان والزمان :
تتنافر شخصيات هذه الرواية على مستوى الأفكار والمواقف، ولكنها تلتقى على مستوى المكان في بنسيون ميرامار، وهو اسم لمقهى في الإسكندرية، جعله نجيب محفوظ اسمًا لبنسيون أو فندق، والميرامار: طلةُ البحر، والفندق في الأدب رمزٌ للحياة الدنيا، فهو ممر يلتقي فيه الناس زمنًا على غير موعد، ثم يتفرقون و يمضي كل منهم إلى سبيله.
أما الزمان فقد حصره محفوظ في فترة قصيرة لا تزيد على ثلاثة أشهر، إذ تبدأ أحداث الرواية في الخريف، وتنتهي في صباح العام الجديد الذي يشرق على زهرة وهي حزينة، ولكنها تقرر أن تبدأ حياة جديدة.
وأسهم تضييق رقعة الأحداث في حدود البنسيون وما حوله ، وحصر الزمان في الأشهر الثلاث في تحقيق الوحدة الفنية في هذه الرواية.
المختارون للحكي والمستبعدون :
ويدفعنا اختيار نجيب محفوظ لأربع رواة فقط إلى طرح العديد من الأسئلة التي نلتمس إجاباتها في أثناء هذه القراءة، منها :
لماذا اختار محفوظ هؤلاء الأربعة بالذات ؟ رجل كبير "عامر وجدى" في مقابل ثلاثة شباب من جيل الثورة " حسني علام" ، " منصور باهي" و"سرحان البحيري".
ولماذا لم تشاركهم الحكي امرأة بالرغم من تركه ماريانا تشارك عامر وجدى الحكي أحيانًا؟ هل مارس محفوظ نمطًا من القمع على المرأة ؟.
ولماذا أسكت طلبة مرزوق ولم يفرد له فصلًا للحكي ؟ بطريقة أخرى لماذا مارس نوعًا من القمع على طلبة مرزوق ؟ فحرمه من الحكي وتسجيل مذكراته.


إيمان أحمد إسماعيل ـــ باحثة دكتوراه.



#إيمان_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا و الدواعش و ابن حجر
- زخاتٌ رومانسية في - أقبلي كالصلاة- لمحمود حسن إسماعيل
- العنصرية والمجتمع العربي


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إيمان أحمد إسماعيل - قراءة في رواية -ميرامار- لنجيب محفوظ -1-