أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شايا الطيب - بلانكا....














المزيد.....

بلانكا....


شايا الطيب

الحوار المتمدن-العدد: 4915 - 2015 / 9 / 4 - 21:04
المحور: الادب والفن
    



بلانكا...BLANCA

في سوريا كل شئ تموت ..

حمامتي البيضاء ولدت في دمشق من أنثي شامية وذكر حمصي عاشت فوق أسطح دمشق القديمة تشرب من نافورة غيلان وتتقوت على قمح تغسله وتنشره فدوى الحلبية ...هناك ربت ريشها كبرت جناحيها وصغارها ..فوق جبل قاسيون تعلمت أن تطير وتعشق رب الحرية...كانت تأخد من كل عاشق جرعة صبر تشربها و زهرة غرام تأتيني بها تأخذ بدلها بعض حبات القمح الشهية ...

لم تأتي بلانكا منذ شهور....انتظرتها حتى نام الليل واستيقظتم...ونمتم واستيقظتم و إستيقظ النهار معكم...ونمتم وفقتم مرات كثيرة ..... انتظرتها حتى فقدني الأمل...
عدت إلى عملي ومجاملة الأيام والأحداث ...عدت إلى الحياة الميكانيكية والإختلاط بالأغراب ...بين كل صباح وليلته و بين كل وجبة و أخرى كنت أنتظر بلانكا و أناجيها بشفاه مطبقة.....


************************************

في سوريا يموت الوطن....

أهذه أنت يا سوريا ؟
ليست ملامح الشام هاته؟
أم هي ملامحك قد تشوهت؟
لما أكلتم وجه الوطن؟
أين دفنتم قصائد نزار؟
أين بقايا الياسمين؟
أين القبل المسروقة من خلف ستار الخجل؟
متى صرنا نزف عرائسنا في فستان أحمر ؟
متى صرنا نزف بلا زغاريد و لا حناء ولا غزل ؟
كيف أصبحنا مشركين بفن السلم و متى امتهنا القتال واختلقنا حربا بلا مبادئ و لا أمل؟

أقلبك يا دمشق هذا الذي تشمع؟
أكبدك المطعون هذا الذي انتحب ؟
أشرايينك يا الشام هذه التي تمزقت؟

هذا ابنك يأكل قلب أخيه حبا في الأسد ......
وهذا يقطع رأسا ظنا منه أنه يبني درجا إلى الجنة ....
أ صار ثرابك يا أبية يشرب من دماء أكبادك؟
ألم تلديهم على نفس الأرض ؟
ألم تخرجيهم من نفس الرحم ؟
ألم ترضعيهم نفس الحليب ؟

(اليوم كبروا...
خرجوا من تحت جناحي...
قرأووا ما كتبت ....ما فهموا سوى ربعه..
قطعوا ثديي و دفقوا الللبأ ...
مضغوني يا بنيتي قالوا: "نظفوا هذا الرحم إنه مشترك"
بعضهم يقول حرام بعضهم يقول كافر لا يعبد الأسد )


***********************************



فجر اليوم ايقظني نقير على زجاج النافذة ...
انها حمامة !...
" بلانكا ...بلانكا" صرخت
فتحت نافذتي وأدخلتها
لكن بلانكا لم تكن سوداء ..
تجعدت أعصابي ...وإختلط خوفي الكبير بقليل من الأمل
ربما هذا ريشها قد اتسخ ...اردت أن أصدق
لكن الواقع يقول أنها مرسال...
أعطيتها حفنة كبيرة من القمح أكلت نصفها و شربت ماءا من فمي...

أزحت السجاد فبدأت تكتب فوق الأرض رسالتها بما تبقى من حبات القمح
وأنا أقرأها حرفا حرفا حتى غفيت في مكاني....

(عزيزتي,
صارت سوريا أما لكل الألام ووطناً لكل المجازر مشنقة تطبق على نفس كل شئ وأي شئ ... تمحي كل المبادئ وكل الأفراح ...تقتل دون أن تفرق بين البريء و الظالم
يموت الحيوان والطفل كما يموت الخائن و الثائر والوطني والعاشق واللص والقاتل وعابر السبيل يموت المصلي بنفس الرصاصة التي اخترقت رأس الشيطان .
يقتل الثائر وبنفس الذنب يشنق الرضيع ويعدم الجندي كما الشيخ والمرتد والسكير.أتصدقين؟ أني رأيت بأم عيني غيلان وفدوى يموتان بأيادٍ حلبية قطعت رأسهما بسيف جبانة صنعت في الصين!
يسيح دم السوري لسنوات يروي فضول المصورين يسلي العالم في ملله و يجبرالبعض على عبادة الخوف و يسعى لآخرين في نوم عميق .
أما نحن فصرنا ننام في قبورنا مغسلين لابسين أكفاننا لكي لا يتعب الأخرون قبل دفننا.إنك تعرفين كل شئ عن حمام الشام و لكني أحببت أن أودعك قبل أن أنام.
أحبك ......بلانكا )

لم تختنق حمامتي بغازات سامة ولم تقتلها رصاصة طائفية.....
ماتت حزناً على طفل هرب من بشاعات الحرب فمات غرقاً( كاخرين سميناهم لاجئين وتركناهم في الطبيعة يتحللون)
رمته الأمواج فوق الشواطئ التركية من حظه أن وقع تحت الكاميرات العالمية...

رحلت حماتي الشامية و تركتنا أروحا نصف ميتة مدفونة في وطن يحتضر وعالم لا يمشي سوى في الجنازة الفسبوكية.....






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بقي 3 أشهر على الإعلان عن القائمة النهائية.. من هم المرشحون ...
- فيديو.. مريضة تعزف الموسيقى أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ
- بيت المدى يستذكر الشاعر القتيل محمود البريكان
- -سرقتُ منهم كل أسرارهم-.. كتاب يكشف خفايا 20 مخرجاً عالمياً ...
- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين
- كتاب -عربية القرآن-: منهج جديد لتعليم اللغة العربية عبر النص ...
- حين تثور السينما.. السياسة العربية بعدسة 4 مخرجين
- إبراهيم نصر الله يفوز بجائزة نيستاد العالمية للأدب
- وفاة الممثل المغربي عبد القادر مطاع عن سن ناهزت 85 سنة
- الرئيس الإسرائيلي لنائب ترامب: يجب أن نقدم الأمل للمنطقة ولإ ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شايا الطيب - بلانكا....