أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المحجوب حبيبي - في أفق انتخابات 2015 قراءة في المشهد السياسي المغربي هل من الممكن استرجاع توجهات ثورة 20 غشت















المزيد.....



في أفق انتخابات 2015 قراءة في المشهد السياسي المغربي هل من الممكن استرجاع توجهات ثورة 20 غشت


المحجوب حبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 04:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى أي حد يمكننا أن نستمر في وصف الواقع السياسي المغربي بأنه واقعا مغايرا، لما كان سائدا؟؟ وأنه توجهات النظام واختياراته تعبر عن مغرب جديد مفارق جوهرا وشكلا لما كان متبعا ومعهودا؟؟ وأننا أمام مغرب التوافقات المستجيبة لحاجيات ومتطلبات مختلف الفئات والطبقات السياسية؟؟
إلى أي حد يجوز الاستمرار في الحديث عن مغرب الإصلاحات العميقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...؟؟ وأن تلك الإصلاحات الهادئة كما عبر بعضهم تهدف إحداث تغيرات تدريجة ولكن جذرية في مناهج التدبير والتسيير والعلاقات السياسية؟؟
وأن النظام يعمل على إعادة الثقة لحفز المشاركة الجماهيرية الواسعة والواعية على طريق التحولات الديمقراطية التدريجية مهما بدت بطيئة فهذا ما تقتضيه المرحلة والظروف الأمنية... كما يدعي البعض؟ وانه ما علينا نحن المتشائمين والرافضين إلا أن ننتظر ما سيقدم عليه النظام من إصلاحات دستورية وقانونية وآليات ووسائط للتنفيذ والتتبع والمراقبة، وبرامج إصلاحية تنموية حقيقية على قاعدة توزيع عادل للخيرات على كافة الأقاليم والجهات وفق تخطيط دقيق وهادف ومنتج يستثمر مختلف الإمكانيات المتوفرة وفق رؤية إستراتيجية وطنية وجهوية متكاملة إلخ... ستدهش جميع المراقبين هكذا واجه أحدهم تحفظاتنا في إحدى المناسبات...
التجارب الانتخابية تجديد في الهرم المخزني.
والآن لنعود لتقييم معطيات الواقع السياسي على ضوء الانتخابات الأخيرة وما سبقها وما تلاها والإعدادات للانتخابات المقبلة والقريبة متسائلين عن جوهر تحقق تلك النوايا والتطمينات على ضوء ما قدمناه كفدرالية من اقتراحات وتعديلات للقوانين الانتخابية ؟ فإلى أي حد يمكن أن يقال أن ما تم إقراره من قوانين ومدونات للأحزاب والانتخابات والتقطيع الانتخابي وطرق التسجيل في اللوائح الانتخابية عوض اعتماد البطاقة الوطنية أداة للتصويت... فهل ما تحقق يعكس حقيقة متطلبات الإصلاح لتجاوز أخطاء الماضي وجرائمه السياسية وبناء المغرب الديمقراطي المنشود المتمثل في الدولة الوطنية الديمقراطية والتأسيس لملكية برلمانية ؟ مغرب إحداث قطائع مع تلك التجاوزات والمظالم التي عاشها قوى النضال الديمقراطي والتغيير في العقود السالفة من القرن الفائت؟ وهل أن تلك الإصلاحات القانونية أدت وظيفتها في البناء الديمقراطي لتحقيق مغرب جديد، مغرب المؤسسات المنتخبة، مغرب الشعب المغربي قاطبة مغرب التحرر والكرامة والمساواة والعدل وتكافؤ الفرص ؟ وأنها وضعت لهذه الغاية وليس لأهداف أخرى لا علاقة لها بتلك التمنيات؟ وبعيدا عن أي تشكيك غير مبرر فإن المشهد السياسي المغربي والذي تتضح ملامحه يوما بعد يوم لما تبخرت كثل الضباب المنتشرة مع ذلك الضجيج الذي أحدثه المتهافتون الجدد المستفيدون من مختلف وجوه الريع... ولقد لخصت في المقدمة بعضا من أقوالهم وما نشروه وحاججوا به وهم يبشروننا بالعهد الجديد؟؟ بل منهم من استكثر على هذا الشعب وقواه المناضلة، تلك الإصلاحات القليلة أو ذلك الهامش من الحريات الذي ينفرج تارة ويضيق أخرى على حرية التعبير ووسائطها، أو على الأفراد والجماعات... استكثروا ذلك النزر القليل من المطالب والإصلاحات التي كانت مرجوة منذ سنين القهر والمصادرة، والتي لا تعادل في شيء ما تحتويه اللائحة الطويلة من المطالب السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ... وفي مختلف المجالات تعويضا عما طال أبناء هذا الشعب من قهر وتعسف وتضييق ما يزيد عن نصف قرن من الزمن...
ودون معاودة صياغة تلك المطالب والبرامج الممكنة نظريا، والمستبعدة فعليا، عن الواقع السياسي المغربي ومنذ الاستقلال، فإنه يمكن الجزم أن النظام المغربي )الهرم المخزني( لمَا يزال متشبثا بثوابته في السياسة والاقتصاد... ولم يحد عنها قيد أنملة بل فقط غير سيناريوهاته في تدبير السياسة العامة، محافظا على نفس المحتوى والمضمون، ولازالت شخصيات ومشاهد المسرحية قائمة وفعالة قوامها الولاءات... وديمقراطية الواجهة، واستنان القوانين وتعطيلها، وكبح الدينامية الاجتماعية وعلى كافة المستويات، وإشاعة ثقافة التضليل والخرافة، وتفقير الشعب الكادح جيبا وفكرا... والتشبث بالخواص الأسطورية المعمدة بإرادة التعالي عن الزمن والتاريخ والحقيقة، ونكران قوانين التطور أو العمل على تعطيلها بالتغاضي عن التحولات التي طرأت في الواقع والاستمرار في اعتبار «الهوية المخزنية» تقليدا لا محيد عنه و«الأصالة» كائنا مقدسا وسرمديا كونها ثابتة وخالصة، وبذلك يتم اعتمدها خيارا إيديولوجيا يحركه المخزن بواسطة أدواته السلطوية والحزبية، ولقد أكدت الوقائع والأحداث أن النظام يجدد آلياته ويطور أساليبه وطرقه، محافظا على جوهره الاستبدادي بالسلطة والحكم والثروة... وهو بذلك يعيد إخراج نفسه في نسخ مزيدة ومنقحة حسب كل مرحلة ومتطلباتها وحسب الحسابات السياسية، وموازين القوة...
تدبير الانتقالات المفصلية وتراجعات قوى اليسار والديمقراطية :
فمنذ بداية الستينات (1961) وعمليات انتقال الحكم تتم وفق آليات يكون فيها الهرم المخزني هو المسير والقائد والمتحكم في تدبير التحولات واستمرت الحالة على ما هي عليه فصاعداً فمنذ الانقلاب الذي قاده المخزن ضد إصلاحات التصميم الخماسي الأول وصولا إلى حكومة التناوب التي قادها اليوسفي دون شروط ولا مطالب، حيث كانت آلية مناسبة لانتقال الحكم بقسمه وبيعته المكتوبة ... كلها نماذج لخطط مدروسة جنت القوى الوطنية والديمقراطية نتائجها المرة ... وتتوالى الأحداث والوقائع على نفس الوتيرة التي يرسم المخزن مبتدأها وخبرها وصولا إلى 20 فبراير بكل الزخم المطلبي، والاندفاع العفوي، الذي عرفته في غياب قيادة سياسية وطنية وتقدمية مسئولة... واستمرت المراهنة على العفوية وعلى الشعبوية بل أن الكثيرين كانوا يراهنون على قوى إسلامية خذلتهم في نهاية المطاف، لما تم التدخل من قوى دولية كي تترك للحزب الإسلامي المسمى (معتدلا) فرصة أن ينعم بأغلبيته وبتدبر شؤون قيادة الحكومة المغربية التي حظيت برضى ملكي وبمباركة أمبريالية (كون الحكم الإسلامي اختيار المرحلة كما تتصور الأمبريالية) وفعلا ضاعت من جديد لحظة الإصلاحات السياسية الفارقة لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية واستطاع النظام أن يستوعب مختلف معطيات المرحلة، حيث انتقلت خيوط اللعبة كلها إلى أصابع النظام ليدير مختلف العمليات... وهكذا فوتت الفرصة من جديد على حركة 20 فبراير التي لم تكن مؤطرة سياسيا وتنظيمياً بل كانت متروكة لهوى التيارات الإسلامية والمتياسرة وبعض المناضلين من أحزاب اليسار الديمقراطي والذين لا حول لهم ولا طول، والذين يفتقرون للقدرة السياسية والقيادية المناسبة... ـ وعلى العكس من ذلك استطاعت شبيبة تمرد المصرية أن تنجز وبكفاءة ما خططت له ـ وقد أثار التخوف كون 20 فبراير كان مساقة بتوجه شعبوي فج بشعارات قابلة لكل تأويل حيث بدأ التيار الإسلامي يملي شروطه... إلى أن حصل الارتباك والتراجع بعد انسحابه المفاجئ المشار إليه فتنفس الكثيرون الصعداء... ولم تستطع بل لم ترد القوى السياسية اليسارية والديمقراطية أحزابا ونقابات أن تسد هذا الفراغ وتتولى قيادة الحركة لأجل تحقيق الإصلاحات المعلنة بكل المسؤولية والفعالية وأن تكون طرفا وازنا وقادرا على فرض انتقال ديمقراطي حقيقي...

تدبير الأزمات بخلق أزمات بعيدا عن أي إصلاحات مطلوبة
وبتحكم النظام في العديد من خيوط اللعبة السياسية وسيطرته على السلطة والحكم فقد أفضى بالبلاد إلى مأزق سياسي وفي أكثر من مناسبة ومفصل، وما ترتب عن ذلك من ممارسات أدت فعلا إلى نتائج كارثية، أو قل مرت البلاد خلالها بسكتات أدخلتها غير ما مرة إلى غرفة الإنعاش... محمولة على الكثير من الشعارات وعلى صخب وضجيج إعلامي غير مسبوق لتبرير الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية وعبر هذا المسار تمت العديد من العمليات أولها: فمع بداية الستينيات من القرن الفائت وكما بين ذلك المرحوم الفقيه سي محمد البصري رحمة الله عليه قائلا : (لقد أفشل المخزن العثيق نتائج ثورة 20 غشت والإصلاحات التي قد تم الاتفاق عليها مع الملك محمد الخامس رحمة الله عليه...حيث أطلق المخزن العثيق العنان لثورته المضادة ضد المغرب الحديث وبسط هيمنته على الحقل السياسي...) وتوالت عملياته القمعية للقوى الوطنية من اعتقالات ومحاكمات وحل للأحزاب وتعديلات دستورية ملائمة لتوجهات المخزن الاستبدادية وتم الرد من طرف القوات الشعبية بالإضرابات والانتفاضات والانقلابات وحصلت اختطافات واغتيالات واعتقالات ومحاكمات وإعدامات... واستغلال نفوذ تمت الكثير من التجاوزات وإعلان عن إجراءات المغربة حيث تم تفويت للأراضي المسترجعة وتوزيع ريعي للثروة على عناصر الهرم المخزني من موالات وخدام وصولا إلى وتفويت لمؤسسات منتجة من القطاع العام في عملية خوصصة مشبوهة عصفت بقطاع كان يلعب دورا في التوازنات الاجتماعية وكانت من خلاله الدولة تدبر الاختلالات من منظور كونها فاعل اجتماعي واقتصادي... غير أنها اختارت الاستجابة للتوجهات الرأسمالية والتخلي عن البرامج التنموية والتراجع عن مختلف الإصلاحات التي كانت تنهجها استجابة للضغوط الاجتماعية... وتعتبر سياسة التقويم الهيكلي التي لما تزال البلاد ترزح تحت أثارها السلبية من خلال اللجوء إلى رفع المديونية والاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، مقابل اتخاذ قرارات ارتجالية في التدبير الاقتصادي، والتي لها انعكاسات على الأوضاع الاجتماعية للفئات الشعبية وهذه السياسات هي التي أدت إلى تعطيل المسار التنموي والتربوي والثقافي وحصلت بفعلها سلسلة أزمات اقتصادية، ومع هذا الخلط والغموض المواكب لهذه السياسات امتدت أيادي الفساد إلى العبث بالثروة واستباحة المال العام وانتشار الرشوة والمحسوبية وتوسع دائرة الفقر ...
وضمن هذه الوقائع والأحداث تصنع أحزاب إدارية تخدم مصالح معينة وتوكل لها مهام محددة، يمكن إجمالها في :) أنها آلية لتجديد إيديولوجيات الأبواب الموصَدة المعبر عنها ب «الأصالة» والتي لا تعبر عن شيء أكثر من تعبيرها عن احتكار النظام للنزعة الأصولية بصنع تنظيمات دينية حزبية، ودعم الزوايا الطرقية، إلى جانب المجالس والأجهزة الرسمية يحركها وفق طرق خاصة، كأن تضطلع بمهمة محاربة اليسار والحداثة مدعومة بمختلف وسائل الدعم، وأهمها محاصرة اليسار إعلاميا إذ يعتبر المغرب (الديمقراطي!! ) بلا قنوات تلفزية حرة ... ويمنع اليسار من استعمال القنوات الرسمية المتوفرة إلا ما قد نذر وفي الحدود الضيقة، ويحرم من الدعم الذي تتمتع به الأحزاب الإدارية والأحزاب الوطنية التي لها تمثيلية برلمانية والتي قبلت باللعبة... ولقد عرفت تنظيمات سياسية ونقابية عمالية وطلابية بعض الضربات القمعية الموجعة لبعض من أطرها ومناضليها وشبيبتها لأنهم في نظر المخزن تجاوزت الحدود المسموح بها عند المطالبة بالإصلاحات أو قيامها باحتجاجات كما حصل مع حركة 20 فبراير... وبواسطة الاستباقات يرتب الوضع السياسي وتضبط توازناته ضدا عن أي اصطفاف طبقي محتمل أو تماهي للعناصر الاجتماعية المتنوعة ثقافيا والمتكاملة انتماءا واختيارات والهادف إلى بناء الدولة الوطنية الديمقراطية بكل تعددها و تنوعها واختياراتها والموحدة بما هو مشترك، والمتقدمة والحداثية والمتطورة أبدا ...

الأحزاب الإدارية صنيعة لتمييع الديمقراطية وتركيز الاستبداد
وإذا كنا نتمنى أن لا يعيد التاريخ نفسه رغم ما يعن في الأفق من إشارات ليست كلها إيجابية فمن واجبنا أن نذكر ببعض الخصائص التي استمر يعاد إنتاجها كلما طرحت مسألة البناء الديمقراطي والتي يمكن أن نلاحظها من خلال هذه الكرونولوجيا :
ـ فالمغاربة والتاريخ السياسي لهذا البلد لا زالوا يذكرون منذ انقلاب المخزن العتيق على الإصلاحات الديمقراطية، كيف تم تأسيس حزب"الفديك " جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية " من طرف المدير العام للديوان الملكي ووزير الداخلية المرحوم رضا اكديرة؛ وما هي الشعارات التي رفعتها وما برنامجها السياسي ؟؟ وكيف أنها في ظرف أسابيع معدودة بعد التأسيس واستقالة الحكومة في 5 يناير 1963، استطاعت أن تحصل في الانتخابات التشريعية التي جرت في ماي 1963 على ما مجموعه 69 مقعدا من مجموع 144 مقعدا، ولم يحصل حزب الاستقلال إلا على 41 مقعدا، ومن غرائب الصدف أنه هو الحزب الذي كان يقود الحكومة المستقيلة، ولم يحصل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إلا على 29 مقعدا فقط وهو الحزب المعارض بامتياز؛ ومن العجائب أيضا أن الكثلة الناخبة التي صوتت لحزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قدرت ب 1750000 ناخب أي ما يقارب 25000 صوت لكل مرشح ناجح ؛ بينما لم يحصل حزب "الفديك" إلا على ما يناهز 1008000 صوت أعطته 69 مقعدا أي بمقدار 16000 صوت للمرشح الناجح ليتبوأ المرتبة الأولى؛ وأمام التعسفات والمضايقات التي تعرضت لها المعارضة فقد قاطعت انتخابات 12 يوليوز 1963الجماعية التي حصل فيها الفديك على 90 في المائة من المقاعد، ولقد تورطت وزارة الداخلية بقيادة أفقير في مساندة حزب الفديك بزعامة احمد رضا اكديرة علنا جهارا، من خلال العمل على ضمان فوزه بانتخابات المزورة مباشرة وغير مباشرة. حيث أعطيت التعليمات بتكوين العصابات، والتصدي للمعارضة بالعنف والترهيب أمام المصالح الأمنية التي لم تقف مكتوفة الأيدي بل ساهمت إلى جانب الفديك بكل الوسائل المتوفرة لها ... كان هذا سيناريو هذه المرحلة ...

وفي الانتخابات الجماعية بتاريخ 12 نونبر 1976 يتكرر نفس السيناريو مع "اللامنتمين " الذين سيتحولون إلى حزب يترأسه السيد أحمد عصمان صهر الملك؛ وتفوز هذه الصنيعة العجيبة والمفبركة بحوالي 65 في المائة من المقاعد وحوالي 60 في المائة من الأصوات؛ أي حوالي 1500000 من الأصوات ؛ ولم يفز حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي مجتمعين إلا على 25 في المائة من الأصوات... ولقد عرفت هذه الانتخابات تزويرا فضيعا وإفسادا للعملية الانتخابية قل نظيره حيث أعلنت النتائج في العديد من المدن والأقاليم وتم التراجع عنها كما حدث في بعض مقاطعات البيضاء والقنيطرة وآسفي وفاس ومكناس...

وسيوعز للمرحوم المعطي بوعبيد بأن ينشئ صنيعة جديدة هي حزب الاتحاد الدستوري الذي تعبئ له السلطات كل الإمكانيات والمساعدات قبيل انتخابات 1983 الجماعية من أجل اكتساحها بشكل مفضوح وسيحصل بقدرة قادر على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية كذلك سنة 1984 ب55 مقعدا أي ب25 في المائة من الأصوات...
وفي انتخابات 2011 يعطى الضوء الأخضر لحزب العدالة والتنمية ليستعد لتحمل مسؤولية تسيير الدولة مرتضيا التزوير لصالحه بعد أن كان يرتضي التزوير ضده، وهكذا تدخلت الجهات المكلفة بتدبير التوازنات السياسية، من أجل منع عدد من الأعيان المنتمية للأحزاب الإدارية من الترشح، بشكل «غير قانوني»، حتى يخلو الملعب للعدالة والتنمية، في كل من مراكش وفي طنجة وفي وجدة وفي غيرها من الجهات والأقاليم ...

وطبعا سيغير السيناريو مع حزب الأصالة والمعاصرة (البام) فعلى الرغم من كون المؤسس مستشارا ملكيا ومطلع على خبرات تدبير العمل الانتخابي والعديد من ملفات الداخلية قديمها والحديث... فالبام تجربة ذات نكهة مزيدة ومنقحة لا من حيث التشكيل والمكونات ولا من حيث التدرج في الانخراط في العمليات الانتخابية إذ الأمر لا يقتضي الاستعجال فقد يتطلب من الوقت أكثر من موعد انتخابي دورتان أو ثلاث مادام الأمر ليس فيه ما يهدد باختلال التوازن وهكذا ومنذ الإعلان عن تأسيس (البام) 8 غشت 2008 وصولا إلى المؤتمر التأسيسي في فبراير 2009 ودخوله للانتخابات الجزئية كانت تبدو الأمور عادية إذ سيحصل على مقعد واحد من أصل 5 مقاعد ترشح لها ولكنه في الانتخابات الجماعية التي جرت نفس السنة يونيو 2009، ستكون المفاجأة أنه سيحصل على الرتبة الأولى بـ 6032 مقعدا، أي بنسبة تفوق 21 في المائة، وحظي برئاسة 369 جماعة محلية، من بينها 8 تترأسهن نساء... وسيتراجع في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011 هذا هو أسلوب التحولات التدريجية من خلال عمليات مصطنعة لتخفي الأساليب العتيقة وتبقي الأمور بين الخفاء والتجلي وهي نفسها الأساليب التي تسخر لها الكتلة الانتخابية المائعة المعتمدة في تزيف الواقع الانتخابي والتي لازالت تمس الممارسة الانتخابية في جوهرها والتي تتدحرج حسب التوجيه المعطى لها للتصويت لصالح هذا الحزب أو ذاك حسب المطلوب... ماعدا بعض المصوتين الحزبيين والذين لا يشكلون قوة يمكن اعتمادها... ومهما يكن فمع (الفديك) الجديد تم اللجوء إلى تكتيك خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الخلف... إنها نفس العملية ولكنها هذه المرة تتم سهلة وسلسة وليست في حاجة لأفقير جديد ولا لبلطجية رضى اكديرة ولا لمحمد بنهيمة ولا لإدريس البصري... بل هي عينها من نفس الممارسات التي شوهت سمعة المغرب دوليا وتسببت في ابتعاد المواطنين عن المشاركة السياسية؛ وخلقت شرخا كبيرا لازلنا لم نضمد جراحه إلى حد الآن والمتمثل في العزوف والمقاطعة التلقائية واللامبالاة بالمشاركة السياسية؛ وهذا ما أعطى متنفسا للمخزن وأحزاب الريع السياسي المستفيدة من تلك اللامبالاة وذلك العزوف والمقاطعة، وأعفى السلطات من تلك المواجهة مع القوى الحريصة على شفافية الانتخابات والحريصة على سلامتها والتي كانت تدخل في انتفاضات واضطرابات وقلاقل ومظاهرات وما يترتب على ذلك من اعتقالات الأمر الذي يعري حقيقة زيف الانتخابات... وكانت البلاد تعرف حالة حصار واستثناء غير معلن كما حصل مع انتخابات الستينيات والسبعينيات حيث اتضح بالمكشوف أن لا شفافية ولا نزاهة ولا بناء ديمقراطي... فقط كانت الانتخابات تشكل تزكية للاستبداد وتكريسا له حيث يتراجع ذلك النزر القليل من حقوق الإنسان وتتراجع مؤشرات التنمية ببلاد وتصاب القدرة الشرائية لأوسع الفئات الفقيرة بالتصدع وتتوسع دائرة الفقر وتعم الأزمات إلى حد التهديد بالسكتة القلبية...
وكنا نعي جيدا أن الدولة المخزنية قائمة على أساس طبقي يجعلها تمارس بالضرورة سياسة تخدم مصالح قاعدتها الطبقية كل مكونات الهرم المخزني والممثل سياسيا بجميع الأحزاب التي تم إنشاؤها وتأطيرها وتمويلها بوسائل الدولة نفسها، بهدف تمييع الحياة السياسية وإفسادها، وعرقلة نضال وعمل القوى الديمقراطية، وتزوير الانتخابات وإفراغها من مضمونها، وقد أصبحت هذه الأحزاب التي تعد الآن بالعشرات تمثل عرقلة أساسية في تحول المغرب نحو الديمقراطية. ولذلك سنقول بكل صراحة كفى من هذه اللعبة وليتحمل كل واحد مسؤوليته...

استرجاع اختيارات (ثورة الملك والشعب) من سيطرة المخزن العتيق:
إن هذه الموانع الكبرى لتأسيس الدولة الوطنية الديمقراطية بالإضافة إلى معوقات أخرى أهمها طبيعة الثقافة السياسية السائدة، المتسمة بالانتهازية والاتكالية والانتظارية، تجعل إمكانية دمقرطة وتحديث النظام السياسي بإرادته وحدها تكاد تنعدم ويمكن للفدرالية أن تلعب دورا في تحريض إرادة الدمقرطة والتحديث لدى المؤسسة الملكية، في تواز مع فرض السيادة الشعبية... ومع افتراض وجود تلك الإرادة وإمكانية تفكيك الهرم المخزني وتخليص النظام من ثقل التقاليد المخزنية، ومن تأثير التدخلات الأجنبية، وفضح وتعرية قوى اللوبيات الفاسدة والمستفيدة من غياب الديمقراطية كل ذلك يفرض على فدرالية اليسار الديمقراطي وكل القوى الديمقراطية تعبئة وتجنيد أكبر قوة جماهيرية لتحقيق الديمقراطية وتعديل التوازنات لصالح قوى النضال الديمقراطي... وفي هذه المرحلة يتطلب الأمر أساسا من فدرالية اليسار الديمقراطي التي تدرك جيدا حقيقة الأوضاع وتعرف بالضرورة والالتزام انتظارات وآمال الشعب المغربي وقواه الناهضة... أن تعمل وفق برنامج محدد واقعي وعملي لأجل قيادة المغرب نحو تحقيق أهداف واضحة وواقعية في زمن يتميز بظواهر خطيرة وتهديدات لا سابق لها، يتطلب الأمر أن يكون هذا التاريخ بكل حمولته محفزا لإصلاحات حقيقية تجفف منابع أي خطر قد يتهدد البلاد في الحال أو المستقبل وترسي دعائم الدولة الوطنية الديمقراطية...
على الرغم من كل ذلك التاريخ الحافل بالتجاوزات والانتهاكات والتزوير وكل الممارسات المخلة بالحق والواجب، نرفع هذه الدعوة للمراجعة ومد الجسور بين مكونات المجتمع المغربي على قاعدة النقاش الواضح والعلني حتى نلج فعلا أوراش بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ...
إذن من الضروري التفكير في استرجاع نهج ثورة الملك والشعب ذلك النهج الذي تم الانقلاب عليه مع بداية الستينيات كما أسلفنا، بكونها ثورة اجتماعية وسياسية ببرامجها وإصلاحاتها وتحالفاتها على قاعدة تنظيم كونفراس وطني تأسيسي تشارك فيه القوى ذات المشروعية التاريخية ممثلة في: ( المؤسسة الملكية والقوى المناضلة الوطنية والتقدمية واليسارية وقوى مدنية ومفكرين مشهود بعلميتهم واستقامتهم...) لأجل وضع أسس صياغة دستور ديمقراطي وقواعد تحويل الملكية المخزنية إلى ملكية برلمانية، وضبط مختلف قواعد ومقومات الدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية والقانونية... ولأجل فتح أوراش نوعية للإصلاحات المتنوعة (التعليم والصحة والشغل والسكن والعدالة ...) بإشراك الشعب فيها من خلال ممثليه الحقيقيين... إن هذه المهام المرتقبة... لن تتحقق بجرة قلم أو من خلال انتخابات 2015 والطرق المتبعة في الإعداد إليها والتي ليست في مستوى طموحات الفدرالية ولا تناسب إستراتيجيتها... ولا تستجيب لمتطلبات الشعب المغربي ولا مع المرحلة التاريخية التي يمر بها عالمنا العربي الذي يشتد فيها أوار (حرب دينية) قد تأتي على الأخضر واليابس ولذلك فالأمر مستعجل ومطلوب وملح، وعلى الرغم من أن الاستعدادات قد تتطلب مرحلة نتمنى أن لا تطول، مرحلة من العمل الدأوب بالتواصل مع مختلف المعنيين بمراسلتهم والدعوة للحوار ودون تردد أو عقد أو تحفظات أو تخوفات...، وكذلك مد الجسور مع الساكنة بالمدن وبالقرى والمؤسسات والمعامل ومن خلال التنظيمات المتنوعة القائمة أو التي يمكن تأسيسها والتي تعنى بمختلف القضايا:( التربوية والثقافية والتنموية والصحية والحقوقية والحمائية والمطلبية المختلفة...) أو قل من خلال آليات (ثورة ثقافية تربوية) تقتضي فيما تقتضيه جهدا غير مسبوق، إنها ستضع جميع مكونات الكونفرانس الوطني من مؤسسة ملكية وفدرالية اليسار الديمقراطي والقوى التقدمية والوطنية ... وكل القوى التي ينبغي فعلا أن تنضم لهذا البرنامج على المحك هل هي مع المستقبل ومع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية والحداثية أم هي مع استمرار الاستبداد... ولأن المهام المطلوب تحقيقها جديدة على اليسار ويصعب تمثلها بعمق وبرؤية متمعنة وواعية، حيث سيطرح على مناضلي الفدرالية اختيارات ومطالب لم يعهدوها سابقا، مع ما كان يروج من خطاب يمكن تسميته بخطاب التملصات المحشو بشعارات ( وأحيانا مزايدات) وبما أن الضرورة التي تبيح المحظورة فمن الضروري معرفة الواقع ومستجداته ومعرفة المعيقات والمحبطات المتداولة في خطابنا والعمل على تحليلها ونقدها علميا وموضوعيا وبكل الجرأة المطلوبة وإدراك العوامل الجمعية المؤثرة والفاعلة في تحقيق التغيير ومستجدات المطلوبة لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية وضبط المحفزات والشعارات المناسبة التي سيعطي الدينامية المطلوبة لتنظيمات الفدرالية لتتجاوز الهوامش والجزئيات ولتعي المطلوب انجازه فتتعبأ كوحدة تنظيمية محليا وإقليميا ووطنيا... كي تساهم في تحقق التحول الكبير نحو بناء الدولة الوطنية الديمقراطية دولة المؤسسات على أنقاض دولة المخزن العثيق مخزن الريع والإستبداد...

لنجعل من انتخابات 2015 مناسبة للنقاش حول الدولة الوطنية الديمقراطية

إن المشاركة في الانتخابات كما نريدها تتطلب إعداد الملفات المتعلقة بمختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتكون السند الذي سنعتمد عليه في الحملة الانتخابية.. كما أن هذه المناسبة تستدعي وضع خطط للعمل وسط الجماهير والبحث عن السبل الأكثر نجاعة لإثارة اهتمامها ولنشر مبادئ الفدرالية ومواقفها السياسية وبعث الأمل والحماس في صفوفها .
وتعتبر الانتخابات كذلك مناسبة لاختبار قدرات المناضلين على تنظيم التجمعات الجماهيرية والاجتماعات وكذا قدرتهم على تدبير الوقت وتوظيف مختلف الوسائل والإمكانات للتواصل مع أكبر عدد من المواطنين...الخ
وبما أن الانتخابات ستضع المناضلين أمام كل هذه المسؤوليات وغيرها فإن أثر ذلك سيكون ايجابيا على التنظيمات الحزبية لأن هذه الأخيرة تتقوى خلال عملية انجاز المهام السياسية والتنظيمية التي تضعها الفدرالية على جدول أعماله. ودون تحقيق قواعد وأسس بناء الدولة الوطنية الديمقراطية واسترجاع توجهات ثورة 20 غشت على قاعدة التوافقات كما بيناها سابقا فلا ديمقراطية ولا حداثة وتبقى الأبواب مشرعة على كل الاحتمالات.



#المحجوب_حبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة والمجتمع المدني
- (في الثورات الكبرى للمرأة) صور من تاريخ المرأة
- نضالات المرأة من أجل حقها في الوجود كإنسان كامل العضوية
- المشهد الثقافي المغربي وسؤال الحداثة
- رأي في إصلاح النظام التربوي التعليمي بالمغرب
- تحية بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لتأسيس الحوار المتمدن
- هل التقطت قوى اليسار والديموقراطية بالمغرب عن وعي خطة إدماج ...
- وحدة اليسار وقوى الديموقراطية والعلمانية خيار دونه السير اتج ...
- أي مشروع نحن بصدده الآن كاشتراكيين علميين هل الثورة الاشتراك ...
- النضال الديموقراطي، وحدة اليسار تنظيمات المجتمع المدني أية آ ...
- هل تنجح استراتيجية القاعدة في لبنان تتمة
- قراءة في استراتيجية القاعدة في العراق وهل تنجح نفس الاستراتي ...
- الاصلاح التربوي... أي مدرسة لأية آفاق
- المنهاج المقومات البيداغوجية والديداكتيكية
- الطفولة المشردة من المسؤول؟؟
- حول الاصلاحات التربوية التي يعرفها المغرب
- قراءة في مسودة قانون الأحزاب


المزيد.....




- وزير الخارجية المصري يدعو إسرائيل وحماس إلى قبول -الاقتراح ا ...
- -حزب الله- استهدفنا مبان يتموضع بها ‏جنود الجيش الإسرائيلي ف ...
- تحليل: -جيل محروم- .. الشباب العربي بعيون باحثين ألمان
- -حزب الله- يشن -هجوما ناريا مركزا- ‏على قاعدة إسرائيلية ومرا ...
- أمير الكويت يزور مصر لأول مرة بعد توليه مقاليد السلطة
- أنقرة تدعم الهولندي مارك روته ليصبح الأمين العام المقبل للنا ...
- -بيلد-: الصعوبات البيروقراطية تحول دون تحديث ترسانة الجيش ال ...
- حكومة غزة: قنابل وقذائف ألقتها إسرائيل على القطاع تقدر بأكثر ...
- الشرطة الفرنسية تفض مخيما طلابيا بالقوة في باحة جامعة السورب ...
- بوريل يكشف الموعد المحتمل لاعتراف عدة دول في الاتحاد بالدولة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - المحجوب حبيبي - في أفق انتخابات 2015 قراءة في المشهد السياسي المغربي هل من الممكن استرجاع توجهات ثورة 20 غشت