قتلوا القتيل ، بس ممشيوش فى جنازته!

ايمن عاطف

الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 01:41
المحور: كتابات ساخرة
    

عندى مصنع ، مصنع!
انت كمان ياللى بتقرا المقال عندك مصنع .. نفترض ان مصنعى ، مصنعك بينتجوا مواد غذائية ، واحنا الاتنين مقرنا فى مكان واحد ، او مكان متقارب نوعاً ما ، بنتنافس.
عندك 100 عامل فى المصنع ، ال 100 عامل دول انت مضطر توفرلهم سكن ، مضطر تعلمهم ، مضطر تأكلهم وتشربهم ، تأمنهم صحياَ ، مضطر تصرف عليهم عموماً كأنهم عايشين فى بيتهم ، ده طبعاً كمان غير المرتب اللى بياخدوه اخر كل شهر ..
ال 100 عامل اللى عندك شغال منهم 80 بكل جدية ،حزم محللين "لقمتهم" زى ما بيقولوا ، لو شغل المصنع 10 ساعات يومياً هم بيشتغلوا ال 10 ساعات يومياً كاملين من غير ما يريحوا حتى دقيقة واحدة ، وحابين الشغل ، ومش بيحبوا حتى يتغيبوا منه ولو انت قلتلهم ده ، وبينفذوا كلامك بالحرف ، كمان ال 80 دول منهم ناس ابدعت وابتكرت واضافوا اطعمة جديدة ، ونكهات جديدة حببوا الناس فى المنتج بتاعك اكتر ، وبالتالى طبعاً المبيعات زادت اكتر.
ال 20 الباقيين ، 10 منهم بيشتغلوا بس معندهمش ابداع بينفذوا كلامك بالحرف وبس ، اللى انت بقولوا بيتعمل بس مفيش تجديد ، كمان هفترض انهم ساعات بيكسلوا ، وبيسرقوا شوية وقت منك ، بيشتغلوا مثلاً 8 ساعات من ال 10 ساعات ، وبيغيبوا مثلاً يوم فى الاسبوع لدواعى غير صحيحة مثلاً..
ال 10 الباقيين عبارة عن عبء عليك ، ناس مش بتشتغل حتى ساعتين من ال 10 ، بييجوا الشغل يتفرجوا على الناس اللى بتشتغل ، وبيزوغوا منك وانت مش شايفهم ، وبيتوهوا وسط ال 100.

اخر الشهر ، انت عندك 80 % بيشتغلوا شغل بحق ، وده رقم كويس ، كويس جداً!
ارباحك وصلت اخر الشهر صافى اى مصاريف ، سواء اكل وشرب وسكن ، تعليم العمال ، كهربا ، مية ، ماكينات ، 300 الف جنيه مثلاً ، انت اخدت من ال 300 الف دول 100 الف تشترى بيهم معدات احدث واجدد عشان الانتاج يزيد اكتر ، كمان حسنت من اكل وسكن العمال اللى عندك عشان يشتغلوا اكتر ، وده "احتمال" يخلى ال 10 اللى مكانوش بيشتغلوا يغيروا نظرتهم.. كده باقى 200 الف ودول عبارة عن مرتبات العمال ، اذا 2000 جنيه لكل عامل ، وهنفترض ان ده بناءاً على الحياة اللى العمال بيعيشوها نصه بس يكفيهم!
و ده شئ عظيم فى حد ذاته!


مصنعى،
انا عندى مصنع مواد غذائية برضه ، ولنقل بنتج نفس المنتج بتاعك ،
وعندى 100 عامل ، نفس عدد العمال عندك ،
مسئول عن سكنهم ، اكلهم ، تعليمهم ، تـأمينهم الصحى كمان ، وكل ده طبعاً على مسؤليتى انا صاحب المصنع ، وبرضه غير مرتباتهم..

ال 100 عامل اللى عندى لما يكون 40 منهم بس شغالين ، 40 شغالين بمنتهى الجدية ، وبيعافروا وبيحاولوا بأقصى جهد ممكن يعملوا اللى عليهم، ولو القدرة الابداعية اللى عندهم ضعيفة ، لكنهم بيشتغلوا ، مفيدين بالنسبة ليا ..

باقى ال 60 فى منهم 10 بيشتغلوا بس مش شغل ، بيسرقوا منى وقت اكتر من العمال اللى عندك بمراحل ، وليكن 5 ساعات من ال 10 ساعات!

ال 50 الباقيين ، اللى هم بنسبة 50 % من العمال اللى عندى مش بيشتغلوا نهائياً، تايهين وسط العمال اللى عندى وبيقرطسونى ، بيشتغلونى انا!
مفيش اى نوع من انواع الانتاج ، وانا حاسس ان فى قصور بس مش قادر احدد منين ، كمان ال 50 دول عبارة عن عبء عليا ، تعليم ، اكل ، شرب ، علاج وسكن ومبيقدموش حاجة مقابل ده!

اذا انا عندى قوة انتاج بشكل كامل تقريباً 40 % ، الارباح وصلت اخر الشهر عندى اقل منك بكتير طبعاً ، ولنقل 100 الف جنيه ، طبيعى ، ده كده تبذير!
اخدت منهم 50 الف جنيه مصاريف تانية عشان ازود انتاجى واحسن شوية من حال العمال ، طبعاً مش هتعمل طفرة كبيرة ، وممكن اكتفى انى اصرفهم على معدات جديدة ، وال 50 الف التانية هوزعها على العمال ، اذاً 500 جنيه لكل عامل فى الشهر!

مبلغ قليل جداً طبعاً ، كان كفيل ان العمال اللى عندى اكتر من نصهم نفسهم ييجوا المصنع بتاعك بس مش عارفين بسبب انك شبه مستكفى ،وعشان انا كمان بحاول بقدر الامكان احافظ عليهم ، بقولهم ان بكرة هيكون احسن ، واقنعهم ان مستقبل المصنع ده افضل بكتير ، واديهم وعود كذابة انا عارف انها مش هتتحقق ، وغالباً كمان عارف ان القصور منهم بس تقريباً مفيش فايدة ، وكخير مثال للبجاحة وقلة الذوق 30 من ال 50 اللى كانوا عبء عليا فى المصنع بتاعى ، عرفوا ازاى يشتغلوا فى المصنع بتاعك وبقى عندهم الاستعداد يشتغلوا 12 ساعة مش 10 ، يعنى فوق الوقت بشوية!



المهم ، مصنعى دلوقتى من المصانع اللى بقالها ييجى 200 سنة ، على فكرة جد جد جد جد جدى هو اللى بناه وهو اللى عمله ، انت مشفتش كان عامل ازاى ، هتيجى تقارن نفسك بيا يابتاع اول امبارح! ياللى دفاترك بفواتيرك ميجوش صفحة من بتوعى!

#ايمن_عاطف (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات